يشكل النظام الغربي.. ما الجديد الذي يقدمه "أوكوس" غير مواجهة الصين؟

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة لاراثون الإسبانية الضوء على اتفاقية أوكوس "AUKUS"، التي تعزز من خلالها واشنطن تفوقها في آسيا من خلال دمج أستراليا والمملكة المتحدة في استراتيجيتها لوقف الصين بنشر غواصات تعمل بالطاقة النووية.

وقالت صحيفة لاراثون إن التحالف الدفاعي أوكوس الذي وقعته الولايات المتحدة وأستراليا والمملكة المتحدة تسبب في إحداث زلزال في الجغرافيا السياسية العالمية. 

وفي مؤتمر صحفي عبر الإنترنت، منتصف سبتمبر/أيلول 2021، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، ورئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون، إنشاء تعاون أمني جديد تحت اسم أوكوس، من بين أهدافه مشاركة الولايات المتحدة وبريطانيا تكنولوجيا الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية مع أستراليا.

أهداف المنصة

على وجه الخصوص، تهدف هذه المنصة العسكرية لثلاث دول أنجلو ساكسونية (مجموعة ثقافية سكنت إنجلترا منذ القرن الخامس) إلى إضافة قدرات لوقف توسع الصين في المنطقة البحرية الكبرى بالمحيطين الهادئ الهندي.

ونفذت بكين توسعًا عسكريًا في السنوات الأخيرة مع بناء جزر اصطناعية ونشرها أسطول بحري، يسير على الطريق الصحيح لامتلاك ثلاث حاملات طائرات وتجاوز أسطول اليابان والهند وأستراليا. 

من ناحية أخرى، يفترض الاتفاق أن يلتزم شركاؤه بمشاركة المعلومات في مجالات تشمل الذكاء الاصطناعي والقدرات السيبرانية والدفاع تحت سطح البحر. 

وأفادت الصحيفة بأن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب هو الذي روّج للاتفاقية الثلاثية في السابق، بهدف ربط الولايات المتحدة بأمن المحيطين الهندي والهادئ وتعزيز هيمنة الولايات المتحدة في آسيا. 

في هذا المعنى، يرى المحللون أنه بهذه الخطوة يبدو أن واشنطن تتجه نحو حرب باردة جديدة مع الصين.  

وفي جميع الأحوال، تتناقض زيادة الوجود العسكري الأميركي في آسيا مع ما تردد كثيرا عند الانسحاب من أفغانستان، حول الخطوة المفترضة إلى الوراء التي اتخذتها واشنطن في التزامها تجاه تلك القارة.

وأضافت لاراثون أن توقيع هذه الاتفاقية الإستراتيجية يسلط الضوء على تغيير في موقف أستراليا.

تحديدا، في عام 2017، وقعت الحكومة الأسترالية المحافظة بقيادة مالكولم تورنبول مع باريس بناء 12 غواصة تعمل بالديزل والكهرباء، بقيمة تزيد عن 30 مليار يورو، لصالح الشركة الفرنسية المملوكة للدولة نافال غروب.

لكن، في اللحظة الأخيرة، قررت كانبرا فسخ العقد وإتمام صفقة شراء ثماني غواصات تعمل بالطاقة النووية مع الولايات المتحدة.

وهي حركة اعتبرتها فرنسا على أنها "خيانة وطعنة في الظهر"، يتحمل مسؤوليتها دونالد ترامب أكثر من جو بايدن، كما أوضح وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان نفسه.

ونوهت الصحيفة بأن النقطة الرئيسية في هذا الاتفاق تكمن في أنه للمرة الأولى منذ ما يقرب من 70 عاما، ستتبادل الولايات المتحدة الأسرار والتطورات في التكنولوجيا النووية مع شريك آخر (أستراليا)، كما فعلت مع المملكة المتحدة عام 1958. 

في الأثناء، منح الشركاء الثلاث في اتفاقية أوكوس مهلة 18 شهرًا لتخطيط تفاصيل تطوير الغواصات النووية، وهذا لا يعني إطلاقا أنها ستحمل رؤوسا حربية نووية، بل أن مصدر الطاقة الذي يحركها هو مفاعل نووي صغير. 

وتنطوي هذه الخطوة على مهمة هائلة متمثلة في مشاركة التكنولوجيا النووية المتقدمة مع دولة ليس لديها قطاع نووي مدني، مثل أستراليا. 

