ورقة ضغط.. هكذا استخدمت إيران "المراقبة النووية" في محادثات فيينا

يوسف العلي | 3 years ago

12

طباعة

مشاركة

بعد يوم واحد من إعلان رئيس البرلمان الإيراني محمد بكير قاليباف، إيقاف العمل باتفاقية "المراقبة النووية" مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وافق مجلس الأمن القومي الإيراني في 24 مايو/أيار 2021، على تمديدها لمدة شهر؛ لإعطاء فرصة لمفاوضات فيينا بخصوص "الملف النووي".

وفي 25 مايو/ أيار 2021، اختتم في العاصمة النمساوية فيينا اليوم الأول من الجولة الخامسة من مفاوضات الملف النووي الإيراني، بإشراف الاتحاد الأوروبي، وسط أجواء وصفت بـ"الإيجابية"، إذ تحدثت طهران وواشنطن عن "تقدم ملموس".

من جهته، قال المتحدث باسم بعثة الاتحاد الأوروبي إلى المفاوضات ألان ماتون، خلال تصريحات صحفية، إن "المشاركين في اجتماع الجولة الخامسة من المفاوضات في فيينا، رحبوا بتمديد التفاهم بين الوكالة الدولية للطاقة الذرية وإيران".

وشدد ماتون على أن الهدف من المحادثات الجارية في فيينا "هو عودة الولايات المتحدة للاتفاق، وضمان تنفيذه كاملا وبشكل فعال من جميع الأطراف"، مؤكدا مواصلة النقاشات مع الجهات المعنية بالاتفاق النووي "بهدف إيجاد أرضية مشتركة لبلورة اتفاق".

رسالة أساسية

تلويح طهران بإنهاء اتفاقية المراقبة النووية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية (ما يعني عدم حصول الوكالة على صور المواقع النووية)، ثم إعلان تمديد العمل بها لمدة شهر أعطى "رسالة إيجابية"، كونها جاءت قبيل انعقاد الجولة الخامسة من محادثات فيينا غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، حسبما رأى مراقبون.

وقال المحلل السياسي المغربي، مصطفى الطوسة خلال تصريحات صحفية في 25 مايو/ أيار 2021، إنه "يمكن وضع القرار الإيراني بشأن تمديد المراقبة النووية في خانة الإجراءات الإيجابية، التي تريد أن تقدمها للمجموعة الدولية على أنها في وضع قابل للتفاوض والتعامل الإيجابي مع المجتمع الدولي".

ورأى أن "هذا يشير إلى أن المفاوضات، التي تجريها إيران مع الولايات المتحدة بطريقة غير مباشرة عن طريق الأوروبيين في تقدم إيجابي، وتشهد خطوات مهمة قد تتوج في النهاية باتفاق جديد وفق المصالح الأميركية والإيرانية".

واعتبر الطوسة أنه "لا أحد كان يتوقع أن تتخطى إيران وتنتهك الخطوط الحمراء بقطع أي اتصالات مع وكالة الطاقة الذرية، وكان هذا سيعني من وجهة نظر الأميركيين والأوروبيين أن طهران قد خرجت فعلا من الاتفاق النووي، وانتهكت التزاماتها وتنصلت منها وبدأت حقبة المواجهة الواضحة مع المجموعة الدولية".

وأكد أن "الإبقاء على خيط التفاوض والاتصال مع وكالة الطاقة الذرية في حد ذاته يعد إبقاء من إيران على النهج التحاوري والخط التفاوضي وأن ذلك يمكن أن يتوج في النهاية بنتائج إيجابية".

وعلى الصعيد ذاته، أشار المحلل السياسي الإيراني محمد غروي في تصريحات صحفية 25 مايو/ أيار 2021 إلى أن "تمديد المراقبة يعد دليلا إضافيا على حسن النوايا الإيرانية، حيث تفتح طهران بذلك بابا جديدا لعودة أميركا للاتفاق النووي، وحتى تدحر كل الادعاءات التي تقول إن طهران هي من خرجت، وهي من تعرقل التفاوض".

وأكد غروي أن "إيران فتحت المجال للدبلوماسية مجددا، واتفقت على شهر إضافي بعد انتهاء مهلة الـ3 أشهر، وذلك لإعطاء المفاوضات المزيد من الوقت والدعم، ليكون هناك فرصة لعودة واشنطن للاتفاق النووي وإزالة كل العقوبات، وكذلك لإزالة أي حجة أميركية تتعلق بضيق الوقت".

مناورة إيرانية

في المقابل، رأى الخبير الإستراتيجي الإيراني هادي محمدي، أن "أميركا تريد رفع أصابع الاتهام عنها في مسألة خروجها من الاتفاق النووي وإلقاء اللوم على إيران بأن ليس لديها الجهوزية في المفاوضات، لهذا السبب هناك مناورات سياسية غير مرتبطة بأصل الموضوع وأصل محتوى المفاوضات".

وأضاف محمدي خلال تصريحات صحفية في 25 مايو/ أيار 2021 أن "الجانب الأميركي يقوم بتقسيمات تحت عناوين عقوبات قابلة للرفض، عقوبات قابلة للتفاوض، وعقوبات غير قابلة للتفاوض، ويلعبون بهذه الألفاظ للضغط على الجانب الإيراني للخروج من حلبة المفاوضات".

