اضطهاد وملاحقة قضائية.. إذاعة ألمانية: المرأة المصرية غير آمنة في عهد السيسي
أكدت إذاعة صوت ألمانيا "دويتشه فيله" أن المرأة المصرية تئن تحت وطأة نظام عبدالفتاح السيسي الذي يواصل اضطهادها والتنكيل بها وملاحقتها قضائيا، ما يزيد التضامن الشعبي معها لكن ذلك ليس كافيا لتغيير الوضع المرير على الأرض.
وذكر موقع الإذاعة، أن ما تسمى "الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان" التي أطلقها نظام السيسي في 2021، على عكس المتوقع، تكبح حركات التضامن مع حقوق المرأة بشكل أكبر، وتنكل بكل من يصدر عنه انتقاد.
دعم كبير للمرأة
وأوضحت الإذاعة الألمانية أنه في أعقاب تأييد محكمة النقض المصرية سجن المدافعة عن حقوق المرأة أمل فتحي، مطلع يناير/كانون الثاني 2022، لجأت منظمات غير حكومية وجمعيات حقوق الإنسان وناشطات مثل منى الطحاوي إلى الإنترنت لإدانة القرار بشدة.
ويرجع اتهام فتحي الحاصلة على جائزة برونو كرايسكي لدفاعها عن حقوق الإنسان إلى عام 2018، حين انتقدت السلطات المصرية لعدم حماية المرأة من التحرش الجنسي. وتم اعتقالها والحكم عليها بالسجن لمدة عامين بتهمة "نشر أخبار كاذبة بقصد الإضرار بالدولة المصرية".
ويعد هذا القرار تصعيدا من نظام السيسي ضد ناشطي وناشطات حقوق الإنسان، الذي يقمع المعارضين منهم منذ سنوات.
وفي حين أن الإنترنت أصبح المنفذ الرئيس للآراء الفردية، إلا أنه ليس مساحة آمنة لمؤيدي وجهات النظر غير المتوافقة مع آراء الحكومة.
وخلال العامين الماضيين على وجه الخصوص، استُهدفت العديد من النساء بالاعتقال والأحكام القاسية، غالبا بحجة الإضرار بـ"الأخلاق" أو ارتكاب "الفحش العلني".
كما تتهم الحكومة بانتظام المعارضين بتلقي أموال من الخارج، الأمر الذي تصفه بأنه يجعلهم عملاء أجانب مثيرين للفتنة.
وقالت المحامية البارزة عزة سليمان لـ"دويتشه فيله": "منذ عام 2015، تم اعتقالي بشكل متكرر، وقاموا بتجميد حساباتي الشخصية وحسابات مكتب المحاماة الخاص بي". وهي الآن من بين المتهمين بتلقي تمويل دولي.
وفي عام 2016، جرى نقل قضيتها إلى محكمة الجنايات، ويُتوقع صدور الحكم في منتصف فبراير / شباط 2022.
وقالت سليمان إن "أحد أسباب استمرار ابتسامتي هو أنني تلقيت آلافا من رسائل الدعم"، مضيفة "أعلم أنني لست وحدي ولدي مؤيدون".
وفي عام 2017، تم إطلاق سراح سليمان بعد ساعات من اعتقالها بسبب ضغوط من أنصارها. وقبل الجلسات في المحكمة، تجمع أنصارها خارج المبنى للتعبير عن التضامن معها.
وأضافت سليمان: "رغم أن هذا مذهل للغاية، إلا أن أصولي لا تزال مجمدة، وأحتاج إلى طلب المال من ابني عندما أريد شراء شيء".
كما أنها قلقة من أن العملاء قد يرسمون تصورا سلبيا عندما يرون صورتها في وسائل الإعلام على أنها شخص يعمل ضد الحكومة.
خطوات للأمام
من جانبها، قالت حبيبة عبد العال، الزميلة بمعهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط والخبيرة في العنف الجنسي والعنف القائم على النوع الاجتماعي في مصر: "يبدو أن الحركة النسوية المصرية، وخاصة النسويات الشابات، تخطو خطوات كبيرة إلى الأمام".
وتابعت عبد العال لـ"دويتشه فيله": "على وجه الخصوص على مستوى القاعدة الشعبية، حيث تخترع الشابات أشكالا جديدة من النشاط للفت الانتباه إلى العنف الجنسي الذي يؤثر عليهن في كل من المنزل والشارع".
ومن أمثلة ذلك، مبادرة "SpeakUp" النسوية، التي جمعت 337 ألف متابع على فيسبوك و37 ألفا على تويتر في أقل من عام ونصف.
وتُعرّف المجموعة نفسها على أنها "مبادرة نسوية لدعم ضحايا العنف"، وتعمل على تسليط الضوء على الحالات الفردية.
ومن الأمثلة الأخرى مجموعة "Assault Police" على إنستغرام التي يبلغ عدد متابعيها 346 ألف متابع. وتقول إنها تحارب العنف الجنسي بكل أشكاله، وتقوم بحملات شرسة ضد "قانون الأحوال الشخصية".
وفي أوائل عام 2021، وافقت الحكومة المصرية على مشروع قانون للأحوال الشخصية يُلزم المرأة بالحصول على موافقة ولي الأمر الذكر للزواج أو تسجيل ولادة طفل أو السفر إلى الخارج.
كما يحابي مشروع القانون الآباء في شؤون حضانة الأطفال، بينما تعطى الأولوية للأم في الوقت الحالي.
وكان مشروع القانون قيد المراجعة خلال 2021، ولم يتم تقديمه رسميا إلى البرلمان للتصديق عليه.
ومن المؤكد أيضا أن قرار مجلس النواب بتحديد عدد المرات التي قد تأخذ فيها المرأة إجازة أمومة إلى ثلاث مرات كحد أقصى، سيثير أيضا الجدل، حيث تواصل النساء الكفاح ضد التدخل الحكومي في حياتهن الخاصة.
وتحاول الحكومة الحد من النمو السكاني من خلال الحد من عدد إجازات الأمومة إلى ثلاثة كحد أقصى.
لامبالاة حكومية
ومع ذلك، فإن الأعداد المتزايدة من المؤيدين على مستوى القاعدة، إلى جانب عشرات المنظمات المشهورة، لم تصبح تحديا حقيقيا للحكومة، وفق دويتشه فيله.
وأحد الأسباب المحتملة لذلك هو أن أصواتهم ليست منتسبة حتى الآن لأي هيئة منظمة.
والسبب الآخر هو قص أجنحة المدافعين عن حقوق الإنسان أخيرا من قبل "قانون المنظمات غير الحكومية" المثير للجدل، الذي أجبر المنظمات على التسجيل في قاعدة بيانات حكومية مع التعهد بعدم انتقاد الحكومة أو العمل سياسيا.
ولذلك أوقفت الشبكة العربية الشهيرة لحقوق الإنسان أنشطتها "في ظل غياب الحد الأدنى من سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان".
وتعتقد المحامية سليمان أن "السيسي يفكر في كيفية إرضاء الجمهور الدولي وليس المصريين".
لذلك، ليس لديها أمل كبير في أن يتحسن وضع نشطاء حقوق المرأة في السنوات المقبلة، على الرغم من التضامن المتزايد معهم.
وفي ضوء القمع الحكومي المتصاعد والتوجه المتزايد نحو تطبيق وجهات نظر أصولية للعالم، يبدو واضحا أن منظمات ونشطاء حقوق الإنسان لن يتمكنوا من مواصلة عملهم كما كان من قبل.