تداعيات محتملة خطيرة.. هل تغيّر شروط الصدر العملية الانتخابية بالعراق؟

يوسف العلي | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

بعد مرور شهر على إعلان مقاطعته الانتخابات البرلمانية، طرح زعيم التيار الصدري في العراق مقتدى الصدر، شروطه للعدول عن قرار المقاطعة والعودة للمشاركة في الاستحقاق المقرر 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2021.

الصدر، أعلن في 15 يوليو/ تموز 2021 مقاطعة الانتخابات، ودعا إلى "إنقاذ الوطن الذي أحرقه الفاسدون وما زالوا يحرقونه".

وأكد حينها سحب يديه من كل المنتمين للحكومة الحالية واللاحقة، ووصف الجميع بأنهم "إما قاصر أو مقصر أو يتبجح بالفساد، والكل تحت طائلة الحساب".

شروط للعودة

تغيرات طالت موقف الصدر، إثر مطالبات الرئاسيات العراقية (الجمهورية، الحكومة، البرلمان) والقوى السياسية، إياه بالعدول عن قراره.

وكشفت مواقع محلية في 18 أغسطس/ آب 2021 أن زعيم التيار الصدري، أبلغ قيادات دينية رفيعة في النجف "استعداده للعدول عن قرار مقاطعة الانتخابات، لكن بعد تحقيق شرطين أساسيين".

وحسبما نقلت وسائل الإعلام، فإن الصدر أبلغ خلال اجتماعه مع مقربين منه أن عودته للانتخابات تجري بعد تحقق هذين الشرطين.

الأول: هو "تأجيل موعد الانتخابات إلى موعد آخر ليتسنى لتياره التحضير جيدا، وضمان العدالة مع بقية الكتل المتنافسة، التي فعلت حملاتها منذ أسابيع".

أما الشرط الثاني الذي طرحه الصدر خلال الاجتماع: فإنه طالب بأن "يدين المرجع الديني الشيعي الأعلى في النجف علي السيستاني جماعات السلاح المنفلت في العراق، والتي تهدد أمن الانتخابات".

ويعتقد زعيم التيار الصدري أن منافسيه من الفصائل الشيعية المسلحة "يمكنهم استخدام العنف لتغيير خريطة القوى، والتوازن السياسي للشيعة، لصالح جماعات تقوض الدولة".

على الجانب الآخر، كثفت الأحزاب الشيعية العراقية من اجتماعاتها، بعد الإعلان عن شروط الصدر للرد عليها.

وكشفت مصادر سياسية لمواقع محلية في 20 أغسطس/ آب 2021، أن "الاجتماعات شهدت مرونة في التعاطي مع موقف الصدر، مدفوعة بالقلق من إجراء انتخابات قائمة على الاختلال في التمثيل الشيعي".

وبحسب المصادر، فإن "القوى الأساسية لا تزال تريد إجراء الانتخابات في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، لكنها فتحت الباب للتأجيل بشرط حصول قرار كهذا على توافق القوى الشيعية".

وأكدت أن "ممثلين للصدر حضروا واحدا من تلك الاجتماعات وأبلغوا الحاضرين شرط الصدر تأجيل الاقتراع إلى موعد آخر".

وأشارت المصادر إلى أن "ائتلاف دولة القانون" بقيادة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، وحركة "عصائب أهل الحق"، أبرز الكتل المصرة على رفض شروط الصدر، والمضي وفق موعد "المفوضية العليا للانتخابات".

ونقلت وسائل إعلام محلية عن أحد الحاضرين (لم تكشف هويته) قوله: إنه "بإمكان الصدر لعب دور المعارضة السياسية في البلاد، وهو حر في ذلك".

وخلصت اجتماعات الأحزاب الشيعية إلى "وضع خيار التأجيل إلى الطاولة، وأن يكون اتخاذ القرار بشأنه مرهون بالتوافق الشيعي عليه".

انقسام سياسي

عن تأجيل الانتخابات من عدمه، يؤكد النائب عن تحالف "سائرون" بزعامة الصدر، قصي محسن، 18 أغسطس/ آب 2021 أن "هناك انقساما بين الكتل حول موعد الانتخابات".

ويوضح في حديث صحفي، أن "الكتل الجديدة التي تشارك لأول مرة تعمل على أن تكون الانتخابات في موعدها، لكي يكون لها تمثيل سياسي داخل قبة البرلمان ولو بمقعد واحد".

من جهته، كشف ائتلاف "النصر" بزعامة رئيس الوزراء العراقي الأسبق، حيدر العبادي، عن وجود تحرك من قبل القوى السياسية لفتح حوارات لإقناع التيار الصدري بالعدول عن المقاطعة.

الناطقة باسم الائتلاف آيات مظفر قالت في تصريح صحفي 22 أغسطس/ آب 2021: إنه لا توجد معطيات بتأجيل الانتخابات، وكل المؤشرات تضفي بإجرائها في موعدها، الذي استعدت له المفوضية، وتحضرت له أغلب الكتل السياسية.

مظفر، أشارت إلى أن "هناك تحركا من القوى السياسية لفتح حوارات تهدف إلى إقناع التيار الصدري بالعدول عن رأيه".

وأضافت: "عادة التيار الصدري يشكل طيفا مجتمعيا واسعا، ويؤثر في العملية السياسية والتوازنات السياسية ما بعد الانتخابات أكثر من العملية الانتخابية نفسها".

