"عداء مستشر".. قصص حقيقية لمسلمين اضطهدتهم فرنسا بسبب دينهم

قسم الترجمة | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

سلطت صحيفة تركية الضوء على معاناة المسلمين في فرنسا، من خلال التطرق لشخصيات عانت من التضييق والاضطهاد بعد اقتناعها ودخولها للإسلام.

ونشرت صحيفة "ستار" مقالا للكاتب جمال أيدن قال فيه: "كانت مؤلفة كتاب وجه الإسلام الباسم، ممن نجحوا في تلك المهمة الصعبة، إذ كانت السيدة إيفا دي فيتراي مايروفيتش، التي غيرت اسمها إلى حواء بعد إسلامها ودفنت بمقبرة أوتشلر في مدينة قونيا التركية، قد تحملت ما بدر من أولادها بعد إسلامها برحابة صدر".

وأضاف "هل يمكنكم أن تتخيلوا أن يتبرأ الأولاد من أمهم لمجرد أنها أسلمت، ويتوقفوا عن الاتصال بها ناهيكم عن زيارتها؟!".

وتابع: "هذا هو الإيمان الحقيقي.. أن تكون قادرا على التخلي حتى عن فلذات كبدك من أجل الإسلام فضلا عن فقدان أقرب الأصدقاء! وهي لم تظهر أي استياء من ذلك، وذلك الحق.. فالعبد الحقيقي الذي لا يتعدى همه نيل رضا الله، لن يرى الصديق صديقا إن كان يبعده عن الله ومرضاته".

رحلة طويلة

ووفقا لأيدن "وصلنا للذكرى الـ22 لانتهاء مسيرة حواء إلى الله، ففي 24 يوليو/تموز 1999، "رحلت السيدة حواء من العالم الفاني إلى العالم الأبدي، والتقت بربها الذي أحبته بصدق".

واستدرك: "لم تكن إيفا دي فيتراي مايروفيتش شخصا مثلنا اعتنق الإسلام دون أن يدفع الثمن أو يبذل أدنى جهد في سبيل ذلك، فقد كانت من عائلة كاثوليكية نبيلة، كما كانت سيدة متميزة درست في مدارس خاصة، وتلقت تعليما مسيحيا جيدا، وحصلت على درجة الدكتوراه في الجامعة، وأصبحت بروفيسورة".

وتابع: "بينما كانت تعمل كمديرة للمركز القومي للبحوث - وهي أعلى هيئة علمية في فرنسا - أهداها ابن الشاعر الوطني الباكستاني، محمد إقبال مؤلفا من مؤلفات والده باللغة الإنجليزية، وأثناء قراءتها للكتاب، لفت انتباهها اسم مولانا جلال الدين الرومي بين السطور".

كان إقبال يتحدث عن مولانا الرومي بمدح وثناء كبيرين لدرجة جعلها ترغب في معرفة المزيد عنه، ومع أنها لم تستطع معرفة ما يكفي لأن أعماله لم تكن مترجمة، إلا أن مقولات مولانا عن الإسلام والتي احتلت مكانا في مؤلف إقبال، دفعتها إلى البحث عن الإسلام، يقول الكاتب التركي.

وأردف أيدن: "وبينما هي على وشك الدخول في الإسلام، راجعت نفسها فلم يكن ليكون جميع المسيحيين البالغ عددهم ملياري شخص مخطؤون وهي التي على حق، لذلك آلت على نفسها أن تتعلم المسيحية جيدا، ولذلك التحقت بجامعة سوربون الشهيرة واستمعت إلى محاضرات أستاذ معروف يشرح المسيحية لمدة ثلاث سنوات".

وأضاف: "كما والتقت بمستشرق مثل لويس ماسينيون، الذي ترجم قصائد الحلاج وله دراسات حول الإسلام، وتناقشا لفترة طويلة".

وتابع: "غير أن المسيحية لم تعد مرضية لها، لذلك وذات ليلة دعت ربها خاشعة لينير دربها ويرشدها إلى الطريق. وكانت الإجابة التي قرت عينها، فقد رأت فيما يراه النائم شاهد قبر، وعند اقترابها أكثر رأت أنه شاهد قبر يوضع لقبور المسلمين وقد كتب عليه حواء وسمعت صوتا يقول لها: ستموتين مسلمة".

لم تضيع حواء وقتا، فقد شمرت عن ساعديها لتعلم اللغة العربية لأنها لغة القرآن واللغة الفارسية لأنها لغة كتب "مولانا"، وتعلمت كلاهما خلال ثلاث سنوات رغم تقدمها في السن، وقامت بترجمة "المثنوي" و"فيه وما فيه" وغيرهما لمولانا، إضافة إلى أهم أعمال محمد إقبال إلى الفرنسية، بحسب الكاتب.

وقال أيدن: "لقد دعيت حواء إلى الدول الإسلامية، وألقت المؤتمرات في الجامعات، وتحدثت عن الإسلام في الإذاعات الفرنسية، وكتبت العديد من المؤلفات والمقالات، خاصة (وجه الإسلام الباسم) و(روح الصلاة)، والتي كانت من أكثر الكتب مبيعا".

