إياد جمال الدين.. معمم شيعي عراقي بفكر علماني أغضبت "إساءته" الكويت

يوسف العلي | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

أثار رجل الدين والسياسي العراقي، إياد جمال الدين، غضب دولة الكويت، في تغريدة له عبر "تويتر" استهدفت سيادة الأخيرة في معرض تعليقه على الغزو الروسي لأوكرانيا، ما دفع سفارة الكويت في بغداد لمطالبة السلطات العراقية باتخاذ الإجراءات القانونية بحقه.

وكتب جمال الدين في 24 فبراير/ شباط 2022، أن ‏"استرجاع روسيا لأوكرانيا.. يفتح باب الأمل لاسترجاع الدول الكرتونية مثل الكويت وتايوان"، ثم أتبعها بسلسلة تغريدات وصفت بأنها "مسيئة" للكويت حكومة وشعبا.

مطارد قضائيا

إياد جمال الدين مطارد قضائيا في العراق الذي غادره منذ أكثر من عقد من الزمن، ويعيش في الولايات المتحدة، حيث تحدى الكويت في إحدى تغريداته الأخيرة بأن تقيم دعوى قضائية ضده في محل إقامته، ردا على مطالبة السفارة الكويتية من السلطات العراقية بمحاسبته.

واستنكرت السفارة الكويتية ببغداد بشكل قاطع، التغريدات المسيئة التي صدرت عن جمال الدين "التي أساء فيها عبر موقعه على وسائل التواصل الاجتماعي إلى دولة الكويت ورموزها وقيادتها وشعبها وحملت عبارات مرفوضة ومستهجنة ومردود عليها".

وأضاف بيان للسفارة في 25 فبراير 2022، أنه "في الوقت الذي تعبر فيه السفارة عن استيائها البالغ لمثل هذه التصرفات التي تهدف للنيل من العلاقات التي تربط البلدين، فإنها تدعو السلطات العراقية المعنية إلى لجم هذه الأصوات النشاز باتخاذ الإجراءات القانونية تجاهها".

ونقلت تقارير صحفية عن مسؤول رفيع في وزارة الخارجية العراقية (لم تسمه) في 25 فبراير، قوله إن بلاده "تشعر بالأسف من صدور عبارات كهذه لا تليق بالمواطن العراقي العادي، فكيف برجل دين وعمل لسنوات في الحقل السياسي".

وأضاف المسؤول أن جميع المؤسسات الحكومية العراقية تقدر عاليا مساعدة الكويت للعراق بعد عام 2003 في محافل كثيرة وعديدة لا يسع المقام لذكرها، كما ترفض بشكل قاطع أي إساءة.

وأكد أن أي إساءة تمثل صاحبها بالدرجة الأولى، وخاصة أن المعني يقيم خارج الأراضي العراقية، إلا أن ذلك لا يعفي من التحرك قضائيا ضده وضد أي إساءة لأي دولة جارة للعراق.

والمعمم الشيعي، سبق أن أطلق تصريحات مسيئة ضد دول عربية وإقليمية مختلفة، أبرزها السعودية، إذ يقول الناشط السياسي العراقي أحمد الساعدي إن جمال الدين يواجه دعاوى قضائية رفعها سياسيون عراقيون ضده بتهم القذف والتشهير، مؤكدا أنه لم يدخل العراق منذ ما يزيد عن ثماني سنوات.

وأوضح الساعدي خلال تصريحات له في 25 فبراير أن "هناك رأيا وهناك إهانة وتهجما، وتصريحات جمال الدين يمكن أن تجلب للعراق مشاكل، خاصة أنه كان نائبا في البرلمان ويحمل صفة رجل دين، ومن الممكن تكرار المشكلة التي حصلت بين لبنان والسعودية، في 2021، بسبب تصريحات الوزير جورج قرداحي".

معمم علماني

إياد رؤوف محمد جمال الدين ولد في مدينة النجف عام 1961 لعائلة تنحدر من الناصرية في جنوب العراق، وتنسب نفسها إلى ذرية موسى الكاظم حفيد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، إضافة إلى أنه من ذات العائلة التي ينتمي إليها الشاعر العراقي المعروف مصطفى جمال الدين.

وخرج من العراق عام 1979 إلى سوريا ومن ثم إلي إيران التي درس فيها العلوم الدينية لمدة ثماني سنوات كما درس الفلسفة والتصوف، ثم ذهب للإمارات عام 1995 بناء على دعوة من شيعة في دبي وبقي هناك حتى عاد إلى العراق عام 2003 مع الاحتلال الأميركي والإطاحة بنظام صدام حسين.

تولى منصب نائب في أول برلمان عراقي تشكل عام 2005 ضمن حركة الوفاق بقيادة رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي، قبل أن يغادر العراق عقب خلافات سياسية مع تيارات وحركات دينية في النجف وبغداد، للإقامة في الولايات المتحدة.

نجا إياد جمال الدين من أربع محاولات اغتيال فاشلة ويرى أن الديمقراطية يجب أن تفرض بالقوة. ويعارض إنشاء دولة ذات نظام ديني أو ما يسمى بولاية الفقيه عند الشيعة ويدعو إلى إقامة دولة علمانية بعيدة عن تدخل المرجعيات وتضمن حرية الأقليات .

كما ينتقد الأنظمة العربية والشعوب العربية التي يزعم أنها تعتنق إسلاما محرفا يحرض على الإرهاب ويسانده.

