بعدما دعته لزيارتها.. لماذا رفضت إيران استقبال رئيس البرلمان العراقي؟

يوسف العلي | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

أثار التأجيل المفاجئ لزيارة رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي إلى إيران بعد يوم واحد من إعلان موعدها، تساؤلات عدة بخصوص الأسباب الحقيقية التي حالت دون إجرائها، وذلك بعد شهرين من المماطلة في الاستجابة للدعوة التي وجهت إليه من نظيره الإيراني محمد باقر قاليباف.

وأصدر مكتب الحلبوسي، بيانا أعلن فيه أن "زيارة رئيس البرلمان إلى إيران تأجلت بسبب التزامات دستورية ونيابية للجانبين، فضلا عن ظهور عارض صحي لرئيس مجلس الشورى الإيراني"، وذلك قبل يوم واحد من موعد الزيارة التي كانت مقررة في 27 مارس/ آذار 2022.

وإلى جانب رئيس مجلس الشورى الإيراني، محمد باقر قاليباف، كان من المقرر أن يلتقي الحلبوسي في طهران مع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي وعدد من المسؤولين الإيرانيين، حسبما ذكر البيان الصادر عن مكتب رئيس البرلمان العراقي في 26 مارس 2022.

رفض إيراني

وربط مراقبون توقيت زيارة الحلبوسي إلى إيران بالوضع السياسي في العراق، خصوصا الضغوط التي يتعرض لها السياسيون السنة من قوى حليفة لطهران بسبب دخولهم في التحالف الثلاثي بقيادة التيار الصدري وعضوية الحزب الديمقراطي الكردستاني.

وقال مصدر سياسي عراقي لـ"الاستقلال"، مفضلا عدم الكشف عن هويته، إن "زيارة الحلبوسي إلى إيران كانت بطلب من الأخيرة، وهي نفسها من ألغتها".

وأوضح المصدر أن "تحالف السيادة السني بقيادة الحلبوسي والسياسي خميس الخنجر أكثر طرف وضعه حرج بين أطراف التحالف الثلاثي، وهناك تخوف حالي من أن المشاكل السياسية قد تفرز انتقاما من الحلبوسي بزعزعة وضع المحافظات السنية والأنبار خصوصا (محل إقامة الأخير)".

وأوضح أن "حديثا يدور في الأروقة السياسية أن إيران أرسلت رسالة شديدة اللهجة للحلبوسي كونه أراد اصطحاب الخنجر معه إلى إيران دون تنسيق، وبذلك كان الرد الإيراني مفاده بأنها هي من تحدد الشخصيات التي توجه لها الدعوة لزيارتها، وليس غيرها".

وفي السياق ذاته، نقلت وسائل إعلام عراقية تصريحات عن مصادر مطلعة في الخارجية العراقية (لم تسمها) في 26 مارس 2022، أن الجانب الإيراني ألغى زيارة الحلبوسي ومعه الخنجر، لأن طهران لم يحدد بعد موعد الزيارة".

وكذلك ذكرت وسائل إعلام عراقية، أن "إيران أبلغت الحلبوسي والخنجر إلغاء زيارتهما المقررة إلى طهران كونها تتزامن مع خلافات سياسية لهما مع أطراف أخرى في العملية السياسية في العراق".

وكان مكتب الحلبوسي قد نشر في 25 مارس، وثيقة تثبت تلقيه دعوة رسمية من قاليباف في يناير/ كانون الثاني 2022، لزيارة طهران، وذلك بمناسبة إعادة انتخاب الحلبوسي رئيسا للبرلمان العراقي.

تصاعد التهديدات

الحديث عن زيارة الحلبوسي جاء بعد تلقي الأخير تهديدات علنية من القيادي في مليشيا كتائب حزب الله في العراق، المعرف بـ"أبو علي العسكري" وزعيم "كتائب الإمام علي" شبل الزيدي عبر تغريدات نشرت على حساباتهما الرسمية في "تويتر".

وقال العسكري: "نحمل البهلوان محمد الحلبوسي تداعيات محاولة تمرير أحد مرتزقة الكيان الصهيوني (الانفصالي) رئيسا للعراق في جلسة البرلمان المقبلة، وليعلم هذا الصبي أننا نراقب عن قرب كل أعماله ولن تنطلي علينا حيله، وليتأكد هو ومن خلفه من خارج الحدود أن أحدا لن يحميهم من ثورة شعب اشتعل أوارها، ولاحت في الأفق بشائرها".

ودعا القيادي في "كتائب حزب الله" المليشيات الشيعية والحشد الشعبي في غرب العراق (محافظة الأنبار) إلى العمل على إعادة انتشارهم بما يتناسب مع حجم التهديدات الجديدة، وأن يتذكروا دائما دماء شهدائهم وإخوتهم الذين سقطوا على هذه الأرض، وألا يسمحوا لسكان الفنادق بمحاولة إعادة العراق إلى المربع الأول.

من جهته، قال شبل الزيدي، إن "السنة اليوم كقيادة سياسية بحال لا تحسد عليها أعانهم الله على ما ابتلاهم وعليهم تحديد موقف واضح لدورهم في بناء العراق لأنه هناك فواتير تسدد في الأخير".

وأضاف أن "منهج البراغماتية اليوم فتح مزاد الكعكة ليشترك فيه الطامعون، وبالأمس جرى إطلاق النار على حاكميه الشيعة بالقرار السياسي"، لافتا إلى أن "الانفصالي قوته بإضعاف المركز وتصدع وحدة الصف التي كسرت أحلامه".

