اقتحام الأقصى.. غضب واسع لصمت الأنظمة العربية ودعمها للاحتلال

12

طباعة

مشاركة

بعد ساعات من اعتداء قوات الاحتلال الإسرائيلي على المصلين بالمسجد الأقصى ومواجهات مع المرابطين داخله فجر 10 مايو/أيار 2021، انسحبت من حرم المسجد مخلفة وراءها دمارا واسعا، ومئات الجرحى.

باحات المسجد الأقصى تحولت منذ الفجر لساحة حرب بين القوات الإسرائيلية والمرابطين، وأصبحت أماكن الصلاة مأوى للجرحى، فيما صادرت القوات الإسرائيلية مفاتيح الأقصى من حراس الأوقاف الإسلامية.

ورغم انسحاب القوات الإسرائيلية من داخل الأقصى، وشروع المرابطين بتنظيف ساحات المسجد، ما زالت الأحداث قابلة للاشتعال مرة أخرى، إذ يعتزم مستوطنون يهود الخروج في مسيرة تجاه الأقصى رافعين أعلام الاحتلال.

تلك الأحداث كانت في رأي الناشطين على تويتر، بمثابة تعرية لجميع الأنظمة العربية المطبعة مع الاحتلال الإسرائيلي، والمتماهية معه، وشددوا على ضرورة فضح هذه الأنظمة وكشف دورها في دعم الكيان الإسرائيلي وإسقاطها لحل القضية الفلسطينية.

وفي ظل غياب المواقف العربية الداعمة للحق الفلسطيني، والاكتفاء ببيانات الشجب والإدانة المنمقة والديباجات المحفوظة، تفاعل الناشطون مع الأحداث على وسوم عدة أبرزها، #المسجد_الأقصى، #القدس_ينتفض، #فلسطين_تنتفض، #لن_يمر_الاقتحام، #اقتحام_٢٨رمضان.

في المقابل، اقتصر دور الإعلام العالمي والعربي على تأطير الأخبار بما يناسب أيديولوجية الجهة التي تغطي الأحداث، في فضح لحقيقة زيف الإعلام وتوجيهه، وأصبحت مواقع التواصل الاجتماعي هي البديل الصادق عن وسائل الإعلام.

وتعالت الدعوات لنشر حقيقة ما يحدث في الأقصى موثقا بالصوت والصورة، لإظهار جرائم الاحتلال وقمعه ووحشيته للعالم والتعريف بأن "إسرائيل" لا تعرف السلام ولا تحترم العقائد والأديان، وفضح مزاعم الدول المطبعة معه بأنها ساعية للسلام.

إلغاء التطبيع

وبرزت دعوة الناشطين للحكومة الإماراتية باستغلال فرصة تعرية جرائم الاحتلال أمام العالم، وإعلان التراجع عن التطبيع الذي أعلنته مع الاحتلال في أغسطس/آب 2020، وتسجيل موقف إنساني عروبي يحتوي الغضب الشعبي.

وقال المعارض الإماراتي حمد الشامسي: إن "ما يحدث داخل المسجد الأقصى، فرصة للإمارات للانسحاب من اتفاقية التطبيع المشؤومة وتسجيل موقف يحسب لها أمام الرأي العام الإسلامي".

وأكد الكاتب والإعلامي الإماراتي المعارض أحمد الشيبة النعيمي، أن "الدول المطبعة التي تخون دماء المسلمين والمسجد الأقصى هم من أعطوا الضوء الأخضر والدعم الكامل للكيان الصهيوني ليعيث في الأقصى ويعبث بدماء الفلسطينيين التي تسيل على أبواب المسجد الأقصى".

وطالب النعيمي، الحكومات المطبعة بـ"التراجع عن التطبيع كأقل ما تقدمه للفلسطينيين، إذا بقي فيها من حياء وإنسانية"، داعيا الشعب الإماراتي لـ"إعلاء كلمته ورفض التطبيع واستباحة المسجد الأقصى".

وشهدت 2020، إعلان كل من الإمارات والبحرين والسودان والمغرب، تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، فيما يرتبط الأردن ومصر باتفاقيتي "سلام" مع إسرائيل، منذ 1994 و1979 على الترتيب.

