بريتي باتيل.. وزيرة بريطانية ابنة مهاجر هندي تعادي اللاجئين وتغازل المحتلين

أحمد يحيى | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

بمواقفها الجدلية، اشتهرت وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتيل، بالعنصرية وكراهية المسلمين ومجتمع السود، كما وضعت اللاجئين في معسكرات تابعة للجيش في ظروف غير إنسانية، وعرضت حياتهم للخطر، فوق كل ذلك هي "صوت إسرائيل" داخل حكومة المملكة المتحدة، وصديقتهم الموثوقة في كل الظروف.

الوزيرة باتيل، صاحبة الجذور الهندية، والمثار ضدها عاصفة من الاتهامات بسبب سياستها التعسفية في عدد من القضايا المحورية في الداخل والخارج، خاصة تلك المتعلقة بالشرق الأوسط، كانت السبب الرئيس في وضع حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، على قوائم الإرهاب البريطانية.

بداية سوداء

ولدت بريتي سوشيل باتيل في 29 مارس/آذار 1972، في العاصمة البريطانية لندن، لأب هندي تعود جذوره إلى ولاية غوجارات، ونشأت كهندوسية متدينة. 

بدأت باتيل مسارها التعليمي مع التحاقها بمدرسة خاصة بالبنات في واتفورد، قبل أن تدرس الاقتصاد في جامعة "كيل"، ثم تتابع الدراسات العليا في مجال الحكومة والسياسات البريطانية في جامعة "إسكس"  قرب مدينة كولشيستر البريطانية. 

منذ البدايات اتخذت باتيل من رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر، والمشهورة بلقب "المرأة الحديدية"، مثلها الأعلى وبطلتها الخاصة، وقالت عنها: "كانت لديها قدرة فريدة على فهم ما الذي يحرك الناس، وإدارة الاقتصاد وترصيد الحسابات واتخاذ القرارات". 

كان هذا الأمر كفيلا بأن تحاول باتيل حذو طريق تاتشر، التي كانت زعيمة لحزب المحافظين، لذلك انتمت إلى نفس الحزب عام 1991، في محاولة منها لأن تسلك نفس المسار. 

وبدأت باتيل مسيرتها المهنية بعد التخرج، داخل أروقة الحزب المعروف باتجاهاته اليمينية، حيث اشتغلت خلال الفترة ما بين عامي 1995 و1997 داخل المكتب المركزي للمحافظين، وهو المعروف حاليا باسم "مقر حملة المحافظين".

مهنيا، لم تستمر السياسية البريطانية داخل حزب المحافظين كثيرا، ففي عام 2000 تركت وظيفتها في الحزب، وانضمت إلى "ويبر شاندويك"، وهي شركة استشارية في العلاقات العامة.

بدأت باتيل تحيط بها الشكوك والاتهامات عندما شاركت ضمن فريق للشركة مكون من 7 موظفين عام 2003، لمساعدة شركة "بريتش أمريكان توباكو" لتحسين صورتها العامة، إثر جدل دار حول مصنعها في ميانمار، الذي كان يستخدم كمصدر للأموال من قبل المؤسسة العسكرية الديكتاتورية، فضلا عن ضعف الأجور التي كان يحصل عليها عمال المصنع. 

وفي النهاية، فشلت باتيل والفريق في مهمتهم، وانتهت الأزمة بانسحاب شركة "بريتش أمريكان توباكو" من ميانمار بشكل كامل. 

ثم دخلت في دائرة أخرى من الريبة عام 2007، عندما انضمت إلى شركة "ديغيو" البريطانية متعددة الجنسيات للمشروبات الكحولية، وعملت في مجال العلاقات العامة، حينها دافعت باتيل عن قضايا السياسات العامة  للشركة في مواجهة الحملات الدولية المتعلقة بالأثر السلبي للكحول على البشر والمجتمعات. 

