حلول غير واقعية.. موقع إيطالي يستعرض أوضاع سوريا بعد عقد من الثورة

12

طباعة

مشاركة

تناول موقع "لوسبيغوني" الإيطالي، الوضع في سوريا وخاصة محافظة إدلب، آخر معاقل المعارضة المسلحة، في ضوء تواصل التنافس التركي الروسي، في دعم أطراف الأزمة، مما قد يفتح المجال أمام عودة العمليات القتالية.

وقال الموقع: إن "عام 2020. لم يضع حدا للصراع في سوريا، حيث يستمر القتال في إدلب شمال غرب البلاد، كما لا يزال تهديد التنظيمات القتالية قائما".

وأضاف: "ميدانيا، أعاد نظام بشار الأسد سيطرته على حوالي 70٪ من المناطق، بينما أدت الأزمة الاقتصادية، وتفشي الوباء إلى تفاقم تردي الوضع".

معضلة إدلب

وأشار الموقع إلى أن محافظة إدلب تمثل آخر "مناطق خفض التصعيد" الأربع (بالإضافة إلى حمص-حماة ودرعا والغوطة) التي تم إنشاؤها مطلع عام 2017. في إطار عملية "أستانا".

وأوضح أن "الاتفاق أتاح إعادة إنشاء قنوات للحوار بين النظام والمعارضة، ومكّن إيران وروسيا وتركيا والأطراف السورية من الاتفاق على تحديد 4 مناطق، كان من المفترض أن يكون وقف الأعمال العدائية بين المعارضة وقوات النظام فيها، شرطا أساسيا لعودة اللاجئين والنازحين".

وأضاف الموقع: أن "التسوية، التي تم التوصل إليها رسميا في مدينة سوتشي الروسية في سبتمبر/أيلول 2018، نصت أيضا على أن توقِّف موسكو أي هجوم جديد في المنطقة، وأن تعمل أنقرة على التمييز بين المعارضة الأكثر اعتدالا على الأرض والجماعات الأخرى".

لكن على مدار العام الماضي، برّر النظام الانتهاكات المتكررة للهدنة، بدعم السلاح الجوي الروسي، بمواصلة أنقرة دعم الجماعات القتالية، وفق "لوسبيغوني".

ولفت الموقع الإيطالي إلى أن "تطبيق هدنة سوتشي كان منذ البداية إشكاليا، نظرا للعمليات العسكرية التركية العديدة التي أجريت في المنطقة".

وشدد على أن "الوجود في إدلب بالنسبة لأنقرة، يعني الاحتفاظ بإدارة موقع متقدم، لمنع حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي (بي يي دي/بي كا كا)، الذي تعتبره تركيا منظمة إرهابية، من السيطرة على شريط إقليمي، وأيضا لتشجيع عودة اللاجئين السوريين في تركيا إلى المناطق التي تخضع لسيطرة قواتها".

في السياق، دفع التقدم التركي الأخير شمالي سوريا، في أكتوبر/تشرين الأول 2019. وما رافق ذلك من انسحاب للقوات الأميركية، جيش النظام إلى شن هجوم عسكري ضد المعارضة منذ ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه، بهدف تفادي المزيد من توطيد السيطرة التركية في المنطقة. 

وبعد بضعة أشهر من الهدوء النسبي، شنت تركيا مطلع مارس/آذار 2020. عملية "درع الربيع"، ردا على القصف المكثف الذي تعرض له جيشها على يد قوات النظام السوري في 27 فبراير/شباط.

وفي 5 مارس/آذار الماضي، دخلت الهدنة الرسمية حيز التنفيذ، بعد اتفاق بين تركيا وروسيا، وينص الاتفاق على وقف جميع الأعمال العسكرية، وتفعيل التنسيق الهادف إلى إنشاء ممر أمني على بعد 6 كيلومترات شمالا، و6 كيلومترات جنوب الطريق السريع" أم 4 "الذي يربط اللاذقية بحلب. 

ورغم انخفاض الهجمات في الأشهر الأخيرة، إلا أن الوضع لم يهدأ تماما، ووفقا لتقارير من مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، عادت الأعمال العدائية في الأسابيع الأخيرة بينما "لا يزال الوضع الإنساني مأساويا".

سوريا تتأرجح

وقال الموقع الإيطالي: إن "في شرق سوريا، بينما يشكو السكان أزمة اجتماعية واقتصادية خانقة تفاقمت بسبب تفشي فيروس كورونا، عاد تهديد تنظيم الدولة إلى الظهور أيضا".

وقد طالت الهجمات والتفجيرات بشكل أساسي منطقة غرب الفرات، التي لا تزال مسرح عمليات لما تبقى من التنظيم بعد تكبده هزيمة "الباغوز" (بلدة بريف محافظة دير الزور)، آخر الأماكن التي كانت تحت سيطرته ربيع 2019.

