بعد انسحاب أميركا.. هذه إستراتيجية روسيا لتوسيع نفوذها في العراق
أكد موقع كندي أن روسيا "استغلت الفراغ" الذي تركه الانسحاب الأميركي من العراق، لتوسيع سيطرتها على حقول النفط والغاز في البلاد.
وقال موقع "Bay street" إنه "بالنظر إلى التقليص الواسع للولايات المتحدة لعملياتها على الأرض في الشرق الأوسط خلال السنوات الـ5 الماضية، تتجه شركة (إكسون موبيل) إلى بيع حصتها في حقل نفط غرب القرنة 1 العملاق بالعراق، في وقت تعمل فيه الصين وروسيا على احتلال المساحات التي خلفتها واشنطن".
ضوء أخضر
وقبل بضعة أيام، بدا أن واشنطن قد أدركت أخيرا ما كان يجري، حيث قالت نائبة مساعد وزير الدفاع، دانا سترول: "من الواضح.. أن بعض البلدان والشركاء يريدون التحوط من خروج الولايات المتحدة عن طريق اختبار مجالات التعاون الأعمق مع الصينيين أو الروس، لا سيما في المجال الأمني والعسكري".
ويبدو أن الأمر لا يتعلق فقط بالعراق حيث تنجرف دول مثل السعودية، والأردن، ومصر، وعمان، وقطر، وبعض الدول الأخرى إلى مجال النفوذ الصيني الروسي الإيراني، وفق الموقع الكندي.
وأضاف أن "اعتراف واشنطن بالتطورات يبدو أن لن يكون له أي تأثير على الإطلاق على مساعي الصين أو روسيا المستمرة لإخراج الولايات المتحدة بالكامل من الشرق الأوسط، حيث أعلنت روسيا مؤخرا عن مزيد من خطط الاستثمار في حقول النفط بالعراق كجزء من تلك العملية".
وتابع: "لطالما نظرت روسيا إلى العراق، تماما كما تفعل طهران، أي باعتبارها جزءا لا يتجزأ من إيران، لجميع المقاصد والأغراض التي تتحكم فيها طهران بالبلاد من خلال شبكتها الواسعة من الوكلاء الماليين والسياسيين والعسكريين".
وحتى قبل أن تأخذ الصين تصريحات الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب حول تقليص العمليات العسكرية الأميركية في جميع أنحاء الشرق الأوسط حتى لا تتورط في "حروب لا نهاية لها" في المنطقة، كضوء أخضر لتوسيع نفوذها هناك بشكل كبير، كانت روسيا قد سبقتها في ذلك منذ سنوات.
وكانت نقطة التحول فيما يتعلق بالعمل المباشر على الأرض هي الحرب الأهلية في سوريا التي بدأت عام 2011 والتي أتاحت لروسيا فرصة مثالية للاستيلاء على بلد رئيس على ساحل البحر الأبيض المتوسط.
ومع ضمان سوريا تحت سيطرتها، يمكن لروسيا أن تبني قواعد عسكرية إستراتيجية ضخمة، وأن تضمن تنفيذ محاولات إيران التي استمرت لعقود لتأمين جسر بري إلى دمشق، واستخدام ذلك لـ"إعادة تركيز نفوذها عبر الهلال الشيعي الحالي وفي البلدان الأكثر عرضة للإسلام الراديكالي الإيراني"، يقول الموقع الكندي.
وضع أقوى
وبمجرد أن أصبحت إيران دولة ذات ديون لروسيا، سارع الكرملين إلى ضمان ممارسة طهران للضغط على العراق للسماح لموسكو بالسيطرة الكاملة على أصول النفط والغاز الضخمة في إقليم كردستان شمال العراق.
وحققت روسيا هذا في عام 2017 من خلال وكيل نفط شركة الكرملين، "روسنفت"، من خلال 3 مناورات رئيسة.
أولا، زودت روسيا حكومة إقليم كردستان بتمويل قدره 1.5 مليار دولار من خلال صفقة توريد النفط مدفوعة مسبقا لمدة 3 إلى 5 سنوات.
وثانيا، استحوذت على حصة عمل بنسبة 80 بالمائة في 5 كتل نفطية رئيسة محتملة في إقليم كردستان جنبا إلى جنب مع الاستثمار الناجم عن ذلك والمساعدة التقنية والتكنولوجية والمعدات.
وثالثا، استحوذت على ملكية 60 بالمائة من خط أنابيب النفط الحيوي لحكومة إقليم كردستان إلى ميناء جيهان في جنوب أوروبا في تركيا من خلال الالتزام باستثمار 1.8 مليار دولار لزيادة قدرته إلى مليون برميل يوميا.
