بتواطؤ إسرائيلي.. هكذا تجسس نظام السيسي على هاتف معارض مصري
كشفت صحيفة "غلوب أند ميل" الكندية عن اختراق هاتف المعارض المصري، المقيم في تركيا أيمن نور عبر برنامجي تجسس لشركتين إسرائيليتين متنافستين.
وأوضحت أن باحثين بمختبر "سيتيزن لاب" التابع لجامعة تورونتو الكندية عثروا في هاتف نور على برنامج "بريداتور" الذي أنتجته شركة "سايتروكس" الإسرائيلية، وبرنامج "بيغاسوس" المطور من شركة "إن إس أو" الإسرائيلية أيضا.
وأضافت أن الباحثين اكتشفوا اختراق هاتف معارض مصري آخر، رفض ذكر هويته، معتبرة أن ذلك يوفر أدلة جديدة على عمق وتنوع صناعة القرصنة المأجورة والمسيئة.
ويعد أيمن نور (57 عاما) من أبرز المعارضين للنظام المصري في الخارج، وهو مرشح رئاسي سابق عام 2005، ويرأس فضائية "الشرق" المعارضة التي تبث من تركيا.
قرصنة مفضوحة
وذكرت الصحيفة الكندية أن حكومتين مختلفتين استأجرتا الشركتين المتنافستين لاختراق هاتف نور في يونيو/ حزيران 2021.
وبعد فحص سجلات البرنامجين تبين أن اختراق سايتروكس مرتبط بنظام الرئيس عبدالفتاح السيسي في مصر، لكن لا يعرف من يقف وراء برنامج "إن إس أو".
وأضافت أن الاكتشاف الأكبر ظهر في تحقيق مشترك مع شركة "ميتا"، فيسبوك سابقا، أكد أن شركة سايتروكس لديها عملاء في دول خارج مصر، منها أرمينيا واليونان وإندونيسيا ومدغشقر وعمان والسعودية وصربيا.
ونقلت الصحيفة عن "ميتا" إزالة الحسابات التابعة لسبع شركات مراقبة مقابل أجر، منها سايتروكس، وأبلغ حوالي 50000 شخص في أكثر من 100 دولة، بينهم صحفيون ومعارضون ورجال دين ربما استهدفوا من قبل برامج الشركة.
كما حذفت ميتا حوالي 300 حساب على فيسبوك و إنستغرام مرتبطة بسايتروكس.
وأوضحت الصحيفة الكندية أنه تعذر تحديد مكان إيفو مالينكوفسكي، آخر رئيس تنفيذي معروف لشركة سايتروكس للتعليق.
وأضافت أن مالينكوفسكي نظف صفحته على "لينكد إن" في وقت سابق من ديسمبر/ كانون الأول 2021، لإزالة الإشارة إلى انتمائه إلى سايتروكس، على الرغم من وجود كوب قهوة يحمل اسم الشركة في صورة ملفه الشخصي.
كما لفتت الصحيفة إلى أن موقع الأعمال Crunchbase يشير إلى أن سايتروكس تأسست في إحدى ضواحي عاصمة الكيان الإسرائيلي تل أبيب في عام 2017.
نفس الحيل
ونقلت الصحيفة عن بيل مرزاك الباحث في "سيتيزن لاب" أن برنامج "بريداتور" يستخدم نفس الحيل التي يستخدمها برنامج بيغاسوس، من خلال تحويل الهاتف الذكي إلى جهاز تنصت واستخراج بياناته الحيوية.
كما نقلت عن نور أنه لم يفاجأ بالاكتشاف، فهو متأكد من أنه يخضع للمراقبة المصرية منذ سنوات، ويشتبه في تورط المخابرات العسكرية المصرية في اختراق سايتروكس.
وأضافت أن متحدثا باسم وزارة الخارجية المصرية لم يرد على المكالمات والرسائل التي تطلب التعليق.
ولفتت إلى أن سايتروكس هي جزء من تحالف غامض لمجموعة "إنتلكسا" التي تم تشكيلها للتنافس مع "إن إس أو".
وتأسست إنتلكسا عام 2019 من قبل ضابط ورجل أعمال سابق في الجيش الإسرائيلي يدعى تال ديليان، وتضم شركات تتعارض مع السلطات في بلدان مختلفة بسبب الانتهاكات المزعومة.
