صحيفة إسبانية تنتقد "شلل" أميركا وأوروبا أمام الفصل العنصري الإسرائيلي
يتهم أحدث تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش، إسرائيل بارتكاب جرائم ضد الإنسانية والفصل العنصري في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وبهذا الشكل، تضاف الوثيقة "غير العادية" إلى مزاعم أخرى مماثلة، وهو اتجاه متزايد ينتظر ردة فعل القوى الغربية.
وقالت صحيفة بوبليكو الإسبانية، إنه لا يزال من السابق لأوانه تقييم الآثار المترتبة على التقرير الأخير المكون من 213 صفحة.
ونشرت "هيومن رايتس" التقرير خلال أبريل/نيسان 2021، ويتناول حالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية ويتحدث لأول مرة علنا عن مفهوم "الفصل العنصري".
وحددت المنظمة غير الحكومية الأميركية هذا المصطلح بعناية في العديد من الوثائق التي سبق نشرها حول هذه المسألة.
الموقف الغربي
وأشارت الصحيفة إلى أن الولايات المتحدة نأت بنفسها عن محتوى التقرير، فيما لا يزال الاتحاد الأوروبي مغيبا عن هذه القضية، خاصة في ظل السياسات الكارثية التي طبقها على الشرق الأوسط منذ زمن طويل.
ويزداد تجاهل أوروبا للمنطقة خاصة عندما يتعلق الأمر بفلسطين، لأنه لا يريد إثارة غضب إسرائيل بأي شكل من الأشكال، بغض النظر عن مدى فضاعة التجاوزات التي ترتكبها الدولة اليهودية.
وأضافت الصحيفة أن العامل الرئيس في هذه القضية يتلخص بالأساس في الولايات المتحدة، القوة "الأساسية" لإسرائيل.
على الرغم من أن عدم إيلاء واشنطن أهمية للتقرير كان متوقعا، إلا أنه لا يبدد الشكوك تماما حول كيفية تعامل إدارة جو بايدن مع القضية الفلسطينية في السنوات الأربع المقبلة.
وبينت الصحيفة أنه من المرجح أن يكون لتقرير هيومن رايتس ووتش تأثير على المنظمات غير الحكومية الدولية الأخرى التي تحلل بشكل دوري الوضع الكارثي في الأراضي المحتلة.
ومن هنا سيتردد صدى هذا التقرير، مما سيخلق ضغطا معينا على إسرائيل، على الرغم من أن الطريقة الوحيدة لتحريك الصراع وتوجيهه نحو حله، يتطلب تدخلا نشطا من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
ونوهت الصحيفة بأن منظمة هيومن رايتس ووتش بررت استخدام مفهوم "الفصل العنصري" بالقول إنها كانت تعتبر الاحتلال حتى الآن شيئا "مؤقتا" سيؤدي في مرحلة ما إلى إقامة دولة فلسطينية على 22 بالمائة من أراضي فلسطين التاريخية.
لكن محللي المنظمة غير الحكومية، توصلوا في نهاية الأمر إلى أن اعتقادهم أصبح من الماضي، بعد أكثر من نصف قرن من الاحتلال وكذلك التوسع الاستعماري المتزايد.
لذلك، توصلت المنظمة الآن، ربما بعد وقت متأخر، إلى أن هدف إسرائيل هو ضم الأراضي الفلسطينية إلى الأبد.
بالتالي، بعد أن رأت الحقيقة على أرض الواقع، وهو أن الاحتلال ليس "مؤقتا"، قررت المنظمة استخدام "الفصل العنصري".
وأفادت الصحيفة أن واشنطن قادرة بالفعل على أن تجبر الأطراف، أي إسرائيل، على العودة إلى الطاولة لمناقشة "عملية السلام".
لكن هذا لن يغير الوضع ذرة واحدة لأن إسرائيل لا تعارض التفاوض ولكنها تعارض مغادرة الأراضي المحتلة.
ومن الواضح الآن أنه يمكن لإسرائيل أن تستمر في "التفاوض" طالما تشاء مع تعزيز الاحتلال والاستعمار بشكل يومي.
