فتح كوسوفو سفارة بالقدس المحتلة.. لماذا أغضب تركيا وأوروبا؟
تطرق موقع إيطالي إلى ردود الفعل والتداعيات المحتملة على كوسوفو إثر إعلانها الرسمي في 14 مارس/آذار 2021، افتتاح سفارة لها لدى الاحتلال الإسرائيلي ومقرها مدينة القدس المحتلة، مشيرا إلى أن هذه الخطوة "أحدثت الكثير من الضجة على طاولة العلاقات الدولية".
وقال موقع "معهد تحليل العلاقات الدولية" إن أول سفيرة شؤون كوسوفو لدى الاحتلال في القدس المحتلة، إيناس ديميري، نشرت تغريدة على حسابها عبر "تويتر" واصفة الإعلان بأنه "لحظة تاريخية ومصدر فخر للعلاقات بين كوسوفو وإسرائيل".
وذكر الموقع أن "المجتمع الدولي يعتبر القدس الشرقية منطقة تحتلها إسرائيل، ويطالب قرار مجلس الأمن الدولي رقم 478 بسحب البعثات الدبلوماسية للدول الأجنبية من المدينة، لذلك، تقع معظم السفارات في تل أبيب إلا أن دول الولايات المتحدة وغواتيمالا وأخيرا كوسوفو على وجه التحديد، تشكل استثناءات".
وأشار إلى أن "كوسوفو الواقعة في قلب غرب البلقان، تعرف بكونها دولة ذات اعتراف محدود (بحكم الواقع)، ويأتي ذلك على إثر إعلان استقلالها عن صربيا عام 2008 وهو ما رفضه الجانب الصربي".
وضع معقد
ولفت موقع المعهد الإيطالي إلى أن "هذا الوضع طويل الأمد ومعقد ولا يخلو من تدخل الجهات الفاعلة الدولية الأخرى، حيث يتعارض التأثير الروسي والصيني في دعم صربيا مع الدعم الأميركي المقدم لكوسوفو بينما يضطلع الاتحاد الأوروبي، كالعادة، بدور الوساطة بين الطرفين".
وألمح الموقع إلى أن التأثير الأميركي على صنع القرار في كوسوفو "كان أكثر وضوحا على وجه الخصوص، تحت قيادة الرئيس السابق دونالد ترامب".
وفي هذا السياق، عقد اجتماع مهم في 4 سبتمبر/أيلول 2020، بالبيت الأبيض بين قادة صربيا وكوسوفو وانتهى باتفاق الطرفين على تطبيع العلاقات الاقتصادية بينهما، إلى جانب إمكانية إقامة علاقات دبلوماسية قوية مع المحتل الإسرائيلي.
وبين الموقع أن "الاتفاق لم يكن رسميا، وإنما شكل إشارة مهمة لصالح ترامب في إطار الترويج لدوره الحاسم في اتفاقيات التطبيع بالشرق الأوسط"، مشيرا إلى "حدوث تغييرات كثيرة منذ ذلك اليوم".
وأفاد الموقع بأن عام 2021 بدأ بتغيير على مستوى المحاورين بعدما أفسح ترامب الطريق لخلفه جو بايدن، ومنذ شهر، فاز حزب "فيتيفيندوسجي" بزعامة ألبين كورتي بالانتخابات البرلمانية في كوسوفو.
وعلى إثر استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين أوائل فبراير/شباط، حافظت كوسوفو على التزامها بافتتاح سفارة لدى إسرائيل بالقدس المحتلة، من ناحية أخرى، لم يلتزم الجانب الصربي بالاتفاق كما كان متوقعا.
واستنادا إلى هذه الخطوة الدبلوماسية، "يقع اعتراف متبادل بين الطرفين، تحصل كوسوفو على إثره بدعم واسع لاستقلالها التام عن صربيا، بينما تفتح أول سفارة أوروبية بالقدس المحتلة لفائدة الاحتلال الإسرائيلي، وعلاوة على ذلك، لدولة ذات أغلبية مسلمة".
وأكد الموقع الإيطالي أن هذه الخطوة "لا يبدو أنها ترضي الأطراف الدولية الرئيسة على الإطلاق، باستثناء الولايات المتحدة التي تفسر، وفقا للمتحدثين باسم وزارة الخارجية، هذه العلاقات على أنها تخدم الاستقرار والسلام في البلقان والشرق الأوسط".
أطراف مستاءة
وأوضح الموقع أن "تركيا تعتبر أحد شركاء كوسوفو الرئيسين ولا يخفى عن أحد النفوذ الاقتصادي والمالي لأنقرة داخل دولة البلقان، لذلك أدانت خطوة افتتاح السفارة بالقدس المحتلة خصوصا وأن العلاقات بين تركيا وإسرائيل لم تكن تاريخيا ودية".
من جانبه، عبر الاتحاد الأوروبي عن استيائه من هذه الإعلان، وأعرب المتحدث باسم الاتحاد للشؤون الخارجية بيتر ستانو، عن معارضته الصريحة له.
ويذكر أن موقف الاتحاد الأوروبي من القضية الفلسطينية يستند إلى قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 478 الذي يدين ضم الاحتلال الإسرائيلي للقدس الشرقية ويدعو إلى أن تكون القدس المحتلة عاصمة لكلا الطرفين في إطار حل الدوليتين.
وفي هذا الإطار، أضاف المتحدث ستانو: "كوسوفو حددت الاندماج في الاتحاد الأوروبي كأولوية إستراتيجية، وبالتالي يتوقع الاتحاد الأوروبي أن تتصرف الدولة بما يتماشى مع هذا الالتزام حتى لا تخاطر بهويتها الأوروبية".
وأكد الموقع الإيطالي أن "افتتاح سفارة كوسوفو بالقدس المحتلة، لا يخدم أهداف الدولة الإستراتيجية المتمثلة خاصة في الحصول على الاعتراف الدولي باستقلالها وإمكانية الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي".
وأوضح أنه بالنسبة للنقطة الأولى، يشكل مقعدي الأمم المتحدة الدائمين لروسيا والصين عائقا، وذلك لدعمهما موقف بلغراد، واعتبارهما كوسوفو مقاطعة صربية تتمتع بالحكم الذاتي.
على الجانب الأوروبي، يعتبر حل مشكلة الهوية والنزاع السياسي بين دولتي البلقان عنصرا أساسيا لبدء عملية انضمامهما إلى الاتحاد الأوروبي.
وختم الموقع مقاله بالتأكيد على أنه "قبل الحديث عن تداعيات هذا الوجود الدبلوماسي داخل القدس المحتلة على مستقبل كوسوفو، من الضروري ملاحظة التحركات والوضعيات التي ستنتج عنه بالنظر إلى ما أحدثه من ضوضاء على المسرح الدولي".