وأضافت أنه تم اتهام أربعة مدراء تنفيذيين لإحدى هذه الشركات، تسمى "نيكسا تكنولوجيس" ، في فرنسا في 2021 بـ"التواطؤ في التعذيب" في ليبيا.
بينما تم توجيه تهم جنائية ضد ثلاثة مديرين تنفيذيين للشركة بتهمة "التواطؤ في التعذيب والاختفاء القسري" في مصر.
ويُزعم أن الشركة باعت تقنية تجسس إلى السلطات في ليبيا عام 2007، وإلى مصر عام 2014.
وتصف "إنتلكسا" نفسها على موقعها على الإنترنت بأن "لديها ستة مواقع ومختبرات للبحث والتطوير في جميع أنحاء أوروبا، و مقرها الاتحاد الأوروبي"، لكنها لا تذكر أي عنوان.
وعروض الشركة على موقعها غامضة، على الرغم من أنها ذكرت مؤخرا أنها توفر أنظمة "للوصول إلى الأجهزة والشبكات المستهدفة" عبر واي فاي والشبكات اللاسلكية.
وتقول "إنتلكسا" إن أدواتها تستخدم من قبل وكالات إنفاذ القانون والاستخبارات ضد الإرهابيين والجرائم بما في ذلك الاحتيال المالي.
تدقيق دولي
وتواجه صناعة برامج التجسس مقابل أجر، مزيدا من التدقيق على خلفية ضغوط تنظيمية وقانونية، بينها دعوة من مجموعة من المشرعين الأميركيين منتصف ديسمبر/ كانون الأول 2021، لفرض عقوبات على شركتي "إن إس أو" و "نيكسا".
وأشارت الصحيفة الكندية إلى إدراج واشنطن في نوفمبر/ تشرين الثاني 2021 "إن إس أو" وشركة إسرائيلية أخرى تدعى "كانديرو"، إلى القائمة السوداء التي تمنع الشركات الأميركية من تزويدها بالتكنولوجيا.
وفي نفس الشهر، أعلنت شركة "آبل" رفع دعوى قضائية ضد "إن إس أو"، ووصف عملاق التكنولوجيا الأميركي الشركة الإسرائيلية بـ"مرتزقة القرن الحادي والعشرين غير الأخلاقيين".
كما رفع فيسبوك دعوى قضائية ضد "إن إس أو" عام 2019 بزعم انتهاكها لتطبيق "واتساب".
وفي ظل هذه المواقف، أعلنت وزارة الدفاع الإسرائيلية في ديسمبر/كانون الأول 2021 أنها شددت الرقابة على صادرات الأمن السيبراني لمنع إساءة الاستخدام.
لكن باحثي مختبر "سيتيزن لاب" الذين يتتبعون جرائم "إن إس أو" منذ عام 2015 ، متشككون بشأن ذلك، ويقولون إنه وحتى إذا اختفت الشركة غدا ، فيمكن للمنافسين أن يستخدموا برامج التجسس البديلة الجاهزة.
وتضمنت الشركات التي استهدفتها "ميتا" في عمليات الإزالة الأخيرة أربع شركات إسرائيلية هي، Cognyte، وBlack Cube، وBluehawk CI، إضافة إلى BellTroX
وتقدم جميع هذه الشركات أنشطة مراقبة متنوعة، بداية من جمع المعلومات الاستخبارية البسيطة من خلال الحسابات المزيفة إلى عمليات التطفل بالجملة.
وحث نور على اتخاذ إجراءات دولية ضد شركات الهاكرز مقابل أجر "سواء أتت من إسرائيل أو من أي مكان آخر. في النهاية، المشكلة الأكبر هي أولئك الذين يستخدمون هذه الوحوش الرقمية لتتبع وقتل الأبرياء". ويشمل ذلك نشطاء غير عنيفين وصحفيين بمن فيهم الراحل جمال خاشقجي.
وقتل الصحفي السعودي عام 2018 في قنصلية بلاده في إسطنبول، ويعتقد أيضا أنه استهدف ببرمجيات مراقبة الهاتف، وفق الصحيفة الكندية.