وفي كتاب له نشرته حركة "الوفاق" أيام المعارضة، وقبل الاحتلال الأميركي للعراق، يقول فيه: "لا فرق بين المعمم العلماني والمعمم الإسلامي"، متسائلا "ما الضير من أن يحمل المعمم أفكارا علمانية؟"

وخلال مقابلة تلفزيونية مع قناة "العربية" السعودية عام 2004، تحدث جمال الدين، عن علمانية العراق وعرف الدولة العلمانية بـ"دولة خدمات".

وعلق الكاتب علي السماك على حديث جمال الدين، خلال مقال نشرته صحيفة "إيلاف" السعودية في 2004، قال فيها "الغريب في الأمر أن السيد إياد جمال الدين أول (رجل دين) يدعو بالصراحة لتبني العلمانية في العراق. فالمشكلة الأساسية في العراق عبر تاريخه هو عدم تبني الدولة العلمانية (تبنّيا حقيقيا)".

وأوضح الكاتب أن "إياد جمال الدين لم يكن شخصية سياسية معروفة في أوساط العراقيين أو في صفوف المعارضة العراقية سابقا فهو حسب علمنا لا ينتمي إلى أية جهة سياسية حزبية ولا مع حركات إسلامية أو تيارات دينية مختلفة".

و"إنما عرفه العراقيون بمؤتمر (الخيمة الناصرية) وهو يخطب في أول مؤتمر عقد في العراق في الناصرية بعد سقوط النظام في العراق. وأخذ يبشر الشعب العراقي بالعلمانية"، وفق السماك.

وأضاف: "من أدلته على علمانية العراق يقول: إن العراق مثل فسيفساء فيه مختلف القوميات العرب والكرد والتركمان والمسيحيين وغيرهم من الأقليات. وينسى أن أغلبية الشعب العراقي من المسلمين، وأن الإسلام هو الجامع بينهم وليست العلمانية".

مبغض للصحابة

ودأب جمال الدين في تغريداته ومقابلاته التلفزيونية، على مهاجمة عصر الصحابة ويكيل لهم مختلف الاتهامات والافتراءات، إضافة إلى ترضيه وإشادته بمن ادعوا النبوة بعد وفاة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.

وخلال مقابلة تلفزيونية في أغسطس/آب 2017، تطاول جمال الدين على عدد من الصحابة، وتحديدا أول خليفة للمسلمين، أبو بكر الصديق.

وبحسب قوله، فإن "مسيلمة (الكذاب) وسجاح التميمية (مدعية النبوءة) أشرف من أول خليفة للمسلمين، وأن الحرب ضد المرتدين كانت كذبة سياسية لفرض سيطرته على الحكم".

وفي تغريدة نشرها على حسابه بموقع "تويتر" في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2016، تطاول جمال الدين، على الصحابيين أبو هريرة، وعمرو بن العاص، مستغربا من ترحم المصريين على الأخير.

وعلى صعيد مهاجمته للدول العربية، نشر تغريدة عبر تويتر في 29 يونيو/ حزيران 2017، طالب فيها بـ"اجتثاث الوهابية من العقول، وكذلك يجب أن تتحول كل المساجد الوهابية في السعودية وقطر إلى مراقص وأندية رياضية".

فاشل انتخابيا

في عام 2010 أعلن إياد جمال الدين، تشكيل حركة سياسية باسم "تجمع أحرار" للمشاركة بشكل منفرد في الانتخابات البرلمانية من دون الانضواء تحت أي قائمة أو ائتلاف سياسي.

لكنه فشل في الحصول على مقعد واحد، رغم دعايته الانتخابية الضخمة التي أدارها مئات الخبراء في مجالات السياسة والاقتصاد والإعلام وعلوم النفس والمجتمع وإدارة الحملات الانتخابية.

وذكرت مواقع محلية آنذاك أن سبب الإخفاق يعود إلى عاملين اساسيين، أولهما حساسية الناخب العراقي من أي برنامج يشم منه رائحة دولة الاحتلال الأميركي وحساسيته من الحملات الدعائية بالغة الكلفة في وقت يتضور فيه المواطن العراقي من أزمات اقتصادية ومعيشية هائلة.

والأمر الآخر بحسب المواقع، هو نفور المواطن من أية حملة انتخابية تزعم مكافحة الفساد والانتصاف للناس من أي مرشح كان مشاركا في الحكومة أو البرلمان ولم يتصد قبل الانتخابات للفساد والانحراف.

ومن أبرز خطابات جمال الدين إبان الحملة الانتخابية تصريحه بأنه إذا أصبح حاكما على العراق، فإن أول ما يقوم به هو "إلغاء" إقليم كردستان، إذ قال في تصريح لقناة "العربية" عام 2010 إنه "من العيب للعراق أن يكون فيه إقليم مبني على أساس القومية".

وأوضح جمال الدين أنه "يجب إلغاء إقليم كردستان، على أن تشكل فيدرالية المحافظات بدلا من فيدرالية الأقاليم"، مضيفا: "إذا ما شكلت فيدرالية المحافظات، فان مشكلة كركوك أيضا ستحل، لأن تقسيم كركوك بين الكرد والعرب والتركمان، يعني تقسيم العراق، وبذلك تقسيم جميع دول المنطقة".

وأفادت تقارير محلية في 2010 بأن "إياد جمال الدين صرف أكثر من مائة مليار دينار عراقي (500 مليون دولار) على حملته الانتخابية، حيث استغربت الأوساط الشعبية من هذا المبلغ الخيالي الذي يصرفه المرشح على حملته الانتخابية"، متسائلة عن "حجم المال والثروة الحقيقية التي يملكها".