المتاجرة بآلام اليمنيين.. وسيلة جماعة الحوثي لمحاولة كسب الرأي العام

12

طباعة

مشاركة

تواصل جماعة الحوثي في اليمن استغلال حوادث الرأي العام وتوظيفها لتحقيق مكاسب سياسية لصالحها بغية تعزيز مكانتها في الحرب المندلعة في البلاد منذ أكثر من ست سنوات.

الحوثيون استغلوا مقتل الشاب اليمني العائد من الولايات المتحدة عبدالملك السنباني (28 عاما) على يد قوات ما يسمى بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي"، ووظفوها لصالحهم في تنظيم حملات تدعو لفك الحصار وفتح مطار صنعاء الخاضع لسيطرتهم وتظاهرات حقيقية وإلكترونية.

وقتل السنباني في 10 من سبتمبر/أيلول 2021 على يد "المجلس الانتقالي" المدعوم من الإمارات.

حملات استغلالية

في 15 سبتمبر/أيلول 2021 نظم المجلس الأعلى لمنظمات المجتمع المدني وإدارة مطار صنعاء الدولي، المعين من قبل الحوثيين، والحملة الدولية لفك الحصار عن المطار، وقفة احتجاجية لاستغلال ما جرى.

جاءت الوقفة بعنوان "أنقذوا أرواح المسافرين من القتل بفتح مطار صنعاء الدولي".

وأصدر المشاركون في الوقفة، بيانا، استنكروا فيه ما سموه الجريمة البشعة التي تعرض لها المغترب السنباني أثناء عودته من مطار عدن على أيدي قوات المجلس الانتقالي.

ورفع المشاركون في الوقفة صور الضحايا والمختطفين والمرضى من الأطفال وكبار السن الذين لقوا حتفهم لعدم قدرتهم على السفر وتعرضهم النهب والقتل في المحافظات "المحتلة" التي تعاني انفلاتاً أمنياً، حد قولهم.

وفي الوقفة طالب كل من قائد الحملة الدولية لرفع الحصار عن مطار صنعاء عبدالرحمن الحوثي ونائب وزير الإعلام في حكومة الحوثي فهمي اليوسفي ومدير مطار صنعاء المعين من قبل الحوثيين خالد الشايف برفع الحصار العاجل عن مطار صنعاء وفتحه من أجل تسيير الرحلات الجوية.

وأشاروا إلى أن الآلاف من المدنيين يموتون جراء الحصار الجوي والبري والبحري المفروض من قبل قوات التحالف السعودي الإماراتي.

بالإضافة إلى الوقفات والاحتجاجات التي نظمها الحوثييون، أطلق ناشطون موالون للجماعة على وسائل التواصل الاجتماعي حملات إلكترونية تدعو لفتح مطار صنعاء على نحو عاجل.

كان من بينها وسم #فتح_مطار_صنعاء_الدولي، و#حصار_مطار_صنعاء_موت_ومعاناة، الذي أطلقته صفحة "صنعاء روحي" الناشطة في خدمة أجندة الحوثي وتوجهاته على فيسبوك.

كما استغلت صفحة "صنعاء روحي" التي عرفت بالتطبيع لجماعة الحوثي حادثة اعتقال 4 طلاب يمنيين قدموا من ماليزيا، حيث تم اعتقالهم في مطار عدن في 3 سبتمبر/أيلول 2021، من قبل قوات المجلس الانتقالي في المطالبة بفتح مطار صنعاء.

وكان الناشط على وسائل التواصل الاجتماعي الموالي للحوثيين حسين الأملحي قد نشر عدة منشورات على صفحته في فيسبوك يشيد فيها بالأمن والأمان في مناطق سيطرة الحوثيين، على نحو يسعى فيه لبث الدعاية لصالح الجماعة.

ويروج هؤلاء في المقابل لوجود حالة من الفوضى في عدن والمناطق الجنوبية، وكذلك المناطق الخاضعة لسيطرة الشرعية كخط الوديعة الممتد بين مأرب وسيئون.

وكتب الأملحي: " ماحصل لعبدالملك السنباني المغترب بأمريكا بعد رجوعه الي اليمن عبر مطار عدن قد حصل للكثير من المغتربين العائدين عبر خط الوديعة، الحمد لله على نعمة الأمن والأنصار (الحوثيين)".

غلق المطار

الحوثيون أنفسهم رفضوا مطالب متكررة من قبل الحكومة الشرعية والأمم المتحدة بفتح مطار صنعاء من بينها مطالب رسمية في محادثات ستوكهولم بالسويد في ديسمبر/كانون الأول 2018.

وكانت الحكومة الشرعية طلبت أن يتم فتح مطار صنعاء وإخضاعه للرقابة من قبل لجنة أممية لضمان عدم تهريب أسلحة إيرانية لجماعة الحوثي أو استقدام خبراء من قبل الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، ولضمان عدم ممارسة الاعتقالات التعسفية من قبل جماعة الحوثي لشخصيات غير موالية لهم.