وتشير هذه الاتهامات إلى إصرار تحالف "السيادة" السني بقيادة الحلبوسي والخنجر المضي مع التحالف الثلاثي لتشكيل حكومة أغلبية، واختيار رئيس الجمهورية من الحزب الديمقراطي الكردستاني.

وكانت تقارير صحفية قد نشرت في 26 مارس نقلا عن مصادر عراقية أن "الحلبوسي أراد إجراء زيارة إلى إيران في هذا التوقيت بسبب التهديدات التي صدرت من قادة المليشيات الشيعية الموالية لإيران باستهدافه؛  لأن الدعوة وجهت إليه منذ شهرين".

وأشارت إلى أن "الحلبوسي قرر الاستجابة للدعوة الآن بعد تصاعد التهديدات ضده، حيث كان ينوي اصطحاب زعيم تحالف السيادة الخنجر إلى طهران، للتباحث بشأن  التهديدات التي تطال السنة ومدنهم من المليشيات الموالية لإيران".

ولفتت المصادر إلى أن "الحلبوسي والخنجر كانا يريدان من إيران الضغط على المليشيات الموالية لها لإيقاف أي هجمات محتملة قد تطال المحافظات السنية وقادتها، كما حصل من قصف لمنزل رئيس البرلمان بمنطقة الكرمة في الأنبار، في 25 يناير 2022".

فرصة للحل

في المقابل رأى محللون عراقيون، أن تأجيل زيارة الحلبوسي إلى إيران، كان محاولة من الأخيرة لإعطاء فرصة للقوى العراقية لإيجاد حلول سياسية لأزمة انتخاب رئيس الجمهورية، بعد فشل تحقيق النصاب من التحالف الثلاثي في الجلسة الأولى لانتخابه في 26 مارس 2022.

وقال المحلل السياسي العراقي، معتز النجم خلال تصريحات صحفية في 27 مارس، إن "إلغاء الزيارة جاء من أجل إيجاد حل للأزمة السياسية الحالية في البلد، وأن الذهاب نحو التوافق بين القوى السياسية هو الحل الأفضل بالعراق، وأن وجود الحلبوسي في العراق فاعل وقوي".

ورأى النجم أن "التعاطي العراقي مع العامل الإقليمي من أجل تشكيل الحكومة قد فشل، وذلك بعد زيارات مكوكية من قائد فيلق القدس الإيراني، إسماعيل قاآني، كون طهران تريد أن تلعب على وتر المذهب، ولا تريد تشتيت البيت الشيعي الذي عملت على توحيده منذ عام 2003".

ولفت إلى أن "تأجيل الزيارة لم يكن سوى أمر بروتوكولي، وكذلك إيجاد فرصة لتشكيل الحكومة العراقية، على اعتبار أن المدد والسياقات دستورية، ولا بد أن تتم، وأن الخشية من فراغ دستوري، لذلك فإن وجود الحلبوسي هو أمر فاعل بالعمل السياسي".

وأشار النجم إلى أن "إيران لن تتخلى عن الفصائل المسلحة العراقية على اعتبار أنها أذرعها الفعالة، سواء في العراق أو المنطقة"، لافتا إلى أن "المكون السني في العراق تجاوز مرحلة الضغوط عليه من الفصائل، لأن لديهم فاعلا قويا ومؤثرا في المشهد، وهو التيار الصدري وسرايا السلام التابعة له". 

ويتهم قادة الفصائل الشيعة الموالية لإيران في العراق ضمن الإطار التنسيقي الشيعي زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الفائز في الانتخابات المبكرة الأخيرة بشق البيت الشيعي وضياع تمثيله.

واعتبر زعيم مليشيا عصائب أهل الحق قيس الخزعلي أن الصدر سيضيع "الحق الشيعي" في السلطة بالبلد من خلال تحالفاته مع قوى سنية وكردية فائزة في الانتخابات.

وقال الخزعلي خلال مقابلة تلفزيونية في 23 مارس 2022 "نقول للصدر إنك ستتحمل المسؤولية التاريخية والشعبية في الحفاظ على حق الشيعة من الضياع إذا قال إنه هو الكتلة الأكثر عددا في تحالف ثلاثي يضم الكتلة الصدرية وتحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني".

ولفت إلى  "حصول متغيرات في هذه الدورة الانتخابية واجتماعات خارج العراق في تركيا والإمارات"، في إشارة إلى لقاءات أجراها الحلبوسي والخنجر مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في 1 مارس 2022.

وعلى الصعيد ذاته، أكد رئيس كتلة "حقوق" ضمن "الإطار الشيعي" النائب حسين هاشم العامري على ضرورة وحدة "البيت والمكون الشيعي" والموقف السياسي وتقارب وجهات النظر بين جميع الأطراف للمضي بخطوات إنجاز الاستحقاقات الدستورية وتشكيل الحكومة.

وأشار العامري خلال بيان في 24 مارس، إلى أهمية استمرار الحوارات والتفاهمات بين القوى السياسية بشأن تشكيل الحكومة الجديدة التي ينتظرها الكثير من الاستحقاقات وتضع خارطة طريق أمامها لبناء مستقبل الوطن.

وكانت القوى السياسية العراقية الموالية لإيران قد منيت بهزيمة كبرى في الانتخابات المبكرة التي شهدتها البلاد في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2022 وتراجع عدد نوابها في البرلمان العراقي بشكل ملحوظ عما كان عليه قبل الانتخابات.