لقاء قادة طالبان والمعارضة في طهران.. هل يمهد لتشكيل حكومة أفغانية جديدة؟

يوسف العلي | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

بعد أربعة أشهر على إعلان حركة طالبان فرض سيطرتها على ولاية بنجشير، جرت في طهران لقاءات بين أمير خان متقي وزير الخارجة الأفغاني، وأحمد مسعود، زعيم "جبهة المقاومة الوطنية" المعارضة، التي كانت تسيطر على الولاية الواقعة شمال شرق البلاد.

وفي 6 سبتمبر/أيلول 2021 أعلنت طالبان إنهاء سيطرتها على بنجشير عقب معارك استمرت 6 أيام، وهي آخر منطقة بأفغانستان كانت في أيدي قوات مناوئة، بعد الانسحاب الأميركي من البلاد في 31 أغسطس/آب من نفس العام، وتسلم الحركة مقاليد الحكم في البلاد.

وأقر أحمد مسعود زعيم الجبهة المناوئة لطالبان عبر تسجيل صوتي في 6 سبتمبر، بسيطرة الحركة على ولاية بنجشير، وقال إن أفرادا من عائلته قتلوا في هجوم لها، لافتا إلى أن الأخيرة لم تقبل وساطة علماء الدين لوقف إطلاق النار في الولاية.

وطالب زعيم "جبهة المقاومة" في التسجيل الصوتي المجتمع الدولي بعدم الاعتراف بالحكومة التي ستشكلها الحركة، مؤكدا أنه سيعمل "مع جميع الذين يرفعون السلاح ضد طالبان".

و"بنجشير" مسقط رأس "أحمد شاه مسعود" والد أحمد مسعود، وأحد أهم القادة العسكريين للمقاومة ضد الاحتلال السوفيتي في أفغانستان بين 1979 و1989، وقتل قبل يومين من أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001.

تفاصيل اللقاء

اللقاء الذي جمع وزير خارجية طالبان مع أحمد مسعود، عقد في العاصمة الإيرانية طهران يومي 8 و9 يناير/ كانون الثاني 2022، بوساطة من الحرس الثوري الإيراني.

وقال أمير خان متقي، في 10 يناير 2022 إنه التقى في طهران أحمد مسعود وأكد له أنه يمكنه العودة إلى بلاده بدون خوف.

وترأس خان متقي وفدا من "طالبان" إلى إيران، في أول زيارة له إلى هذا البلد، لكن لم يجر الكشف عن لقاء عقد مع مسعود، وزعيم أفغاني معروف يدعى إسماعيل خان ومقره هرات قرب الحدود الإيرانية.

وقال خان متقي في بيان نشره التلفزيون الرسمي الأفغاني: "أكدنا لهم أن أي شخص يمكنه المجيء إلى أفغانستان والعيش بدون قلق"، لافتا إلى "أنها منزل الجميع ولا نتسبب بمشاكل أمنية لأي شخص. يمكن لأي شخص أن يأتي ويعيش بحرية" في أفغانستان.

من جهتها، كشفت "فرانس 24" في 10 يناير 2022 "وجود مساندة وحماية ووساطة من الحرس الثوري الإيراني لزيارة أحمد مسعود وأحمد خان مع وزير خارجية أفغانستان إلى طهران".

وذكرت أن أمير خان عندما وصل المطار في كابول قال للصحفيين إن "هذا اللقاء كان فائزا وأعطت طالبان اطمئنانا للجانب المقابل عندما يريدون العودة إلى بلدهم فالبلد آمن ولن تمسهم الحركة بأي أذى أو سوء".

لكنها نقلت عن مصدر من "جبهة المقاومة" في بنجشير، قوله إن "هذه اللقاءات كانت تدور حول استئناف المفاوضات للسلام بين الجبهة وحركة طالبان وسيصدر بيان عن الطرفين بخصوص استئناف المفاوضات"، مشيرة إلى أنه "كان ملفتا للنظر حصول اللقاء في العاصمة الإيرانية طهران".

في المقابل، نفت بعض الحسابات الأفغانية على "تويتر" حدوث اللقاء، وقالت إن صبغة الله أحمدي المتحدث باسم جبهة المقاومة الوطنية الأفغانية نفى حدوث اللقاء في تغريدة له، والتي حذفها من حسابه لاحقا.

من جهته، قال الباحث في الأمن القومي، في معهد السياسة العالمية بواشنطن العاصمة، أراش يقين، في تغريدة له على موقع "تويتر"، إن "حذف صبغة الله أحمدي لتغريدته التي احتوت على نفيه لقاء مسعود بوفد طالبان، يؤكد أن هذا اللقاء قد جرى فعلا".

نتائج الاجتماعات

في هذا الصدد، قال الخبير في الشأن الأفغاني، محمد العقاد، خلال اتصال مع "الاستقلال" إن "هذه الأنباء شهدت بعض التضارب قبل يومين".

