ضد روسيا وإيران والنظام السوري.. مجلس عسكري في درعا قد يغير المعادلة

يوسف العلي | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

في خطوة تعتبر الأولى من نوعها، أعلنت تشكيلات عسكرية بمحافظة درعا، جنوبي سوريا، إنشاء كيان جديد تحت مسمى "المجلس العسكري لكتائب أبناء الجنوب"، وذلك بعد مرور 3 سنوات من سيطرة النظام على المدينة التي يطلق عليها "مهد الثورة" السورية.

درعا التي تقع على الحدود الأردنية، تشهد توترا أمنيا مستمرا على خلفية الاستهدافات المتتالية التي تطال عناصر النظام، العاملين والمتقاعدين، إذ شهد النصف الأول من أبريل/نيسان 2021، مقتل أكثر من 10 أشخاص يتبعون لقوات رئيس النظام بشار الأسد أو متعاملين معهم.

أهداف "المجلس"

"المجلس العسكري لكتائب أبناء الجنوب" شدد خلال بيان أصدره في 16 أبريل/ نيسان 2021، على أن "هدفه الأول هو حزب اللات الإرهابي (حزب الله اللبناني) وناشري التشيع، وكل من سلك طريق المخدرات وتاجر بها، إضافة إلى كل احتلال موجود على أرضنا".

وأشار بيان التشكيل الجديد إلى عدم تبعية "المجلس العسكري" إلى أي فصيل أو جهة خارجية، وأنه لا يعترف "بنظام الحكم"، كما أنه يؤيد أي عملية سياسية تفضي إلى إقامة "دولة مدنية".

وتطرق البيان إلى اللواء الثامن، التابع للفيلق الخامس والمدعوم من روسيا، والذي يتزعمه القيادي السابق في الجيش الحر أحمد العودة، بالقول: "اللواء الثامن الممثل بفصيل شباب السنة سابقا، إخوة لنا وأبناء حوران دماؤكم معصومة عندنا، أما عناصر التسويات الذين يثبت تورطهم في الدماء، فلن تأخذنا بهم لومة لائم".

وختم "المجلس العسكري" بيانه بالقول: "كل عملية على أرض حوران والجولان بدون تبن، وتحت مسمى مجهولين، تعتبر ذراعا من أذرع حزب الله الإرهابي والتنظيمات المتأسلمة، والذي ثبت للعالم أجمع التعاون والتنسيق فيما بينهم".

وتناقلت تقارير صحفية تصريحات قيادي مشرف على تأسيس "المجلس العسكري في درعا" (لم تكشف هويته) في 16 أبريل/ نيسان 2017، قوله إن "أهداف المشروع العسكري هو إعادة روح الثورة للجنوب السوري وإيقاف تمدد النظام وحزب الله الإيراني، بحجة وجود تنظيم الدولة في المنطقة".

وأضاف: "خرج المجلس ليقول للعالم.. نحن أصحاب الأرض وأبناء الأرض، نحن أولياء دم وأصحاب قضية، ولن نسمح لكم أن تقتلوا شباب حوران تحت صفة تنظيم الدولة، ولن تحتلوا الأرض بعد وسم أهلها بسمة الإرهاب".

وعن أسباب إعلان تشكيل عسكري جديد، قال المتحدث إنها "مجموعة من الأسباب، أبرزها: تمدد إيران في المنطقة، ونشرها للتشيع وتجنيدها مليشيات من أبناء الجنوب السوري، ناهيك عن انتشار المخدرات".

مضيفا: "فكلنا يعلم أن الجنوب السوري أصبح محطة لتجارة المخدرات، وتصديرها عبر الحدود المجاورة، وهذا خطر كبير كونه يهدف إلى تغيير عقائدي وأخلاقي وهذا الشيء لن نقبله نحن أبناء حوران والجولان وأبناء الثورة".

وأكد القيادي في "المجلس العسكري" أن "درعا لم تبتعد عن العمل العسكري منذ عام 2018، لكن نحن في حرب باردة متمثلة باغتيالات، وتفجيرات، وحشد قوى، ناهيك عن الوضع النفسي لدى المدنيين. هدفنا تصحيح المسار، ونريد تحرير أرضنا واستعادة الحقوق التي سلبت".

وقال القيادي: "أعداؤنا هو التحالف المشترك الممثل بالنظام السوري وإيران وروسيا، فهم السبب بتشريد أهلنا وقتل شبابنا واعتقال أولادنا".

مشيرا إلى أنه "في كل قرية الآن بحوران توجد مجموعات مسلحة وتقوم بأعمال أمنية ضد من قتلوا أهلهم وهدموا بيوتهم، وفي الواقع النظام غير مسيطر على المحافظة، ومن يدعي ذلك فهو يتفوه بكلام عار عن الصحة، فالأحرار موجودون ويتجولون، وهناك قرى كثيرة لا يجرؤ النظام على دخولها".

ضرورة حتمية

وبخصوص أهمية تشكيل مثل هذا المجلس في الجنوب، قال المحلل العسكري والإستراتيجي السوري أسعد الزعبي خلال مقابلة تلفزيونية 17 أبريل/ نيسان 2021، إن "تشكيل المجلس العسكري بات ضرورة حتمية".

