اتفاقية ثنائية بين الدوحة وأنقرة.. لهذا أثارت حفيظة المعارضة التركية

12

طباعة

مشاركة

زادت حدة التوتر بين زعماء من أحزاب المعارضة التركية وعدد من سياسيي حزب "العدالة والتنمية" الحاكم، عقب توقيع اتفاقية تعاون وتدريب في مجال الصحة العسكرية بين كل من أنقرة والدوحة في 25 يونيو/حزيران 2021.

وبموجب الاتفاقية، يتاح لمنتسبي المؤسسة العسكرية في قطر الاستفادة من دورات تدريبية في المؤسسات الأكاديمية والدراسة في الجامعات والمؤسسات التعليمية التركية دون الخضوع للقيود والشروط المعتادة عند التسجيل.

كما يتاح للمنتمين إلى المؤسسة العسكرية في تركيا الحصول على ذات الامتيازات في قطر، وذلك في تخصصات الطب وطب الأسنان والصيدلة والتمريض، لخمسة أعوام، وهي مدة سريان الاتفاقية الطبية المشتركة.

ووفقا للاتفاقية، فإن البلدين سيتبادلان المعلومات المتعلقة بإنشاء وتشغيل المنشآت الطبية، بالإضافة إلى تقديم الخدمات الطبية بشكل متبادل أيضا.

تأتي تلك الاتفاقية في وقت يهدد العالم أزمات صحية، آخرها الأزمة الناتجة عن تفشي فيروس كورونا منذ مطلع يناير/كانون الثاني 2020، وهو الأمر الذي تطلب مزيدا من تعزيز البنية التحتية الطبية وتدعيم القدرات اللوجستية في مواجهة الجائحة والتحديات الناتجة عنه.

ملاسنة سياسية

وكالعادة، فقد أثارت تلك الاتفاقية حفيظة عدد من أحزاب المعارضة، رغم أنها "اتفاقية تبادلية"، أي أن تركيا تحصل على ذات الامتيازات التي تمنحها، وقد تم توقيع الاتفاقية على "أساس من الندية".

وفي 25 يونيو/حزيران 2021،  هاجم رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كلتشدار أوغلو هذه الاتفاقية قائلا إنها "تتجاهل القوانين التركية ومعايير القبول في الجامعات، وهو الأمر الذي يقلل من احترام هذه القوانين".

وكتب كلتشدار أوغلو تغريدة عبر حسابه على "تويتر" معلقا على صورة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان بمعية أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني قائلا: "بمثل هذه الحكومة غير المحترمة يقابل الشباب، ألا تشعر بالخجل يا حزب العدالة والتنمية أثناء قيامك بذلك؟ ألم يقل أحد منكم إن هذا غير عادل؟ أولادنا يهدرون كل شبابهم للالتحاق بهذه المدارس!".

وبدا كلتشدار أوغلو كما لو كان يسعى لاستعطاف الشباب بغية دفعهم للهجوم على الاتفاقية، حيث ركز في سلسلة تغريداته على مخاطبة الشباب والطلاب، فكتب في تغريدة أخرى: "لا تقلقوا أيها الشباب، سنعيد هذه العقلية التي ذهبت بالبلد كله إلى قطر، إلى صحفات التاريخ المغبرة، إنها الرفسات الأخيرة، سنقوم بتمزيق هذه البروتوكولات أيضا"

من جانبه، هاجم رئيس حزب "وطن" المنشق عن حزب الشعب الجمهوري، محرم إنجه، الاتفاقية قائلا: "في الوقت الذي يبذل الطلاب الأتراك جهودا هائلة للحصول على القبول في الجامعات، يأتي الطلاب القطريون ويدخلونها دون امتحانات".

وكتب إنجه مغردا في 25 يونيو/حزيران 2021: "لا نعترف بالاتفاقية التي تمنح الشباب القطري الحق في الطب وطب الأسنان والتعليم الصيدلي والحق في إنشاء وتشغيل المستشفيات دون امتحانات، سيتعرق الملايين من شبابنا ويتعفنون أثناء الامتحان الذي سيجرى، هل أنتم حكومة الشباب القطري؟ أنتم عار".

هجوم مضاد

وأمام هذا الهجوم من زعماء في المعارضة، أصدرت وزارة الدفاع التركية بيانا نفت فيه تلك الادعاءات، قائلة إن "المزاعم بأن الطلاب القطريين سيدخلون كليات الطب بدون امتحان قبول ودون مقابل عار من الصحة".

