صحيفة إيطالية: إصلاحات الإمارات "التحررية" لا تستر عيوب حقوق الإنسان

12

طباعة

مشاركة

انتقدت صحيفة إيطالية، الإصلاحات "التشريعية التحررية" التي أعلنت عنها الإمارات في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، عقب التطبيع مع إسرائيل، وذلك "لتناقضها مع الوضع الحقيقي لحقوق الإنسان والحريات في الدولة الخليجية". 

وأكدت صحيفة "إيل كافي جيوبوليتيكو" أن "الإصلاحات التقدمية الأخيرة المعلنة تعد جزءا من إستراتيجية أبوظبي الهادفة إلى تحقيق نمو اقتصادي، وعلى الرغم من أنها تشكل نقطة تحول في تاريخ الدولة الخليجية، إلا أنها أخفقت في حجب الثغرات والتجاوزات فيما يتعلق باحترام حقوق الإنسان".

تحول مزعوم

وقالت الصحيفة: إن "الإمارات أعلنت في بداية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، عن بعض الإصلاحات في مجال الحريات الشخصية وقانون الأسرة التي ينبغي تنفيذها على مدى الأشهر القليلة المقبلة، والتي ستؤدي إلى التقليص من التيار المحافظ داخل الدولة الخليجية".

وفي هذا الإطار، ذكرت أن "إلغاء العقوبات المفروضة على استهلاك الكحول، أثار ضجة كبيرة ويلغي الإصلاح الحاجة إلى ترخيص لاستهلاكها، وبالتالي السماح  للأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 21 عاما، من شرب الكحول في الأماكن المخصصة أو الخاصة".

كما نصت التعديلات الجديدة على إمكانية المعاشرة بين الأزواج غير المتزوجين بشكل علني، متجاوزة بذلك بلدان عربية أخرى أكثر ليبرالية مثل المغرب، إلا أنه من غير الواضح ما إذا كان هذا الإجراء يعني ضمنا إلغاء تجريم العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، في حين من الواضح أن الانتحار بات أحد السلوكيات التي لم تعد تجرمها الإصلاحات الجديدة.

إلى جانب تشديد العقوبات المفروضة على العنف ضد المرأة، بما في ذلك جريمة الملاحقة، وألغيت أيضا المادة  التي تمنح العذر المخفف فيما يتعلق بجرائم الشرف.

وأضافت الصحيفة أن التعديلات "نصت على تدابير جديدة للطلاق والميراث للوافدين إلى الإمارات، وبموجبها سيخضع الطلاق إلى قوانين الدولة التي تم فيها عقد الزواج، وسيتوافق تقسيم التركات بعد الوفاة مع القانون المعمول به في دولة جنسية المتوفى، باستثناء العقارات المشتراة في الإمارات".

وأشارت إلى أن الإعلان عن "الإصلاحات المذكورة أعلاه كانت محل ترحيب على المستوى الدولي".

واستدركت بالقول: "قبل الحديث عن نقطة تحول ليبرالي، من الجيد فهم الأسباب الكامنة وراء هذه الإجراءات التي تسمح جزئيا وفقط في حالات معينة، بخروج البلاد عن تطبيق الشريعة الإسلامية".

وفقا للتصريحات الحكومية، تهدف هذه الإصلاحات إلى مواكبة التطور السريع للمجتمع، خاصة وأن الإمارات تضم فسيفساء من حوالي 200 جنسية، حيث يشكل غير الإماراتيين أقل من 90 بالمئة من مجموع السكان البالغ عددهم 10 ملايين بعد أن تضاعف أكثر من ثلاثة أضعاف في السنوات العشرين الماضية".

لذلك بحسب الصحيفة الإيطالية، تستجيب الإصلاحات إلى "احتياجات مختلف سكان الإمارات، مع إيلاء اهتمام خاص للعمال أصحاب المؤهلات العليا".

من ناحية، توفر هذه الإجراءات الجديدة مزيدا من الحرية في إدارة الحياة الشخصية للفرد، ومن ناحية أخرى، تقدم صورة أكثر حداثة وأمانا للبلد خاصة فيما يتعلق بحماية المرأة.