وأشارت إلى أن شروط الصدر "هي أن تكون العملية الانتخابية نزيهة، والسيطرة على الوضع الأمني، وحصر السلاح بيد الدولة".

ورأت مظفر أن عودة الصدر للساحة السياسية وإلى التنافس الانتخابي هو لتنفيذ هذه الشروط التي تحتاج جهدا حكوميا، وميثاق شرف من القوى السياسية تتعهد فيه بعدم زج السلاح في العملية السياسية.

من جهتها، أعربت خالدة خليل رئيسة كتلة "الحزب الديمقراطي الكردستاني" بالبرلمان العراقي عن مخاوفها من وجود سيناريو لتوريط المقاطعين إذا جرت الانتخابات دون مشاركتهم.

وأضافت عبر "تويتر"، 14 أغسطس/ آب 2021: "نقول إذا جرت الانتخابات فإنهم عندئذ سيدفعون بالعراق إلى عمق الفوضى".

خليل، اعتبرت أن التأجيل يكون ضروريا لإفساح المجال أمام الكتل السياسية المؤثرة لإقناع الصدر وممثلي الاحتجاجات والأحزاب الأخرى المقاطعة بالمشاركة في الاستحقاق الانتخابي.

تداعيات محتملة

غياب الزعيم الشيعي مقتدى الصدر عن الانتخابات، أثار مخاوف بقية الشركاء الشيعة من تحمل التداعيات السياسية لمقاطعة الصدريين.

إذ تميل الكثير من القوى الشيعية إلى مواصلة الضغط عليه وإقناعه بالعودة، بحسب ما بدا من تلك الاجتماعات.

ويقول الكاتب إياد السماوي: "هناك معلومات مؤكدة بأن التيار الصدري سيبدأ التظاهر في بغداد ومحافظات الجنوب والفرات الأوسط سبتمبر/ أيلول 2021".

ونقلت مواقع صحفية عن السماوي 21 أغسطس/ آب 2021، أن "الخطة المرسومة للتظاهرات إشاعة الفوضى الشاملة وصولا إلى ما يسعى له زعيم التيار مقتدى الصدر بتأجيل الانتخابات، لسان حال مقتدى الصدر إما التأجيل أو حرق البلد".

من جهته، يتوقع الباحث السياسي نجم المشهداني، أن "يعود زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر عن قرار عدم المشاركة في الانتخابات، وأن وضع هذه الشروط يمهد لذلك، وانسحابه كان لتحقيق أهداف سياسية".

ونقلت عنه مواقع صحفية 20 أغسطس/ آب 2021، أنه "من الصعب تحقق شرط موقف السيستاني بإدانة جماعات السلاح المنفلت، لن يخضع المرجع الشيعي الأعلى إلى ما يطلبه الصدر".

وعن شرط تأجيل الانتخابات، يضيف أن "هذا أمر وارد جدا، لأن الكثير من القوى السياسية تسعى لإكمال الدورة البرلمانية الحالية حتى 4 سنوات، والابتعاد عن الانتخابات المبكرة".

ويشير الباحث إلى أن "غياب التيار الصدري عن الانتخابات يضعف الموقف الشيعي العام، أي يخل بتوازن القوى الشيعية داخل البرلمان، فهي تحقق الأغلبية في كل انتخابات وتحصل بذلك على رئاسة الحكومة".

وينوه إلى أن "الصدر عام 2010، عندما فازت القائمة العراقية بزعامة إياد علاوي، تحالف مع المالكي رغم الخلافات الكبيرة بينهما، ومنحه ولاية ثانية، وذلك حتى يمنع خروج رئاسة الحكومة من المكون الشيعي".

ويبين المشهداني أن "دخول إيران وحزب الله اللبناني على الخط ربما يكون عامل ضغط على جماعات السلاح المنفلت وطمأنة الصدر، وربما حتى يصل الأمر إلى التعهد له بمنح التيار الصدري رئاسة الحكومة المقبلة".

وسائل إعلام عراقية، كشفت 18 أغسطس/ آب 2021، أن إيران وحزب الله اللبناني دخلا على خط الضغط على زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، للعدول عن قرار مقاطعة الانتخابات.

ونقل موقع "ميدل إيست آي" البريطاني عن مسؤول مقرب من رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي 20 أغسطس/ آب 2021، قوله: إنه "لا يمكن تأجيل الانتخابات المبكرة الآن، التأجيل يعني إعادة جميع الخطوات التقنية من جديد".

ووفق الموقع يضيف: "وربما نشهد حتى مطالبات بتعديل أو إلغاء قانون الانتخابات، وهذه الإجراءات قد تستغرق سنة أو أكثر، وهذا يعني أن خيار تأجيل الانتخابات أقرب إلى فكرة الإلغاء، وهو ما لا يرغب به الكاظمي".

وحسب المسؤول ذاته، فإن الكاظمي (الذي لن يخوض الانتخابات المقبلة) يريد مشاركة جميع القوى الرئيسة وضمان انتقال سلس للسلطة، فيما حذر من أن غياب الصدر يهدد ذلك.

ويؤكد أن رئيس الوزراء يشعر بالقلق للغاية ويسعى حاليا لإيجاد تسوية بمشاركة القوى السياسية التي تدعمه، لطمأنة الصدر وتخفيف حدة الاعتداءات عليه وعلى أتباعه وإقناعه بالتراجع عن قراره.