تفجير "هيليوس راي".. ما سر تصعيد إيران ضد إسرائيل في هذا التوقيت؟

يوسف العلي | منذ ٤ أعوام

12

طباعة

مشاركة

تفجير سفينة إسرائيلية في خليج عُمان، قد يأخذ الأحداث في المنطقة إلى مسار آخر من التصعيد، ولا سيما بعدما وجهت تل أبيب أصابع الاتهام إلى إيران وتوعدتها برد قاس، لكن الأخيرة نفت مسؤوليتها عن الهجوم واتهمت إسرائيل بالسعي إلى زعزعة أمن المنطقة.

استهداف سفينة الشحن "إم في هيليوس راي" المملوكة لرجل الأعمال الإسرائيلي، رامي أونغار، عندما كانت تتجه من ميناء الدمام السعودي إلى سنغافورة، في 27 فبراير/شباط 2021، لم يسفر عن خسائر في الأرواح بين أفراد طاقم السفينة ولا في المحرك.

وعلى ضوء التوترات الإيرانية- الإسرائيلية، أثيرت تساؤلات عدة بخصوص إمكانية تصاعد الصراع بين الطرفين واتساعه في المستقبل، إضافة إلى أسباب الهجوم الإيراني على مصالح إسرائيل في هذا التوقيت؟

توعّد إسرائيلي

مطلع مارس/آذار 2021، ألقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، باللوم على إيران في تفجير استهدف السفينة الإسرائيلية، بالقول: "كانت حقا عملية إيرانية...هذا واضح".

نتنياهو هدد بأن إسرائيل سترد على ذلك، مشيرا إلى أنها تضرب إيران على كل الجبهات، وستواصل ذلك. ووصف نتنياهو طهران بأنها العدو الأكبر لتل أبيب.

وشدد على أن إسرائيل لن تسمح لإيران بامتلاك سلاح وقدرات نووية لا باتفاق ولا من دونه، مشيرا إلى أنه أبلغ الرئيس الأميركي جو بايدن بهذا الموقف خلال الاتصال الهاتفي الذي جرى بينهما قبل نحو أسبوعين.

وعقب ذلك بيوم واحد، قدّم مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة، جلعاد أردان، شكوى إلى مجلس الأمن ضد إيران، واتهمها باستهداف سفينة الشحن الإسرائيلية قرب شواطئ عمان. 

وقال أردان، في الشكوى، إن بلاده حذرت سابقا من تداعيات ما وصفه بسلوك إيران "العدواني" في المنطقة، مؤكدا أن بلاده "ستتخذ كل الإجراءات اللازمة لحماية مواطنيها".

وعبرت إسرائيل عن "قلقها البالغ من الأنشطة الإيرانية في خليج عمان"، مشيرا إلى أنها "تزعزع استقرار الشرق الأوسط وتشكل تهديدا كبيرا للسلم والأمن الدوليين".

ورجحت مصادر سياسية وعسكرية إسرائيلية في مقدمتهم بيني غانتس وزير الدفاع الإسرائيلي، وسفير تل أبيب السابق لدى الأمم المتحدة داني دانون، وقوف إيران وراء الهجوم، وتوقعت قيام إسرائيل برد قاس ضد طهران.

وشدد دانون خلال تصريحات صحفية في 28 فبراير/ شباط 2021 على أن إيران ستتلقى ردا قاسيا على أي هجوم يستهدف إسرائيل، فيما قال بيني غانتس وزير الدفاع الإسرائيلي، إن "موقع السفينة أثناء الانفجار كان قريبا من إيران إلى حد ما، مما يرجح مسؤولية إيران عن الحادث".

تهديد إيراني

في المقابل، نفى المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده اتهام نتنياهو بشأن السفينة، وقال خلال مؤتمر صحفي بالعاصمة طهران، في 1 مارس/ آذار 2021 إنه "لا أساس له من الصحة".

واتهم خطيب زاده إسرائيل بالسعي إلى زعزعة الأمن في المنطقة، مؤكدا أن أمن "الخليج الفارسي" مهم لبلاده. وحذر من "حركات إسرائيل مثيرة للشك، وهي تدرك أن طهران سترد على أي تهديد بشكل صارم ودقيق".

لكن لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني، صعّدت من لهجتها تجاه تل أبيب، وقالت إن "إسرائيل ليست بالمستوى الذي تريد إيران الدخول معها في معركة، أما إذا ارتكبت اسرائيل خطأ فإنها ستكون قد كتبت نهاية حياتها بنفسها".

وأشار رئيس اللجنة، مجتبى ذو النوري، خلال بيان 2 مارس/آذار 2021 إلى "التهديدات الإسرائيلية ضد إيران"، لافتا إلى أن "الكيان الإسرائيلي معروف في العالم بالكذب، ونحن نعتبر هذا الكيان خطرا على البشرية جمعاء، ونتمنى أن يطهر العالم من قذارة هذا الكيان غير الشرعي".