كذلك ساعدت عشرات الآلاف من الناس على أن يصبحوا مسلمين ولا تزال نسائم الهدى تهب من كتبها.

عداء مستشري

واستطرد أيدن: "من الصعب حقا أن تكون مسلما في الغرب، حيث العالم المسيحي، لقد كنت ألتقي من وقت لآخر بفرنسيين أسلموا سواء كان ذلك في باريس أو في إسطنبول، وهم يقولون إنهم يصلون خفية حتى في منازلهم وعن والديهم، وأنهم يؤدون صلاة الجمعة في المساجد البعيدة عن منطقة سكنهم".

وأردف: "حدثني أحد هؤلاء الشباب مرة أن امرأة في أحد مدن فرنسا أخبرت زوجها أن ابنتهم وقعت في حب شاب مسلم وأنها كانت تستعد للدخول في الإسلام، وأن الوالد أصيب بالجنون لمعرفته ذلك، ليأخذ مسدسه على الفور ويركض نحو النافذة، وعندما سألت المرأة زوجها عما يريد فعله قال: سأقتل أول مسلم يعبر الشارع!".

وأضاف: "هناك أساتذة أيضا اعتنقوا الإسلام في الجامعات الفرنسية، لكن عليهم أن يخفوا هويتهم الإسلامية خوفا من المجتمع".

وذكر أيدن: "لقد رأيت ذات يوم في محل لبيع الكتب في باريس، كتابا بعنوان (مسافر إلى العالم الأبدي) بقلم رينيه روتي. وتحت العنوان كانت العبارات التالية: (نثور وأشعار في البحث عن الله). وأسفل ذلك كتب (قدم له: يعقوب روتي) بأحرف صغيرة. التقطته ونظرت فيه. وعندما رأيت فيه حديثا عن الإسلام اشتريته على الفور".

وتابع قائلا: "وعندما بحثت أكثر، علمت ما يلي: ولد جاك روتي، الذي أصبح اسمه يعقوب روتي بعد إسلامه، في 17 مارس/آذار 1937 في إقليم سين مارن، على تخوم باريس كفرد في أسرة مشهورة بالفن والصناعة، كان والده هو أوسكار روتي الشهير الذي نقش صورة المرأة في عملة الفرنك الفرنسي القديم والمتوفى عام 1911".

واعتنقت عائلة يعقوب روتي الإسلام قبل عام من ولادته، وذلك بتشجيع من المفكر العظيم رينيه غينون، لذلك تعتبر عائلة روتي من أوائل العائلات التي أسلمت من أصل فرنسي، وقد توفي روتي ورحل إلى عالم الخلود في 7 يوليو/تموز 2019 عن عمر يناهز 82 عاما، وفقا للكاتب التركي.

وقال أيدن: "لم أستطع إيقاف دموعي بينما كنت أقرأ الأسطر التالية من الكتاب: كان والدي يشعر برغبة عارمة في قراءة الأذان في المنزل بصوت عال حينما يحين موعد الصلاة، لكنه لم يكن ليستطيع خوفا من أن يسمعه الجيران".

وأضاف "لذا كان يذهب إلى أعماق بستان قريب أحيانا، ويؤذن للصلاة بصوت عال هناك، حيث لن يسمعه سوى الطيور والأشجار والطبيعية، ليختنق بدموعه وأشجانه أثناء رفعه الأذان. ولدى عودته كانت أمي تشعر بالطمأنينة المعنوية والسكينة العميقة التي تكتنفه".

وأردف: "لا يمكنني وصف ما شعرت به عندما قرأت السطور التالية من نفس الكتاب: كانت والدتي المتوفاة تقرأ القرآن وهي تمرر بسبابتها اليمنى على الآيات، وذات يوم رأيت أمي وقد فتحت المصحف أمامها بوجه منير، لكن بلا حراك. وعندما اقتربت منها، عرفت أنها أسلمت روحها".

وتابع: "نظرت حيث توقفت سبابتها، فإذا بها على الكلمات نهاية الآية العاشرة من السورة العاشرة، سورة يونس والتي جاء فيها: وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين".

وختم أيدن مقاله قائلا: "لقد رأيت أن ليعقوب روتي مؤلفات جميلة تخاطب جميع الطبقات في فرنسا وفرحت جدا، وها هي أسماء بعضها: غاية الإسلام، قاموس إسلامي صغير لمن وضعوا أملهم في الله، إجابات لأسئلة الأطفال، نشيد الحمام، إيضاح شهر رمضان للأطفال، الحصان السماوي، أمين وأمينة، الشهادتين، دليل الحج والعمرة".

وتابع: "هم سبقونا ولربما سيدخلون الجنة بغير حساب، لكن ماذا سيكون جوابنا عندما نسأل عما فعلناه في سبيل الله، هذا هو السؤال.. سلام على قلوب احترقت بحب المجاهدة في سبيل الله بعد أن تحررت من شرك عبادة المال والجاه وأمثالها".