لوبوان: "تحول دراماتيكي" بمسار الحرب بين الجيش الإثيوبي ومتمردي تيغراي
سلطت صحيفة لوبوان الفرنسية الضوء على الصراع المتصاعد بين المتمردين في إقليم تيغراي والحكومة المركزية في إثيوبيا برئاسة آبي أحمد.
وبدأ الصراع على أرض الواقع في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، وقد شهد تحولا دراماتيكيا مع تقدم المتمردين نحو العاصمة أديس أدبابا.
تذكر الصحيفة أن تقدم المتمردين نحو العاصمة يعتبر نقطة تحول رئيسة في الحرب الدائرة لمدة عام تقريبا بين القوات الموالية للحكومة في مواجهة متمردي تيغراي الذين يتبعون جبهة تحرير شعب تيغراي (TPLF).
عمليات متواصلة
وبعد أيام من المعارك اتسمت بالكر والفر بين الطرفين، دعت السلطات الإثيوبية في الثاني من نوفمبر/تشرين الثاني 2021، السكان إلى الاستعداد للدفاع عن أحيائهم مع احتدام القتال على بعد بضع مئات من الكيلومترات إلى الشمال. وقررت الحكومة إعلان حالة الطوارئ في جميع أنحاء البلاد.
أفادت شركة فانا برودكاستينغ كوربوريشن أن "حالة الطوارئ تهدف إلى حماية المدنيين من الفظائع التي ارتكبتها جماعة جبهة تحرير شعب تيغراي الإرهابية في عدة أجزاء من البلاد"، في إشارة إلى المتمردين.
ولسبب وجيه، ادعى المتمردون في الأيام الأخيرة الاستيلاء على ديسي وكومبولتشا، وهما بلدتان تقعان على مفترق طرق إستراتيجي على بعد 400 كيلومتر من أديس أبابا، دون استبعاد الزحف إلى العاصمة.
وقد نفت الحكومة، التي وقعت في خضم حرب إعلامية، أنها فقدت السيطرة على هذه المدن.
على أي حال، إذا تم تأكيد الخبر، فإن هذا القرار سيمثل مرحلة رئيسة جديدة في الصراع المُستمر لمدة عام حاليا، تقول لوبوان.
الاتصالات مقطوعة في كثير من مناطق الشمال الإثيوبي، حسب ما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية، كما أن وصول الصحفيين مقيد، مما يجعل من الصعب التحقق بشكل مستقل من الوضع على الأرض.
لكن في أديس أبابا، طلبت السلطات من 5 ملايين ساكن تسجيل أسلحتهم في غضون يومين والاستعداد للدفاع عن المدينة.
وقال رئيس دائرة الأمن والسلام في أديس أبابا، كينيا ياديتا إنه "يجب على جميع السكان تنظيم أنفسهم في الأحياء والتجمعات السكنية لضمان السلام والأمن في مناطقهم، بالتنسيق مع قوات الأمن".
ونقلت وسائل إعلام رسمية عنه قوله إنه "سيتم تجنيد شبان المدينة وتنظيمهم للعمل بالتنسيق مع القوات الأمنية (...) في مناطقهم".
وصرح كينيا ياديتا في سياق متصل أن "جميع قطاعات المجتمع" يجب أن تشارك في جهود اليقظة، بما في ذلك أصحاب المنازل والفنادق الذين يتحققون من بطاقات هوية المستأجرين والزوار ولديهم نسخ منها.
كما طالب بوضع حد "للأخبار الزائفة" على وسائل التواصل الاجتماعي.
وتأتي هذه التحركات في أعقاب دعوات للوحدة من قبل رئيس الوزراء آبي أحمد، قائلا إن النصر ممكن إذا كانت "القوة الكاملة" للبلاد تعارض المتمردين.
وقال في خطاب ألقاه في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني إن هناك أجانب يقاتلون إلى جانب جبهة تحرير تيغراي دون أن يذكر مزيدا من التفاصيل.
حسب الصحيفة فإن الوجود الوحيد المؤكد للأجانب في ساحة المعركة حتى الآن هو للقوات الإريترية التي دعمت الجيش الإثيوبي في هجومه على تيغراي.