إذ "التقى وزير خارجية طالبان أمير خان متقي مع أحد أمراء الحرب السابقين إسماعيل خان، وزعيم جماعة الإخوان المسلمين في أفغانستان حبيب الله حسام".

وبين محمد العقاد أنه كان من المقرر أن يلتقي متقي بأحمد مسعود لكن لم يحدث ذلك.

وتابع: "لكن بعد ذلك أكدت عدة مصادر من طالبان، مثل ذبيح الله مجاهد، وبلال كريمي، أنه جرى لقاء بين وفد الحركة وقيادة جبهة المقاومة المسلحة بقيادة أحمد مسعود".

وقد أكد ذلك بعض قيادات الجبهة من خلال بعض التصريحات. وهذا ما يشير إلى صحة هذا الخبر بالرغم من بعض التضارب في بداية الأمر، وفق قوله.

وأعرب العقاد عن اعتقاده أن "هذه اللقاءات لم تقدم أي نتائج ملموسة، حيث قال أحد أعضاء جبهة المقاومة، إنهم "اقترحوا تشكيل حكومة انتقالية في أفغانستان، وفي المقابل اقترح وفد طالبان عودة قادة الجبهة إلى أفغانستان، وانتهى الاجتماع دون نتائج ملموسة".

ورأى الخبير أن "طالبان أقامت هذه الاجتماعات كتجاوب مع الجهود الإيرانية في رعاية مصالحة أفغانية شاملة، حيث تريد الحركة تعزيز علاقاتها التجارية مع إيران".

واستدرك: "لكن لا تزال طالبان لم تصرح حول قبولها إعادة تشكيل الحكومة، كما سبق أن لمحت بعدم وجود رغبة لديها لضم عدد من القيادات السياسية الأفغانية في حكومتها، وبررت ذلك بأن بعضهم كان متعاونا مع الحكومة السابقة التي وصفتها الحركة بأنها دمية أميركية".

وخلص العقاد، قائلا: "لذلك، لا أعتقد أن مثل هذه الاجتماعات التي لم يكن لها نتائج ملموسة ولا حتى أي بيانات توضح ما جرى خلالها سيكون لها تأثير على الوضع الأفغاني على الأقل على المدى القريب".

استمرار القتال

ورغم حديث طالبان عن اللقاء بتفاؤل، رفض متحدث باسم ما يسمى "جماعات المقاومة" بغضب تحرك الحركة، قائلا إن الاجتماعات "لم تحقق شيئا".

كما وصف صبغة الله أحمدي خلال قابلة مع قناة "بي بي سي" الفارسية في 10 يناير 2022 الحركة، بأنها نظام استبدادي يعارض حقوق الإنسان والحريات.

وقال إن "طالبان ليست جادة في معالجة مخاوف الجماعات المعارضة التي ستستمر في القتال".

وأضاف: "حاولنا ترك الباب مفتوحا. كانت طالبان تعتقد أننا سنوقف مقاومتنا إذا عرضوا علينا الوزارات والمحافظات والسفارات. مقاومتنا ليست للمشاركة في حكومة استبدادية. مقاومتنا لشعب أفغانستان".

وكانت لفتة قادة طالبان بالسفر إلى إيران والالتقاء بخصومهم المحليين المسلحين رائدة كما تقول صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية في 10 يناير.

وأوضح أحد الحاضرين من جانب المقاومة أن الأجواء السائدة في المحادثات التي عقدت لمدة يومين تشير إلى "المرونة" من جانب مسؤولي طالبان.

إلى ذلك، قال مايكل كوجلمان، الخبير في شؤون المنطقة بمركز "ويلسون" إنه "من خلال مد غصن الزيتون إلى مسعود، فإن طالبان ترسل رسالة تشير إلى رغبتها في التوافق مع شخصية مقاومة رئيسة" بهدف العمل "على إضعاف احتمالات معارضة مسلحة أوسع".

لكن كوجلمان توقع في تصريح للصحيفة الأميركية أن تستمر طالبان في الكفاح من أجل الحصول على الشرعية المحلية، "مما قد يؤدي إلى ظهور معارضة مسلحة أقوى".

من جانبه، قال المتحدث باسم المقاومة أحمدي إن "طالبان لديها دوافع أخرى، مثل محاولة الحصول على اعتراف رسمي من قادة إيران المجاورة ومحاولة حل التوترات الداخلية بين الفصائل المعتدلة والمتطرفة داخل قيادتها".

في هذا الصدد، قال الناطق باسم الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زاده، في مؤتمر صحفي في 8 يناير 2022، إنه "اليوم، لسنا على وشك الاعتراف (بحكومة طالبان)".

وقال المعارض، حسام الدين شمس، لوسائل الإعلام الإيرانية، إن وفد طالبان والمعارضة ناقشا قضايا جوهرية، بما في ذلك حقوق المرأة، وحرية التعبير، والحقوق الديمقراطية والحكم الشامل، وفقا للصحيفة الأميركية.