بعد 3 سنوات.. مجلة فرنسية: الجزائر تخرج من عهدة بوتفليقة إلى قبضة تبون

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

أكدت مجلة "جون أفريك" الفرنسية، أنه بعد 3 سنوات على الحراك الشعبي الذي أنهى حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، لم تزل الجزائر تراوح في مكانها في عديد من الجوانب، مع إحكام الرئيس الحالي عبد المجيد تبون قبضته على البلاد بدعم من الجيش.

وأوضحت المجلة أنه رغم التغيرات الكثيرة التي طرأت على الساحة العالمية في الآونة الأخيرة وانعكاساتها على أسعار النفط والغاز، لا تزال الشكوك تراود الجزائريين بشأن الأحلام في التنمية والرفاهية التي لم تتحقق منذ زمن بعيد.

الجزائر الجديدة

وذكرت المجلة أن مفهوم "الجزائر الجديدة"، الذي نظر له تبون مع وصوله إلى السلطة نهاية 2019، كان علامة على الانفصال عن النظام القديم.

وقبل ذلك بعدة أشهر في أوائل فبراير/ شباط 2019، كان بوتفليقة الذي تم تنصيبه في قصر المرادية رئيسا للبلاد منذ 1999، يسعى لولاية خامسة على الرغم من تدهور حالته الصحية.

إذ وضع الأشقاء والوزراء والأوليغارشيون والجنرالات الجزائريون أنفسهم في المعركة من أجل ضمان بقاء هذا الرئيس غير الصحيح في السلطة، والسماح لأفراد تلك المجموعة بالاستمرار في السيطرة على ثروة البلاد.

لكن جرف الحراك الشعبي كل هذه الخطط والسيناريوهات، ووضع حدا لنظام هرم، وغير مجرى تاريخ الجزائر على الأرجح لمدة عقدين أو ثلاثة عقود.

وبعد ثلاث سنوات من الحراك الثوري الذي مهد الطريق لتبون إلى السلطة، لا يزال الجزائريون يكافحون من أجل تحديد ملامح هذه "الجزائر الجديدة".

 فالوضع السياسي لم يعد كما كان حتى آخر أيام سقوط بوتفليقة، وديناميكية الحراك، التي استنزفت مئات الآلاف من الناس في الشوارع، مكبوتة.

وأرجعت المجلة الفرنسية تلك الحالة إلى سببين، الأول هو جائحة كوفيد 19 بالطبع، ولكن أيضا القمع الذي وقع على المتظاهرين، وكذلك على القادة الرئيسين للحراك.

و كانت نهاية الحراك، في شكله الأصلي على الأقل، أمرا لا مفر منه منذ أن قررت السلطات أنه لم يعد لديه أي سبب للوجود بمجرد تلبية مطالبه الرئيسة أو في طريقه إلى تحقيقه.

وسمحت نهاية الحراك لتبون بالقضاء على هذه القوة المضادة التي تطفلت على رئاسته، ليكون اليوم رجل البلاد القوي.

فلم تعد سلطته موضع تحد، والعلاقات الجيدة التي يحافظ عليها مع المؤسسة العسكرية، العمود الفقري الحقيقي للنظام، تزيد من ترسيخ سلطته.

جهود داخلية وخارجية

على الصعيد الدولي، أشارت المجلة الفرنسية إلى أن ثمة قطيعة واضحة مع سياسات النظام القديم.

فبعد سنوات من التمويه، عادت الدبلوماسية الجزائرية للانتشار بقوة، كما يتضح من نشاطها في إفريقيا والشرق الأوسط، والذي يتناقض مع اللامبالاة التي اتسمت بها السنوات الأخيرة من عهد بوتفليقة.

علامة أخرى على هذا التجديد الدبلوماسي هي إعلان عقد قمة جامعة الدول العربية في الجزائر العاصمة في 1 و 2 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022.

ولفتت إلى أن تبون يتمتع بسلطة مطلقة من حيث السياسة الداخلية أيضا، مع عودة قوية على الساحة الدولية.

والقبضة الخانقة التي يحكم بها ساكن قصر المرادية مدهشة للغاية؛ حيث لا يمكن لأحد أن يقف في وجهه، على السواء من كافة أحزاب المعارضة التقليدية .

أما بالنسبة لشخصيات الحراك التي تحملت التحدي، فقد اختزلت في الصمت أو انسحبت من الفضاء العام، بينما أصبحت الصحافة المستقلة التي كانت ناقدة ومعادية بالأمس، مخدرة وفي قبضة مصاعب مالية خطيرة اليوم.

لكن المشهد السياسي الوطني بطيء وغير مكتمل، وهنا بالتحديد تكمن إحدى الإخفاقات الكبرى في السنتين الأوليين من ولاية تبون، والتي كسرت الزخم الذي بدأه الحراك الشعبي إلى حد تحويل المشهد السياسي إلى صحراء.

فما جلبه الحراك، تحرير الكلام، وفتح النقاشات في الفضاء العام، وظهور فاعلين جدد في المجتمع المدني من المحتمل أن يحدثوا التغيير، قد تم القضاء عليه تدريجيا. 

الحالة الاقتصادية

اقتصاديا، أشارت المجلة الفرنسية إلى أن التحسن في أسعار النفط بمثابة شريان الحياة للجزائر، لكن في بداية وباء كورونا حدث العكس. 

إذ تشكل المحروقات المصدر الرئيس للعملة الأجنبية في الجزائر، وأدى انخفاض سعر البرميل إلى تقويض مواردها المالية، بل وأثار شبح اللجوء إلى الأموال الخارجية.

وللتعامل مع هذه الأزمة، كان على السلطات شد الأحزمة واتخاذ قرارات بشأن الميزانية.

وكان يمكن للتدهور في القوة الشرائية للأسر، والبطالة المتزايدة، وتدهور مناخ الأعمال، وهي بالمناسبة من الآثار المشتركة للفيروس، والانخفاض الحاد في أسعار النفط أن تعرض السلم الاجتماعية للخطر.

لكن القبضة الحديدية لتبون، وإغلاق الأماكن العامة المخصصة لحرية التعبير، فضلا عن القمع المستمر منذ عامين، كل ذلك أدى إلى تثبيط أي احتجاج على الأرض.

ثم جاءت الحرب في أوكرانيا التي أدت إلى ارتفاع مذهل في أسعار النفط وخلقت فرصا جديدة في السوق للغاز الجزائري، ما شكل نفسا هائلا من الهواء النقي للبلاد.

وهذه الظروف تذكر في بعض النواحي سنوات البذخ في عهد بوتفليقة عندما اقترب سعر برميل النفط من 120 دولارا.

وتجعل هذه الزيادة من الممكن تجديد خزائن الدولة وإزالة شبح العجز المتكرر.

وتساءلت المجلة الفرنسية في الختام: هل ستبدأ أسس الانتعاش الذي يدعو إليه الجميع بالجزائر في عام 2022؟

لتجيب: المستقبل القريب سيخبرنا، لكن العديد من الجزائريين لم يعودوا يؤمنون بهذه الوعود التي تكررها السلطات المتعاقبة ولم تتحقق أبدا.