ومن ثم توسع هذا النفوذ مع صفقات لاحقة في قطاع الغاز شملت وكيل الغاز المؤسسي للكرملين، غازبروم، والعديد من الشركات التابعة لها.
ومن المثير، وفق التقرير، أن الصين استخدمت نفس الإستراتيجية الروسية لتوسيع نفوذها بشكل كبير في العراق بالتوازي مع موسكو.
ومع تحقيق سيطرتها على قطاعي النفط والغاز في شمال العراق، تركز روسيا بشكل أكبر على توسيع وجودها في جنوب البلاد.
ومع سعي شركة "ExxonMobil" الأميركية للخروج من حقل غرب القرنة 1، يتطلع الكرملين إلى استغلال شركة "Lukoil" لزيادة الإنتاج من حقل غرب القرنة 2، مما يضع روسيا (وشريكها الإستراتيجي في الشرق الأوسط، الصين) في وضع أقوى.
احتياطات هائلة
ويحتوي حقل غرب القرنة 2، على ما يقرب من 14 مليار برميل من الاحتياطيات، وينتج بشكل مطرد حوالي 400 ألف برميل يوميا، أو حوالي 9 بالمائة من إجمالي إنتاج العراق من النفط.
وتملك شركة "لوك أويل" 75 بالمئة من الحقل الواقع على بعد 65 كيلومترا شمال غربي ميناء البصرة الجنوبي فيما تملك شركة نفط الشمال العراقية النسبة الباقية.
ولا تزال خطة التطوير الأصلية للحقل قائمة إلى حد كبير، وتتضمن زيادة إنتاج المرحلة الثانية إلى 480 ألف برميل في اليوم، يليها تنفيذ المرحلة الثالثة، والتي ستركز على إضافة 650 ألف برميل أخرى.
ومن شأن ذلك أن يرفع إجمالي إنتاج الخام من حقل غرب القرنة 2 إلى 1.13 مليون برميل يوميا.
وتتمثل الخطة الحالية لشركة "لوك أويل" الروسية في زيادة الإنتاج من مكمن اليمامة إلى 350 ألف برميل يوميا على الأقل، مع تحسين الإنتاج من أماكن أخرى في الحقل، إلى ما لا يقل عن 800 ألف برميل يوميا.
في هذا السياق، قال مصدر من وزارة النفط العراقية لموقع "OilPrice.com": "قد تبدو الأرقام مرتفعة لكنها معقولة تماما كما أكد ذلك الجيولوجيون الأميركيون عندما كانوا على الأرض أثناء الاحتلال الأميركي وكذلك من قبل العديد من شركات النفط الدولية أيضا".
ومنذ فترة طويلة حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2017، اكتشفت وزارة النفط العراقية أن "لوك أويل" حققت بالفعل إنتاجا يبلغ 650 ألف برميل يوميا، على مدى فترات ممتدة مختلفة في الشهرين الماضيين، وأيضا أنها يمكن أن تحافظ على إنتاج لا يقل عن 635 ألف برميل يوميا لكنها اختارت عدم القيام بذلك لأسباب مالية.
وأفاد المصدر العراقي بأنه "في تلك المرحلة، وافقت وزارة النفط العراقية على تمديد الإطار الزمني لعقد الشركة الروسية إلى 25-30 عاما، مما يقلل بشكل فعال التكلفة اليومية لرأس المال لكل برميل من النفط المسترد والسماح لشركة لوك أويل بخيار زيادة حصتها من 75 بالمئة إلى 80 بالمئة".
في المقابل، وافقت الشركة الروسية على استثمار 1.4 مليار دولار إضافية على المدى القصير و3.6 مليارات دولار أخرى في المستقبل، اعتمادا على المتغيرات بما في ذلك حصص أوبك، ومستويات الصادرات الإيرانية، والتطوير المستمر للقدرة التصديرية في الجنوب، وفق ذات المصدر.
وأكد المصدر العراقي أن "الخطة في الواقع لا تقتصر فقط على تحقيق لوك أويل هدف إنتاج المرحلة الثانية البالغ 350 ألف برميل يوميا إضافيا من مكمن اليمامة، ولكن أيضا لتجاوزه بسرعة".
وفي الوقت نفسه، مُنحت الشركة الروسية أيضا تسهيلات مواتية للسماح لها في النهاية بدفع زيادات الإنتاج بقوة في حقل أيردو الناشئ، حيث تمتلك الشركة الروسية حصة 60 بالمئة.
وختم الموقع تقريره بالقول: "تم اكتشاف الحقل عام 2019، وتشير التقديرات الأولية إلى أنه يمكن أن يحتوي على ما بين 7 و10 مليارات برميل من الاحتياطيات، رغم أن مصادر صناعة النفط الروسي تشير إلى أن الرقم الفعلي قد يكون أعلى بنسبة 50 بالمائة من الرقم المعلن".