وأكدت "إيل كافي جيوبوليتيكو" أن هذه الإصلاحات تأتي في إطار "مشروع مستمر في جذب موارد جديدة بهدف تحويل الإمارات إلى وجهة لا يرغب فيها الرجال فقط -الذين يمثلون حاليا 69 بالمئة من السكان- ولكن أيضا النساء وعائلات بأكملها، وبالتالي المساهمة في منظور النمو الاقتصادي الوطني".

تواصل الانتهاكات

تفسر الصحيفة بأن الطموح في "إنعاش الاقتصاد الوطني اكتسى أهمية أكبر عام 2020، وبدوره، تأثر  اقتصاد الإمارات بكورونا الذي تسبب في انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 6.6 بالمئة".

وبالإضافة إلى الصدمة النفطية التي ساهمت بلا شك في هذه النتيجة، أثبتت الإمارات، بحكم اقتصادها المعولم والمترابط، أنها معرضة بشكل خاص للتداعيات الاقتصادية للأزمة الصحية. 

وفي هذا السياق، الذي أدى أيضا إلى تأجيل معرض "إكسبو دبي" إلى أكتوبر/تشرين الأول 2021، "من المهم  الحفاظ على تدفق عال من المهنيين، بالإضافة إلى الاستثمارات إلى الدولة، وتحقيق هدف إنشاء نظام اقتصادي تنافسي ومتنوع وقائم على الخبرات المحلية والدولية". 

وبالتالي، ترى الصحيفة الإيطالية، أن "الإصلاحات الأخيرة، التي تهدف إلى جعل الإمارات أكثر صداقة مع المغتربين، من شأنها المساهمة في هذا الاتجاه. كما قد تكون استضافة عروض الأزياء مؤخرا في صالح السياحة الإماراتية، في محاولة لجذب الوافدين الجدد بعد التباطؤ الناجم عن الوباء".

ويُذكر أن عدد السياح الوافدين إلى الشرق الأوسط شهد انخفاضا بنسبة 73.4 بالمئة في الفترة من يناير/كانون الثاني إلى أكتوبر/تشرين الأول 2020.

ونوهت الصحيفة بأن السياحة تتمتع بأهمية اقتصادية معينة بالنسبة للإمارات، وقد بلغ قطاع السفر والسياحة 11.9 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي الوطني وخلق 745 ألف فرصة عمل عام 2019، وذاك بعد أن ارتفعت أعداد السياح الوافدين إلى الإمارات بأكثر من 5 ملايين سائح من (2015 إلى 2019.(

وأكدت "إيل كافي جيوبوليتيكو" أن قطاع السياحة الإماراتي يستكشف آفاقا جديدة بفضل التغيير الأخير في السياسة الخارجية، ومنذ توقيع اتفاقية التطبيع منتصف سبتمبر/أيلول 2020، زار حوالي 50 ألف سائح إسرائيلي البلاد.

وعلى الجانب الآخر، يُخشى أن تتسبب القواعد المحافظة في الإمارات إلى حوادث دبلوماسية مع السياح الإسرائيليين، وربما تؤثر سلبيا على العلاقات مع أبو ظبي. ولتجنب ذلك، أصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية وثيقة تحتوي على سلسلة من  التوصيات للإسرائليين المتوجهين إلى الإمارات.

وبالتالي، من المؤكد أن تصور الإمارات كدولة محافظة وتقليدية وغير ديمقراطية لا يتفق مع رغبة الإمارات في تقديم نفسها دوليا كمروج حديث للتعايش والتسامح. ولهذا السبب لا تغير هذه الإجراءات المثيرة إلى حد ما صورة بلد معروف بانتهاكاته لحقوق الإنسان، وفق الصحيفة الإيطالية.

وفي هذا الصدد، أوردت أن  العديد من المنظمات الدولية بادرت مؤخرا بالدفاع عن بعض النشطاء -الإماراتيين أو غير الإماراتيين- المسجونين لانتقادهم الحكومة، وبالتالي فضح انعدام حرية التعبير في الإمارات.

وختمت الصحيفة مقالها بالقول: إن "نظام الكفالة لا يزال ساريا في الإمارات مما يفسح المجال لممارسات الاستغلال وسوء معاملة العمال المهاجرين، خاصة تجاه أصحاب المؤهلات الأقل".