صحيفة صينية: روسيا قد تسعى قريبا لتغيير النظام في أرمينيا
رجحت صحيفة "آسيا تايمز" أن تتجه روسيا إلى إجراء تغييرات في أعلى هرم السلطة في أرمينيا إذا واصلت أذربيجان المدعومة من تركيا تحقيق انتصارات على الأرض في صراع القوقاز.
وأوضحت الصحيفة الصينية أن خيارات روسيا في حرب إقليم قره باغ بدأت تنفد قائلة: إنه "على الرغم من أن نظام التشويش على الرادار، المعروف باسم Krasukha-4، مكن موسكو من إسقاط طائرات بدون طيار تركية الصنع من طراز Bayraktar، فإن ذلك لا يمحو حقيقة أن روسيا تخسر أمام تركيا في مسرح صراع بالوكالة".
ولعل ذلك ما يفسر مهاجمة الروس لمعسكر تدريب القوات السورية المدعومة من تركيا في إدلب بتاريخ 25 أكتوبر/تشرين الأول، مما أسفر عن مقتل 56 شخصا على الأقل وإصابة العشرات بجروح، حيث بات من الواضح أن روسيا أرادت أن ترسل رسالة قوية إلى الأتراك الذين يتسببون لموسكو في مشاكل في سوريا وليبيا وأرمينيا وأماكن أخرى.
ويشير التقرير إلى أنه "إذا نجحت القوات الأذربيجانية في الاستيلاء على بلدة لاتشين (بها طريق حيوي يربط أرمينيا بالإقليم)، فسيتم إغلاق الطريق المؤدية إلى عاصمة قره باغ الانفصالية، ستيباناكيرت. وإذا تم عزل ستيباناكيرت، فإن القوات الأرمينية ستكون محاصرة دون أي إمكانية لتزويدها بالأسلحة وبدون أمل في الحصول على تعزيزات وإمدادات عسكرية".
يأس أرميني
ولهذا السبب أقال الأرمن اليائسون قائدهم لقوات الحدود، فاجيناك سركيسيان، بعد أن طالب رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان بذلك مع تزايد خسائر أرمينيا في المعركة، كما تمت إقالة اللواء الأرميني هوفانيس كاروميان ، رئيس قسم مكافحة التجسس في جهاز الأمن القومي.
وفي الثامن من أكتوبر/تشرين الأول، هاجم باشينيان رئيس المخابرات الأرمينية أرغيشتي كيارميان، وطرده أيضا. وفي غضون ذلك، أصيب قائد قوات دفاع قره باغ بجروح بالغة في 26 أكتوبر/تشرين الأول، وهي حادثة كانت بمثابة النكسة الكبيرة لأرمينيا.
وليس من الواضح تماما ما إذا كان استسلام ستيباناكيرت إذا حدث ذلك، سيؤدي إلى الانهيار الكامل للإقليم الذي تسيطر عليه أرمينيا. ولكن من المحتمل أن يتم طرد الأرمن الذين يعيشون هناك والذين يمثلون أغلبية السكان البالغ عددهم حوالي 150.000 نسمة، من هذه الأراضي إلى دولة أرمينيا.
وتشير كل هذه التطورات إلى وجود احتمال قوي لتغيير النظام في أرمينيا، حيث أصبحت هذه المسألة موضوعا للنقاش في البرامج الحوارية ووسائل الإعلام والصحافة الروسية.
وعلى الأرض تمتلك روسيا قاعدتين رئيسيتين في أرمينيا تستضيفان القوات البرية وطائرات الهليكوبتر الهجومية وطائرات ميغ -29.
ولم يتم استعمال هذه المقاتلات في الحرب حتى الآن، ذلك أنه ولطالما أن مقاتلات F-16 التركية موجودة في أذربيجان، فلن تقحم روسيا قواتها في هذا الصراع إلا إذا كان لديها فرصة مؤكدة للنجاح ضد الطائرات التركية والدفاعات الجوية الأذربيجانية، وفي صورة تأكد موسكو من أن هذه الخطوة ستحدث فرقا في الحرب.
ويوجد في أرمينيا اليوم، حوالي 15 طائرة من طراز ميغ -29 الروسية بهدف حماية العاصمة يريفان. وتتمركز طائرات ميغ وطائرات الهليكوبتر الهجومية في كيومري (أرمينيا)، بالقرب من الحدود الأرمينية التركية، مما يترك القاعدة الروسية عرضة لهجمات مباشرة من جانب تركيا إذا خرجت الحرب عن السيطرة.
ومن المعروف أن تركيا نشرت حتى الآن ست طائرات F-16 في أذربيجان، تم رصدها نهاية أكتوبر/تشرين الأول، في صور التقطت من قمر صناعي أميركي تجاري في قاعدة غابالا الجوية الأذربيجانية. وقد نشرت الحكومة الأرمينية صورا لأربع من هذه المقاتلات.
موقف صعب
وكانت قاعدة غابالا الجوية في السابق موطنا لمحطة رادار روسية طويلة المدى قبل أن يتم إغلاقها في عام 2012. وتقع غابالا في الجزء الشمالي الأوسط من أذربيجان، في مكان ليس ببعيد عن الحدود الروسية.
لذلك تبدو روسيا الآن في موقف صعب خاصة بعد أن جاءت مبادرة الرئيس فلاديمير بوتين للحصول على موطئ قدم سياسي في الأزمة بنتائج عكسية، حيث أصبحت أنقرة اليوم عدوا أكبر لموسكو من الولايات المتحدة أو حلف شمال الأطلسي (الناتو)، وفق التقرير.
ويتابع التقرير: "خلاصة القول هي أنه سيتعين على أرمينيا تقديم تنازلات كبيرة لأذربيجان أو خوض حرب خاسرة لا نهاية لها من شأنها ترسيخ موقع الأتراك في أذربيجان على المدى الطويل، وهو ما سيكون له تداعيات سلبية كبيرة على روسيا".
وفي سياق متصل يشير التقرير أن أذربيجان وهي دولة إسلامية معتدلة نسبيا، تعد كذلك نقطة ضغط محتملة رئيسية على طهران ليس فقط بسبب حدودها المشتركة مع إيران ولكن أيضا بسبب وجود عدد أكبر من الأذربيجانيين في هذا البلد أكثر من أذربيجان نفسها.
وذكرت الصحيفة أنه وفي صورة بقاء تركيا في أذربيجان على المدى الطويل، سيكون الثمن هو "تتريك" هذا البلد (جعله تركيا)، وبالتالي يمكن أن تكون أذربيجان بمثابة نقطة انطلاق لزعزعة استقرار القوقاز وتعزيز الحركات الإسلامية الانفصالية داخل الأراضي الروسية، وفق تعبيرها.
ولكي يكون لروسيا أي تأثير في ظل سيناريو انتصار أذربيجاني، فلن يكون أمامها سوى خيار واحد -وهو إقناع الحكومة الأرمينية بعقد صفقة. وفيما يكاد يكون من المؤكد أن رئيس الوزراء الأرميني الحالي غير مستعد لتقديم أي تنازلات، فمن غير المستبعد أن تتم إقالته من طرف روسيا.
وبينما لم تأت الحرب في معظمها على الأراضي الأرمنية، لا يمكن استبعاد هذا السيناريو إذا استمر الوضع في التدهور. ولذلك، من المرجح بشكل متزايد أن يتم تغيير النظام في أرمينيا على المدى القريب.