بعد سجن إمام أوغلو وتصاعد الخلافات.. هل يتفكك حزب الشعب الجمهوري؟

منذ ٧ ساعات

12

طباعة

مشاركة

توقع موقع ألماني انهيار الدعم الذي يحظى به أكرم إمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول السابق والمرشح الرئاسي المحتجز منذ 19 مارس/ آذار 2025 في سجن سيليفري شديد الحراسة.

ورغم أن موقع "دويتشه فيله" يرى أن إمام أوغلو لا يزال يحظى بدعم كبير؛ حيث ينظم حزبه مظاهرات احتجاجية منتظمة في جميع أنحاء البلاد، فقد حذّر من أن "هذا الدعم قد ينهار قريبا".

ويواجه الرجل البالغ من العمر 54 عاما تهما تشمل الفساد والابتزاز والرشوة والاحتيال، وتأسيس منظمة إجرامية، ودعم الإرهاب.

وفي إطار التحقيق بهذه الاتهامات، أُلقي القبض على حوالي 130 شخصا، لكن ازداد العدد في الآونة الأخيرة مع تنفيذ الشرطة التركية مداهمات جديدة.

صراع محتدم

ووصف الموقع إمام أوغلو بـ "الشخص المتواضع المتمتع بشخصية كاريزمية"، مبينا أنه قادر على الحشد والتأثير؛ إذ عُدّ لسنوات المنافس الأقوى للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وأشار إلى أنه "في إسطنبول، هَزم مرشح أردوغان ثلاث مرات، وهو ما عُدّ نهاية لهيمنة حزب العدالة والتنمية".

ويعتقد الموقع أن "هذه النجاحات زادت من ثقة إمام أوغلو، فبعد خسارة حزبه (الشعب الجمهوري) الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في مايو/أيار 2023، دفع السياسي المحبوب حزبه إلى تطبيق إصلاحات".

ففي مؤتمر الحزب من نفس العام، وبدعم قوي من إمام أوغلو، برز مرشحه المفضل، أوزغور أوزيل، رئيسا جديدا للحزب، واستُبدلت قيادته بأكملها.

ومنذ ذلك الحين، اكتسب حزب الشعب الجمهوري شعبية واسعة وفاز في الانتخابات المحلية بعد عام واحد فقط في 2024، ثم عُدّ إمام أوغلو مرشحا رئاسيا محتملا، وانتُخب رسميا في مارس 2025.

ويرى أنه "مع سجن إمام أوغلو وسياسيين معارضين آخرين، تعرض الشعب الجمهوري لضغوط هائلة في الأشهر الأخيرة، فيما يواجه الآن تحديا رئيسا آخر، يتمثل في دعوى قضائية مرفوعة ضد الحزب".

وتابع: "ففي 30 يونيو/ حزيران 2025، قد تُلغي المحكمة المختصة في أنقرة نتائج انتخابات اللجنة التنفيذية الحالية للحزب في مؤتمر الأخير الذي انعقد في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023".

وعزا ذلك إلى أن "بعض أنصار الزعيم السابق للحزب، كمال كليتشدار أوغلو، كانوا قد ادّعوا وجود مخالفات في العملية الانتخابية، وقدّموا دعوى قضائية لإلغاء نتائج الانتخابات".

كما "زعموا أن الجناح الإصلاحي بقيادة أوزيل وإمام أوغلو، اشترى أصواتا من المندوبين في الانتخابات".

في هذا الصدد، زعم الموقع أن "وسائل الإعلام المقرّبة من الحكومة تحاول منذ وقت طويل، من خلال تغطيتها الإخبارية، إضعاف وحدة الصف داخل أكبر أحزاب المعارضة، وفقا لانطباع أنصار الشعب الجمهوري".

وأردف: "يُروج بشكل متعمد، لادعاء مفاده أن الزعيم السابق للحزب كمال كليتشدار أوغلو وجناحه السياسي، سقطوا ضحية لمؤامرات داخل الحزب".

