"تونس تنتفض".. هكذا وصف ناشطون أول مظاهرة حاشدة ضد انقلاب سعيّد

12

طباعة

مشاركة

تضامن ناشطون على "تويتر" مع مطالب الشعب التونسي، ورفضه لانقلاب الرئيس قيس سعيد، على الدستور وتدابيره "الاستثنائية" المعلنة في 25 يوليو/تموز 2021، مطالبين بالعودة إلى المسار الدستوري وتفعيل المؤسسات الدستورية وعلى رأسها البرلمان.

الناشطون عبر مشاركتهم على وسوم عدة أبرزها، #قيس_سعيد_إرحل، #تونس_تنتفض، #يسقط_الانقلاب_في_تونس، #الشعب_يريد_إسقاط_الانقلاب، وغيرها، أعربوا عن تفاؤلهم بانتفاضة الشعب التونسي، واعتبروها مؤشرا على انتفاضة باقي الشعوب العربية ووعيها وقدرتها على التصدي لانقلاب حكامهم على الشرعية.

وحرص ناشطون على توضيح أن الحشود التونسية التي خرجت لرفض انقلاب سعيد ليست تحت تنظيم حزبي إنما دعوة من ناشطين ومدونين، محذرين من أنهم لم يدخلوا بعد مرحلة التحدي لانقلاب سعيد والتدخلات الخارجية في بلادهم.

وتوقع ناشطون أن يكون رد فعل سعيد المرتقب إنكار الحشود والتمسك بأكاذيبه المستمرة في تبرير انقلابه وفشله في إعلان خارطة طريق، مستدلين على توقعاتهم بتصرفات رؤساء انقلابات سابقة منهم المصري عبدالفتاح السيسي.

آلاف التونسيين خرجوا السبت 18 سبتمبر/أيلول 2021، في مظاهرة هي الأولى من نوعها لرفض انقلاب سعيد المعلن منذ قرابة الشهرين، أمام المسرح البلدي بشارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة.

وردد المتظاهرون هتافات مناهضة لسعيد وانقلابه، ومطالبة بعودة الشرعية والبرلمان ووقف المحاكمات العسكرية، رافعين لافتات مكتوب عليها "يسقط الانقلاب على الدستور، يسقط الانقلاب، أوفياء الثورة يسحبون الوكالة من سعيد، ارحل، قيس سعيد ارحل، وغيرها".

ودعوا للحفاظ على مكتسبات الثورة وإطلاق سراح المعتقلين والعودة للمسار الديمقراطي الذي قامت من أجله الثورة في تونس، معلنين احتجاجهم على تردي الأوضاع السياسية والاقتصادية والهيكلية بالبلاد.

إحماء للثورة

الناشطون على تويتر، أعربوا عن سعادتهم بالخطوة التي اتخذها الشعب التونسي، وقدرته على التصدي لانقلاب سعيد وإعلان رفضهم لذلك وتمسكهم بالحفاظ على مكتسبات الثورة.

أستاذ العلوم السياسية بشير يوسف، اعتبر "الانتفاضة التونسية، جرعة أولى ومجرد إحماء وفقط بداية"، مؤكدا أن الشعب "يريد استرجاع الحرية".

أستاذ الشؤون الدولية بجامعة قطر، محمد المختار الشنقيطي، وصف المظاهرات في تونس ضد انقلاب سعيد، بأنها "بداية الغيث"، ناشرا صورة للحشود الجماهيرية الرافضة للانقلاب رافعين الأعلام التونسية ولافتات مكتوب عليها "ياللعار ياللعار الدستور أكله الحمار.. أوفياء الثورة يسحبون الوكالة من قيس سعيد.. ارحل.. يسقط الانقلاب". عضو مجلس أمناء الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، محمد الصغير، أشار إلى أن شعب تونس استشعر الخطر، وخرج اليوم إلى الشارع رفضا للانقلاب وحفاظا على مكتسبات الثورة، ومؤسسات الدولة التي عطلها رئيس الدولة، وكانت الرؤية واضحة بأن ما حدث "انقلاب"، والمطالب محددة برحيل سعيد.

مواجهة الشعب

وأجمع ناشطون على أن الأيام أثبتت للشعب التونسي زيف ادعاءات سعيد ومزاعمه في تمرير الانقلاب على الدستور، وما تبع ذلك من تصريحات مستهجنة شعبيا، معتبرين ما شهدته الشوارع من انتفاضة ضد قراراته بمثابة اختبار له.

الرئيس التونسي الأسبق المنصف المرزوقي، قال: إن الشارع اكتشف "كذب الحجج والوعود" التي ارتكز عليها سعيد في قراراته المعلنة في يوليو/تموز الماضي، وإن فرح بها الشارع أول الأمر وتوهم أنها نهاية أزمة سياسية خانقة.

وأضاف في حديث لبرنامج المسائية على قناة "الجزيرة مباشر"، أن "الأزمات على تنوعها -اقتصادية وسياسية وهيكلية- تتفاقم في تونس، الدولة بدون برلمان ولا حكومة، ومن ثم فلا غرابة أن يخرج جزء من الشعب معبرا عن غضبه".

ورأى المرزوقي، أن الخروج من المنعطف الحالي الضيق، يستوجب على سعيد تسمية حكومة جديدة، وإن كانت تلك الحكومة ستواجه صعوبات جمة مع رئيس كهذا لا يفهم ولا يتحدث ولا يناقش - على حد تعبيره-.