وذكر الموقع أن تنظيم الدولة شن في يونيو/حزيران الماضي، سلسلة من الهجمات على الحقول والمحاصيل؛ بهدف حرمان السكان المحليين من المصدر الرئيس للدخل، مما يجعلهم عرضة للخطر. 

ومنذ مطلع 2020. وبحسب معطيات أوردها "معهد الشرق الأوسط"، سُجّل أكثر من 170 هجوما في مثلث الأراضي، الواقع بين الرقة وحماة ودير الزور، ما يعني عودة نشاط التنظيم. واستهدفت الهجمات "قوات سوريا الديمقراطية" المدعومة من المجتمع الدولي وجيش النظام. 

من الناحية الاقتصادية، لا يزال الشعب السوري يعاني من تداعيات أزمة عميقة، تفاقمت في الأشهر الأخيرة بسبب فرض واشنطن عقوبات جديدة، من خلال قانون "قيصر" لحماية المدنيين في سوريا الصادر في 17 يونيو/حزيران الماضي.

كما أثر انخفاض قيمة الليرة السورية، مقابل الدولار الأميركي، وعدم استقرار الليرة اللبنانية، وتراجع القوة الشرائية، سلبيا على الأمن الغذائي ومصادر الرزق في المنطقة.

وفي الوقت نفسه، ضرب "فيروس كورونا" البلاد رغم أن البيانات المتعلقة بالعدوى ليست دقيقة، حيث تشير التقديرات إلى أن أعداد الإصابات مرتفعة للغاية مقارنة بما أعلن عنه النظام. 

وبحسب منظمة الصحة العالمية، تعمل 50٪ فقط من المستشفيات في سوريا بكامل طاقتها، بسبب نقص المعدات والأدوية والعاملين، فضلا عن الأضرار التي لحقت بالمرافق الصحية.

وفي السياق، استضافت دمشق في 11 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، "المؤتمر الدولي للاجئين السوريين"، بتنظيم من نظام الأسد وروسيا بمشاركة الصين وإيران ولبنان والإمارات وباكستان وعمان، لمناقشة إعادة إعمار البلاد بعد الحرب، وإجراءات عودة النازحين واللاجئين إلى مناطقهم. 

وبحسب الموقع الإيطالي، تعتبر هذه المسائل "في صميم إستراتيجية النظام العلوي، لاستعادة الشرعية الداخلية والدولية".

وشاركت الأمم المتحدة "بصفة مراقب"، فيما قرر الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وتركيا عدم المشاركة، مؤكدين على عدم توفر ظروف مواتية لعودة اللاجئين. 

ووفقا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، غادر أكثر من 5 ملايين ونصف المليون سوري البلاد بين بداية عام 2013. إلى غاية مارس/آذار 2020، بالإضافة إلى نزوح 6 ملايين ونصف داخل سوريا.

آفاق 2021

وأورد الموقع أنه في 30 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، انعقد الاجتماع الأول للجنة الدستورية برعاية الأمم المتحدة، بهدف صياغة دستور سوري ووضع حد للصراع، ويمثل الدستور الجديد المطلب الرئيس للمعارضة السورية بهدف التقليل من صلاحيات الأسد. 

من جهة أخرى، يهدف ممثلو النظام إلى تعديل الوثيقة الموجودة والمعمول بها منذ عام 2012، دون تغيير الوضع الراهن، وترك الصلاحيات المطلقة بيد رئيس النظام، لا سيما فيما يتعلق بالرقابة على الجيش والأجهزة الأمنية. 

ويتوقع الموقع بذلك أن يكون 2021، عام إعادة انتخاب الأسد لولاية رئاسية جديدة مدتها 7 سنوات تنتهي عام 2028، خصوصا وأنه في الوقت الحالي، من الصعب التكهن أن الأطراف المعنية ستكون قادرة، في غضون بضعة أشهر، على إيجاد بديل لرئيس النظام الحالي. 

من ناحية أخرى، حصل حزب "البعث" والحركات السياسية المتحالفة مع النظام على الأغلبية في الانتخابات النيابية في 19 و20 تموز/يوليو الماضي، بالفوز بـ177 مقعدا من أصل 250. 

ويُذكر أن الانتخابات الثالثة منذ 2011، التي تأجلت مرتين بسبب تفشي كورونا، أقيمت لأول مرة في معاقل المعارضة السابقة، مثل منطقة الغوطة وجنوب محافظة إدلب، ووُصفت من قبل المعارضة المنفية والمجتمع الدولي بـ"المهزلة".

واختتم الموقع تقريره بالقول: إن "مع اقتراب عام 2021، أي بعد ما يقرب من 10 سنوات من بداية الثورة السورية، لا يقدر أي طرف من الأطراف المشاركة في الصراع، على تقديم حلول سياسية واقعية ترضي كل طرف من الأطراف المعنية، وتساعد على تهدئة بلد ينزف منذ فترة طويلة".