واستطرد: "إذا كانت هذه التغطية الإعلامية جزءا من إستراتيجية ممنهجة بالفعل، فيبدو أنها حققت هدفها؛ إذ تشهد صفوف حزب الشعب الجمهوري ومؤيديه صراعات داخلية محتدمة تتبادل فيها الأطراف المتنازعة الاتهامات والإهانات والمعارك الكلامية العنيفة".

ومن وجهة نظر أستاذ العلوم السياسية باريش أوزغون، فإن هذه الأطراف "تقع في فخ الحكومة، التي تنتهج منذ فترة طويلة تكتيكا يقوم على التحريض بين الأجنحة المختلفة داخل أحزاب المعارضة بهدف تقويض وحدتها".

وقال المحلل السياسي: "قد يُصدر القضاة، في 30 يونيو 2025، حكما يقضي بعزل القيادة الحزبية الحالية". 

لكنه يعتقد أن “إعلان الحكم قد يؤجل عمدا، بهدف تعميق الانقسام داخل الحزب وإيصال رسالة إلى الرأي العام مفادها: انظروا، إنهم لا يستطيعون حتى إدارة حزب، فكيف لهم أن يحكموا بلدا؟”

فوضى وغموض

وتوقع أنه "في حال أُعلن بطلان انتخاب القيادة الحزبية الحالية، فقد تندلع فوضى داخل المعارضة".

وأردف: "حتى يتمكن الشعب الجمهوري من عقد مؤتمر لاختيار قيادة جديدة، قد تسود حالة من الغموض وغياب القيادة، مما يُهدد بدفع الحزب نحو الانقسام".

واستطرد: "أحد السيناريوهات الأخرى يتمثل في عودة الزعيم الحزبي السابق كمال كليتشدار أوغلو وسيطرة جناحه السياسي من جديد".

في هذا السياق، لفت الموقع إلى أن "كليتشدار أوغلو، الذي يُنسب إلى الجناح المحافظ في الشعب الجمهوري، قاد الحزب لمدة 13 عاما وخسر خلالها جميع الانتخابات أمام العدالة والتنمية بزعامة أردوغان". 

وأردف: "يشير مراقبون إلى افتقاده للتواصل مع الجماهير، كما يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه الخصم المفضل لدى أردوغان".

بدوره، انتقد أستاذ العلوم السياسية بيرك أيسن موقف كليتشدار أوغلو المتردد في النقاشات الجارية والمسار القضائي المرتقب. 

وأشار إلى أنه "رغم تأكيد كليتشدار أوغلو التزامه الحياد، فإن اسمه مذكور في لائحة الاتهام بصفته ضحية ومتضررا". 

في المقابل، فإن إمام أوغلو وعددا من سياسيي حزب الشعب الجمهوري المنتمين للجناح الإصلاحي هم من وُجّهت إليهم الاتهامات، بحسب ما كتب أيسن على منصة "إكس".

وقدّر أيسن أن الحكم المنتظر في 30 يونيو 2025، قد يمهد الطريق لحظر سياسي ضد إمام أوغلو.

وزعم أن "العملية برمتها تشكل أداة ضغط بيد الحكومة ضد المعارضة، يمكن استخدامها في أي وقت".

ورأى أن "الدعم الضمني الذي يبديه كليتشدار أوغلو لهذا المسار القضائي يُضعف إمكانية بلورة موقف موحد وواضح من قبل المعارضة تجاه الحكومة التركية".

وحذر من أنه "في حال لم يُبادر الشعب الجمهوري إلى الدعوة الفورية لعقد مؤتمر حزبي بعد صدور حكم يحلّ القيادة الحالية، فقد يعين وصي لإدارة الحزب".

واختتم الموقع بالتأكيد على أن "هذه السيناريوهات ستلحق الضرر الأكبر بأكرم إمام أوغلو؛ إذ قد تؤدي قلة الدعم والتأييد المتآكل من داخل حزبه إلى تهميش أبرز خصوم أردوغان على المدى الطويل".