تشغيل وتعطيل.. هكذا تتلاعب الإمارات بمطار الريان الدولي في اليمن

12

طباعة

مشاركة

بعد إغلاقه لنحو 5 سنوات، تم افتتاح مطار الريان الدولي في مدينة المكلا الخاضعة لسيطرة النخبة الحضرمية المدعومة إماراتيا، وذلك أمام الرحلات المحلية من عدن (جنوب) إلى المكلا عاصمة محافظة حضرموت (وسط).

الافتتاح الذي تم في 9 أبريل/نيسان 2021، أتى بعد مطالبات واحتجاجات نظمها أبناء حضرموت طالبوا فيها بإعادة افتتاح المطار وتخفيف الحصار الخانق الذي تشهده المحافظة منذ تدخل الإمارات في حضرموت أبريل/نيسان 2016.

تزامن الافتتاح مع حملة إعلامية نظمتها وسائل إعلام مدعومة إماراتيا لتغطية افتتاح المطار التي قالت إنه أتى برعاية أبوظبي بعد اكتمال ترميمه وإعادة تأهيله من قبلها.

محافظ حضرموت فرج البحسني الموالي لأبوظبي وجه في كلمته يوم الافتتاح شكره لقيادة دولة الإمارات العربية المتحدة.

وقال وزير النقل عبدالسلام حميد، مرشح المجلس الانتقالي في حكومة معين عبدالملك إن الوزارة استكلمت الاستعدادات النهائية لجاهزية المطار وعودة النشاط الملاحي الجوي بكامل قدراته، مشيرا إلى أن دولة الإمارات تكفلت بإعادة تأهيل المطار وتحديثه بعد أحداث العام 2015.

وتحكم الإمارات قبضتها على حضرموت ومدينة المكلا على وجه الخصوص، من خلال قوات النخبة الحضرمية، وهي تشكيلات عسكرية تمثل الذراع العسكري للمجلس الانتقالي المدعوم من قبل الإمارات.

معتقل سري

يعد مطار الريان ثالث أكبر مطار مدني في اليمن، بعد مطاري صنعاء وعدن، لكن الإمارات منذ سيطرتها عليه أنشأت قاعدة عسكرية، و11 موقعا لثكنات عسكرية، وحظائر لطائرات مروحية وسجون سرية، تتوزع على مدرج وحرم المطار البالغ طوله نحو 9 كيلو مترات وعرضه نحو 2 كيلو متر.

في واقع الأمر، فإن مطار الريان يخضع لسيطرة الإمارات منذ تدخلها صيف 2016، وإنشائها تشكيلات عسكرية ونخبة حضرمية تعمل خارج إطار وزارة الدفاع اليمنية.

منذ سيطرتها على المطار، قامت أبوظبي بتحويله إلى ثكنة عسكرية وسجون سرية تمارس فيها الاعتقال القسري والاحتجاز السري وصنوف التعذيب للمعتقلين في المطار.

في تقريرها الصادر أبريل/نيسان 2020، ذكرت منظمة "مواطنة" لحقوق الإنسان، أن "القوات الإماراتية جعلت من مطار الريان الدولي بمدينة المكلا، محافظة حضرموت، مركز احتجاز غير رسمي.

وأضافت المنظمة أنها تحققت من وقوع أكثر من 38 واقعة احتجاز تعسفي و10 وقائع تعذيب في هذا المركز، مؤكدة أن "محتجزين سابقين أكدوا أنهم احتجزوا في مستودعات ضيقة ومظلمة، ولاقوا ضروبا من التعذيب والمعاملة المسيئة، منها الحرمان من الطعام والماء، والصعق بالكهرباء، والركل، والضرب بالسياط، والحرق بأعقاب السجائر".

وقال آخرون إنهم تعرضوا لأشكال مهينة من المعاملة القاسية كالحرمان من أداء الشعائر الدينية، والإجبار على التعري والسجود لعلم دولة الإمارات.

وفي يونيو/حزيران 2017، أصدرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" تقريرا قالت فيه إن الإمارات وبدعم من قوات محلية تعتقل في مركز احتجاز سري بالمطار عشرات المحتجزين.

وأضافت المنظمة أن فريق خبراء الأمم المتحدة تحققوا من اختفاء 6 أشخاص بشكل قسري، يزعم أن قوات النخبة اعتقلتهم في الفترة ما بين مايو/أيار ونوفمبر/تشرين الثاني 2016.

وغرد مختار الرحبي مستشار وزير الإعلام اليمني في 4 يناير/كانون الثاني 2021 قائلا: "القوات الإماراتية رفضت توجيهات الحكومة اليمنية بإعادة تشغيل مطار الريان، وعليه فإن المطار لن يشهد أي رحلات جوية. تستمر القوات الإماراتية باستخدام المطار كسجن غير شرعي تمارس فيه أبشع أنواع التعذيب بحق يمنيين".

إعاقة التطبيع

شكك كثيرون من استمرار عمل المطار، أو من إمكانية فتحه أمام الرحلات الدولية، خصوصا أن اليمنيين كان لهم تجربة سابقة مع افتتاح مطار الريان، حيث أعلنت الإمارات نهاية نوفمبر/تشرين الثاني 2019 إعادة فتح المطار، بعد سلسلة احتجاجات نظمها أبناء المكلا في يونيو/حزيران 2019.

