دور تركي مصري.. 3 سيناريوهات لآفاق تسوية الصراع في ليبيا

قسم الترجمة | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

اعتبر موقع أميركي أنه رغم تحسن الوضع الأمني في ليبيا، ومؤشرات بداية انفراج الأزمة، فإن عودة التصعيد خطر ما زال قائما في البلد الإفريقي.

وذكر موقع "مودرن دبلوماسي" أن عام 2020 تميز بجهود غير مسبوقة من قبل المنظمات الدولية والقوى العالمية واللاعبين الإقليميين، فضلا عن محاولات طرفي الصراع الليبي لحل الأزمة بالوسائل السياسية.

وفي 19 يناير/كانون الثاني 2020، عقد مؤتمر دولي في العاصمة الألمانية برلين، دعا المشاركون فيه إلى نزع سلاح جميع المجموعات شبه العسكرية ووضع آليات محددة للسيطرة على حظر الأسلحة.

ومع ذلك، لم يؤد قرار المؤتمر ولا جائحة فيروس كورونا إلى وقف الأعمال العدائية على الأقل.

اتفاقية تاريخية

في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2020، وقع ممثلون عن حكومة الوفاق الوطني ومليشيا الانقلابي خليفة حفتر، اتفاقية لوقف إطلاق النار في جنيف، وصفتها الأمم المتحدة بـ"التاريخية".

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2020، اتفقت اللجنة العسكرية المشتركة، المؤلفة من ممثلين عن الأطراف المتحاربة، على خطوات عملية لتنفيذ الاتفاقية.

وعلى وجه الخصوص، تم الاتفاق على إنشاء لجنة عسكرية فرعية لمراقبة انسحاب القوات العسكرية للجانبين.

ووصل وفد مصري رسمي في 27 ديسمبر/كانون الأول 2020، في أول زيارة لطرابلس منذ 2014، حيث ناقش آفاق إصلاح العلاقات الليبية المصرية والأجندة الاقتصادية والأمنية.

وفي 16 مارس/ آذار 2021، تسلمت سلطة انتقالية منتخبة، تضم حكومة وحدة ومجلسا رئاسيا، مهامها لقيادة البلاد إلى انتخابات برلمانية ورئاسية في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل.

وفيما يعلق السياسيون والمراقبون والخبراء كثيرا من الآمال على التسوية السياسية للنزاع الليبي، يرى العديد عكس ذلك، مشككين تماما من مستقبل الوضع.

ورغم تراجع التصعيد والأعمال العدائية الذي بدأ في أبريل/نيسان 2019، فإن التجربة تظهر أن تحديد أي تواريخ للعمليات الانتخابية في ليبيا وأحكام آليات شفافة لإنشاء هيئات حكومية شرعية "لا يعني" أن الانتخابات ستجرى وأنه سيتم الاعتراف بنتائجها لاحقا.

وعند التنبؤ بما سيكون عليه الصراع الليبي على المدى المتوسط​​، من الضروري مراعاة أن الحرب في ليبيا هي نظام "عدم توازن مطلق".

وفي حين أن الاتجاهات الحالية "عرضة للتغيير" بسبب مسار كيفية تطور الأمور، فقد يتخذ الصراع مسارات جديدة، وفق 3 سيناريوهات محتملة.

تسوية سياسية

استمرت الحرب الأهلية في ليبيا منذ أكثر من 10 سنوات، وكانت هناك محاولات متكررة للتوصل إلى حل سياسي للصراع خلال هذا الوقت.

وقد لا تذهب الجهود التي بذلت عام 2020 للتوصل إلى إجماع وطني عبثا لأنها يمكن أن تصبح أساسا متينا لتسوية سياسية للصراع.

كما قد تتمكن البلاد من إجراء انتخابات، حيث يتمتع المسؤولون الذين سيصلون إلى السلطة بشرعية نسبية، سواء في نظر المجتمع الدولي أو بين الليبيين العاديين.

وسيسمح وقف الأعمال العدائية بالاستفادة من صادرات النفط الليبية المستعادة جزئيا، وكذلك خطوط أنابيب النفط الجديدة التي شيدت.

وستتم إعادة الإعمار التي طال انتظارها للبنية التحتية للنقل وإنتاج النفط، والتي ستلعب دورا أساسيا في النهضة الاقتصادية للدولة الليبية الموحدة، بحسب الموقع الأميركي.

لكن حكومة الوحدة الوطنية الجديدة، ستواجه عددا من المهام المهمة، بما في ذلك استعادة مرافق الإنتاج والبنية التحتية في البلاد، فيما ستتاح للشركات الروسية والأجنبية فرصة المشاركة في إعادة إعمار الدولة الليبية.

وفي اجتماع وزير الصناعة والتجارة الروسي دينيس مانتوروف مع الوفد الليبي في 28 يناير/كانون الثاني 2021، ناقش الجانبان ليس فقط آفاق تنويع التجارة، ولكن أيضا سبل مشاركة الشركات الروسية في إحياء قطاعات الطاقة والزراعة والصناعة والبنية التحتية في ليبيا.

ومن المؤكد أن الصين ستظهر اهتمامها بإعادة إعمار ليبيا، حيث رحبت حكومة الوحدة الوطنية بالمشاركة المحتملة للصين في إعادة بناء البنية التحتية للبلاد بمجرد انتهاء الحرب.

وعلى مدى السنوات القليلة الماضية، التقى الدبلوماسيون الصينيون مرارا وتكرارا بمسؤولين كبار من الحكومة للتوقيع في النهاية على مذكرة تفاهم في إطار مبادرة الحزام والطريق.

