صحيفة تركية: محكمة أوروبا لحقوق الإنسان تناقض نفسها بقضية دميرطاش
سلطت صحيفة "حرييت" التركية، الضوء على "تناقضات" المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان فيما يخص قضية السياسي الكردي البارز صلاح الدين دميرطاش.
وقالت الصحيفة في مقال للكاتب عبد القادر سيلفي: "ربما تذكرون أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان طالبت بإطلاق سراح دميرطاش على الفور في لهجة آمرة وحاسمة تتحدى القواعد القانونية، لدرجة أن القاضية التركية في تلك المحكمة الأوروبية، سعادت يوكسيل، اعترضت وقالت إن الأمر يخالف المألوف في الدائرة الكبرى".
وطالبت المحكمة الأوروبية في 22 ديسمبر/ كانون الأول 2020، تركيا بالإفراج الفوري عن دميرطاش، وقالت إن تبرير سنوات اعتقاله كان ستاراً للحد من التعددية والنقاش الديمقراطي.
وادعت الغرفة الكبرى بالمحكمة أن حقوق دميرطاش، المتهم بجرائم تتعلق بالإرهاب، في التعبير عن الرأي والحرية وغير ذلك من الحقوق، انتهكت. وأضافت أن حبسه احتياطياً بعث "برسالة خطيرة لكل الناس" قيدت بشدة النقاش الديمقراطي الحر.
وتابعت: "لذلك خلصت المحكمة إلى أن الأسباب التي ساقتها السلطات بشأن احتجاز مقيم الدعوى تمهيداً للمحاكمة، كانت مجرد ستار لغرض سياسي خفي".
وجاء القرار في أعقاب طعون قدمتها تركيا ودميرطاش بعد الأمر الأولي للمحكمة في نوفمبر/ تشرين الثاني 2018.
فقبل عامين، أشارت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان إلى أن اعتقاله الأولي في عام 2016 بتهم تشمل جرائم الإرهاب كان مبرراً. لكنها أصدرت حكماً نادراً بأن احتجازه المطول قبل المحاكمة منذ ذلك الحين كان لدوافع سياسية ولا يمكن تبريره.
كما أمرت المحكمة ومقرها ستراسبورغ، تركيا بدفع تعويضات ونفقات لصلاح الدين دميرطاش - الرئيس المشارك السابق لحزب الشعوب الديمقراطي المعارض- تبلغ 60400 يورو.
ودميرطاش مسجون منذ نوفمبر/ تشرين الثاني 2016، وربما يواجه حكماً بالسجن 142 عاماً إذا أدين في قضية رئيسة اتهم فيها بتزعم منظمة إرهابية بسبب أفعاله خلال احتجاجات عام 2014.
وفي ذلك العام، اتهم المحتجون في جنوب شرق تركيا، الذي تقطنه غالبية كردية، الجيش بالوقوف متفرجاً بينما كان تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) يحاصر مدينة كوباني الواقعة على الجانب الآخر من الحدود. وتحولت الاحتجاجات إلى أعمال عنف أدت إلى مقتل 37 شخصاً.
وقاد دميرطاش حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد بين عامي 2014 و2018. وقالت محكمة حقوق الإنسان الأوروبية إنها لا ترى في قرارات احتجازه ما يدل على وجود صلة بين أفعاله والجرائم المزعومة.
سلسلة الأخطاء
وحول الاعتراضات، قال الكاتب إن "شانتوريا (لم يذكر لقبه)، وهو عضو في المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان من أصل جورجي، فقد شعر بالحاجة إلى طرح سؤال حول نوع الرسالة المزمع إرسالها إلى المحاكم الوطنية، بتجاهل التعاون القضائي الدولي".
وأضاف قائلا: أما الآن فقد حدث تطور جديد. وصل بيان المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان لوزارة العدل التركية في 19 يناير/كانون الثاني 2021 المتعلق بطلبها من تركيا دفاعا حول قضية دميرطاش الذي يتم محاكمته في قضية أحداث عين العرب (كوباني) والذي قتل فيه 53 شخصا بطريقة وحشية من بينهم ياسين بورو (طالب في الثانوية).
وشرح ذلك بالقول: "المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان كانت قد اتخذت قرارا بشأن دميرطاش في وقت سابق لإطلاق سراحه على الفور، ثم طلبت الدفاع من تركيا".
وكانت وزارة العدل قد أوضحت أن اعتقال دميرطاش في 20 سبتمبر/أيلول 2019 كان بسبب جرائم مختلفة، وهناك إشارات إلى ذلك في كل من شروح القرار والمعارضة. لكن السؤال هنا هل وضعت المحكمة أطروحات تركيا في الحسبان؟ لا لم تفعل ذلك. إذ لماذا تطلب من تركيا دفاعا؟، يقول الكاتب.
وتابع: "اتضح أن قرار المحكمة الأوروبية الأخير يتعلق باعتقال دميرطاش فيما بين 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2016 و7 ديسمبر/كانون الأول 2018. أما الدفاع الذي تطالب المحكمة به تركيا حتى 11 مايو/أيار 2021، فقد ظهر أنه متعلق باعتقال دميرطاش في تاريخ 20 سبتمبر/أيلول 2019".
وقد نوه قاضيا المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان سعادت يوكسيل وشانتوريا على ذلك في شروح معارضة القرار.
لكن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان كانت مصممة على قرارها لأن الأمر يتعلق بدميرطاش، لدرجة أنها قررت "الإفراج عنه على الفور" دون أن يتم تقديم أي طلب إليها بهذا الشأن. بحسب ما يراه الكاتب.
واستطرد سيلفي قائلا: أود أن أعرض بعض الحلقات في سلسلة أخطاء المحكمة الأوروبية، التي تعطي نفسها سلطة مناقشة اعتراض دميرطاش على الاعتقال السابق واتخاذ قرار بشأن الاعتقال اللاحق.
لم ترتكب المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان هذا الخطأ عن غير قصد. فقد تجاهلت اعتراضات يوكسل وشانتريا في هذا الصدد.
كما يظهر في الفقرة 128 من القرار أن دميرطاش قدم طلبا فرديا إلى المحكمة الدستورية بشأن الاعتقال الذي تم بتاريخ 20 سبتمبر/أيلول 2019، وأن الطلب لا يزال معلقا في المحكمة الدستورية.
كما يظهر في طلب الدفاع الأخير من تركيا أن دميرطاش قدم طلبا للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في الثاني من مارس/آذار 2020 فيما يتعلق بالاعتقال التي تم في 2019. فبأي سلطة تتخذ المحكمة قرارا بالإفراج الفوري عن طلب لم يتم تدقيقه بعد ولم تطالب بالدفاع فيه؟
وتساءل الكاتب: كيف يمكن للمحكمة الأوروبية أن تتخذ قرارا بالإفراج الفوري دون أن تجمع المعلومات والدلائل الكافية حول الاعتقال الذي تم في 2019، استنادا على أدلة في قضية سابقة؟ هل يمكن لمحكمة عليا أن تجري مثل هذا التعميم؟