في مقابل هذا القرار المهم الذي اتخذته السلطات الأسترالية، تثق واشنطن في أن تصبح كانبرا أكثر انخراطًا في الجهود العسكرية لاحتواء الصين والمشاركة بنشاط في صراع عسكري افتراضي مع القوة الآسيوية العظمى. 

ونقلت الصحيفة عن مات بوتينجر، النائب السابق لمستشار الأمن القومي في إدارة ترامب، أن قدرات حرب الغواصات كانت بمثابة "كعب أخيل (مصطلح يشير إلى نقطة ضعف مميتة)" للصين، وأن أسطولًا من الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية سيسمح لأستراليا بإجراء دوريات أطول، مما يمنح التحالف الجديد حضورا أقوى في المنطقة.

مخاوف أوروبية

ومع ذلك، أثار اتفاق أوكوس مخاوف في أوروبا. بالنسبة لفرنسا، وبالتالي للاتحاد الأوروبي، فإن "الخيانة" الأسترالية "تُظهر نقصا في التماسك" من جانب أستراليا والولايات المتحدة، على حد تعبير وزير الخارجية الفرنسي. 

ومن جهتهم، يعتقد المراقبون الأوروبيون أن التحالف الجديد قد يستبعد الاتحاد الأوروبي باعتباره اللاعب الرئيسي في هذه المنطقة الآسيوية المهمة في وقت يواجه فيه الغرب تحديات غير مسبوقة في المحيطين الهندي والهادئ.

الخبيرة في الشأن الجيوستراتيجي رنا ميتر، كتبت في صحيفة الغارديان البريطانية، أن "اتفاقية أوكوس توحي بإمكانية إعادة تشكيل النظام الليبرالي الغربي من خلال اتفاقيات مصغرة"، حيث تعمل مجموعات مختلفة من القوى معًا في قضايا مختلفة. 

ويعد خير مثال على هذه الإستراتيجية الجديدة تحالف "كواد"، وهي مجموعة الدول شكلتها اليابان وأستراليا والهند والولايات المتحدة، ذات طابع عسكري مميز. 

وذكرت الصحيفة أنه رغم التوترات التي تحدثها هذه التحركات الجديدة - فرنسا ضد أستراليا، والمملكة المتحدة ضد الولايات المتحدة لخروجها من أفغانستان - تعتبر ميتر أن "ما تظهره هذه التطورات في الواقع هو أن النظام الليبرالي أقوى مما توحي به الضوضاء السطحية".

وتضيف: "إنها ليست حربا باردة، لكنها سلسلة من التكيفات المتغيرة باستمرار". 

ونوهت الصحيفة بأن الصين تعتبر في الوقت الحالي أن هذا التحالف يشير إلى محاولة إحياء حرب باردة جديدة. 

وجاء رد الفعل الأكثر صدى من كوريا الشمالية، التي وصفت هذا الإجراء بأنه "غير مرغوب فيه وخطير للغاية" وصرحت أنها ستتخذ "إجراءات مضادة".  

لكن في واقع الأمر، ما يقلق بكين لن يكون الانتشار العسكري الذي ينطوي عليه اتفاق أوكوس، بل عدم قدرتها على إضافة شركاء في المنطقة. 

وفي هذا المعنى، رحبت سنغافورة، التي تتأرجح بين الولايات المتحدة والصين، بتوقيع التحالف الثلاثي.

أستاذ العلاقات الدولية بجامعة بوسطن "إريك غولدشتاين"، سلط الضوء على عزلة الصين الدولية في هذا السياق.

 وقال إن "الصين قد تكون قادرة على إضافة حلفاء من بين دول ذات أهمية أقل، من خلال الدعم المالي، لكن لا توجد دولة إقليمية تشعر بالراحة تجاه سياسة بكين الخارجية الحازمة في الوقت الراهن".  

ونقلت الصحيفة أن هناك خبراء يعتقدون أن نقاط الضعف الحقيقي لاتفاقية أوكوس لا تكمن في إمكاناتها الدفاعية ولكن في نقص التدابير في المجال الاقتصادي. 

من جانب آخر، تعتبر الصين الشريك التجاري الأكبر للمنطقة ويعتمد جيرانها بشكل متزايد على اقتصادها. 

في هذا المعنى، سيزداد النفوذ التجاري لبكين بعد انضمامها رسميًا خلال سبتمبر/أيلول 2021، إلى الاتفاقية الشاملة والتقدمية للشراكة عبر المحيط الهادئ.