دعوة لتعيين مبعوث أميركي لمكافحة الإسلاموفوبيا.. ما احتمالات نجاحه؟

12

طباعة

مشاركة

في 21 يوليو/ تموز 2021 عقد قادة مجلس العلاقات الإسلامية الأميركي (cair) والنائبة إلهان عمر وأعضاء آخرون في الكونغرس مؤتمرا صحفيا في مبنى الكابيتول لمطالبة إدارة الرئيس جو بايدن بتعيين "مبعوث خاص لرصد ومكافحة الإسلاموفوبيا".

وقالت "عمر": إنها ستقدم تشريعا للكونغرس من شأنه أن يمنح المبعوث المنتظر "قوة القانون" لوقف الاعتداءات والتمييز ضد المسلمين.

بحسب ما صرح نهاد عوض مدير "كير"، وقع 25 نائبا بالكونغرس بينهم ثلاثة مسلمين، على الوثيقة التي تطالب وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن بتعيين "مبعوث خاص لمكافحة الإسلاموفوبيا".

الرسالة التي أرسلها مشرعو الكونغرس لوزير الخارجية تحثه أيضا على "تضمين العنف ضد المسلمين في حد ذاته" في التقرير الحقوقي السنوي المقبل للخارجية بحسب ما نشرت cnsnews في 22 يوليو/تموز. 

قالوا في الرسالة: "يجب أن نعترف أن حوادث العداء المتكررة للإسلام تتطلب من الولايات المتحدة الوقوف بحزم مع حرية الجميع الدينية، وإعطاء مشكلة الإسلاموفوبيا الاهتمام والأولوية التي تستحقها".

سعي نواب الكونغرس وقادة المنظمة الأميركية الإسلامية لتعيين مبعوث خاص لمكافحة الاسلاموفوبيا، يأتي عقب وعود الرئيس بايدن، للمسلمين الذين دعموه في الانتخابات، بإنصافهم وحمايتهم.

وهذا الطلب يأتي بعد 15 عاما من استجابة واشنطن لمطلب يهودي مشابه وتعيين أول مبعوث خاص لمكافحة معاداة السامية عام 2006.

المؤتمر الصحفي الذي عقده النواب إلهان عمر، ويان شاكوسكي، وأندريه كارسون، ورشيدة طليب، وانضم له نواب يهود وآسيويون أميركيون معارضون للإسلاموفوبيا هدفه "زيادة الوعي بحجم الكراهية للأقليات الدينية والعرقية"، كما قالوا.

خلال المؤتمر، قال نهاد عوض: إنهم يمارسون ضغوطا على الإدارة الأميركية منذ 20 عاما لتعيين مبعوث خاص لمراقبة ومكافحة الإسلاموفوبيا. 

واستدرك: لكن مع وجود الرئيس بايدن في المنصب ومشرعين بقيادة النائب إلهان عمر يدعمون الفكرة، يتوقع أن تعين الإدارة مبعوثا لمكافحة الإسلاموفوبيا.

النائبة اليهودية سارا جاكوبس (ديمقراطية من كاليفورنيا)، شاركت في الدعوة إلى تعيين مبعوث خاص للإسلاموفوبيا على غرار مسؤول وزارة الخارجية المكلف بمراقبة ومكافحة معاداة السامية. 

قالت في المؤتمر: "الإسلاموفوبيا ومعاداة السامية مرتبطان ارتباطا وثيقا، وبصفتي وكامرأة يهودية، أرفض محاولات وضع الإثنين في مواجهة بعضهما البعض".

وتابعت: "أقف مع إخوتي المسلمين الذين يعانون من الإسلاموفوبيا والعنف، ولا يمكننا تجاهل هذا الارتفاع الدراماتيكي والمثير للقلق في العنف ضد المسلمين، ولا أن نتجاهل مدى ارتباطه بتزايد تفوق البيض في جميع أنحاء العالم".

خلال المؤتمر الصحفي روت "إلهان عمر" كيف تعرضت وهي لا تزال لاجئة شابة للتنمر والتمييز باعتبارها مسلمة حين حضرت للدراسة في أميركا، وكيف كان الطلاب يسخرون منها، و"يضعون العلكة على حجابي".

قالت: إن التمييز ضدها كمسلمة استمر طوال وجودها في الولايات المتحدة؛ سواء كطالبة أو "حتى حين ترشحت لمنصب عام وأمثل منطقتي في الكونغرس"، بحسب ما نشر موقع ذا هيل في 21 يوليو/ تموز 2021.

وأوضحت أنها كانت تتعرض لاضطهاد وتدقيق شديد لو أدلت بتصريحات تنتقد إسرائيل ووصفوها بأنها معادية للسامية.

بل وسعى أعضاء بمجلس النواب عام 2019 لتمرير قرار يدين "الخطاب المعادي للسامية في تصريحاتها حول إسرائيل".