صعودها السياسي 

في عام 2005، تعرضت باتيل لأول هزيمة سياسية في حياتها، عندما خسرت كمرشحة عن الحزب المحافظ مقعد دائرة لشمال نوتنغهام، لصالح النائب العمالي غراهام آلن. 

رغم تلك الخسارة القاسية، لكن زعيم الحزب آنذاك ديفيد كاميرون، والذي أصبح رئيسا للوزراء لاحقا، رأى فيها شخصية واعدة، ووضعها مرة أخرى ضمن المرشحين عن دائرة "وسط إسكس" عام 2010، واستطاعت هذه المرة أن تحقق نجاحا وضعها في مصاف القادة المستقبليين للحزب، الذين يمثلون ما عرف بـ"اليمين الجديد".

ووظفت ضمن "وحدة السياسات رقم 10" بالحزب، حيث قامت مع وحدتها بتأليف الكتاب الشهير "بريتانيا انتشيند"، الذي نشر عام 2012، وشكل العقيدة السياسية لعمل الحزب، وفي إطاره تم توجيه انتقادات لمستويات إنتاجية العمال في المملكة المتحدة.

وحوى الكتاب عبارة اعتبرت "مسيئة"، إذ وصف العامل البريطاني بـ"الأقل إنتاجية" في العالم، ما أثار غضب القطاع العمالي وحزب العمال والأحزاب الاشتراكية في البلاد. 

وفي يوليو/ تموز 2014، قطعت باتيل خطوات واسعة في طريقها نحو السلطة، عندما تولت منصب وزيرة الخزانة.

بعدها تعاقبت باتيل على حقائب وزارية مختلفة، ففي مايو/أيار 2015 أصبحت وزيرة للشغل، وفي يوليو/تموز 2016، عينت وزيرة للتنمية الدولية، قبل أن تستقيل عام 2017، على خلفية أزمة سياسية تفجرت داخل الحكومة والبرلمان، بسبب علاقتها الخفية والمريبة باللوبي الإسرائيلي. 

كما كانت من الشخصيات الرائدة في حملة التصويت لأجل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، الذي ترتب عليه اتفاق "بريكست" القاضي بانفصال المملكة المتحدة عن أوروبا.

مفعمة بالعنصرية 

في 24 يوليو/تموز 2019، أصبحت باتيل وزيرة داخلية بريطانيا مع "تاريخ مشوب" بالحوادث العنصرية والاضطهاد وسوء معاملة الموظفين والعاملين تحت إدارتها. 

وتعتبر فترة توليها لوزارة الداخلية، الأسوأ على اللاجئين إلى بريطانيا، من حيث سن القوانين المتشددة، والإجراءات التعسفية.

وبلغ الأمر أن تدخلت المحكمة العليا البريطانية في 3 يونيو/حزيران 2021، واستدعت الوزيرة باتيل، لإنصاف طالبي اللجوء ضد قراراتها، عندما قررت وضعهم في معسكرات سابقة تابعة للجيش، واتضح أن هذه المعسكرات "لا تتوفر فيها الشروط الآدمية للعيش".

الأكثر خطورة، أن الوزيرة لا تألو جهدا من أجل ترسيخ خطة وضع اللاجئين في جزر بعيدة شبه منعزلة، إلى حين البت في طلبات لجوئهم، وتقضي الخطة باستئجار مراكز استقبال للاجئين في جزر تابعة للتاج البريطاني، وكذلك في بعض الدول لإفريقية إلى حين دراسة طلبات اللجوء.

وتحاول الوزيرة القادمة في الأساس من خلفية مهاجرة، أن تسد الباب أمام كل طالب لجوء يصل إلى بريطانيا.

واتهمت باتيل بالعنصرية والإساءة لنضال السود، تحديدا "حركة حياة السود"، في يونيو/حزيران 2020، عندما اندلعت المظاهرات في بريطانيا تضامنا مع المظاهرات الأميركية المعترضة على قتل جورج فلويد، على يد شرطي، واعتبر أن السبب الرئيس لمقتله لونه وعرقه.

