الثلث المعطل.. "عصا في العجلة" تعرقل انتخاب رئيسي الدولة والحكومة بالعراق

يوسف العلي | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

تثار تساؤلات كثيرة عن مدى قدرة ما يعرف إعلاميا بـ"الثلث المعطل" داخل البرلمان على إعاقة انتخاب رئيسي الجمهورية والحكومة في العراق.

يأتي ذلك مع تأخر انتخاب رئيس الجمهورية في العراق، الذي بدوره سيكلف مرشح الكتلة البرلمانية الأكثر عددا بتشكيل الحكومة.

واشترطت المحكمة الاتحادية في العراق خلال بيان لها في 3 فبراير/ شباط 2022 أن ينتخب البرلمان رئيسا للجمهورية من المرشحين للمنصب بأغلبية ثلثي مجموع الأعضاء الكلي.

ويتحقق النصاب بحضور ثلثي (220) مجموع عدد أعضاء البرلمان الكلي (329).

"الثلث المعطل"

وبخصوص الحديث عن تفسير المصطلح المتداول، قال النائب في البرلمان العراقي عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، ماجد شنكالي إن "الثلث المعطل هو الضامن الذي وضعه السنة والأكراد في الدستور لضمان مواقفهم".

وأضاف النائب شنكالي خلال مقابلة تلفزيونية في 24 فبراير 2022، أن "الهدف من ذلك هو أن العملية السياسية كانت في بدايتها، وكان هناك عدم ثقة وتخوف من تفرد مكون معين بالسلطة، لذلك لا يمكن للشيعة أن يأتوا بثلثي أعضاء البرلمان".

وأشار إلى أن "الكرد والسنة هم من وضعوا نسبة الثلثين كنصاب لانتخاب رئيس الجمهورية، لذلك لا يمكن أن نلوم طرفا فهذه هي السياسة، قد تضع أمرا في مرحلة ويستفيد منه طرف آخر في مرحلة ما".

وشدد شنكالي، قائلا: "ما زلت مصرا على أن نصاب الثلثين لانتخاب رئيس الجمهورية هو في صالح الأكراد حتى لو كنا على خلاف مع الاتحاد الوطني الكردستاني ولم نستطع تمرير مرشحينا".

وعلى الوتيرة ذاتها، قال عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني عبد السلام برواري إنه "سواء عقدت جلسة البرلمان أم لا، فما الحكمة من تعطيل الإجراءات الدستورية. إذا كان الاتحاد الوطني الكردستاني يعتمد على الثلث المعطل فهذا يعني تعطيل مرشحهم أيضا".

وأضاف برواري خلال تصريحات له في 3 مارس/آذار 2022: "كنت أتصور أنهم يحاولون البحث عن طريقة لتمرير مرشحيهم لا تعطيل عدم انتخاب أنفسهم أيضا، لذلك نحن في التحالف الثلاثي يمكن أن نمضي أيضا بالموضوع".

ولم ير القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني مبررا لقرار المحكمة الاتحادية بأن يكون نصاب جلسة اختيار رئيس الجمهورية ثلثا أعضاء البرلمان، لأن المادة الدستورية تقول ثلثين بالتصويت. لكن سيأتي وقت يتعب الجميع ويضطرون لحضور الجلسة.

وأكد برواري أن "الدستور يؤكد أنه إذا لم يحصل أي مرشح في الجولة الأولى على ثلثي أعضاء البرلمان، ففي الجولة الثانية لا يحتاج أصلا إلى أغلبية مطلقة، لذلك الكل يعتمد على إمكانية جمع 220 نائبا لكي يدخلوا للجلسة".

وأشار القيادي الكردي إلى أنه "من مصلحة العراق أن تعقد الجلسة لأن البلد بحاجة إلى أن تمشي العملية السياسية، يجب أن ينتخب رئيس جمهورية لكي يكلف مرشح الكتلة البرلمانية الكبرى".

تنسيق مشترك

وعن مدى استمرار العمل بالثلث المعطل، كشفت مصادر سياسية خاصة طلبت عدم كشف هويتها في حديث لـ"الاستقلال" أن "قوى الإطار التنسيقي الشيعي والاتحاد الوطني الكردستاني اتفقا على تثبيت الثلث الضامن للحفاظ على الوضع السياسي"

وأضافت المصادر أن "الإطار الشيعي والاتحاد الوطني اتفقا على عدم تضييع حقوق المكونين الشيعي والكردي، حيث أكد الأول التزامه بدعم مرشح الثاني لمنصب رئيس الجمهورية، مقابل ضمان عدم مخالفته الدستور والثوابت الوطنية".

وأشارت إلى أن "الإطار التنسيقي الشيعي والاتحاد الوطني الكردستاني توصلا أيضا إلى اتفاق لتشكيل لجنة لتنسيق العمل داخل قبة البرلمان، لكن الأمر لم يصل بينهما إلى إعلان موعد تحالف".

وفي المقابل، قال النائب عن تحالف الإطار التنسيقي محمد البلداوي خلال تصريحات صحفية 5 مارس 2022 إنه "من الخطأ إطلاق مصطلح الثلث المعطل على قوى الإطار التنسيقي والمتحالفين معه"، مبينا أن "الإطار يمثل الثلث الضامن لكونه ضامنا لتصحيح مسار العملية السياسية".

وقال البلداوي إن "إطلاق مصطلح الثلث المعطل خاطئ لكون التسمية أريد بها التشويه والأصح أن قوى الإطار التنسيقي والمتحالفين معه هم الثلث الضامن للعملية السياسية وليس معطلا لها".

وبين البرلماني قائلا إنه "بغض النظر بالتصويت على قرار إعادة فتح باب الترشيح فإنه سيشكل مشكلة مستقبلية، فضلا عن أن المحكمة الاتحادية لم تحدد كم مرة يجري إعادة فتح باب الترشيح أم سنذهب لخيار واحد".