"لأنني مسلمة وعضو بالكونغرس، كنت هدفا متكررا للكراهية ضد المسلمين"، حسبما تقول إلهان عمر.

أوضحت أنه في شهر يونيو/حزيران 2021 "تلقى مكتبي مكالمة تقول: 'المسلمون إرهابيون"، وحين رد مدير مكتبها مدافعا عنها توعده المتصل هو وهي بالذبح.

سبق لصحيفة الغارديان أن نشرت في 21 مارس/ آذار 2019 أن رجلا اتصل بمكتب إلهان عمر، وقال للموظف الذي رد عليه: "هل تعمل لصالح الإخوان المسلمين؟ لماذا تعمل لديها؟ إنها إرهابية، وسأطلق النار عليها في رأسها".

وخلال التحقيق معه قال المتهم: إنه "باتريوت" أي "وطني" و"يكره المسلمين المتطرفين في الحكومة".

وذكرت الغارديان أن عضو مجلس النواب في نيويورك ألكسندر أوكاسيو كورتيز قالت: إن التهديد بقتل إلهان عمر تعود أسبابه لتصريحات معادية للمسلمين في قناة فوكس نيوز وعلى لسان الرئيس السابق دونالد ترامب.

500 اعتداء

مؤتمر نواب الكونغرس ومجلس العلاقات الإسلامية الأميركية جاء بالتزامن مع إصدار الأخير تقريره النصف سنوي الذي يوثق حوادث العداء والتمييز ضد المسلمين عام 2021.

والذي يشير لارتفاع حاد في حوادث التعصب والعداء للمسلمين خلال شهري يونيو/ حزيران ويوليو/ تموز 2021، ما يؤكد الحاجة إلى هذا المبعوث الخاص.

بحسب تقرير مجلس العلاقات الإسلامية الأميركية للنصف الأول من عام 2021، وقعت أكثر من 500 حادثة معاداة للإسلام في الولايات المتحدة في ستة أشهر فقط، أي بمعدل قرابة ألف حادثة سنويا. 

أكد التقرير أن الحوادث المعادية للمسلمين في أميركا وحوادث الإسلاموفوبيا العالمية عموما في ازدياد.

ذكر التقرير أن المسؤولين الحكوميين الأميركيين "يستخدمون بشكل متكرر خطاب الكراهية ضد المسلمين من خلال وسائل التواصل الاجتماعي لتهميش المسلمين الأميركيين"، وأنه "تم تسجيل حالات للتنمر على الطلاب".

أوضح أن مكتب "كير" الرئيس وحده استقبل أكثر من 500 حالة هذا العام فقط، كما استقبلت المؤسسة أكثر من 6000 حالة في 2020 بنسبة زيادة قدرها 9 بالمئة عن عام 2019.

وأشار إلى أن "كير" وثقت أكثر من 10 آلاف حالة انتهاك للمسلمين في الفترة بين عامي 2014  و2019.

وتتمثل حوادث العداء للإسلام في الاعتداء على مسلمين جسديا واستهداف المسلمات المحجبات، والهجوم على عدة مساجد والتحرش والتمييز وخطاب الكراهية، بحسب التقرير.

ولفت إلى أن المنظمة قدمت تصورا للإدارة الأميركية منذ أعوام في هذا الشأن، وستستمر في مكافحة ظاهرة الإسلاموفوبيا واضطهاد الأقليات المسلمة في العديد من الدول ومنها الصين وبورما وسيريلانكا والهند وفرنسا والنمسا وغيرها.

ويركز التقرير السنوي على 38 من مئات الحالات التي وثقها المجلس بغرض تقديم "لمحة عن مشكلات الإسلاموفوبيا التي لا تزال تواجه الحياة اليومية للمسلمين في أميركا.

ويشير إلى أن مسلمي أميركا عانوا من زيادة الممارسات العنصرية والاعتداءات خلال العدوان الإسرائيلي على غزة مايو/ أيار 2021 منها اعتداءات على مساجد وتخريب واعتداءات جسدية.

وضرب التقرير أمثلة بطالب مسلم في مدرسة لاغوارديا الثانوية في نيويورك وصفته المعلمة في المدرسة، يناير/كانون الثاني 2021، بأنه "إرهابي" لمجرد أنه مسلم.

وتعرضت طالبة باكستانية مسلمة يونيو/حزيران لصيحات استهجان وإساءة لفظية بعد أن تحدثت عن فلسطين وما يحدث لأهلها من مظالم أثناء خطاب تخرجها.

وقيام طالبتين في مدرسة ثانوية في لانسديل بولاية بنسلفانيا يوليو/ تموز 2012 بنزع حجاب طالبة مسلمة لكراهيتهن الإسلام.

وأيضا حرمان مضيفة طيران شركة ساوث ويست إيرلاينز في دالاس، تكساس مايو/ أيار 2021 امرأة مسلمة من الحصول على مقعد بدعوى أنها "لا تستطيع التحدث باللغة الإنجليزية" رغم أن المسلمة ولدت وترعرعت في الولايات المتحدة.

