محمد الحكيم.. مرجع عراقي شيعي فرح الصدريون بوفاته ونعته واشنطن

يوسف العلي | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

فقدت المرجعية الشيعية في مدينة النجف العراقية، واحدا من أربعة مراجع دين يشكلون الحوزة العلمية فيها، بعد أن أعلنت السلطات في 3 سبتمبر/ أيلول 2021 وفاة رجل الدين، محمد سعيد الحكيم، جراء إصابته بسكتة قلبية بعد ثلاثة أيام من إجراء عملية جراحية.

وشيع العراقيون الشيعة وكبار مراجعهم جثمان الحكيم في 4 سبتمبر/ أيلول 2021، إلى مثواه الأخير في مقبرة "وادي السلام" بالنجف، التي تعد واحدة من أكبر مقابر العالم، كونها تضم رفاة نحو 5 ملايين شخص، ويدفن فيها سنويا بحدود 50 ألفا من الشيعة حصرا.

خليفة السيستاني

"الحكيم" البالغ من العمر 85 عاما، واحد من أربع مرجعيات شيعية بارزة في العراق، بعد المرجع الديني الأعلى علي السيستاني. ويليه كل من المرجع محمد إسحاق الفياض، والمرجع بشير النجفي.

ولد في مدينة النجف عام 1936 وهو نجل آية الله محمد علي الحكيم وتتلمذ في شبابه على يده وعلى يد جده مرجع الطائفة الشيعية الأسبق، محسن الطباطبائي الحكيم.

وكتبت الباحثة العراقية مارسين الشمري خلال تغريدة على "تويتر" في 3 سبتمبر/ أيلول 2021: إن "الحكيم كان أحد أبرز المرشحين ليكون خلفا للسيستاني كمرجع أعلى".

وأضافت الشمري أنه "عاش خلال أوقات مضطربة وكان نشطا في المشهد الثقافي الذي كان بطور الازدهار حينها في النجف". وعارض الشيوعية مثل جده، و"استهدفه حزب البعث ومنع من السفر بين عامي 1968 و1974".

وخلال حقبة نظام حزب البعث بقيادة الرئيس العراقي الراحل، صدام حسين، واصل التدريس والتأليف رغم ظروف الاعتقال القاسية بحسب ما ورد في سيرته الذاتية على موقعه الإلكتروني.

وقد دخل السجن مع ما يقارب أكثر من ستين شخصا من عائلته واعتقله النظام السابق عام 1983 حتى 1991 "إثر الثورة في إيران حينما بدأت السلطات في العراق تخشى تكرار السيناريو نفسه في البلاد، وبدأت بزيادة الضغوط على الحوزة ورجال الدين"، وفق الشمري.

وبحسب سيرته الذاتية، فقد كان مهتما بالتدريس والتأليف منذ بدايات شبابه، "حيث كرس وقته لتطوير المستوى العلمي للكثير من الشباب في الحوزة العلمية، من خلال مباشرة تدريسهم ومتابعة جهودهم العلمية".

وقال مصدر مطلع على الشؤون الدينية الشيعية في العراق، فضل عدم الكشف عن هويته: إن الحكيم يتميز "بقربه من المؤمنين" واعتاد السير خلال فترة أربعين الإمام الحسين معهم، حسبما نقلت وكالة "فرانس برس" في 3 سبتمبر/ أيلول 2021.

وأضاف: "في العلن، لم يقدم أي موقف سياسي"، تماشيا مع مبادئ المدرسة الفقهية الشيعية العراقية التي تناهض "ولاية الفقيه" الممثلة بالمرشد الأعلى في إيران علي خامنئي وتعمل على إعطاء أولوية لرجال الدين على السياسيين المدنيين.

وأوضح رجل الدين محمد علي بحر العلوم، وهو أستاذ في الحوزة الدينية في حديث للوكالة الفرنسية أن الحكيم "يعتبر من كبار المراجع في النجف والعالم الإسلامي والعالم الشيعي".

وأضاف أن "موته خسارة كبيرة، فهو من كبار العلماء الذين حازوا المراتب العليا ولديه الكثير من المؤلفات في التاريخ والفقه والأصول". 

