قبل "حوار تونس".. هذه أبرز خلافات موسكو وواشنطن بشأن ليبيا
سلطت صحيفة روسية، الضوء على المباحثات الليبية المرتقبة في تونس ودور واشنطن المتصاعد في البلد الغني بالنفط، والذي يشهد صراعا على المستويين الداخلي والخارجي.
وفي 9 نوفمبر/ تشرين الثاني، تستضيف تونس، ملتقى الحوار السياسي الليبي، المقبل، برعاية الأمم المتحدة، "بهدف تحقيق رؤية موحدة حول ترتيبات الحكم التي ستفضي إلى إجراء انتخابات في أقصر إطار زمني".
ودول هذا الحوار هي: تونس وليبيا والمغرب والجزائر وموريتانيا ومالطا وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا والبرتغال. وسيتم اختيار المشاركين في ملتقى الحوار السياسي الليبي من مختلف المكونات الرئيسية للشعب، بشرط عدم توليهم أي مناصب تنفيذية لاحقا.
وتعاني ليبيا، جارة تونس، صراعا مسلحا منذ سنوات، فبدعم من دول عربية وغربية، تنازع مليشيا الجنرال الانقلابي خليفة حفتر، الحكومة المعترف بها دوليا على الشرعية والسلطة في البلد الغني بالنفط.
وأجرت صحيفة كوميرسانتا الروسية، حوارا مع السفير الأميركي في ليبيا ريتشارد نورلاند بشأن المنتدى، مبينة أنه قبل هذا الحدث "كثف جميع اللاعبين المهتمين بالتسوية الليبية - الداخلية والخارجية - اتصالاتهم".
الخلافات بين الدولتين
ولنفس السبب زار السفير موسكو. ونورلاند ترأس البعثة الدبلوماسية الأميركية في طرابلس أغسطس/آب 2019، حيث ازداد دور الولايات المتحدة في التسوية الليبية بشكل ملحوظ، وكذلك لوحظ انتقاد واشنطن لتحركات موسكو في ليبيا.
وعلى وجه الخصوص، لا تستطيع الولايات المتحدة وروسيا التوصل إلى اتفاق بشأن ترشيح المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا.
ولكن، الآن يتم تنفيذ هذه الواجبات مؤقتا من قبل الأميركية ستيفاني ويليامز، والتي لا تناسب موسكو، وفق الصحيفة.
وقال ريتشارد نورلاند للصحيفة بعد انتهاء زيارته للعاصمة الروسية: "بالنظر إلى التقدم الأخير في العملية السياسية الليبية، اعتقدنا أن الوقت قد حان، معتمدين على الحوار القائم بين السفير جون سوليفان (سفير الولايات المتحدة لدى روسيا) ونائب وزير خارجية روسيا ميخائيل بوغدانوف بشأن ليبيا، لإجراء مناقشات على مستوى الخبراء".
وأضاف: "كنت آمل أن أفهم وجهة نظر موسكو بشكل أفضل وأن أتأكد في نفس الوقت من أن المسؤولين الروس يفهمون الفروق الدقيقة في موقفنا، وأعتقد أننا حققنا ذلك".
ويتابع: "أنا أقدر بشدة حقيقة أن وزارتي الخارجية والدفاع الروسيتين كانتا ممثلين في المحادثات. أنا شخصيا كنت سعيدا أيضا لأن أتيحت لي الفرصة للعودة إلى موسكو، حيث عشت أنا وعائلتي من 1988 إلى 1990 ، عندما كنت أعمل في سفارتنا. كان من المثير للاهتمام معرفة ما الذي تغير وما الذي ظل كما هو إلى حد ما".
وعن جوهر الخلاف بين روسيا والولايات المتحدة حول ترشيح المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا، يقول: "لا أعتقد أن لدينا خلافات جدية. لا تريد واشنطن فراغا عندما تترك ستيفاني ويليامز (المبعوثة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة بالإنابة إلى ليبيا) منصبها".
لذلك، يضيف: "نريد مبعوثا خاصا مؤهلا لتولي هذا المنصب في أسرع وقت ممكن، وأعتقد أن موسكو لديها نفس وجهة النظر. نحتاج أيضا ملء منصب المنسق الذي سيدير بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا بسرعة".
ويرى أنه "من الضروري ألا نغفل عن ديناميكية المنتدى الليبي للحوار السياسي الذي تيسره الأمم المتحدة. كانت هناك بعض الفروق الدقيقة في موقف موسكو والتي أعتقد أنه من الأفضل أن تتحقق منها مع وزارة الخارجية الروسية".
