"إهانة تاريخية".. صحيفة فرنسية: هذه دوافع صراع قيس سعيّد والمشيشي

12

طباعة

مشاركة

تحدثت صحيفة فرنسية، عن رفض الرئيس التونسي قيس سعيّد التعديل الذي أجراه رئيس الحكومة هشام المشيشي، ما ينذر بتحول الخلاف إلى "قضية دولة"، في ظل غياب محكمة دستورية.

وذكرت "جون أفريك"، أنه خلال حديثه في الجلسة الافتتاحية لمجلس الأمن القومي في 25 يناير/كانون الثاني 2021 بقرطاج، فاجأ سعيد التونسيين، بعدم التطرق لجائحة كورونا التي أرهقت البلاد، لكن في المقابل ألحق بالمشيشي "إهانة ستسجل في التاريخ".

وأشارت إلى أن رئيس الدولة "أبدى معارضته للتعديل الوزاري الجزئي للمشيشي بصوت عال وواضح".

وقالت الصحيفة: "سعيد ظهر في خطابه وهو يؤكد، كما يفعل في كثير من الأحيان، أن التاريخ سيثبت صحة أقواله، كرجل جريح يحاول ارتداء زي أمير الحرب". 

وأشارت إلى أن "خطابه غير المتوقع يبدو وكأنه خطبة فردية يلقيها إلى المشيشي، دون أن يتمكن الأخير من الردّ". 

وبذلك يؤكد "شائعات الخلاف مع رئيس الحكومة ويدعو المواطنين ليكونوا شهودا على ذلك على الهواء مباشرة عبر شاشات التلفزيون".

وأوضحت الصحيفة أنه "عندما عين المشيشي رئيسا للحكومة في أغسطس/آب 2019، كان سعيد متأكدا من أن يكون أحد رجالاته شريكا له على رأس السلطة التنفيذية، على أساس اتفاق ضمني: لا مشاورات ولا التزامات مع الأطراف بشأن تكوين الحكومة، لكن المشيشي لم يتبع تلك الإرشادات". 

وأردفت أن "سعيّد رأى في هذه الحادثة ازدراء، بل خيانة، وكبح جماحه من خلال خلق المطبات أو القيام بأعمال مفاجئة لم تكن ضمن صلاحياته، مثل الزيارات الليلية لقوات الأمن".

تصفية حسابات

واعتبرت "جون أفريك" أن "اجتماع مجلس الأمن القومي الأخير منح الرئيس الفرصة لتصفية حساباته"، قائلة إن ذلك "يأتي بعد أسبوع من إعلان رئيس الحكومة تعديلا وزاريا بعد إقالة وزير الداخلية توفيق شرف الدين، المقرب من سعيد". 

وفي هذا الاجتماع، حرص سعيّد على استدعاء وزيرة العلاقات مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني، ثريا الجريبي، وكذلك وزير العدل محمد بوستّة، وكلاهما يعتبر منتهي الولاية، حاضرا لمطالبة المشيشي بتبرير عزلهما. 

كما حضرت الجلسة الأولى النائبة سامية عبو (عن حزب التيار الديمقراطي) بدعوة من قرطاج ولكنها لا تملك الصفة، بحضور رئيس المجلس راشد الغنوشي، للتحدث نيابة عن التيار الديمقراطي، وفق الصحيفة.

وأوضحت الصحيفة أنه "بعد إلقاء خطاب حول صلاحياته، شرع سعيد في خطبة حادة مدتها 23 دقيقة ضد المشيشي والتعديل الوزاري، ووفقا له، فإن هذا الأخير لا يمتثل للقانون الأساسي؛ الذي يضمن أنّه ينص على وجوب استشارة رئيس الدولة في أي تغيير، ومع ذلك، فإن المادة 92 تنص على إبلاغ الرئيس فقط". 

ولفتت إلى أن "حجة سعيد مثيرة للدهشة، في وضع مشابه عام 2018، قال إن رئيس الحكومة آنذاك، يوسف الشاهد، لم يكن بحاجة إلى موافقة الرئيس لتعيين وزير".

وذكرت الصحيفة أنه "في هذه العملية، تعامل سعيد مع المشيشي بحرمانه من الحق في تعيين نفسه وزيرا مؤقتا للداخلية وأشار إلى وجود خرق في الإجراءات".

وأوضحت أنه "كان ينبغي لمجلس الوزراء أن يصادق على التغييرات في الهياكل الحكومية التي أجراها، مع إنشاء وزارة الطاقة والمعادن، وتحويل التكوين المهني والتشغيل والاقتصاد التضامني والاجتماعي إلى قطب وإعادة تركيز وزارة الشباب والإدماج الرياضي والمهني للشباب والرياضة، وهو ما تم بعد ذلك". 

وقالت الصحيفة: إن "رئيس الدولة يذهب إلى أبعد من ذلك، ويتّهم المشيشي بالتّعدي على الأخلاق بتخصيص حقائب شخصية لشخصيات مشتبه بها في تضارب مصالح ويؤكد عدم تمكن أي منهم من أداء القسم في قرطاج".

وهو بذلك يتساءل، ضمنيا، عن نزاهة المشيشي ويهدد البرلمان إذا قبل اقتراح الحكومة، ويقول سعيد في حالة من الهيجان: "أقسمت أن أحترم الدستور، لكنه يُداس أمامي"، وفق "جون أفريك".

وأضافت "لكن في الحقيقة، يظهر الرئيس أنه ليس لديه مجال للمناورة سوى التهديد، حيث يقول: كفى، كفى، كفى! أقسمت أن أدافع عن هذا البلد وهذا الشعب وهذه الثورة، لكني لا أراكم تسلكون نفس الاتجاه، في هذه الحالة يوجد قانون بيننا!".

أزمة مؤسساتية

حسب الصحيفة الفرنسية فإن "تلك الأزمة منطقية في حالة استئناف محتمل أمام محكمة دستورية يمكنها، إذا تم وضعها، الاستجابة لجميع النزاعات وتجنب تراكم المظالم". 

ويستذكر الوزير السابق فوزي عبد الرحمن ذلك بقوله إنّ "النص الدستوري محدود، ولا ينص على آليات الخروج من الأزمة".

وتعود الصحيفة لتشير إلى أنه "في غياب محكمة دستورية، يهدد الخلاف بين الرجلين بالتحول إلى قضيّة دولة".

وأكدت أن "الأزمة المؤسساتية تعمل على تفاقم التوتر السياسي الشديد بالأساس، حيث تشتعل نيران السّخط الاجتماعي في جميع أنحاء البلاد". 

في هذا السياق، استطاع سعيد، الذي كانت شعبيته تتهاوى، استعادة النقاط. 

ونقلت "جون أفريك" عن المختص الدستوري سليم اللّغماني قوله: "من دون حزب ومع امتيازات قليلة، يكون رئيس الدولة ضعيفا مؤسساتيا". 

وأضاف اللغماني: "لكن من ناحية أخرى، يتمتع سعيد بشعبية داخل المجتمع، والانشقاق الذي يمثله رئيس البلاد الآن لرئيس السلطة التنفيذية ورئيس مجلس النواب، يمكن أن يجذب دعما كبيرا لم يكن لرئيس الدولة من قبل".

وتتساءل الصحيفة ختاما "ما إذا كان ذلك الدعم سيكون كافيا للسماح لسعيد بتأسيس نظامه السّياسي المثالي بالقوّة؟:، قائلة: "على أيّ حال، لم تشهد تونس خطر نشوب صراع داخلي منذ عام 2011".