ورأى الخبير أن "إيران تناور بنفس النمط الأميركي ومددت شهرا واحدا حتى تبين حسن النية بجهوزيتها في المفاوضات والوصول إلى نتيجة"، موضحا أن "الأميركيين حتى آخر هذا الشهر لا يقدمون أي شيء مؤثر في موضوع رفع الحظر ويناورون على هذه المسألة".

وأضاف محمدي أنه "بحسب تقارير الكونغرس هناك جهود من بعض المسؤولين فيه لوضع عقوبات جديدة على إيران بعد انتهاء هذه الجولة من المفاوضات، لهذا السبب طهران تفرق بين المناورات على اتهام بطرف واحد وموضوع المحتوى وجوهر النتائج المفاوضاتية في محادثات فيينا".

بدوره، أكد المحلل السياسي الإيراني محمد غروي، أن "تمديد إيران لاتفاق المراقبة النووية كان متوقعا، حيث دائما ما تسعى إلى الوصول لتوافق مع الغرب والدول التي وقعت على الاتفاق النووي، كما أن لديها مصلحة عليا تتمثل في بقاء الاتفاق وليس تدميره".

وبحسب غروي، فإنه "في المرحلة السابقة، أميركا هي من خرجت من الاتفاق النووي، وضربت بكل المعاهدات الموقعة داخل الاتفاقية عرض الحائط، بينما إيران تبرهن دائما للعالم أنها تريد الاتفاق، ولا تسعى لسلاح نووي، كما تزعم أميركا، بل تلتزم بالاتفاقيات حتى النهاية".

مواجهات داخلية

وعلى صعيد التأثر الداخلي بالمحادثات النووية، قال المحلل محمدي: إن "الأميركيين يريدون أن يستفيدوا من موضوع الانتخابات الرئاسية الإيرانية والتأثير على طرف معين داخل الانتخابات، لهذا السبب يغامرون على أن هذا الطرف المفاوض ممكن أن يخفف من الطلبات القانونية حسبما صرح به قانون البرلمان الإيراني ويربحون بالمفاوضات مع هذا الفريق".

ولفت محمدي إلى أن "أميركا تريد رفع أصابع الاتهام عنها في مسألة خروجها من الاتفاق النووي، ويلقون اللوم على إيران بأن ليس لديها الجهوزية في المفاوضات، لهذا السبب هناك مناورات سياسية غير مرتبطة بأصل الموضوع وأصل محتوى المفاوضات".

من جهتها، رأت الباحثة المختصة بالشأن الإيراني، فاطمة الصمادي، عبر تغريدة على "تويتر" في 23 مايو/أيار 2021 أن "إعلان رئيس البرلمان محمد قاليباف إيقاف اتفاق المراقبة مع وكالة الطاقة الذرية، كان من شأنه إحداث مواجهات داخلية بين البرلمان وحكومة حسن روحاني قبل إحداثه توترات مع الوكالة، لأنه يتسبب بإعاقة المحادثات بخصوص النووي".

وفي السياق، كتبت صحيفة "كيهان" المقربة من مكتب المرشد الإيراني علي خامنئي، في عنوانها الرئيس في 23 مايو/ أيار 2021 أن "أميركا لم تلغ العقوبات.. اجمعوا كاميرات المراقبة التابعة للوكالة".

وأضافت الصحيفة الإيرانية أن "بعض رجال الحكومة ضموا صوتهم لدعاة الإصلاحات ووسائل إعلامهم، للتأكيد على أن الرئيس الأميركي جو بايدن أحدث تغييرا في إجراءات سلفه دونالد ترامب ضد طهران، وأنه سيعود على وجه السرعة لالتزامات الاتفاق النووي".

وأشارت إلى أن "ترامب ووزير خارجيته مايك بومبيو ومسؤولين آخرين، زعموا أن الاتفاق ناقص، في تصريحات وقحة، وطالبوا بإضافة البرنامج الصاروخي، والقدرات الدفاعية الإيرانية لنص الاتفاق".

وعقب تصريحات قليباف بإنهاء اتفاقية المراقبة، تعهد روحاني بمواصلة مفاوضات فيينا بشأن البرنامج النووي لبلاده حتى التوصل إلى اتفاق.

وقال روحاني -خلال جلسة التنسيق الاقتصادي التابعة للحكومة في 23 مايو/ أيار 2021- إن بلاده "ستواصل محادثات فيينا حتى التوصل إلى اتفاق نهائي"، معتبرا أن "نمو الإنتاج في القطاعات الصناعية المختلفة في البلاد أكبر دليل على عقم سياسة الضغوط القصوى الأميركية، واعترف الأميركيون أنفسهم بفشل هذه السياسة".

وبشأن محادثات فيينا بين إيران ومجموعة (4+1) حول الاتفاق النووي، قال روحاني "إن الأطراف الأخرى أعلنت بصراحة استعدادها لرفع الحظر عن إيران طبقا للاتفاق، وبالتالي فإن طهران ستواصل هذه المحادثات حتى التوصل إلى اتفاق نهائي".