وأوضحت الوزارة في بيانها أن "البروتوكول ينحصر في العسكريين الذين يؤدون الخدمة في القوات المسلحة القطرية، وليس عموم الطلاب القطريين، كما روج له زعماء من المعارضة".

وأضافت أنه "وفقا لبنود الاتفاقية فإنه سيتم تدريب العسكريين والطلاب من البلدين بشكل متبادل، كما تنص الاتفاقية على تبادل المدربين والاستشاريين والمراقبين والخبراء والمحاضرين والطلاب العسكريين في مجالات مثل كلية الطب وتعليم طب الأسنان وتعليم الصيدلة وتعليم التمريض".

من جانبه، قابل نائب رئيس حزب العدالة والتنمية بولنت توران، هجوم أحزاب المعارضة بهجوم مضاد، وكتب تغريدة ردا على كلتشدار أوغلو قال فيها: "سيتم سحقك تحت هذه التغريدة التي نشرتها قبل ساعات من أداء امتحانات القبول..".

وأضاف توران: "دعنا نتتبع سياستك، لغة الأكاذيب الخاصة بك، شكرا لك؛ لكن ليس لك الحق في إفساد الروح المعنوية لدى الملايين من شبابنا قبل الامتحان.. البروتوكول يغطي العسكريين بين البلدين وهو أمر ليس جديدا".

منطلقات سياسية

"الاتفاقية الطبية" لم تكن الأولى التي تعرضت لانتقاد وهجوم عدد من أحزاب المعارضة، فـ"الاتفاقية العسكرية" المتعلقة بالتعاون في المجال الجوي بين تركيا وقطر، كانت هي الأخرى فوهة لانتقادات أحزاب المعارضة، وإن بشكل أقل حدة من الاتفاقية الأخيرة.

وفي 2 مارس/آذار 2021، وقعت تركيا وقطر اتفاقية للتعاون العسكري، في ختام اجتماعات اللجنة العليا العسكرية المشتركة بالعاصمة الدوحة، وقالت وزارة الدفاع القطرية إن توقيع اتفاقيات التعاون الثنائي مع هيئة الأركان المشتركة التركية "يأتي في إطار التعاون الإستراتيجي القائم بين البلدين".

ونقلت صحيفة "الأخبار" التركية أنه تم التوقيع على اتفاقية تسمى بروتوكول "التدريب والتعاون في مجال الصحة العسكرية" بين أنقرة والدوحة في 2 مارس/آذار 2021، وبناء على هذه الاتفاقية، فقد تم توسيع نطاق التعاون العسكري مع قطر، التي تستضيف واحدة من أكبر القواعد العسكرية التركية.

وعن الهجوم الذي تتبناه المعارضة تجاه تلك الاتفاقيات المبرمة مع قطر، تحدث لـ"الاستقلال" رئيس تحرير موقع "ديفنسف هير" المتخصص بالصناعات الدفاعية محمد إكمان قائلا: إن "موقف بعض أحزاب المعارضة تجاه هذه الاتفاقية هدفها سياسي، ولا تنطلق من منطلقات منطقية أو موضوعية".

وأضاف إكمان: "المعارضة التركية تهاجم كل الاتفاقيات المبرمة مع الدوحة، وتوجه إليها اتهامات لا تنفصل عن الادعاءات التي كانت قد أطلقتها سابقا عن بيع أنقرة مصنعا للدبابات لقطر".

وعن الاتفاقية الصحية العسكرية، أوضح رئيس تحرير "ديفنسف هير" أنها "موقعة بالفعل بين تركيا وعدد من البلدان الأخرى، وهو أمر ليس جديدا، حيث يقوم الطلاب المجندون من مختلف أنحاء البلدان بتلقي تدريبات عسكرية من أجل اكتساب التجربة".

أما فيما يتعلق بالاتفاقية العسكرية والدفاع الجوي، أكد إكمان أنها "تحمل بعدا آخر، إذا التفتنا للتنافس الإستراتيجي واتفاقيات التعاون في المنطقة، فقد قامت الإمارات بنشر طائرات مقاتلة في جزيرة كريت اليونانية، وقامت فرنسا بذات الأمر، وعليه فإن وجود الطائرات القطرية في تركيا، قد يتم التعامل معه كرسالة موجهة للأطراف الإقليمية الأخرى".