وتعرض مسجد في مينيسوتا للتخريب وكتابة عبارات "الموت للإسلام" وصليب معقوف نازي على جدرانه في 24 أبريل/نيسان 2021، وبعد أسبوعين، محاولة طعن مسلمين في مركز دار الهجرة الإسلامي في فيرجينيا.

ووصل الأمر إلى تعرض فتى أميركي  (13 عاما) من طائفة السيخ الهندية لاعتداء من مراهقين آخرين في نيويورك لأنه يرتدي عمامة، اعتبرها مهاجموه علامة على أنه مسلم، واعتدوا عليه بعنف ولكموه في وجهه مايو/ أيار 2021.

لا حقوق للإنسان

وفي عام 2016، حدد تقرير صادر عن مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية وعن جامعة كاليفورنيا 74 مجموعة تساهم بشكل ما في نشر الإسلاموفوبيا.

وقال الموقع: إن الهدف الأساسي لـ 33 منها هو "الترويج للتحيز ضد الإسلام والمسلمين أو كراهيتهم".

وقد جمعت المجموعة الأساسية أموالا تصل إلى 206 ملايين دولار بين عامي 2008 و2013، كما أن الإسلاموفوبيا تنتشر بصورة أكبر بين المحافظين والجمهوريين الذين لديهم آراء سلبية تجاه المسلمين أكثر من الديمقراطيين.

وفقا لاستطلاعات أجراها مركز بيو للأبحاث عام 2017، يوجد 2.15 مليون مسلم أميركي يمثلون 1.1 بالمئة من سكان الولايات المتحدة، ويتوقع أن يصل عدد المسلمين إلى 8.1 مليون في عام 2050.

ووفقا لمسح أجراه مركز بيو للأبحاث عام 2016، يعتقد 82 بالمئة من الجمهور الأميركي أن المسلمين في الولايات المتحدة يواجهون تمييزا، ويعتقد 57 بالمئة منهم أنهم يواجهون تمييزا شديدا.

ويعاني المسلمون من اضطهاد في بلادهم رغم ترويج الإدارات الأميركية لقيم "الحرية الدينية" و"حقوق الإنسان أولا".

فوفقا للبيانات الصادرة عن مكتب التحقيقات الفيدرالي، ارتفع عدد حوادث العنف ضد المسلمين في عام 2016 بنحو الضعف مقارنة بعام 2014، من 154 إلى 307. 

وتقول مجلة "بيزنس إنسايدر" 20 أغسطس/آب 2020: إن مركز احتجاز الهجرة والجمارك الأميركية (ICE) بولاية فلوريدا، وزع منتجات لحم الخنزير على المهاجرين المسلمين المحتجزين، وأجبرهم على الاختيار بين "الإيمان والجوع". 

وجاء في التقرير: "يجبر عشرات المحتجزين المسلمين من بين 440 مهاجرا، على قبول هذه الوجبات (المحتوية على لحم الخنزير أو منتجاته)، لأن إدارة الهجرة الأميركية تقدم أطعمة إسلامية أو حلالا فاسدة ومنتهية الصلاحية". 

قالت المجلة: إن إدارة الهجرة الأميركية ومسؤوليها، أعطت المحتجزين المسلمين في مركز معالجة خدمة كروم في ميامي بفلوريدا "أطعمة حلالا فاسدة ومنتهية الصلاحية".

وقالت صحيفة واشنطن بوست في الأول من يوليو/ تموز 2020: إنه حين ذهبت امرأة مسلمة (عائشة) تعيش في سانت بول بولاية مينيسوتا، إلى متجر ستاربكس لطلب مشروب، فوجئت أنهم كتبوا لها على الكوب عبارة "داعش" للسخرية منها.

وفي 14 مايو/ أيار 2021، في ظل العدوان على غزة، وصل مسلمون بالقرب من خليج شيبشيد إلى مركز طيبة الإسلامي للاحتفال بعيد الفطر، فوجدوا عبارة "الموت لفلسطين" مكتوبة على جدران المسجد.

ورصد موقع "تشاينا ديلي" في 21 يوليو/تموز 2021 عشرات الحالات التي جرى فيها اضطهاد مسلمين في الولايات المتحدة ليدلل على أن "أميركا آخر من يتحدث عن حقوق الإنسان" مشيرا إلى تنامي ظاهرة الإسلاموفوبيا.

وأشار إلى أن مجموعات "البيض أولا" اليمينية المتطرفة أصبحت أكثر نشاطا مع انتخاب دونالد ترامب، كما زادت الجرائم العنيفة التي ارتكبتها هذه الجماعات ضد المسلمين الأميركيين بشكل كبير. 

وفسرت عفاف ناصر، المدير التنفيذي لمجلس العلاقات الأمريكية الإسلامية ذلك بأن "البيئة السياسية في البيت الأبيض خلال حكم ترامب أدت إلى تطبيع خطاب الكراهية".