صحيفة أوروبية: تركيا عقبة رئيسة لطموحات أميركا شمال شرقي سوريا

12

طباعة

مشاركة

أكدت صحيفة أوروبية أن شمال شرقي سوريا قد يتحول إلى جبهة صراع جديدة بين واشنطن وأنقرة، في ضوء عزم الرئيس الأميركي جو بايدن على دعم كيان كردي وإصرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على التصدي لهم باعتبارهم تهديدا للأمن القومي التركي.

ولفت تقرير "مودرن دبلوماسي" إلى أن "الولايات المتحدة التي شهدت انتخابات رئاسية دراماتيكية، تستعد لتحولات كبيرة خاصة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية لواشنطن".

وأشارت الإدارة الأميركية الجديدة بقيادة بايدن مرارا وتكرارا إلى نيتها إجراء عدد من التعديلات على الوضع الحالي في الشرق الأوسط، وإعادة صياغة شكل العلاقات مع القوى الإقليمية مثل إيران وتركيا، وتنشيط التعاون مع مليشيات الكيانات الكردية الذين يهيمنون على الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، الحليف الرئيس لواشنطن في سوريا.

لكن مساعي البيت الأبيض الطموحة "لم تلق ترحيبا كبيرا" في المنطقة، حيث تعد تركيا العقبة الرئيسة للطموحات الأميركية، وعلى عكس واشنطن، لم تظهر أنقرة أي رغبة في إجراء تغييرات في سياستها تجاه الأكراد السوريين.

علاقات متوترة

ويضم الجناح العسكري للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، قوات سوريا الديمقراطية، وحدات حماية الشعب الكردية، وهي كيان تعتبره أنقرة تابعا لحزب العمال الكردستاني (PKK) المُدرج كمنظمة إرهابية في تركيا.

وفي هذا الصدد، فإن القوة المتنامية لـ"قوات سوريا الديمقراطية"، وإن كانت تحت حماية الولايات المتحدة، فهي تتعارض مع مصالح تركيا وتشكل تهديدا خطيرا لأمنها القومي كما يقول المسؤولون الأتراك بشكل دائم.

وأفادت الصحيفة بأن "علاقات تركيا الآن أصبحت متوترة إلى حد ما مع كل من الدول الأوروبية ودول الشرق الأوسط، بسبب تدخلها مؤخرا في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا".

واعتبرت أن "شراء أنظمة الصواريخ الروسية S-400 المضادة للطائرات تسبب في توتر العلاقات بين القيادة التركية والسلطات الأميركية، وعلاوة على ذلك، أعرب عدد من أعضاء الكونغرس عن قلقهم من التدخل التركي في شمال سوريا، وطالبوا بايدن بالضغط على المسؤولين الأتراك لإنهائه".

وشاركهم في ذلك، وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكين الذي قال إن تركيا "لا تتصرف كحليف"، واصفا شراء أنظمة الصواريخ المضادة للطائرات روسية الصنع بأنه "غير مقبول".

وفي تناقض صارخ مع هذا الموقف السلبي بشكل عام، بدا البيان الأخير للمتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس "مفاجئا إلى حد ما".

ووصف برايس تركيا بأنها شريك مهم في الناتو، وشدد على أن الدولتين تشتركان في مصالح مشتركة، بما في ذلك الأمور المتعلقة بتسوية الصراع السوري، مضيفا أن جميع الخلافات الحالية مع أنقرة يجب حلها في إطار الحوار السياسي.

مفاجأة مروعة

وفي ذات السياق، حث المتحدث الرئاسي التركي إبراهيم قالن، الرئيس الأميركي على وقف الدعم للوحدات المسلحة الكردية وللإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا.

بينما أكد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار استعداد أنقرة لمواصلة عمليات "مكافحة الإرهاب" في شمال سوريا.

وربط اتجاه واسع في تغطية الملف السوري في وسائل الإعلام التركية تصاعد نشاط الوحدات الكردية بوصول بايدن إلى السلطة، واتهمت صحيفة "ديلي صباح" التي تديرها الدولة والمكلفة بإبراز أجندة تركيا في الغرب، الأكراد علانية بإساءة استخدام حماية واشنطن من أجل تقوية مواقفهم، وفق الصحيفة الأوروبية.

وذكرت أن "مناطق شمال سوريا التي تسيطر عليها فصائل المعارضة السورية التابعة لتركيا تشهد زيادة في الهجمات، وتُلقي أنقرة باللائمة بشكل عام على الخلايا النائمة الكردية".

وفي أحدث مثال، ضربت سلسلة انفجارات مدن أعزاز وعفرين والباب، ما أسفر عن مقتل أكثر من 20 مدنيا، وبعد الحادث، أصدرت وزارة الخارجية الأميركية بيانا غير مسبوق أكدت فيه أن "المسؤولين عن ارتكاب أعمال العنف يجب أن يمثلوا أمام العدالة"، الأمر الذي شكل "مفاجأة مروعة" للأكراد.

ومع وضع هذا التطور في الاعتبار، فإن السؤال المطروح هو هل يتمتع أردوغان، رغم خطابه الحاد ضد هذه التنظيمات، بالجرأة على مواجهة وربما إفساد العلاقات مع الحليف الأقوى في الناتو والذي يدعم "قوات سوريا الديمقراطية" ويثق بها لحماية حقول النفط في شرق سوريا؟، تتساءل الصحيفة.

وختمت الصحيفة تقريرها بالقول: إن "شبكة من التحديات الدبلوماسية تجعل أردوغان مجبرا على الاختيار بين المطالبات الإقليمية والقتال ضد الإدارة الكردية على حدود تركيا من جهة، والحفاظ على العلاقات مع الحليف الرئيس من جهة أخرى".