نعاه الغرب

على المستوى المحلي، أعلنت الحكومة العراقية الحداد في 3 سبتمبر/ أيلول 2021 على المرجع الشيعي الحكيم في عموم البلاد، فيما حددت مدينة النجف ثلاثة أيام حدادا على اعتبار أنه من سكنة المدينة وأحد مراجع الحوزة العلمية فيها.

وقدم الرئيس العراقي برهم صالح التعازي بالحكيم، معتبرا إياه "علما من أعلام الأمة الإسلامية".

وعلى الوتيرة ذاتها، أصدر رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي بيانا نعى فيه الحكيم، بالقول: "فاضت روح العالم الجليل إلى خالقها بعد عمر قضاه في خدمة العلم والفقه والدرس والاجتهاد والتوفيق بين قلوب المسلمين، وقد بذل سنوات عزيزة من عمره المبارك في الجهاد ضد الطاغية وتعذب في سجونه أشد عذاب".

وأضاف الكاظمي: "وبذل جهده ومضناه في جمع الأمة إلى كلمة سواء كما أرادت الرسالة المحمدية السمحاء، مثلما ترك فينا تراثا غنيا من التسامح والمحبة وخدمة جميع العراقيين، يدعونا للاعتزاز والاستذكار الطيب لقادم الأجيال".

كما نعت الحكيم الكثير من الشخصيات ورؤساء الأحزاب السياسية والمليشيات الموالية لإيران، والمنظمات الدينية في العالم من ضمنها "رابطة العالم الإسلامي" ومقرها الرياض.

إضافة إلى السفارتين الإيرانية والتركية، نعته سفارتا الولايات المتحدة وبريطانيا، معتبرين أن فقدانه محزن، كونه أحد "المراجع العظام" في العراق.

وقالت سفارة واشنطن خلال بيان على "تويتر": إنها "تتقدم نيابة عن حكومة الولايات المتحدة الأميركية بخالص العزاء للأمة الإسلامية وأتباع مذهب أهل البيت والمراجع العظام وبالخصوص أسرة الفقيد بوفاة المرجع الديني الكبير آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم (قدس سره)".

من جهتها، قالت السفارة البريطانية في بغداد عبر "تويتر": إنها "تتقدم بخالص العزاء بوفاة المرجع الديني آية الله العظمى السيد محمد سعيد الحكيم. من المحزن للعراق فقدان مثل هذه الشخصية العلمية والمحترمة".

عدو الصدريين

كان لافتا غياب أي تعزية من زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، والذي أصدر أوامر لأتباعه عقب إعلان وفاة الحكيم، للبدء بحملة تنظيف تشمل جميع شوارع مدينة النجف، وبعد يوم أعلن تأجيل الحملة ثلاثة أيام.

وأشار إلى أن التغريدة كانت معدة مسبقا لكنها نشرت في 3 سبتمبر/ أيلول 2021.

لكن قناة ما يعرف بـ"وزير الصدر" صالح محمد العراقي، على "التلغرام" نشرت تساؤلا لأحد أتباع التيار الصدري، يتساءل عما إذا كان بالإمكان توزيع الحلويات والعصائر في هذا اليوم، ليرد عليه قائلا: "تأدب.. هاي مو أخلاقنا"، في إشارة إلى وفاة الحكيم.

كما نشرت قناة "مناصرون" التابعة للتيار الصدري على "تلغرام" بيان السفارة الأميركية الذي يعزي فيه بوفاة الحكيم.

وعلق أحد أتباع رجل الدين الشاب مقتدى الصدر بأن سبب التعزية كونه "ابنهم"، في إشارة إلى قربه من الولايات المتحدة.

ونشرت الناشطة على "تويتر" مقطعا مصورا، للحكيم يهاجم فيه مقتدى الصدر ووصفه بأنه "طفل ومخربط (مضطرب) وليس له أصل ولا فصل"، وذلك بعدما ساوى أحد الشعراء في قصيدة تلاها، أم الحكيم، مقتدى الصدر بالمرجع علي السيستاني، والحكيم نفسه.

وعلقت الناشطة على المقطع بالقول: "يعتبر المرجع الديني محمد سعيد الحكيم العدو اللدود للصدريين بسبب وصفه لمقتدى الصدر بأنه طفل وغير متزن، ولا يعتبر مرجعا أو رجل دين".