سيطرة طالبان أم عودة تنظيم الدولة.. من يثير الفوضى في أفغانستان؟

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

رأى مركز دراسات تركي أن المجتمع الدولي يتابع التطورات التي تتمحور حول أفغانستان عن كثب، غير أنه يلاحظ أن الجهات الفاعلة التي تملك أهدافا عالمية مثل الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وروسيا والصين، تتحرك وفقا لأجندات مختلفة.

وأوضح مركز "أنقرة لدراسة السياسات والأزمات" في مقال للكاتب دوغاجان باشاران: "تريد إدارة واشنطن أن تعرف المنطقة بالتطرف والإرهاب بعد أن أنهت عملية انسحابها في 31 أغسطس/آب 2021".

وتعتقد واشنطن أن حدوث ذلك سيؤدي إلى زعزعة استقرار المنطقة وأمنها، وبالتالي إثارة الفوضى وتقييد حركة كل من روسيا والصين، وفق المركز.

أهداف مختلفة

من ناحية أخرى، يرى الكاتب أن فرنسا تعتقد أنها تستطيع تولي قيادة أوروبا بأنشطتها الاستعمارية خارج القارة. 

وهي لذلك تتخذ خطوات من شأنها أن تجر أفغانستان إلى حرب أهلية تنطلق شرارتها من إقليم بنجشير المعارض، من خلال (الإعلامي والسياسي الفرنسي) برنارد هنري ليفي الذي يمكن أن نعتبره "لورنس هذا العصر".

وتابع قائلا: وعلى الجانب الآخر، تحاول كل من موسكو وبكين ملء فراغ السلطة في أفغانستان بعد الانسحاب الأميركي. 

وهما في نفس الوقت، تحاولان أن تسوقا حركة طالبان إلى ساحة التعاون الدولي للحيلولة دون وقوع أفغانستان في حفر الإرهاب وانعدام الاستقرار.

أما تركيا وباكستان وجمهوريات آسيا الوسطى، فكل منها تطور سياسات تعطي الأولوية للأمن الإقليمي والبحث عن طرق للقضاء على المخاطر المتعلقة بالهجرة، ليظهر تنظيم الدولة على الساحة كفاعل جديد ويبدأ نشاطه في المنطقة بما يثير المخاوف، بحسب الكاتب التركي.

وأردف: في الواقع، كانت بعض المنظمات الإرهابية المتمركزة في آسيا الوسطى وجنوب آسيا وخاصة أفغانستان هي من أعلنت ولاءها لتنظيم الدولة في أعقاب إعلانه "الخلافة العالمية" وأصبح يعمل فيما أسماه "إمارة خراسان".

وهذا يدل على أن عمل التنظيم في أفغانستان يعتمد على الخلايا الإرهابية التي كانت خاملة في البلاد، وفق تقديره.

ومع ذلك، فإن تنظيم الدولة الذي يقدم نفسه على أنه سلفي، لا يلقى قبولا وانعكاسا معتبرا بين الشعب الأفغاني الذي ينتمي معظمه إلى المذهب الحنفي. 

لذلك يمكن القول إن التنظيم لا يعدو أن يكون منظمة إرهابية يمكن استخدامها كوكيل في الحروب التي تقوم لأغراض إمبريالية.

وقال: تتزامن أنشطة التنظيم مع الانسحاب الأميركي من أفغانستان، أي مع الانتقال إلى مرحلة أخرى في "اللعبة الكبرى الجديدة". 

وفي هذا، كانت الهجمات الإرهابية على مطار حامد كرزاي الدولي في العاصمة كابول 26 أغسطس/آب 2021 بمثابة الإشارة التي تنبئ بعودة تنظيم الدولة.

واستطرد باشاران: وهكذا، بدأت سلسلة من الهجمات المتتالية وقع آخرها على مسجدين شيعيين في ولايتي قندوز وقندهار خلال صلاة الجمعة في 8 و15 أكتوبر/تشرين الأول 2021. 

