عبر فرض عقوبات.. هكذا يسعى البرلمان الأوروبي لحل أزمات لبنان
قالت مجلة "جون أفريك" الفرنسية إن "البرلمان الأوروبي أصدر قرارا لتسريع العقوبات ضد القادة اللبنانيين الذين يقفون وراء الوضع المقلق للغاية في البلاد".
وأجرت "جون أفريك" في هذا السياق مقابلة مع النائب الفرنسي كريستوف غرودلر الذي دعا إلى "استمرار الضغط الدولي على لبنان".
حاليا، وكشرط أساسي لمنح المساعدات الدولية، يشكل لبنان حكومة جديدة طال انتظارها في 10 سبتمبر/أيلول 2021، مع توزيع متساو للمناصب بين المسيحيين والمسلمين، وفقا للنظام الطائفي.
لكن الضغط الدولي على هذا البلد، كما تقول الصحيفة، "لا يضعف"، إذ صوت البرلمان الأوروبي في 16 سبتمبر/أيلول 2021 على قرار غير ملزم يدعو إلى تشديد العقوبات ضد المسؤولين عن الأزمة السياسية والاقتصادية الخطيرة التي تمر بها البلاد.
وحصل النص على 575 صوتا من أصل 685 نائبا حاضرا، وقدمته كل من مجموعة حزب الشعب الأوروبي (EPP)، والتحالف التقدمي للاشتراكيين والديمقراطيين (S&D)، والمحافظين الأوروبيين والإصلاحيين (CRE)، ومجموعة الخضر/التحالف الأوروبي الحر وحزب النهضة الوسطي - أو قائمة تجديد أوروبا، التي تجمع حزب الجمهورية إلى الأمام (LREM) والحركة الديمقراطية (مودم) وحزب آجير والحركة الراديكالية.
التحقيق معطل
ويعيش لبنان حالة من انهيار المؤسسات، بسبب الفساد المستشري، والأزمة المالية المتفاقمة منذ نهاية عام 2019، وزيادة معدل الفقر، والاحتجاجات الشعبية، وعدم مساءلة كبار المسؤولين، ويؤكد هذا القرار الذي صوت عليه البرلمان الأوروبي على الوضع المقلق للغاية الذي تمر به البلاد، والذي تفاقم بسبب كورونا وأزمة استقبال اللاجئين السوريين.
ويستنكر واضعو النص رفض النواب، بدافع المصالح الخاصة، لخطة الإنقاذ الحكومية التي يدعمها صندوق النقد الدولي.
كما يلقون باللوم على شخصيات سياسية لبنانية بارزة في عرقلة التحقيق في انفجار ميناء بيروت في 4 أغسطس/آب 2020، ورفض طلبات رفع الحصانة عن بعض أعضاء مجلس النواب.
وباتهام البرلمانيين الأوروبيين المباشر لمجموعة من الشخصيات بالمسؤولية عن "الكارثة"، وجهوا أصابع الاتهام بشكل خاص إلى محافظ البنك المركزي، رياض سلامة، وشقيقه.
وفي هذا السياق، يدعو أعضاء البرلمان الأوروبي إلى تنفيذ إصلاحات بعيدة المدى، ويقترحون فتح تحقيق دولي مستقل ويحثون دائرة العمل الخارجي الأوروبي على وضع قوائم بالشخصيات والكيانات المسؤولة بوضوح عن الوضع.
وعن دعوة البرلمان الأوروبي في 16 سبتمبر/أيلول 2021 إلى تشديد العقوبات ضد المسؤولين اللبنانيين، والدول التي بادرت بهذا القرار، قال النائب الفرنسي، عضو منظمة "تجديد أوروبا"، غرودلر: إن "الفرنكفونية والنواب الفرنسيون في المقام الأول هم الذين كانوا في الطليعة، بسبب علاقاتهم الثقافية والودية مع لبنان".
واستدرك: "لكن عندما وضع هذا النص، استفدنا أيضا من تضامن العديد من الزملاء الألمان والسويديين والبلجيكيين والإيطاليين، كان هناك إجماع حول هدف واحد، مساعدة الشعب اللبناني بشكل ملموس".
وبشأن اعتماد مجلس أوروبا بالفعل إطارا قانونيا نهاية يوليو/تموز 2021 لمعاقبة المسؤولين عن الأزمة، وإمكانية تغيير الوضع بشكل ملموس، أجاب غرودلر: "نطالب بالتحقيق والعقوبات ضد المسؤولين، يجب أن نضع قوائم بالأسماء ونمنح أنفسنا الوسائل للسيطرة على هذه الشخصيات".
