رئيسة حكومة غير معروفة.. لاكروا: قيس سعيد يعين "مساعدة" بدون امتيازات
رأت صحيفة لاكروا الفرنسية، أن تعيين نجلاء بودن رئيسة للحكومة التونسية في 29 سبتمبر/أيلول خفف من نبض الرأي العام.
لكن المنظمات غير الحكومية والنقابات والأحزاب السياسية تحاول تنظيم نفسها لمواجهة السلطات المطلقة التي منحها الرئيس قيس سعيد لنفسه.
وتوضح الصحيفة أن قيس سعيد "أغلق أبواب قصر قرطاج".
واستنكر الأمين العام لحزب التيار الديمقراطي غازي الشاوشي، عزلة الرئيس التونسي الذي "قطع أي طريق للحوار".
ولم يتصل أي طرف بالرئاسة، بحسب ما صرح الشواشي، منذ إقرار نظام الطوارئ وتعليق أشغال البرلمان وإقالة رئيس الحكومة هشام المشيشي في 25 يوليو/تموز.
تعيين رمزي
اتخذ هذا الصمت الرهيب منعطفا مقلقا بعد نشر المرسوم الرئاسي الصادر في 22 سبتمبر/أيلول الذي منح بموجبه رئيس الدولة لنفسه صلاحيات مطلقة، من خلال التشريع عبر المراسيم، مع عدم وجود موعد نهائي للعودة إلى الحالة الطبيعية.
جرى تكليف نجلاء بودن بتشكيل حكومة، وهي الخطوة الوحيدة للأمام بعد أكثر من شهرين من الانتظار، في سياق سياسي واقتصادي واجتماعي متوتر للغاية.
وكانت هذه المرأة البالغة من العمر 63 عاما، غير معروفة لعامة الناس والدوائر السياسية، حيث شغلت خطة المدير العام في وزارة التعليم العالي وترأست مؤخرا مشروعا لإصلاح التعليم في ذات الوزارة.
لقي تعيين أول امرأة كرئيسة للحكومة ترحيبا واسعا. ومع ذلك، تساءلت بعض الأصوات عن هذا التعيين الذي يعد رمزيا بحتا.
قالت الخبيرة السياسية ياسمين وردي عكريمي إن "نجلاء بودن لن يكون لها أي امتيازات وكونها امرأة دون أن تكون حاملة لمشروع نسوي فإن ذلك لا يغير شيئا".
وأكدت على الطبيعة المحافظة للرئيس في هذا السياق، مبينة أن بودن ستكون مهمتها "مساعدة" قيس سعيد.
وإذا احتفظ قيس سعيد برأسمال هائل من الثقة في الجمهور الذي يشعر بالامتنان له لأنه أقال "برلمانا وحكومة مكروهين"، فإن الكثيرين، مثل الاتحاد العام التونسي للشغل، سيبدؤون بالقلق بشأن "تهديدات تتعرض لها الديمقراطية".
منغلق على نفسه
أدانت حوالي 20 منظمة، من بينها العفو الدولية، في 25 سبتمبر/ أيلول "الاستيلاء على السلطة وغياب أي شكل من أشكال الضمانات".
يدعو الاتحاد العام التونسي للشغل، إلى العودة لاحترام دستور 2014 والتوجه إلى انتخابات مبكرة.
فضلا عن أربعة أحزاب وسطية، بينها التيار والتكتل، التي شكلت ائتلافا في 28 سبتمبر/أيلول، لمواجهة المشروع الرئاسي.
تشير الباحثة السياسية خديجة محسن فينان بأن "حتى لو كانت بعض هذه الأحزاب مثل التكتل، قد شاركت بالفعل في السلطة، فهي لم تعد مسموعة".
ويخشى الباحث السياسي سليم خراط أن "يضيق الرئيس على نفسه أكثر، ويدفع خصومه السياسيين الذين ليس لديهم نفوذ قانوني للتوجه نحو خيارات راديكالية".
ولكن، حسب قوله، سوف يتزحزح الرئيس بشكل سريع كما تبين ذلك "كل المؤشرات الاقتصادية التي تتحول إلى اللون الأحمر".
ويعتقد أنه "على الرغم من شعبيته الحالية، فإن التونسيين لن يترددوا في تنحيته "إذا لم يتحسن الوضع الاقتصادي".
ما بعد التعيين
ولاحقا، أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد، عدم الخضوع لأي ابتزاز أو مساومة في تشكيل الحكومة الجديدة ببلاده.
جاء ذلك خلال لقائه مع رئيسة الحكومة المكلفة نجلاء بودن، في 30 سبتمبر/أيلول، في قصر قرطاج بالعاصمة، وفق مقطع مصور للرئاسة التونسية.
وقال سعيد: "لا مجال للخضوع لأي ابتزاز أو مساومة في الحق أو محاولة التسلل لفرض اختيارات معينة (في إشارة لتشكيل أعضاء الحكومة)".
واعتبر أن "الاختيارات ستكون بناء على معايير الوطنية والقدرة على العمل والإنجاز (..) كل من يحاول التدخل وفرض اسم، ستفشل محاولاته".
وأضاف سعيد: "من حق التونسيين والتونسيات أن يعيشوا بكرامة بكل حرية، وأن نستجيب لمطالبهم الإنسانية المشروعة".
أما البرلمان التونسي، فشهد محيطه في الأول من أكتوبر/تشرين الأول، وقوع مناوشات بين أنصار قيس سعيد، ونواب قرروا استئناف نشاطهم النيابي عقب انتهاء العطلة البرلمانية.
وهاجم أنصار الرئيس التونسي عددا من نواب البرلمان الذين حضروا لاستئناف نشاطهم النيابي في محيط مقر البرلمان الذي شهد تعزيزات أمنية مكثفة، فيما يمكن أن يؤشر إلى تعقد الأوضاع بشكل أكبر في البلد الذي كان ينظر إليه على أنه الديمقراطية العربية الوحيدة.