تجدر الإشارة إلى أن جماعة الحوثي تطالب برفع الحصار عن الموانئ والمنافذ البرية والبحرية والجوية في الوقت الذي تحاصر مدينة تعز منذ أكثر من خمس سنوات، وتتسبب بأكبر معاناة إنسانية يعيشها المدنيون في تعز.

ومنذ سيطرتهم على العاصمة صنعاء إثر الانقلاب، أنشأ الحوثيون جسرا جويا بين صنعاء وطهران لأول مرة منذ عام 1990، بمعدل 14 رحلة أسبوعيا، عبر طيران ماهان الإيرانية وطيران اليمنية، وهو الرقم الأكبر في تاريخ الرحلات اليمنية.

وهو ما يكشف نواياهم بالإصرار على فتح المطار من دون رقابة، لتسهيل استيراد أسلحة من إيران.

ناقلة صافر 

يقول الكاتب والصحفي محمد الأحمدي: "لا يتوانى الحوثيون عن استغلال أي مأساة أو كارثة أو حدث في سبيل توطين مشروعهم  وحصد مكاسب سياسية للإبقاء عليهم كسلطة أمر واقع ومحاولة استجداء أي صيغة لشرعنة وجودهم و للقبول بهم".

يضيف الأحمدي لـ"الاستقلال": "في الحقيقة كثير من الأطراف اليمنية والإقليمية و الدولية لم تستطع بعد فهم عقلية هذه المليشيا وطريقتها في التعاطي مع الأمور".

ويشير إلى أن "هذه المليشيا تسعى جاهدة دائما لانتهاز الفرص حتى وإن كانت على شكل مآس أو معاناة أو حتى جرائم ترتكبها هي".

ويوضح أنه "ليست فقط قضية اغتيال عبدالملك السنباني على يد قوات الانتقالي المدعومة إماراتيا هي المصيبة أو الكارثة أو المأساة الوحيدة التي تسعى مليشيا الحوثي لاستغلالها".

ويتابع إلى ناقلة النفط صافر في البحر الأحمر التي تهدد بكارثة وشيكة، حيث تسعى مليشيا الحوثي لاستغلال هذه الكارثة المحتملة للحصول على مكاسب من أي نوع.

ويستخدم الحوثيون ناقلة نفط "صافر" كمنصة تخزين عائمة في ميناء رأس عيسى في محافظة الحديدة غربي اليمن.

وعندما اندلعت الحرب بين الحكومة الشرعية والحوثيين، كانت الناقلة تمتلئ بأكثر من مليون برميل من النفط الخام.

ومنذ سيطرة الحوثيين على مدينة الحديدة في أكتوبر/تشرين الأول 2014، لم يستخرجوا النفط منها، رغم احتياجهم للقيمة المالية التي تتجاوز 40 مليون دولار لتمويل حربهم.

وتهدد الناقلة التي تربض في الميناء منذ نحو سبع سنوات، البيئة البحرية، حيث تجعل البحر الأحمر عرضة للخطر في حال تسرب النفط إلى عمق مياه الأحمر، ومع أن الحوثيين يدركون هذا الأمر إلا أنهم يتخذون من تلك الناقلة ورقة ضغط على المجتمع الدولي على نحو ينعكس لصالحهم.

وأشار الكاتب والصحفي السويسري لويس ليما في مقال له بصحيفة لوتون السويسرية إلى أن "الحوثيين يتخذون من المخاطر البيئية التي قد تتسبب بها تلك الناقلة ورقة سياسية تكافح من خلالهم للحصول على اعتراف دولي، وإضفاء الشرعية الدولية على سلطتهم، وهو الهدف الأوسع نقاطا بالنسبة لهم". 

يضيف الكاتب الأحمدي: "تستغل الميلشيا الفوضى في الجنوب من أجل الدعاية لنفسها في المناطق التي تسيطر عليها ذات الكثافة السكانية، والحصول على مكاسب سياسية كترويج فكرة أن صنعاء تتمتع بالأمن والأمان وتبرير حروبها على المجتمع".

ويسترسل الصحفي اليمني: مطار صنعاء مفتوح لقيادات المليشيا الحوثية تسافر عبر طائرات الأمم المتحدة، وهو مغلق فقط  في وجه اليمنيين، لكن الحوثيين يسعون لفتح المطار على مصراعيه أمام الرحلات الى العواصم التي تدعمها طهران وبغداد وبيروت والمناطق الخاضعة لنفوذ إيران.

وبالتالي تسهيل حركة مرور الأسلحة والخبراء لاستمرار حرب مليشيا الحوثي على المجتمع اليمني، بحسب ما قال.