"عقدة سعيد المرضية".. رفض واسع لحكم تونسي بسجن منصف المرزوقي

12

طباعة

مشاركة

تتواصل "ثمار" نحو خمسة أشهر من انقلاب الرئيس قيس سعيد في تونس بإصدار حكم قضائي غيابي في 22 ديسمبر/كانون الأول 2021 بالسجن أربع سنوات بحق الرئيس الأسبق منصف المرزوقي.

وصدر الحكم عن المحكمة الابتدائية في تونس، ويقضي بسجن المرزوقي (76 عاما) أربع سنوات مع الإذن بالنفاذ العاجل، بتهمة "الاعتداء على أمن الدولة الخارجي والتواصل مع دولة أجنبية ما نتج عنه الإضرار بحالة البلاد التونسية دبلوماسيا".

وانطلاقا من مبدأ الدفاع عن العدالة ورفض الديكتاتورية، ندد ناشطون على تويتر بالحكم، وعدوه انتكاسة وفضيحة واستكمالا للنهج الديكتاتوري الذي تعيشه البلاد منذ انقلاب سعيد، معربين عن تضامنهم مع المرزوقي.

وعدد ناشطون عبر تغريداتهم في وسم #منصف_المرزوقي، مواقف الرئيس التونسي الأسبق الداعمة لثورات الربيع العربي، والمناهضة للديكتاتوريات، والفاضحة لتحركات الثورة المضادة.

وأشاروا إلى أن المرزوقي هو رمز الربيع العربي وأيقونته وقائد العملية الانتقالية في تونس، بينما سعيد، انقلابي أعلن إجراءات تستهدف حريات الشعب التونسي، مستنكرين تورط القضاء التونسي في السياسة.

وتعليقا على الحكم، قال المرزوقي الذي رأس تونس إبان فترة الانتقال الديمقراطي منذ 2011 إلى 2014 إنه صادر عن قاض بائس بأوامر من رئيس غير شرعي، لافتا إلى محاكمته عدة مرات في عهد رئيسي تونس السابقين الحبيب بورقيبة وزين العابدين بن علي.

وأضاف في بيان على فيسبوك: "رحل بورقيبة وابن علي وانتصرت القضايا التي حوكمت من أجلها، وبنفس الكيفية المهينة سيرحل هذا الدكتاتور المتربص وستنتصر القضايا التي أحاكم من أجلها".

وعقب الحكم، اتهمت ثلاثة أحزاب تونسية، سعيد، بالضغط على القضاء في محاولة لتسخيره للتنكيل بالخصوم السياسيين.

وكان سعيد، أمر في 14 أكتوبر/ تشرين الأول 2021 بسحب جواز السفر الدبلوماسي من المرزوقي، على خلفية مطالبة الأخير باريس بعدم مساعدة "النظام الديكتاتوري" في تونس ومساهمته في إلغاء قمة فرانكفونية كانت مقررة بتونس في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021. 

وتعيش تونس منذ 25 يوليو/ تموز 2021 مرحلة حرجة، حين شرع سعيد في اتخاذ قرارات، منها: تجميد البرلمان، وإقالة رئيس الحكومة، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين وهو ما اعتبره كثيرون "انقلابا صريحا على السلطات المنتخبة".

مهزلة القضاء

وفي أوائل التعليقات على الحدث، أعرب ناشطون عن رفضهم للحكم القضائي وعدوه مهزلة وتورطا في العملية السياسية الانقلابية.

وأشار الأكاديمي التونسي جلال الورغي إلى أن المرزوقي تاريخه تاريخ انحياز للديمقراطية وحقوق الإنسان، مؤكدا أن من المعيب أن يفعل به قيس سعيد ما لم يفعله به بورقيبة وزين العابدين بن علي.

وأضاف: "لك أن تختلف مع المرزوقي لكن بشرف".

وأدانت مؤسسة مرسي للديمقراطية (مستقلة/ حقوقية) الحكم وطالبت بعدم توريط القضاء في السياسة وضرورة عودة المسار الديمقراطي.

 ووصف الإعلامي القطري جابر الحرمي، الحكم الصادر بحق المرزوقي بـ"المهزلة".

 وعلى نفس الوتيرة، كتب مدير مكتب فضائية الجزيرة القطرية في باريس عياش دراجي، في تعليقه على الحكم: "مهزلة المهازل".  من جانبها، قالت الكاتبة السياسية والأديبة المصرية أميرة أبو الفتوح: "هزلت، صعلوك تونس يحاكم أنزه رئيس تونسي في تاريخها!".  فيما أشارت المغردة التونسية درة محمد السيد إلى أن القضاء الفاسد وكوادر الجيش الفاسدة والقيادات الأمنية الفاسدة تتحرك تحت حكم الدكتاتوريين.

 أفعال الطغاة

من جانبه، عد الإعلامي الفلسطيني عدنان حميدان، الحكم استمرارا لمسلسل السخف الذي يقوده قيس سعيد؛ قائلا إن "العيب من مصدره ليس مستغربا ولكن العيب كل العيب فيمن لا يزالون يصفقون لقيس ويشدون على يده".

 كما علق الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني ياسر الزعاترة على الحكم قائلا: "يبدو أن المرزوقي أصبح عقدة مرضية لسعيد، أو كابوسا يلاحقه. طبعا بسبب إحساسه بالمقارنات التي يجريها الناس".

بينما لفت مؤسس تيار الأمة المصري محمود فتحي إن الطغاة مستمرون بالظلم والفساد، وأهل الحق مستمرون في تبني الحق والكلام عنه فقط بدون العمل له.

وتساءل: "متى يترك الشباب الكلام وينشغل ببناء التيار الشعبي العربي والقيادة الجماعية والحاضنة الشعبية؟".

 مكانة المرزوقي

وبرز حديث الناشطين عن نظافة يد المرزوقي ونزاهته، ومواقفة الداعمة لثورات الربيع العربي والحرية والديمقراطية.

وعد الصحفي التونسي عادل الحامدي، الحكم خطوة أخرى في اتجاه العبث، وقمة الانحدار إلى الأسوأ، مؤكدا أنه ليس هذا ما تحتاجه تونس، بل المرزوقي يستحق التبجيل والاحترام، لأنه قاد تونس في أهم مرحلة من مسارها نحو الديمقراطية.

من جانبه، رأى المغرد مناصر عيد أن محاكمة المرزوقي أكبر فضيحة في العالم العربي، مشيرا إلى أنه أنظف سياسي قارع الفاشية والدكتاتورية، ونال جوائز عالمية في الطب والصحافة وحقوق الإنسان.

 وكتب الباحث المغربي عبده همانا: "انظف رئيس في القرن العشرين منصف المرزوقي، كان الأولى أن تدعمه جماهير تونسية ولكن للأسف نحن العرب نميل إلى الطاغية، قيس سعيد من نكرة إلى طاغية". وأشار المغرد فتحي أبو بكر السالمي إلى أن المرزوقي تاريخ رجل من أربعة عقود من النضال ضد الظلم والتخلف.

كما استنكر الناشط السياسي الجزائري وليد كبير، بدء تونس في التراجع إلى الوراء وخسرتها ما حققته من مكاسب ديمقراطية بعد ثورة شعبها.

وأشار إلى أن المرزوقي رجل دولة وحقوقي ومن الإساءة لتونس أن يصدر هذا الحكم في حق رجل أراد بقاء قطار وطنه على السكة الصحيحة.