وأوضح الزعبي أنه "بسبب محاولات النظام السوري خلق التوترات في درعا عن طريق تشكيل مجموعات نفذت اغتيالات في المدينة يلبسها لباس الثوار، فإن  عدد المثقفين الثابتين على أهداف الثورة، كانوا قد شكلوا مجلسا ثوريا نهاية 2018، ونفذوا عمليات جريئة أربكت النظام والقوات السورية".

وتابع: "الآن نتيجة للظروف التي ينشئها النظام وإيران ومليشياتها وحتى الروس في درعا، جعل تشكيل المجلس العسكري في حوران ضرورة حتمية، لكن نتمنى أن يكون هذا المجلس خاليا من الشوائب والعملاء ولا يكون تحت صنيعة النظام أو يكون له يد في تشكيله من أجل أن ينتقم من أهالي حوران، لأن الثورة ما زالت مشتعلة".

ولفت الزعبي إلى أن "النظام حاول بكل ما يمتلك من وسائل الأمن والحيلة والمكيدة بالتعاون مع الروس وحزب الله وإيران تصفية الناشطين في المدينة، لكنه لم يستطع أن يحد من النشاط الثوري في حوران".

ورأى الخبير العسكري أن "المجلس العسكري سيجد تنفيذ العمليات ضد النظام سهلة لأنهم في مناطق وجوده، لذلك تسهل عمليات الرصد والتنفيذ، خاصة أن الظروف تحتاج إلى مثل هذا المجلس العسكري، وحوران تحتاج إلى عمل عسكري حقيقي".

وأعرب الزعبي عن خشيته من "محاولات النظام السوري وعملائه اختراق جسم هذا التشكيل العسكري والزج بدخلاء على هذا المجلس، وربما يكون القصد من وراء ذلك كشف كل أبناء حوران الثوريين".  

لكن ناشطين نشروا مقاطع مصورة أعلنت تشكيل مجموعات عسكرية حملت أسماء قادة عسكريين سابقين قتلوا خلال السنوات الماضية، منها الإعلان عن تشكيل كتيبة "الشهيد أبو حسن بردان"، وكتيبة "الشهيد قيس قطاعنة"، وكتيبة "عامود حوران".

وبناء على ذلك، يعرب البعض عن خشيته من أن تكون البيانات آنفة الذكر إحدى وسائل النظام الجديدة، لخلق مزيد من التوتر في درعا، واستهداف ناشطيها من رافضي التسوية بين الفصائل والنظام التي جرت برعاية روسية عام 2018، في حين رأى آخرون أن عودة العمل المسلح "المنظم" ضد قوات الأسد، خطوة جيدة.

حالة طبيعية

من جهته، قال المحلل السياسي السوري أحمد كامل لـ"الاستقلال": "النظام لم يتمكن من استعادة درعا عام 2018، وإنما الروس والإيرانيون وحزب الله هم من احتلوها، وتشكيل المجلس العسكري الحالي خطوة سبقتها خطوات عديدة، وهي العمليات التي كانت تجري في المدينة".

وتابع: "إضافة إلى ذلك فإن الحدث الأعظم كان خروج أهالي درعا بمظاهرات بقلب المدينة في ذكرى الثورة يوم 18 مارس/ آذار 2021، ورغم الاحتلال الروسي والإيراني والأسدي، فإن أبناء درعا أعلنوا عن تمسكهم بالحرية وبقيم الثورة".

ورأى كامل أن "تشكيل المجلس العسكري شيء طبيعي، لأن درعا محتلة، لكنها لم تتغير ولم تصبح مع النظام وتترك قيم الحرية والثورة، فهي بحاجة إلى دولة حرة وديمقراطية، لذلك أهالي درعا يعبرون عنه بكل الطرق الممكنة أولها التظاهر ومقاومة الاحتلالات الأجنبية، والآن التتويج بمجلس عسكري، فهناك أمل كبير بالعمل ضد الروس والإيرانيين والنظام".

ولفت إلى أن "توقيت إعلان المجلس العسكري، ربما يكون التصاعد في المواقف وتمسك أهالي درعا بالحرية، وكذلك فشل الروس والإيرانيين والنظام بأن يكونوا البديل، وأن الروس لم يستطيعوا تحسين سمعة النظام قيد شعرة، وأن من استسلم للنظام فيهم يعاملون بمنتهى الوحشية".

وأشار كامل إلى أن "أسباب الثورة ما زالت موجودة كما هي عندما اندلعت قبل 10 سنوات في درعا، وربما زادت إذا أضفنا لها حالة المجاعة التي تمر بها سوريا في الوقت الحالي".

منذ اتفاق التسوية بين النظام وأهالي درعا برعاية سورية صيف 2018، لم تهدأ المدينة، فقد انتشرت الكتابات المنددة بالنظام على جدران المباني والمنازل، والمطالبة بالإفراج عن المعتقلين ممن جرى اعتقالهم بعد اتفاق التسوية، إضافة إلى وقف حملات الاعتقال التي تشنها قوات النظام بشكل شبه يومي بحق المعارضين.

ليس ذلك فحسب، وإنما شهدت مناطق درعا خروج مظاهرات عدة في محاولة لإحياء روح الثورة، وإجبار الضامن الروسي على الوفاء بالتعهدات التي قدمها قبيل اتفاق "التسوية" مع فصائل المعارضة.

ولا يزال ملف المعتقلين في سجون قوات النظام عالقا، في ظل عدم التزام النظام بالإفراج عن نحو 4500 معتقلا من حوران فقط، أو حتى بيان أوضاعهم إن كانوا على قيد الحياة أم لا.