ضغوط متعددة
أعرب المجتمع الدولي عن قلقه إزاء التصعيد الأخير في القتال وجدد دعواته إلى وقف فوري لإطلاق النار وإجراء محادثات سلام.
على أي حال، صعدت واشنطن نبرتها، وأعلن الرئيس جو بايدن في نفس اليوم أنه ألغى اعتبارا من الأول من يناير/كانون الثاني 2022، المزايا التجارية الأساسية الممنوحة لإثيوبيا على وجه الخصوص، بسبب انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبت في سياق الصراع في تيغراي.
وفي مذكرة إلى الكونغرس، عبر بايدن عن حرمان أديس أبابا، وكذلك دول إفريقية أخرى مثل غينيا ومالي، وهما مسرحان للانقلابات العسكرية، من المزايا التي ينص عليها قانون أميركي يستثني معظم صادرات دول إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى من الرسوم الجمركية الأميركية.
جرى إطلاق أغوا (قانون النمو والفرص الإفريقي) في عام 2000 تحت إدارة الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون، وهو قانون يُقدم إعفاءات جمركية واسعة النطاق لأربعين دولة إفريقية لتصدير منتجاتها إلى الولايات المتحدة.
في المقابل، يجب على كل دولة تحسين لوائحها الخاصة فيما يتعلق بحقوق الإنسان وكذلك ظروف العمل، لإتاحة المزايا المذكورة.
وفي هذا الإطار قالت الممثلة التجارية الأميركية كاثرين تاي في بيان لها "إن إدارتنا قلقة للغاية من التغيير غير الدستوري للحكومة في غينيا ومالي، والانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المعترف بها دوليا التي ترتكبها الحكومة الإثيوبية والفصائل الأخرى (...) في شمال إثيوبيا".
وكانت السلطات الإثيوبية قد دقت ناقوس الخطر، في الأسابيع الأخيرة، بشأن عواقب فقدان منافع قانون أغوا، لا سيما بالنسبة لقطاع التصنيع.
وقال مامو ميهريتو، وهو مستشار رئيس الوزراء آبي أحمد في عدد أكتوبر/تشرين الأول من مجلة فورين بوليسي الأميركية إن "انسحاب إثيوبيا من قانون أغوا سيوجه ضربة قوية لرفاهية ملايين العمال ذوي الدخل المنخفض في وقت تسجل فيه الصناعة التحويلية الإثيوبية مستويات إنتاج شهرية قياسية".
وفي الوقت نفسه، دعا المبعوث الأميركي المتمردين في تيغراي إلى عدم الزحف نحو العاصمة أديس أبابا.
وشدد المبعوث الخاص بمنطقة القرن الإفريقي، جيفري فيلتمان، في إطار مداخلته في المعهد الأميركي للسلام بقوله "نحن نعارض أي تحرك لجبهة تحرير شعب تيغراي تجاه العاصمة من شأنه أن يعمل على استهداف أو محاصرة أديس أبابا".وقد استنكر وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن "أعمال التطهير العرقي" خلال هذا الصراع الذي اتسم بمذابح وعمليات اغتصاب جماعي.
كانت الولايات المتحدة من بين أشد المنتقدين لسلوك رئيس الوزراء الإثيوبي في حرب استمرت قرابة عام في شمال إثيوبيا.
وقد توقع آبي أحمد حربا خاطفة وإعلان النصر في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، بعد إرسال الجيش إلى المنطقة لإخراج السلطات المحلية المنشقة من جبهة تحرير تيغري.
ولكن منذ هذا الصيف، تحول القتال على الأرض إلى وضع غير موات.
واستعاد المقاتلون الموالون لجبهة تحرير شعب تيغراي، في يونيو/حزيران 2021، السيطرة على معظم مناطق الإقليم، مما أجبر القوات الحكومية على الانسحاب إلى حد كبير.
وواصلوا هجومهم في منطقتي أمهرة وعفر المجاورتين ويبدو الآن أنهم يُهددون العاصمة أديس أبابا، تقول الصحيفة.