خبراء يدقون ناقوس الخطر: هذه أسباب انهيار الاقتصاد الإيراني

12

طباعة

مشاركة

سلطت وسائل إعلام إيرانية، الضوء على المشاكل الاقتصادية والتحديات التي تواجهها البلاد؛ للتغلب على الإكراهات التي ساهمت فيها أسباب داخلية وخارجية، أدت إلى انهيار الاقتصاد.

وأجرت وكالة "فرارو" الإيرانية حوارين مع أهم خبيرين اقتصاديين حول هذه المشاكل فتطرق كل منهما إلى الحديث عن تخصصه الدقيق، وقاما بالتحليل التفصيلي لحل هذه المشاكل والنتائج المترتبة عليها.

وقالت الوكالة: إن "التضخم والركود وجدا طريقهما إلى الاقتصاد المحلي في هذه الظروف المتمثلة في العقوبات (الأميركية) وكذلك جائحة كورونا".

وأكدت أن "إصلاح هذا الوضع والخروج من الحاجز المنيع القائم في هذه الظروف، يجب أن تكون أولوية التحديات الاقتصادية هي الخطوة الأولى". 

انهيار الاقتصاد

ووفقا لتقرير "فرارو"، فإن "التحديات الاقتصادية للدولة التي استمرت عمرا طويلا اختلطت وتعقدت شيئا فشيئا، ومن ثم أدت إلى انهيار الاقتصاد".

وشدد على أن "حل المشكلات القائمة يحتاج إلى خطة كاملة ووجهة نظر مثمرة، ولكن في الخطوة الأولى يجب النظر إلى التحديات الاقتصادية للدولة من حيث ترتيب الأولويات، من أجل الوصول إلى طريقة للحل".

وفي حوار مع "فرارو" بشأن التحديات الاقتصادية لإيران، قال الخبير الاقتصادي، علي سعدوندي: "أولى المشاكل التضخم، لأنه يحول دون نمو الأنشطة الاقتصادية ويعمل على زيادة التذبذب الاقتصادي".

وأوضح أنه "ينتج عن ذلك نمو غير متكافئ، وهذه الزيادة غير المتكافئة تؤثر على سوق العملة الأجنبية، وتتحكم في سوق العملة، وتهيئ الظروف لاضطراب التضخم؛ لذا أولى المشاكل الاقتصادية للدولة التضخم".

وأضاف سعدوندي: "إذا أردنا مواجهة التضخم، يجب علينا أن نحارب نمو الأوراق المالية، ونمنع نموها الزائد عن الحد".

واستدرك قائلا: "لكن انخفاض التضخم ليس كافيا من أجل الاقتصاد، يجب أن يرتفع النمو، أهم عوامل البطالة والركود في الدولة مشكلة التراخيص".

وتضرر الاقتصاد الإيراني بشدة منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في مايو/أيار 2018، واستئناف فرض عقوبات اقتصادية وتجارية ونفطية اعتبارا من أغسطس/آب 2018.

طريقة مدمرة

وعن إمكانية تحسين الأوضاع مع رفع العقوبات الأميركية، قال سعدوندي: "لا أعتقد، لأن الطريقة التي نتعامل بها مع العالم طريقة مدمرة".

وأوضح أنه "خلال 20 عاما ننفق المداخيل الخاصة بالبترول على المرض الهولندي (يعرف في علم الاقتصاد بأنه العلاقة الظاهرة بين ازدهار التنمية الاقتصادية بسبب وفرة الموارد الطبيعية وانخفاض قطاع الصناعات التحويلية) فتسببنا في التضخم الاقتصادي".

وأشار سعدوندي إلى أنه "بمجرد عودة المداخيل الخاصة بالبترول سيزداد معدل التضخم أو ستدخل السلع المستوردة الدولة، وسيتضرر قسم الإنتاج المحلي".

ولفت إلى "وجود حل لهذه القضية، وهي تقليل ميزانية العملة الأجنبية وكذلك المحلية (الريال)، ولكن للأسف يؤدي الدخل الفائض الزائد عن الحاجة إلى الضرر الاقتصادي المحلي".

وقال سعدوندي: "أعتقد أنه يجب علينا أن نكون علاقات حسنة مع العالم كله، ولكن في النهاية، لم تكن هذه العقوبات هي المتسببة في المشكلات الاقتصادية، ربما كانت طريقة تفكير المجتمع الإيراني داخل إيران وخارجها".