وأضاف ذو النوري، أن "قدرة النظام الإيراني هي من القوة، بحيث إذا سول الكيان الإسرائيلي لنفسه التطاول على إيران، فإننا قد لا نجد أثرا لإسرائيل بعد نصف ساعة من تطاولها".

صحيفة "معاريف" العبرية اعتبرت خلال تقرير لها في 1 مارس/آذار 2021 أن "الاستهداف الذي نسبته إسرائيل لإيران ضد سفينة الشحن في خليج عمان يحمل عدة رسائل موجهة إلى إسرائيل والولايات المتحدة".

ورأت الصحيفة أن إيران لم تترك أي غموض في هجومها الذي كان واضحا وقوفها خلفه، مشيرة إلى أن الهجوم حمل رسالة مباشرة وهي أن طهران لديها القدرة على إلحاق الضرر بأي أهداف إسرائيلية في البحر، وأنه يجري التخطيط لمثل هذه الهجمات عبر عمليات عسكرية.

 وأوضحت أن "ما يمنع إيران من تنفيذ هجمات مماثلة هو عدم التسبب في وقوع إصابات بين أفراد طواقم تلك السفن أو العمل على تدميرها بالكامل، وأن الهجوم الذي وقع أظهر حالة من العقلانية في منع ارتكاب خطأ قد يكلف كثيرا".

سيناريوهات متوقعة

وتعليقا على مدى إمكانية تصاعد الصراع واتساعه بين إسرائيل وإيران، قال رئيس "معهد السياسة الخارجية" الدكتور محمود رفعت لـ"الاستقلال": "قيام إيران بعمليات ضد مصالح إسرائيل كان متوقعا وهو أمر ليس بالجديد في ضوء المناوشات بين الطرفين، والقصف الإسرائيلي على مواقع إيرانية في سوريا".

ورأى رفعت أن "الصراع قائم بين الطرفين، لكن المواجهة العسكرية الكبرى هي مستبعدة في الوقت الراهن على الأقل، لأن إسرائيل تريدها تحت عباءة أميركية، وليست مواجهة إسرائيلية - إيرانية مباشرة، بمعنى أن تدخل واشنطن في عملية عسكرية موسعة ضد إيران، وتدخل إسرائيل طرفا لا أن تكون هي رأس الحربة فيها".

وتابع: "أما مسألة أن تشن إسرائيل عمليات أكثر بسبب تفجير السفينة، فهذا ليس مستبعدا، لكن إسرائيل لن تخاطر في توسيع العمليات، خصوصا أن من مصلحة إيران حاليا أن تكون هناك عمليات عسكرية لتضغط بها وتحرك عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي الإيراني بأسرع وقت".

ومن وجهة نظر رفعت، فإن "إسرائيل ستهدأ نوعا ما في هذه المرحلة باستثناء بعض عمليات صغيرة، لأن المعطيات اليوم تشير إلى أن إيران هي من ستزيد عملياتها كي تضع الولايات المتحدة تحت ضغط للعودة سريعا إلى الاتفاق النووي الموقع في 2015".

وتحدثت صحيفة "كيهان" الإيرانية، القريبة من المرشد علي خامنئي، أن السفينة "هيليوس راي" كانت من المحتمل أن تكون في مهمة "تجسس" في المنطقة، من دون إعطاء مزيد من التفاصيل حول هذا التخمين.

تقرير الصحيفة يرى أن السفينة ربما تكون "حوصرت في كمين لفرع من محور المقاومة"، في إشارة إلى وكلاء إيران في المنطقة، ملقية باللوم في الوقت نفسه على إسرائيل في سلسلة من الهجمات الأخيرة، بما في ذلك انفجار غامض دمر مصنعا متقدما لتجميع أجهزة الطرد المركزي في منشأة نطنز النووية في يوليو/ تموز 2020.

كذلك اتهمت "كهيان" إسرائيل بالوقوف وراء اغتيال العالم النووي الإيراني البارز محسن فخري زاده في 27 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، والذي أسس البرنامج النووي العسكري قبل عقدين.

وطالما أثارت تعهدات إيران المتكررة بالانتقام لمقتل فخري زاده المخاوف في إسرائيل، حيث كشفت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" مطلع ديسمبر/ كانون الأول 2020، عن خشية مسؤولي وزارة الدفاع الإسرائيلية من احتمال استهداف السياح الإسرائيليين في كل من دبي وأبو ظبي، حيث يسهل الوصول إليهما من إيران.

وذكرت الصحيفة العبرية في حينها أن "مسؤولين أمنيين إسرائيليين عقدوا مؤخرا اجتماعا حول سلامة الزوار الإسرائيليين إلى الإمارات، وبدؤوا العمل مع نظرائهم الإماراتيين لضمان حماية السياح الإسرائيليين".