دور موسكو وأنقرة
في السياق، قال السفير: إنه "من السخف الاعتقاد بأن روسيا لا تلعب أي دور في البحر المتوسط، بالطبع، لموسكو مصالح تجارية ومصالح أخرى مشروعة في هذه المنطقة، ونحن مستعدون للتفاعل الطبيعي في هذه المجالات".
واستدرك: "ما يقلقنا حقا هو الدور الذي تلعبه بعض الشركات الروسية الخاصة، إذا جاز التعبير. نشاطهم يحرض على نزاع عسكري ولا يساهم في تسوية سياسية".
وكمشاركين في قمة برلين 19 يناير/كانون الثاني 2020، وهي تشترك كل من روسيا والولايات المتحدة في الالتزام بالمبادئ التي اعتمدها زعماؤهما ومنها الالتزام بحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا، وفق السفير.
وبسؤاله عن مدى إمكانية أن تضغط الولايات المتحدة فعلا من أجل انسحاب جيش حفتر من سرت والجفرة؟، قال: "ليست واشنطن، لكن الليبيين أنفسهم اتفقوا في جنيف في 23 أكتوبر / تشرين الأول على إخلاء جميع الوحدات العسكرية والجماعات المسلحة من خطوط المواجهة من خلال إعادتهم إلى معسكراتهم في إطار اتفاقيات وقف فوري لإطلاق النار وإجراءات مرحلية لتهدئة الوضع العسكري الخطير في وسط ليبيا".
ويعتقد أن "على المجتمع الدولي بأسره، بما في ذلك روسيا، واجب دعم هذه الخطوات حتى تستعيد ليبيا سيادتها وتصبح دولة مسالمة ومزدهرة".
في الأثناء، أوضح السفير أن "اللواء حفتر هو أحد الأطراف الفاعلة على الساحة الليبية التي سيساعد نهجها في تحديد ما إذا كان الحل السلمي للصراع ممكنا".
ولم يخف وجود حوار أميركي مع حفتر وكذلك مع شخصيات رئيسية أخرى في شرق ليبيا، مثل عقيلة صالح (رئيس مجلس النواب).
ويقول: "والآن بعد أن أعلنت الأطراف الليبية وقف إطلاق النار، نأمل أن يلعب الجنرال حفتر دورا بناء في تشكيل ليبيا الجديدة، وتحقيق أهدافه من خلال الحوار تحت رعاية الأمم المتحدة. إنني على ثقة من أن الأطراف الليبية سترفض أي محاولة لإعادة إشعال الصراع العسكري"، وفق تقديره.
ولتحقيق ذلك، شدد على ضرورة سحب جميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب من البلاد، وليس فقط شركة فاجنر الروسية التي تزعزع الاستقرار.
وعن التدخل العسكري التركي، يرى السفير أنه "ساعد على استعادة التوازن وخلق الظروف الملائمة للمفاوضات السياسية الجارية، لكن المخاوف من هجمات محتملة من الجزء الشرقي من ليبيا لا تزال قائمة، لا سيما بالنظر إلى حجم وجود شركة فاجنر العسكرية".
وإلى أن يتم تهدئة هذه المخاوف، سيستمر صدى قضية إبقاء القوات التركية في مكانها لدى بعض الأطراف الليبية، وفق قوله.
وقال: إن وقف إطلاق النار، "الاتفاق الليبي – الليبي" يتطلب أن يتم في غضون 90 يوما. ليس هناك الكثير من الوقت، حيث يسود ليبيا، منذ 21 أغسطس/ آب الماضي، وقف لإطلاق النار تنتهكه مليشيا حفتر من آن إلى آخر.
وبين السفير أن الوضع في ليبيا غير مستقر، "ويجب علينا جميعا - لاعبين خارجيين وداخليين - أن نعمل معا لتعزيز تقدم ونجاح المنتدى الليبي للحوار السياسي، الذي سيحدد خارطة الطريق للانتخابات والسلام على المدى الطويل".
وبالنظر إلى "الرغبة العظيمة" للشعب الليبي في استعادة سيادته، ووضع حد للصراع طويل الأمد و"العيش بشكل طبيعي"، أعرب السفير عن ثقته بأن "هذه العملية السياسية يمكن أن تكون ناجحة. وآمل أن تتمكن الولايات المتحدة وروسيا قريبا إلى الفخر بالنتائج التي جاءت بفضل جهودهم معا".