تدعم مليشيات.. كيف سيتعامل بايدن مع ملف أسلحة الإمارات بالمنطقة؟

أحمد يحيى | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

وضعت إدارة الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن، نصب أعينها، العتاد العسكري الروسي والصيني والكوري الشمالي، الذي توفره الإمارات لحلفائها من المجموعات القتالية في بؤر النزاع بالشرق الأوسط ومناطق أخرى.

وباتت واشنطن قلقة وحذرة من إمكانية وصول تكنولوجيا الأسلحة الأميركية إلى خصومها في تلك الدول، مع السيولة التي توفرها أبوظبي في مناطق الحروب، خاصة وأن الأسلحة الإماراتية تسببت في انتهاكات مفزعة وحروب دامية، وإسقاط حكومات وإقامة أخرى، كما حدث في ليبيا واليمن وإريتريا، وهو ما رصدته تقارير دولية لأجهزة استخبارات عالمية.

فكيف ستتعامل الإدارة الأميركية الجديدة مع حكام الإمارات فيما يخص صفقات السلاح؟ وكيف يرى المشرعون في مجلس الشيوخ الأميركي صفقات السلاح بين بلادهم وأبوظبي؟ وما هي وسائل الدولة الخليجية للضغط على الولايات المتحدة لإتمام الصفقات القائمة والحصول على مزيد من تكنولوجيا التسليح؟

الضغط الأميركي

إرهاصات ضغط واشنطن على أبوظبي بدأت مع نشر تقرير صدر عن المفتش العام لوزارة الدفاع الأميركية في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، أكد أن "وكالة الاستخبارات الدفاعية، رصدت تمويل الإمارات عمليات مجموعة فاغنر الروسية شبه العسكرية في ليبيا، والتي تعد واحدة ضمن عدد من الخطايا التي تسجلها الولايات المتحدة ضد أبوظبي".

تلك الحيثية عضدها ما نشر في مجلة "إنتيليجنس أونلاين" الفرنسية المتخصصة في شؤون الاستخبارات، يوم 16 ديسمبر/ كانون الثاني 2020، عندما أوردت أن "الشركة الإماراتية -إنترناشيونال جولدن جروب-، المقربة من ولي العهد محمد بن زايد، اشترت معدات عسكرية استخدمتها فاغنر في عملياتها بليبيا".

وأضافت: أنه "من خلال أوامر شراء أصدرتها الشركة الإماراتية، الشريك المحلي لعدد من الشركات الفرنسية وغيرها، أرسلت الإمارات مروحيات من طراز "مي-24 بي" ومنظومات دفاع جوي من طراز "سام-3" ودبابات من طراز "تي-72" إلى ليبيا، ومعظمها تم الاستحواذ عليها جاهزة للاستخدام من مستودعات بيلاروسية". 

ويذكر أنه في 9 مايو/ أيار 2017، كشفت مجلة "تايم" الأميركية، عن نشر الإمارات 6 طائرات توربينية في قاعدة جوية شرق ليبيا، في انتهاك واضح لحظر تصدير الأسلحة المفروض على المنطقة. 

كما كشفت مؤسسة البحوث العسكرية "جاينز"، ومقرها لندن، معلومات أفادت أن الإمارات أنشأت قاعدة عسكرية شرقي ليبيا ما بين مارس/آذار ويونيو/حزيران 2016، انطلقت منها طائرات هجومية من طراز AT-802، وأخرى بدون طيار لدعم قوات اللواء الانقلابي خليفة حفتر.

وفي 10 يونيو/حزيران 2017، كشف تقرير أصدرته لجنة العقوبات الدولية الخاصة بليبيا، أدلة قاطعة على تورط دولة الإمارات في خرق حظر التسليح المفروض على البلاد، حيث قدمت الدعم العسكري لقوات حفتر على أنها شحنة مواد غير قاتلة.

وقال خبراء الأمم المتحدة: إنهم "تمكنوا من تتبع تسليم شحنات مروحيات قتالية مصنوعة في بيلاروسيا إلى دولة الإمارات، وقدموا صورا تظهر وجود هذه المروحيات في قاعدة الخادم الجوية (شرق ليبيا) معقل حفتر".

سر القلق 

قلق واشنطن الحقيقي تجاه سيولة الأسلحة من قبل الإمارات في المنطقة، نابع من إشكالية نقل التكنولوجيا الأميركية إلى خصوم واشنطن مثل كوريا الشمالية والصين وروسيا، حيث استخدمت أبوظبي أسلحة تلك الدول ونقلتها إلى مجموعات "فاغنر" الروسية المنخرطة في الصراع الليبي. 

وعلى سبيل المثال أورد تقرير وكالة الاستخبارات الأميركية المركزية الصادر في 2015، أن الدبابات التي وردتها أبوظبي إلى قوات حفتر، أخضعت لاستقصاء دقيق من قبلها.

 ورصدت أن بعض تقنياتها من أصل كوري شمالي، وأن قوات حفتر تمتلك مركبات مدفعية ثقيلة تعود لبيونغ يانغ. 