ولفت إلى أن "الثلث الضامن سيجبر القوى في حال عدم اكتمال النصاب القانوني على الجلوس إلى طاولة المفاوضات لإيجاد حالة توافقية لكونه الوسيلة الوحيدة لنجاة العملية السياسية من هذا المأزق".

من جهته، قال رئيس المجلس الاستشاري العراقي الباحث فرهاد علاء الدين إن مبدأ الثلث المعطل قد يشل الحكومة القادمة.

وأردف في 23 يناير/كانون الثاني 2022 أن "البرلمان لن يصوت على انتخاب رئيس الجمهورية من دون حضور ثلثي عدد أعضاء مجلس النواب، المكون من 329 عضوا، وهذا هو الثلث المعطل".

وأضاف أنه طبقا لهذه الرؤية فإنه في حال بقاء أغلبية مقتدى الصدر (زعيم التيار الصدري)- محمد الحلبوسي (رئيس البرلمان)- مسعود البارزاني (زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني) قائمة خلال جلسة انتخاب رئيس الجمهورية المقبل، فإنه يحتاج ليس فقط التصويت بالجولة الأولى؛ بل لا بد من أن يكون عدد الحضور خلال افتتاح الجلسة ثلثي الأعضاء".

وأردف: "إذا حضر ثلثا النواب وبدأ التصويت في الجولة الأولى، ولم يحصل أحد المرشحين على ثلثي الأصوات، فسيستبعد المرشحان الخاسران، ويبقى اثنان فقط هما الحاصلان على أعلى الأصوات؛ حيث يفوز في الجولة الثانية من يحصل على الأغلبية البسيطة حتى لو كانت بفارق صوت واحد".

وتابع علاء الدين قائلا: "الثلث المعطل سيبقى ملازما للبرلمان؛ حيث إنه من مجموع النواب هناك نحو 75 نائبا يمثلون الإطار التنسيقي، وهو ما يعني أن المتبقي من عدد النواب لن يزيد على 250 نائبا، وفي حال غاب 29 نائبا من الكتل الأخرى والمستقلين فلن يكون هناك نصاب الثلثين داخل البرلمان، ولن يحصل التصويت".

فخ للشيعة

ومن زاوية أخرى، يرى القيادي في التيار الصدري جليل النوري أن "مصيدة الثلث المعطل وقع في فخها الشيعة دون غيرهم، والتي أرادوا منها تعطيل مسيرة التحالف الإستراتيجي الثلاثي في إتمام مهامه بتشكيل حكومة الأغلبية الوطنية، وسيكون ارتدادها مستقبلا على الشيعة أكثر من الأطراف الأخرى".

وسيكون أي استحقاق انتخابي في المستقبل رهين هذا الثلث، وهو بمثابة العصا في عجلة الحكومات اللاحقة، وفق ما قال خلال تصريحات له في 23 فبراير 2022.

وتابع النوري أن "لغة المؤامرة التي يرمي بها الأخوة في الجهاد والعقيدة علينا هذه الأيام قديمة، نخرت سهامها جسد الصدر، والتي كنا نعلم مصدرها وشخوصها، ولتغليب المصلحة العامة على الخاصة نسينا كل ما حصل من أجل وحدة المذهب وقوته".

وواصل: "اليوم أيضا عضضنا على جراحنا من أجل مصلحة المذهب وعدم إضعافه، وهذا ما ربانا عليه الصدر وأكده علينا قائدنا".

واستطرد بالقول "ليعلم الإخوة أن لغة المؤامرة سلاح الضعيف الذي لا يملك دليلا على الآخر وليتهم جاؤوا بأي دليل يثبت ذلك وسنكون أول المعترفين به".

ولفت إلى أنه "لو كنا فعلا حريصين على موضوع المذهب وقوته ووحدته، فقوته ليست بالضرورة في المشاركة بالحكومة".

وزاد النوري، قائلا: "هناك أفكار أخرى، منها تشكيل كتلة برلمانية شيعية داخل مجلس النواب تتفق على القرارات المصيرية والإستراتيجية التي تهم البلد ولا تمس بأي شكل من الأشكال المذهب، وفي مقدمتها موضوع الحشد الشعبي وإخراج القوات المحتلة وتجريم التطبيع والبعث وغيرها كثير من القوانين المهمة".

فالتعذر بأن المذهب سيضعف ما أن تكون كتلة ما بعيدة عن المشاركة في الحكومة هو عذر لمن لا عذر له، بحسب تعبيره.

وفي المقابل، استبعد فاضل موات كسار النائب عن ائتلاف دولة القانون، أن يتمكن التحالف الثلاثي من تمرير مرشح رئاسة الجمهورية في الجلسة المقبلة للبرلمان، عازيا الأمر لامتلاك تحالف الثبات الثلث المعطل.

وقال كسار، خلال تصريح في 8 مارس 2022، إن "الجلسة المقبلة  لن تشهد التصويت على رئيس الجمهورية ولن يتمكن التحالف الثلاثي من تحقيق النصاب القانوني للتصويت".

وأضاف أن "تحالف الثبات سيقاطع الجلسة، وتمرير الرئيس يتطلب حضور ثلثي أعضاء المجلس"، مشيرا إلى أنه "في ظل امتلاك تحالف الثبات للثلث المعطل فلن يمرر رئيس الجمهورية دون تفاهمات سياسية".

وأفاد بأنه "في حال لم يجر التفاهم بين التحالف الثلاثي وقوى الإطار التنسيقي في قضيتي رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء لا يمكن أن ينتخب رئيس الجمهورية في الجلسة القادمة مبدئيا".