وأضاف: "سواء الأشخاص الذين يمسكون بزمام الأمور، أو الذين ينتقدون الحكومة، أو المعارضين خارج الدولة، كل هؤلاء لهم طريقة تفكير مدمرة بشأن الاقتصاد المحلي".

واعتبر سعدوندي أن "هذه الطريقة من التفكير مستمرة منذ عهد أمير عباس هويدا (رئيس وزراء إيران في عهد الشاه محمد رضا بهلوي منذ عام 1965 وحتى 1977)".

وأوضح أنه "منذ ذلك العهد بدأ عجز الميزانية، واستمر الدور المدمر للدخل الخاص بالبترول، وسيستمر لسنوات"

وأفاد بأن "ذلك يعني أن الشعب الإيراني اعتاد على هذا النوع من التفكير في التحكم في الاقتصاد، ويؤمن به، ولكن كان هذا النوع من التفكير ضارا للغاية".

وأردف سعدوندي: "لو كنا أقوياء في الداخل، لما سرت العقوبات علينا، أو لم تؤثر، لماذا تُفرض علينا العقوبات؛ لأننا ضعفاء، لأن بنيتنا الاقتصادية ضعيفة، لقد ضربت هذه المسألة الاقتصاد المحلي، وفي اعتقادي ليس لها علاقة بالعقوبات".

الحلقة المفقودة

من جانبه، قال الخبير الاقتصادي، هادي حقشناس، في حوار مع "فرارو" في هذا الشأن: "ربما يكون موضوع الاستثمار أكبر التحديات الاقتصادية في الدولة، إذا كان الاستثمار أعلى من معدل الاستهلاك، فستكون زيادة إنتاج السلع والخدمات وكذلك زيادة العمالة أولى النتائج".

وأضاف: "إذا كان التضخم ومعدل البطالة أحادي الرقم، وكلاهما أقل من 5 بالمائة، فسيتم حل الجزء الرئيسي من المشكلات الاقتصادية، والحل الجذري لمعدل التضخم والبطالة يكمن في الاستثمار، فمن الطبيعي وجود متطلبات من أجل تحقيقه".

وتساءل حقشناس: "ما المتطلبات التي وفرتها الحكومة لجذب رؤوس الأموال؟، ليس من الضروري امتلاك الدولة الجاذبية من أجل جذب رأس المال الأجنبي".

ووضح: "على سبيل المثال، الإمارات التي لا تملك الماء، ولا الأرض، ولا الطقس الجيد، ولكن فيها مميزات، أما إيران تمتلك العناصر الطبيعية، وتتميز بوجود المعادن الغنية بالبتروكيماويات والبترول، والمعادن الأخرى، كما بها العديد من المناطق السياحية".

وأضاف حقشناس: "يجب أن نتتبع الحلقة المفقودة التي تحول دون جذب الاستثمار الأجنبي، وفي الحقيقة يجب أن نتمكن من تهيئة أساليبه؛ وبناء على ذلك فإن الأولوية في الاقتصاد الإيراني الاستثمار مع تهيئة المتطلبات وفق الحاجة.

واستدرك قائلا: "لكن من الطبيعي وجود ما يمنع هذا لأننا كنا محاصرين بالعقوبات من قبل الغرب خلال كل السنوات الماضية، نأمل أن تنتهي هذه الحواجز".

وأوضح الخبير أن "أهم التحديات الاقتصادية المحلية الاستثمار الذي يشوبه حواجز منيعة، هذه الحواجز ربما تكون نظام الحكومة المتحكم، ومن جهة أخرى مجال الكسب والعمل في الدولة ليس مجالا مناسبا من أجل الاستثمار".

وشدد على أن "الاقتصاد الإيراني يعرف بين الدول باعتباره (اقتصادا مغلقا)؛ وبالتالي يجب تعديل النظام الضريبي، ونظام الملكية، والنظام النقدي، والنظام البنكي، وإذا تم حل هذه المواضيع سيتم حل جذب الاستثمار".

وفيما يخص أولويات الحكومة في الوقت الراهن، قال حقشناس: "الحكومة اليوم مشغولة بحل مشكلتها بسبب العقوبات، يجب على الحكومة أن تتفنن لكي تستطيع إدارة الأزمة الراهنة".

وختم حقشناس تصريحاته بالتأكيد على أن "تحديات الحكومة في الوقت الراهن تتلخص في قضية عجز الميزانية وعجز صناديق المعاشات وحتى دعم الطاقة".