وأوضح أن ذلك أثار مخاوف حدوث حرب أهلية ذات طابع مذهبي، خاصة وأن التفجيرين الانتحاريين اللذين استهدفا مسجدين للشيعة نتج عنهما مقتل وإصابة العشرات.

ويعزز هذه المخاوف البيئة الأفغانية التي تسمح بمثل هذه الحروب الطائفية والمذهبية، نظرا لأنها ليست متجانسة في تركيبتها السكانية.

عصفوران بحجر

وفي هذا، يحتمل أن يتم التمهيد لحروب مذهبية في أفغانستان من خلال الهجمات التي تستهدف الشيعة والحروب التي تشن ضد حركة طالبان ليتم اتهام الأخيرة بأنها لا تستطيع إحلال الأمن والاستقرار في البلاد.

ويبرز هذا الاحتمال كسيناريو معقول جدا للقوى الخارجية التي تريد إحداث الفوضى في المنطقة.

خاصة وأن تصريحات طهران فيما يتعلق بالشيعة الأفغان تشير إلى أنها تملك مقاربة إصلاحية يمكنها أن تملأ فراغ السلطة في أفغانستان، بحسب ما يراه الكاتب التركي.

فكما هو معروف، جمعت إيران الشيعة الأفغان ونظمتهم لمحاربة تنظيم الدولة بذريعة حماية الأماكن المقدسة. 

وقد شاركت هذه المجموعة ـ المكونة في الغالب من الهزارة ـ في الحرب السورية باسم لواء فاطميون، تحت قيادة وإشراف الحرس الثوري الإيراني.

لذلك، لن يكون من المفاجئ أبدا أن تعطي إدارة طهران التعليمات للواء فاطميون للمحاربة في أفغانستان تحت قيادة أمير الحرب الشيعي علي بور شمشير. 

ويمكن القول إن الحرس الثوري الإيراني سيوفر التنسيق اللازم في هذا الصدد، يقول الكاتب.

ويضيف بأنه "كما يتضح مما عرضنا آنفا، فإن الصورة في أفغانستان تشبه الصورة في سوريا والعراق إلى حد كبير".

 إذ إن اتخاذ خطوات من شأنها أن تفتح المجال أمام تنظيم الدولة ثم استهداف الشيعة لتسريع انقسام صوت العالم الإسلامي، وأخيرا وصول إيران "لإنقاذ" الشيعة بذريعة الحماية، كلها سيناريوهات معادة في الأمثلة المختلفة.

ويختم باشاران مقاله بأن هجمات التنظيم على مساجد الشيعة، تدل بوضوح على أن الأحداث في المسرحيات الدموية للعراق وسوريا قد تتكرر في أفغانستان.

خاصة وأن العديد من الدول في الشرق الأوسط أكدت التزامها بتبعية الغرب بعد أن فتحت الدول الغربية الطريق أمام "التهديد الإيراني" في المنطقة باستخدام أذرع تنظيم الدولة.

وعلى ما يبدو، ترغب الدول الغربية في تنفيذ ذات السيناريو في أفغانستان. 

ولذلك تماما، أفسحت القوى الإمبريالية المجال للتنظيم أولا لتفتح المجال بدورها لإيران، وهدفت بذلك إلى تعزيز علاقاتها مع حلفائها من خلال الفجوة الأمنية التي خلقتها في المنطقة، يقول الكاتب.

ويضيف: أما بالنسبة لإيران، فلن تفوت على نفسها أي فرصة لاستغلال المساحة التي سيفتحها الغرب أمامها وتوسيع دائرة نفوذها بالاستناد إلى المبدأ القائل "رب ضارة نافعة". 

بل حتى "يمكننا القول بوجود اتفاقية غير مسجلة بين الغرب وإيران في هذا السياق".

 والهدف من ذلك وفق تقدير الكاتب، زعزعة استقرار آسيا الصاعدة من خلال الفوضى والحرب الأهلية والمذهبية من جهة، وشد أواصر التحالف بين الغرب والدول الحليفة لها من جهة أخرى.