وتمثل القبلية أهم تحد أمام بناء الدولة الليبية، فحتى لو تم إرساء السلام السياسي في ليبيا، فسيكون ذلك "هشا للغاية".

كما سيظل المجتمع مجزءا، مما يعني أن مخاطر تزايد التوترات الاجتماعية ستظل قائمة.

ويمكن للمنظمات المتطرفة والإرهابية العاملة في ليبيا استخدام هذا العامل لزعزعة استقرار الوضع، يقول "مودرن دبلوماسي".

كما أن انتشار الأسلحة (الصغيرة بشكل أساسي) -التي كانت توزع بحرية تقريبا لسنوات عديدة في جميع أنحاء البلاد- سيكون بمثابة عامل إضافي في انفجار اجتماعي افتراضي، وفق التقرير.

تصعيد قائم

يرى الموقع الأميركي أن أحد السيناريوهات المحتملة قد يكون "تصعيدا" آخر للأعمال العدائية، ويمكن أن تكون الاستفزازات خلال فترة ما قبل الانتخابات وعدم الاعتراف بنتائجها سببا في هذا التصعيد. 

ففي سبتمبر/أيلول 2020، أعلنت الأمم المتحدة أن مليشيا حفتر وحكومة الوفاق الوطني -رغم الهدوء النسبي على خط المواجهة- سيلجؤون إلى تلقي المساعدة من الحلفاء من الخارج، وبالتالي تكديس الأسلحة والمعدات العسكرية الحديثة.

وفي غضون شهرين، هبطت حوالي 70 طائرة تحمل شحنة مشبوهة في المطارات التي تسيطر عليها مليشيا حفتر، وتوقفت 3 سفن شحن في الموانئ شرق البلاد، كما قامت 30 طائرة و9 سفن شحن بتسليم البضائع لحكومة الوفاق الوطني.

وأعلنت رئيسة بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، ستيفاني ويليامز، خلال اجتماع حول الحوار السياسي الليبي في 2 ديسمبر/ كانون الأول 2020، عن وجود 10 قواعد عسكرية في ليبيا محتلة كليا أو جزئيا من قبل القوات الأجنبية، مؤكدة أنها تستضيف حوالي 20 ألف مرتزق أجنبي.

وفي يناير/كانون الثاني 2021، سجل أن المرتزقة كانوا يبنون خطا دفاعيا وتحصينات -غالبا- من أجل صد هجوم محتمل من قبل قوات حكومة الوفاق الوطني على الأراضي التي تسيطر عليها مليشيا حفتر. 

كما لايزال خطر تدمير بقايا البنية التحتية النفطية في ليبيا، العمود الفقري لاقتصاد البلاد "قائما".

وسيؤدي القصف المدفعي للمناطق السكنية إلى انقطاعات إضافية في توصيل المياه والكهرباء للمدن، كما سترتفع أعداد المهاجرين غير النظاميين الذين يحاولون دخول دول الاتحاد الأوروبي، وخاصة إيطاليا.

وأفاد الموقع الأميركي بأن "الراجح أن أنقرة ستدعم حكومة الوحدة الوطنية، كما ستواصل القاهرة دعم حفتر، لأنها تأمل أن يقلل ذلك من تهريب الأسلحة الليبية إلى مصر". 

وفي الوقت نفسه، تظل احتمالية التدخل العسكري المباشر من جانب مصر "منخفضة للغاية".

الحفاظ على الوضع

رغم محاولات الجانبين الدخول في حوار سياسي، فإن التصريحات الرسمية لممثلي الطرفين المتصارعين تحتوي على خطاب "اتهامي".

وعلى سبيل المثال، في رسالة بالفيديو إلى مندوبي الدورة الـ75 للجمعية العامة للأمم المتحدة، أكد رئيس حكومة الوفاق السابق فايز السراج على أن هجوم حفتر على طرابلس في أبريل/نيسان 2019 هو "استبدادي ".

وبالإضافة إلى ذلك، حث السراج على عدم مقارنة الدعم الخارجي لـ"مليشيا حفتر" بالمساعدة المقدمة للحكومة "في إطار الاتفاقات المشروعة".

وفي ظل الظروف الراهنة، سيكون من الصعب على القوى السياسية الرئيسة في ليبيا، تنظيم عمل المفوضية المركزية للانتخابات وغيرها من الهيئات استعدادا للاستحقاقات.

وإلى جانب ذلك، ينبغي ألا يغيب عن الأذهان أن حكومة الوحدة الوطنية الجديدة، ومليشيا حفتر، وعددا من الفصائل المسلحة المستقلة العاملة في ليبيا، يمكنها السيطرة على العمليات الانتخابية وتخريبها، كما قد يحاول أحد الأحزاب تعطيل الانتخابات برمتها.

وفي الوقت نفسه، يبدو من غير المرجح حدوث التصعيد الموصوف في السيناريو الثاني، حيث يولي المجتمع الدولي اهتماما أكبر للحرب في ليبيا.

وتثير الحرب في ليبيا صراعات في 14 دولة على الأقل في إفريقيا وآسيا، ويرجع ذلك أساسا إلى تهريب الأسلحة.

ورغم التعزيز المحتمل للسيطرة الدولية، فإن الحفاظ على توازن القوى الحالي في ليبيا سيؤدي إلى صراعات جديدة وسيكون بمثابة بؤرة لزعزعة الاستقرار في البلدان المجاورة، مثل تونس والجزائر ومصر. 

وختم الموقع تقريره بالقول: "في حال فشلت خطة التسوية السياسية للصراع، فإن ليبيا تخاطر بأن تصبح أفغانستان أخرى، قريبة من أوروبا".