وأوردت الصحيفة أن تقريرا لمنظمة "بتسيلم" الإسرائيلية غير الحكومية تحدث، في يناير/كانون الثاني 2021، عن التمييز الدائم الذي يعاني منه الفلسطينيون واستخدم مصطلح "الفصل العنصري".
وتجدر الإشارة إلى أن لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا وجدت بالفعل في عام 2017 أن إسرائيل تطبق "الفصل العنصري" ضد الفلسطينيين، على الرغم من تحييد الوثيقة من قبل الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.
حصرا لليهود
من جهتها، تشير هيومن رايتس ووتش، التي تأسست قبل 43 عاما، إلى أنه "في عام 2018، أقر الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) قانونا دستوريا يؤكد أن إسرائيل هي "الدولة القومية للشعب اليهودي".
وأعلن وقتها أن حق تقرير المصير داخل تلك الأراضي "يستفاد منه حصريا الشعب اليهودي، وهو تعريف يميز ضد غير اليهود".
وأفادت الصحيفة أنه على الرغم من تقاعس الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بشأن القضية الفلسطينية، إلا أن هناك إجماعا متزايدا حول الفصل العنصري الإسرائيلي.
وفي الواقع، أشار مواطنون بارزون من جنوب إفريقيا الذين زاروا المنطقة في السنوات الأخيرة إلى أن إجراءات الفصل العنصري والقيود والتمييز التي يعاني منها الفلسطينيون أشد قسوة من تلك التي عانوا منها في ظل حكم البيض.
لكن هيومن رايتس ووتش لا تدين فقط التمييز الذي يعاني منه الفلسطينيون في الأراضي المحتلة، ولكنها تذكر أيضا التمييز والفصل العنصري الذي يعاني منه 20 بالمائة من السكان الفلسطينيين داخل إسرائيل، والذين يعانون من هذا الفصل بموجب القوانين.
وأوضحت الصحيفة أن أهمية تقرير رايتس ووتش يكمن في ظهور إجماع متزايد يشير إلى وجود فصل عنصري، كان الجميع حتى وقت قريب يتجنب الاعتراف به، لكنه أصبح أكثر وضوحا.
ثانيا، يمكن ترجمة عواقب التقرير في المستقبل عبر المنظمات غير الحكومية والمنظمات الدولية الأخرى التي تنضم إلى هذه الشكوى.
ومن الممكن أن يكون لها تداعيات في المحكمة الجنائية الدولية التي ستنظر في جرائم الحرب المزعومة والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها الدولة اليهودية.
وبينت الصحيفة أن نظام روما الأساسي، الذي تم على أساسه إنشاء المحكمة الجنائية الدولية، يعرف الفصل العنصري على أنه "أفعال غير إنسانية (...) ترتكب في سياق نظام مؤسسي للقمع المنهجي والسيطرة من قبل مجموعة عرقية واحدة على أي مجموعة أو مجموعات عرقية أخرى، بقصد الحفاظ على هذا النظام".
وهو تعريف يرى العديد من الخبراء الدوليين أنه مهم في هذه الحالة.
ونقلت الصحيفة أن رايتس ووتش طالبت الأمم المتحدة بالتدقيق في القضية وإعلان حظر الأسلحة على إسرائيل حتى يتم تصحيح الوضع "غير الإنساني" المتمثل في "الفصل العنصري والجرائم ضد الإنسانية واضطهاد ما أسمتها "الأقليات"، أي السكان وليس اليهود.
ووصفت وزارة الخارجية الإسرائيلية التقرير بأنه "دعاية" ضد الدولة اليهودية.
وأفادت الصحيفة بأن الشلل والسلبية التي تعاني منها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أصبحت أكثر وضوحا على نحو متزايد.
يتجلى ذلك على وجه الخصوص إذا أخذنا بعين الاعتبار أن التقارير المذكورة، والتي من المحتمل أن تتزايد في المستقبل، واضحة فيما يتعلق بالفصل العنصري الذي تطبقه تل أبيب ضد الفلسطينيين، سواء في الأراضي المحتلة أو داخل إسرائيل.
وعموما، فإن هذا الواقع سينقلب في وقت ما ضد إسرائيل، وفق تقدير الصحيفة.