وفي أغسطس/ آب 2020، زار قادة عسكريون أميركيون الإمارات لاستجلاء وجود أو عدم وجود إستراتيجية لأبوظبي فيما يتعلق بانتشار التكنولوجيا العسكرية الصينية تحديدا. 

وجاءت الزيارة في وقت تشعر الولايات المتحدة بقلق متزايد حيال صفقات الطائرات المسيرة الصينية الإماراتية، لا سيما في مسارح العمليات الخارجية، مثل ليبيا وإريتريا وسيناء. 

وهو ما يدلل أن العلاقة بين البيت الأبيض وأبوظبي يشوبها كثير من الإشكاليات، وهو ما ذكره تقرير مجلة "إنتيليجنس أونلاين" الصادر بتاريخ 2 ديسمبر/ كانون الأول 2020.

وقال التقرير: إن "المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على رأس أولويات مجتمع الاستخبارات الأميركي، حيث تم تصنيف كلا البلدين في تقرير (اللجنة الدائمة للاستخبارات بمجلس النواب) على أنهما مصدر قلق". 

وأضاف: أن "مجتمع الاستخبارات الأميركي يرصد مسألة الطائرات المسيرة وأي تعاون دفاعي آخر قائم بين بكين وأبوظبي". 

وأورد أن "التقارب بين الإمارات وروسيا سيخضع للتدقيق، في الوقت الذي تُقيم فيه الولايات المتحدة مسألة استمرارية نقل التكنولوجيا الخاصة بها إلى الإمارات".

شد وجذب  

كثرة النزاعات والحروب التي دخلت فيها الإمارات على المستوى الإقليمي والدولي، عرضت ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد، لانتقادات مكثفة بسبب سياساته، ودفعت بعض صانعي السياسات في واشنطن لمحاولة تقييد عمليات نقل التكنولوجيا الأميركية والأسلحة المتطورة إلى الإمارات. 

ففي 9 ديسمبر/كانون الأول 2020، فشل تصويت في مجلس الشيوخ في وقف بيع مقاتلات "إف-35" وطائرات بدون طيار وأسلحة متطورة بقيمة 23 مليار دولار إلى أبوظبي، ورغم ذلك الفشل إلا أنه أظهر أصواتا شديدة المعارضة داخل مؤسسات اتخاذ القرار الأميركية ضد الإمارات. 

وهو ما دفع أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأميركي المعين من قبل "بايدن" للتصريح أن "البيت الأبيض القادم سيلقي نظرة فاحصة على صفقة الأسلحة الإماراتية، بالنظر إلى المخاوف التي أعرب عنها المشرعون الأميركيون من أن الإمارات قد تستخدم مثل هذه الأسلحة في اليمن وليبيا".

تلك التحركات أثارت القلق لدى حكام الإمارات. وفي 9 ديسمبر/ كانون الأول 2020، أرسل السفير الإماراتي لدى واشنطن، يوسف العتيبة، تحذيرا مبطنا إلى النواب الأميركيين في الكونغرس الذين يناقشون صفقة تصدير مقاتلات (إف-35) لأبوظبي.

وأشار العتيبة في سلسلة تغريدات منشورة على حساب السفارة الرسمي، إلى أن بلاده تفضل الحصول على أفضل معدات أميركية، أو ستجدها على مضض من مصادر أخرى، وهو ما فسرته تقارير إعلامية بأنه يقصد الصين وروسيا.

وذكر العتيبة أن "وصف الإمارات بأنها تحظى بشراكة دفاعية وثيقة ونشطة جدا مع روسيا والصين، هو كلام مبالغ فيه"، موضحا أن "لدى بلاده علاقات اقتصادية ودبلوماسية مع كلا الدولتين وهي تقتني منتجاتهما عندما لا تستطيع الولايات المتحدة تلبية احتياجاتها في المعدات المهمة".

وفي 18 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، قاد السيناتور بمجلس الشيوخ بوب مينينديز، رفقة الديمقراطي كريس ميرفي والجمهوري راند بول، مقترح تشريعات تسعى لوقف بيع طائرات مسيرة ومقاتلات إف-35 (F-35) وغيرها من منظومات الأسلحة للإمارات.

كما وقعت 29 منظمة نشطة في الدفاع عن حقوق الإنسان والحد من انتشار الأسلحة، في الأول من ديسمبر/ كانون الأول 2020 على خطاب يعارض صفقة لبيع صواريخ وطائرات مقاتلة ومسيرة للإمارات.

وقال سيث بايندر، من مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط، الذي تبنى ذلك الموقف: إن "أملنا هو أن نوقف هذه المبيعات كلية، حتى وإن لم يكن ذلك ممكنا على المدى القريب، فهذا يرسل إشارة مهمة لإدارة الرئيس المنتخب جو بايدن القادمة بأن هناك مجموعة متنوعة من المنظمات تعارض تسليم هذه الأسلحة للإمارات".