حينها قامت قوات "النخبة الحضرمية" بقمع الاحتجاجات المطالبة بفتح المطار وإطلاق الرصاص الحي في الهواء، وتفريق الاحتجاجات، وقامت بملاحقة المتظاهرين واعتقلت عددا منهم.

وقتها، ألقى رئيس المجلس الأعلى للحراك الثوري لتحرير واستقلال الجنوب فؤاد راشد كلمة قال فيها: "إغلاق المطار لا معنى له، وليس له أسباب موضوعية تدعو لذلك، سوى إلحاق الأذى بالمرضى والعجزة من أهالي مدينة المكلا والمدن المجاورة الذين يضطرون للسفر برا إلى سيئون ومدينة عدن للانتقال إلى الخارج".

وأضاف راشد أن استمرار إغلاق المطار من دون مبررات يتسبب في قتل الحياة التي يجب أن يتم تطبيعها في المناطق المحررة وتنتعش في كافة مجالاتها.

وعقب افتتاح مطار الريان في تلك الفترة، تم تغطية الحدث من قبل وسائل إعلام إماراتية على نحو واسع، لكنها ما لبثت أن قامت بإغلاقه مرة أخرى بعد تسيير رحلة واحدة فقط، في ظل تكتم إعلامي وصحفي، كما منعت طائرة الخطوط الجوية اليمنية من المبيت أو البقاء في حرم المطار.

الكاتب الصحفي محمد اللطيفي قال لـ"الاستقلال": "من الطبيعي أن يتم إغلاق الإمارات للمطار بدون ضجة إعلامية، لأن الهدف من افتتاحه كان تسويق عودة نشاطه لهدف سياسي وليس مدني".

مضيفا: "كالعادة تقع الحكومة، في شراك أبوظبي وخداع الرياض، مع أن المفترض أن تصدر الحكومة بيانا تتهم فيه الإمارات بإعاقة تطبيق اتفاق الرياض، وأنها مستمرة في الاعتداء على السيادة اليمنية والتدخل في الشؤون الداخلية وعرقلة تطبيع الأوضاع المدنية في المناطق المحررة".

وعن دوافع إغلاق المطار بعد افتتاحه بيوم واحد قال اللطيفي: "أعادت إغلاقه لأنها في واقع الأمر لا تريد عودة النشاط الحكومي أو تطبيع الأوضاع في المناطق الجنوبية، كما لا ترغب بتحقيق أي نجاح في المقرات الحكومية حتى ولو كان مطارا أو مشفى، يحسب للشرعية، بهدف خلق تمرد من المواطنين على الشرعية، التي عجزت دائما عن إسقاطها عسكريا".

دواع أمنية

كانت الإمارات قد استولت على المطار بحجة إجراء الصيانة فيه وإعادة ترميمه، وعقب السيطرة عليه وتحويله لثكنة عسكرية رفضت إعادة افتتاحه لدواع أمنية.

وحسب وكالة الأناضول للأنباء، فإن "الإمارات الشريك الفاعل في التحالف العربي، تتخذ من مطار الريان مقرا وقاعدة عسكرية لها منذ 2016، وترفض إعادة افتتاحه أمام حركة الطيران لدواع أمنية، رغم بسط قوات ما يسمى النخبة الحضرمية التابعة لها، سيطرتها المطلقة على كل مدن وقرى ساحل حضرموت".

وإزاء افتتاحه للمرة الثانية، شكك المحلل السياسي ومدير قناة بلقيس الفضائية أحمد الزرقة في استمرار عمل المطار أمام الرحلات الدولية في الوقت الحالي.

الزرقة غرد على تويتر في 9 أبريل/نيسان 2021 قائلا: "فتح مطار الريان للرحلات الداخلية فقط واستمرار سيطرة القوات الإماراتية عليه واستخدامه كسجن سري وقاعدة عسكرية يثير الكثير من الشكوك حول استمرارية فتح المطار، خصوصا أنه تم فتحه سابقا لمدة يومين وتمت إعادة إقفاله".

وفق متابعين، فإن الإمارات تقوم بإعلان فتح المطار وإغلاقه معتمدة على القوات العسكرية التي قامت بإنشائها هناك، بدون أي حديث عن اتفاق أو تنسيق مع الجانب اليمني أو الحكومة الشرعية.

حسب المراقبين، فإن ما تقوم به أبوظبي يعد انتهاكا للسيادة اليمنية في كل مستوياتها، في حين يقتصر دور المسؤولين اليمنيين الذين عرفوا بولائهم للإمارات في حضرموت على إلقاء كلمات الشكر لأبوظبي على دعمها في افتتاح المطار.

وفي حلقة من حلقات برنامج "قلبي اطمأن" الذي يدعمه الهلال الأحمر الإماراتي، بثت قناة إم بي سي حلقة رمضانية في 24 مايو/أيار 2019، وفيها يمنح مقدم البرنامج الإماراتي (غيث) مواطنا يمنيا فرصة للالتحاق بوظيفة في مطار الريان، في حدث استفز معظم اليمنيين، ويكشف عن حجم الانتهاك للسيادة.