ناهضت الوزيرة من أصول هندية الأمر، وحثت المحتجين على عدم المشاركة في هذه المظاهرات، تحت ذريعة انتشار فيروس كورونا، كما وصفت إسقاط المتظاهرين لعدد من التماثيل لشخصيات تمثل حقبة العبودية بأنه "أمر مخز"، وأعلنت عدم موافقتها على حركة الجثو على الركبة التي اشتهرت بها الحركة. 

على جانب آخر، حاولت بيتل أن ترتدي ثوب "القسوة" و"المرأة الحديدية" على غرار ملهمتها تاتشر، لكنها تجاوزت الأعراف والتقاليد، واصطدمت بالموظفين، حدث هذا الأمر مع كبير موظفي وزارة الداخلية، فيليب روتنام، الذي اتهمها بالتحريض عليه وتدبير "حملة شريرة" ضده، قبل أن يقدم استقالته جبرا، ويقرر مقاضاة الحكومة. 

استدعت التطورات مكتب رئيس الوزراء بوريس جونسون إلى فتح تحقيق حول تلك الوقائع، في فبراير/شباط 2020، وبالفعل أثبت أنها "خرقت القانون الوزاري في المؤسسات التي اشتغلت بها، ولم تطبق المعايير الحكومية في التعامل مع الموظفين بشكل محترم"، بحسب التقرير النهائي الصادر عن مكتب جونسون، حول انتهاكات باتيل. 

صديقة "إسرائيل"

المثير في مسيرة باتيل السياسية، هو عمق ارتباطها بإسرائيل، حتى أطلق عليها أنها "صوت إسرائيل" داخل حكومة المملكة المتحدة. 

وفي 2017، تفجرت أزمة سياسية، حين كانت تشغل منصب وزيرة التنمية الدولية، ضمن حكومة تريزا ماي، وكشفت شبكة "بي بي سي" البريطانية خبرا حصريا عن عقد باتيل اجتماعات خاصة مع مؤسسات وشخصيات في تل أبيب دون علم الخارجية البريطانية، وذلك رفقة اللورد ستيوارت بولاك، وهو الرئيس الفخري لمجموعة "أصدقاء إسرائيل" في حزب المحافظين.

وتبين بعد ذلك أنها عقدت بالفعل عشرات اللقاءات خلال زيارتها الشخصية لإسرائيل، دون علم حكومتها، و"الأفدح" أن اللقاءات كانت بتنسيق مباشر من السفارة الإسرائيلية في لندن، بينما لم يكن لدى السفارة البريطانية في إسرائيل أي علم بكل هذه التحركات.

وبناء عليه، تعالت الأصوات المطالبة باستقالة بتيل في أحزاب المعارضة وداخل البرلمان، لأنها خرقت القوانين واللوائح الوزارية التي تمنع على أي وزير عقد لقاءات بصفته الرسمية دون علم الحكومة.

وبالفعل في 8 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، خرجت باتيل معلنة استقالتها من منصبها مع تقديم اعتذار رسمي عن تصرفها.

خدمات باتيل "الكبيرة" لإسرائيل تجاوزت فكرة الدعم واللقاءات السرية والعلنية، إلى الانخراط مع دولة الاحتلال في حربها وهجومها المتكرر على الحركات المناهضة لها، لا سيما حركة "حماس" الفلسطينية.

وفي 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، نشرت وزيرة الداخلية عبر حسابها على موقع "تويتر"، قرارها بحظر "حماس" داخل بريطانيا، في خطوة غير مسبوقة.

وقالت باتيل زاعمة أن "حماس تملك قدرات إرهابية واضحة، تشمل امتلاك أسلحة كثيرة ومتطورة، فضلا عن منشآت لتدريب إرهابيين"، مضيفة "لهذا اتخذت اليوم إجراءات لحظر حركة حماس كليا".

وأبعد من ذلك، هددت الوزارة البريطانية كل من يعلن دعمه لـ"حماس" علنا بعقوبات تصل إلى السجن 10 سنوات.