وتابع: "نحن نتحدث نيابة عن الشعب الأوروبي، وهدفنا هو اتخاذ إجراءات قوية بسرعة، وندعو إلى تعاون جميع الدول لتحديد المكاسب غير المشروعة وإنهاء التحقيق في انفجار ميناء بيروت، كما ندعو أيضا إلى إنشاء لجنة مراقبة انتخابات 2022، ونحن على ثقة من أن هيئة العمل الخارجي الأوروبي ستتولى الأمر".
Notre résolution du Parlement européen sur le #Liban ���� est adoptée par 575 voix !✅
— Christophe GRUDLER (@GrudlerCh) September 16, 2021
L'Europe envoie un message fort: nous ne laissons pas tomber les Libanais!
Le rétablissement des services publics et la lutte contre la corruption doivent être la priorité absolue.@RenewEurope pic.twitter.com/IjvWdgwxVm
وأوضح غرودلر أنه "ستوضع قوائم الأسماء على أساس تحقيق دولي مستقل، مع العلم أن هناك تحقيقات بالفعل في سويسرا وفرنسا حول محافظ مصرف لبنان، وتحقيق مستقل في غسل الأموال في أوروبا".
وأضاف: "نريد أن تتبادل الدول الأعضاء المعلومات، بالاشتراك أيضا مع سويسرا وبريطانيا العظمى، هذا الاتساق بين البلدان ضروري".
واستطرد: "من المؤكد أن المجر كانت تعارض التحقيق مع قاض دولي بشأن الشخصيات اللبنانية، لكننا نجحنا في خلق تيار عرضي يشمل جميع الكتل البرلمانية تقريبا، باستثناء مجموعات اليسار المتطرف واليمين المتطرف".
ولفت إلى أنه "بجانب هذا القرار الأوروبي، أنشأنا روابط بين الزملاء من جنسيات وأحزاب مختلفة، لذلك نعتزم مراقبة القضية والذهاب إلى هناك إذا لزم الأمر لمعرفة الحقائق على أرض الواقع".
نقطة حساسة
وعن تورط حزب الله والفصائل الأخرى في الأزمة السياسية والاقتصادية التي يمر بها البلد، قال غرودلر: "مهما كان الفصيل، فإن هدفنا الرئيس هو محاربة الفساد، بمجرد تحديد المسؤولين، يمكن معاقبتهم، وتجميد أصولهم غير المشروعة، وبمجرد إضعاف هذه الجماعات، يمكننا التحدث عن الأمة اللبنانية، ما يقتل لبنان هو الانغلاق حول الطائفية".
وحول التشكيك في نقطة حساسة أخرى في لبنان، وهي النظام الطائفي، شدد على أن "الهدف هو تطوير نظام الانتماء الوطني في لبنان، هذه أمة وليست فيدرالية، أي شيء يعزز هذا الشعور سيكون جيدا للجميع".
واعتبر غرودلر أن "التحقيق المستقل سيحدد جميع المسؤوليات، لكنها قبل كل شيء مسؤوليات الحكام، الممولون ليسوا مسؤولين عن رفض الحكومة السابقة الكشف عن أدلة تحقيق حول مرفأ بيروت، ولا عن معارضة اللجنة المالية لرفع الحصانة البرلمانية".
وشدد على "أهمية استمرار الضغط الدولي والأوروبي، لأنه إذا لم ترغب هذه الحكومة في التعاون فلن تنجح وستكون مرفوضة مثل سابقاتها".
وأوضح أن "الفقر والنقص الطاقي الكبير وانعدام الأمن الغذائي في البلاد يتطلب إدراك أخطاء الماضي والتصرف بطريقة إيجابية، وهذه متطلبات أساسية للمساعدات الدولية وعودة أموال المغتربين".
وأكد أن "هذه الحكومة يجب أن تثبت نفسها، ويظهر الضغط الدولي أنه ليس له أي دخل في الوضع في هذا السياق".
وقال غرودلر: "لا يمكننا تحمل رؤية الأموال المخصصة لمساعدة اللبنانيين وهي تدخل في جيوب قلة من الأوليغارشية (حكم الأقلية)، لقد حدث هذا في الماضي، وسيتمكن التحقيق من إثبات ذلك".
وختم حديثه قائلا: "هناك بالفعل افتراضات، أبرزها تحقيق منظمة العفو الدولية والقضاة الأوروبيون، نحن نطلب المزيد من الموارد البشرية الأوروبية للتحكم في الاستخدام الصحيح لما تم إرساله، مع إنشاء فريق عمل دولي".