صمت إعلامي

وبحسب وصف مدير المسجد الأقصى، الشيخ عمر الكسواني، فإن الأحداث حولت باحات المسجد إلى ساحة حرب، إذ أطلق الجنود الإسرائيليون الأعيرة المطاطية والغاز المسيل للدموع وقنابل الصوت نحو المصلين. 

وصعدت القوات الإسرائيلية فوق سطح قبة الصخرة وأبواب المسجد القبلي والمرواني، ودخلت من جميع الأبواب المؤدية للأقصى وحاصرت المعتكفين، واعتقلت كل من يخرج من أبواب المسجد، كما اقتحمت العيادة وغرفة الصوتيات في المسجد القبلي.

ووسط هذا الجرم يتعامل الإعلام العربي والغربي مع الأحداث بـ"هزلية وانحطاط مثير للاشمئزاز"، بعكس ما تستوجبه الأحداث من مضاعفة المسؤولية تجاه القضية وتقديم الدعم الإعلامي المتزايد للفلسطينيين.

وقال المغرد أحمد: إن "ليوم مثل هذا، تم تجييش الأبواق المرتزقة في كثير من الإعلام العربي المتصهين لإيصال فكرة للأجيال الجديدة بأن الفلسطيني باع أرضه وأن قضيتهم (المسجد الأقصى) ليست قضيتنا ليكون البعض وهم ليسوا قلة صامتين وبعضهم بجحون يدافعون عن الصهيونيين".

ولذلك حث المغردون على أن تكون مواقع التواصل الاجتماعي "صوتا للفلسطينيين"، ودعا أحدهم إلى فضح الاحتلال وكشف جرائمه، ونقل الصورة كما هي من باحات المسجد الأقصى، وعدم انتظار الإعلام، وحث الناشطين على التغريد بآرائهم وغضبهم وسخطهم وألا يتوقفوا ولا يصمتوا. وأكد مغرد آخر أن "الزخم الإعلامي هو القوة التي في أيدينا"، قائلا: "لا تكتفوا بالمشاهدة، انشروا، كرروا النشر، وسعوا دوائره.. لا تملوا".

توارث الانتفاضة

وفي ظل مساعي الأنظمة المطبعة لتغييب وعي الأجيال وتشويه القضية الفلسطينية، لصناعة جيل متقبل للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي، كشفت الأحداث "تعاقب أجيال تتوارث الانتفاضة بسلاح الحجارة وأظهر صموده في وجه الاحتلال وتصدى لحماية المسجد الأقصى".

ونشرت المغردة "نيرون" صورا لقوات الاحتلال تقتاد أطفالا قصر وتصوب نحوهم السلاح، قائلة إن "الأحداث أثبتت أن الصبيان العزل الذين حاول الإعلام تجهيلهم ومحو  القدس وفلسطين من ذاكرتهم قادرون على أن يصنعوا شيئا لم تفعله الأنظمة العربية المطبعة".

فيما قال المغرد عمرو نادر عمر: "حب الأقصى وفلسطين عقيدة تربينا عليها، ما بزعزعها الزمن، ولا الظروف ولا الإعلام المسيس، تربينا ورح نربي أجيالا على هذه العقيدة، ربي يكون معكم ويحميكم أهلنا في القدس". 

إسقاط الأنظمة

وفي بحث عن حل للقضية الفلسطينية، أجمع الناشطون على أن حلها يكمن في "إسقاط الأنظمة العربية الوظيفية".

وأكد الكاتب خالد بوعلي أن "ما يحول بين شباب المسلمين وبين الذهاب لفلسطين هي الأنظمة الوظيفية العربية التي شكلت طوقا لحماية الكيان الصهيوني وزادت في حصارها باتفاقيات التطبيع".

بدوره، شدد المعارض السعودي سعد الفقيه، على أن "الأنظمة العربية الخائنة هي من تحمي إسرائيل وتطلق لها العنان في قمع الفلسطينيين وانتهاك حرمة بيت المقدس وليس جيش الدفاع الإسرائيلي ولا الدعم الأميركي والغربي".

وخلص الفقيه إلى أن مشكلة فلسطين "لن تحل إلا بزوال هذه الأنظمة بما فيها السلطة الفلسطينية".