الإعلامي محمد ناصر علي، وصف مشهد انتفاضة التونسيين في الشوارع بأنها "مشهد مهيب، تونس تنتفض ضد قرارات سعيد"، مشيرا إلى أن بعض الشعب ظن أن سعيد حينما اتخذ قراراته كان لديه خطة بديلة وإصلاحات عاجلة، ومع الوقت "اتضح أنها لم ينتج عنها سوى الانقلاب على الديمقراطية ووضع كل الصلاحيات في يده".

الباحث المستقل مهنا الحبيل، أكد أن "سعيد بدأ اليوم مواجهة  الشعب الذي انقلب باسمه"، داعيا إلى ملاحظة التحريض المجنون الذي أحيط به رئيس البرلمان راشد الغنوشي وحركة النهضة من الرغبويين الشعبويين في تويتر للنزول لمواجهة الجيش واختطاط مصير رابعة، ثم النظر إلى قرار الرجل اليوم بالحفاظ على وحدة الشعب ووحدة الوطن وسلامة شبابهم. وذكرت الإعلامية حياة اليماني، بأن سعيد عندما خرج التونسيون في 25 يوليو/تموز 2021 قال: إنه استند إلى الشرعية الشعبية لاتخاذ الإجراءات الاستثنائية، وجمع كل السلطات في يده، متسائلة: "الآن بعد مرور شهرين هل سيستمع سعيد للتونسيين مرة أخرى؟ أم أنه صعد على شجرة إجراءاته ولا يجد طريقة للنزول منها؟".

أمل متجدد

وتداول ناشطون صورا من انتفاضة الشعب التونسي، محتفين بموقفهم ورفضهم للانقلاب، خاصة بعدما اتضح أن الرئيس سعيد المنقلب ليس لديه خارطة طريق، ولم يعلن أي خطوات إصلاحية، واعتبروها بارقة أمل لكل الشعوب العربية القابعة تحت حكومات ديكتاتورية.

مدير مركز "الشؤون الفلسطينية" في لندن، إبراهيم الحمامي، رأى أن "الشعب التونسي اليوم أعاد الأمل ليس لتونس فقط بل لكل الأمة"، مؤكدا أن "الهتافات والشعارات ضد سعيد شخصيا وضد الانقلاب، والمشاركة الشعبية الواسعة جدا وحجم التظاهرات يسقط كل أكاذيب سعيد عن تمثيله الشارع التونسي".

الكاتب والصحفي السوري، أحمد موفق زيدان، أشار إلى أن "تونس مهد الربيع العربي يزأر أبطالها من جديد يا قيس سعيد يا جبان يا عميل الاستعمار"، قائلا: "أمة ودعت العبودية، ولن تقبل بحكم طاغية بعد اليوم… الإصرار في سوريا ومصر وليبيا واليمن وفوق هذا جاء انتصار طالبان في أفغانستان عزز أمل انتصار الشعوب.. جددوا إيمانكم بثوراتكم". الناشط الحقوقي أسامة رشدي، قال: إن "تونس تكتب صفحة جديدة اليوم في مسيرة شعب من الصعب إعادته لدائرة الاستبداد والاستعباد والضحك عليه لوضع القيود في يديه من جديد"، داعيا "البائس سعيد للاستماع لصوت الشعب الحضاري وإعادة الكلمة له، وأقل ذلك انتخابات رئاسية وبرلمانية مبكرة ويطرح في برنامجها تعديل الدستور إن أراد المنتخبون". وقال الشاعر عبدالرحمن يوسف: "كلما حوصر عيال زايد في مواخيرهم.. كلما أشرقت شمس الحرية في الوطن العربي". الصحفي السعودي المعارض تركي الشلهوب، لفت إلى أن "أحرار تونس هتفوا: الشعب يريد إسقاط النظام واليوم يهتفون: الشعب يريد إسقاط الانقلاب"، مستشهدا ببيت من قصيدة الشاعر أبو القاسم الشابي: "إذا الشعب يوما أراد الحياة. فلا بد أن يستجيب القدر"، مع استبدال كلمة الحياة بالحرية. ونشر صاحب حساب "الرادار التونسي" صورا من الانتفاضة، ووصفها بأنها "معركة الحرية ضد الاستبداد والشعبوية". الأكاديمية الأردنية فاطمة الوحش، رأت أن "تونس تخرج عن صمتها، وجب التغيير فلا يجوز أن يحكم هذا الشعب الحر روبوت".

رموز الانقلاب

وصب ناشطون غضبهم على سعيد وذكروه بتصريحاته العشوائية المكررة وغموضها وإشارته الدائمة لوجود مخططات ومؤامرات تحاك له وضده تارة لاغتياله وأخرى لإفشاله، مشيرين إلى تشابه تعامل الانقلابيين مع الانقلابات وتبعاتها ومقاومة الشارع لها.

السياسي عمرو عبد الهادي، أعرب عن ثقته في أن سعيد سينتقل الآن  إلى المستوى الأعلى في التصريحات غير المنطقية وتوقع نعته للمتظاهرين ضده بأنهم مأجورين ويتقاضون 50 دولارا ووجبة كنتاكي مع تسطيرة تونسية للنزول ضده، مؤكدا أن نموذج الانقلاب واحد وخطط الانقلابيين واحدة وممول الانقلاب واحد.

وقال الصحفي المستقل عبد الحميد قطب: إن "السيسي نصح سعيد بالاستعانة بالداخلية وعدم الاعتماد على الجيش وقد فعل، وقيس توسط عند السيسي للسماح للشيعة بممارسة طقوسهم في مصر بحرية والتقارب مع إيران وقد استجاب".