موقع إيطالي: كورونا يتسبب بزيادة الاحتجاجات الشعبية في العالم

12

طباعة

مشاركة

بعد أكثر من 10 شهور على ظهوره، يرى موقع إيطالي أن وباء كورونا، تسبب في زيادة الفوارق الاجتماعية والتوترات الداخلية بين السكان في جميع أنحاء العالم. 

ونشر موقع ''إنسايد أوفر'' تقريرا تناول انعكاسات استمرار جائحة كورونا وتداعياتها الاجتماعية والاقتصادية، في تأجيج  الوضع في ساحات الاحتجاج  والاضطرابات التي تجتاح كل قارات العالم تقريبا. 

ويقول: "بصفة متزامنة ولكن بطرق مختلفة، شهدت القارتان الأميركيتان وأوروبا وآسيا وإفريقيا تجددا في الاحتجاجات الشعبية بعد توقف لفترة طويلة بسبب الخوف من خطر العدوى والقيود الشديدة التي فرضتها الحكومات".

 وفي هذا السيناريو، من المحتمل أن يعيش العالم موسما جديدا من الاحتجاجات والانتفاضات الشعبية، وفق تقدير الموقع. 

أشار الموقع إلى أن الاحتجاجات الأولى لعام 2020 في الولايات المتحدة، انطلقت بعد الأحداث التي أعقبت مقتل المواطن الأميركي من أصل إفريقي جورج فلويد على يد الشرطة. 

نتيجة لذلك، شكل إحياء الحركات الداعمة لحقوق السكان السود شرخا واضحا داخل الرأي العام الأميركي، وساهم بشدة، مقارنة بما كان عليه في الماضي، في الحملة الانتخابية الرئاسية.

وعرفت الولايات المتحدة انقساما بين أولئك الذين اختاروا دعم حركة "حياة السود مهمة"، على غرار المرشح الديمقراطي جو بايدن وأولئك الذين اختاروا بدلا من ذلك الانحياز إلى جانب قوى القانون والنظام والأمن القومي مثل الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب. 

ومن هذا المناخ من عدم الاستقرار تحديدا، يمكن أن يتحدد اسم الرئيس المقبل للولايات المتحدة الأميركية بطريقة أو بأخرى.

احتجاجات أوروبا 

بينما وجدت الظاهرة العنصرية "نجاحا" في العالم العابر للمحيطات، لم تتجذر أبدا هذه الحركة في أوروبا باستثناء عدد قليل من المظاهر المتفرقة خاصة في فرنسا والمملكة المتحدة. 

وربما يرجع هذا إلى أنه رغم استمرار تفشي جائحة كوفيد 19 والانتخابات التي لا تزال بعيدة في العديد من البلدان، لم يلق هذا الموضوع الخلافي في المجال الاجتماعي والسياسي الاهتمام الشعبي الملحوظ، وفق الموقع.

ولفت إلى أن الموضوع الذي أثار اهتمام الأوروبيين بشكل خاص يتعلق بالحالة الصحية للاقتصاد، وعلى الرغم من أن هذا كان جليا منذ الموجة الأولى لتفشي الوباء، فإن الوضع هذا الخريف يبدو ساخنا أكثر. 

ومن المعارك ضد القيود التي فرضت في ألمانيا وإسبانيا وفرنسا إلى احتجاجات التجار داخل الساحات في إيطاليا (نهاية أكتوبر/تشرين الأول)، انتفض السكان الأوروبيون ضد ما وصفه الكثيرون بـ "ديكتاتورية الصحة" . 

وهذا الجانب، يمكن أن يصاحب الحياة اليومية لأسابيع عديدة مقبلة، كما من المحتمل أن يصبح حاسما في اختيار رؤساء الحكومات أنفسهم. كما كانت هناك أيضا احتجاجات قوية في الشوارع ضد مؤسسة الرئاسة على غرار ما حدث في بيلاروسيا. 

ولأول مرة منذ عام 1994، تعرض ألكسندر لوكاشينكو (رئيس بيلاروسيا الذي ترفضه أميركا وأوروبا) لانتفاضة شعبية غير مسبوقة تسببت في أزمة وأعادت الدولة السوفيتية السابقة إلى الأضواء العالمية بعد غياب طويل.

أوضح الموقع أن مناخ عدم الثقة تجاه الحكومة الإيطالية وخاصة غضب واشمئزاز العديد من السكان تجاه بعض الإجراءات التي تعتبر شديدة الصرامة وخانقة للاقتصاد، تطور إلى عنف في الشارع. 

من نابولي إلى ميلانو، مرورا بتورينو ووصولا إلى روما، إلى جانب المظاهرات السلمية، دخلت حركات الاحتجاج المشهد، في بانوراما أثبتت انسجامها بشكل خاص وامتدادها إلى كل أيديولوجية سياسية. 

ويواجه رئيس الوزراء الإيطالي في هذه الساعات مرحلة معقدة للغاية حيث انخفضت شعبيته إلى الحد الأدنى منذ تنصيبه بين داعميه حتى الأيام الأخيرة و داخل الحكومة نفسها إلى الحد الذي جعلها محاصرة بين قبضة الاحتجاجات الشعبية، والتمرد الداخلي، والوباء. 

وعموما، أدى هذا الوضع إلى ''حرب الخنادق'' بين الرأي العام والحكومة، التي يدعم الآن عدد قليل جدا من الأصوات عمل مجلسها علنا.  في هذه الحالة، مع الأخذ في الاعتبار تعقيدات إدارة الوباء التي ظلت كما كانت من قبل، يمكن القول تقريبا: إن الحكومة الآن في حالة حرب.

يرى الموقع أن فرنسا أعادت اكتشاف خلافاتها مع المجتمع الإسلامي بعد مقتل الأستاذ الفرنسي الذي أظهر رسوما كاريكاتورية لتلاميذه تحمل إساءة لصورة النبي محمد.

على وجه الخصوص، أثارت الصور التي أعقبت مقتل الأستاذ موجة جديدة من السخط دفعت الحكومة الفرنسية نفسها إلى تشديد مواقفها تجاه الإسلام. وتفاقم هذا الوضع بسبب تدهور الأوضاع الاجتماعية في البلاد التي ربما لم تكن لتخرج إلى النور لولا تفشي الوباء. 

آسيا تنتفض

تشترك الاحتجاجات الشعبية التي اجتاحت مرة أخرى العراق في الساعات القليلة الماضية، والاحتجاجات طويلة الأمد للشباب التايلانديين، وتمرد الشعب القرغيزي في الأسابيع الأخيرة، رغم اختلاف دوافعها، في عنصر جوهري يخُص مناهضة الفساد والنظام السياسي وهذا يحدث حتى في أكثر دول آسيا صلابة، يشرح الموقع. 

بعد التوقف الناجم عن القيود المفروضة بسبب وباء فيروس كورونا، نزل الشعب العراقي مرة أخرى إلى الشوارع مطالبا بإجراء انتخابات حرة وإقالة الحكومة. 

وبمشاهد غابت منذ بداية عام 2020، عادت بغداد إلى مركز الاحتجاجات في الشرق الأوسط، في وقت يواجه فيه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي ربما أكبر مرحلة من الضعف منذ توليه منصبه، حيث  سيتعين عليه التعامل هذه المرة مع الأقليات في البلاد. 

وبدوره، تحرك شعب قيرغيزستان أيضا من قبل الأقليات، لكن المقيمة في الخارج، في إشارة واضحة إلى وضعية الإيجور والعلاقات الوثيقة جدا التي، على الرغم من ذلك، تجمع بيشكيك ببكين منذ سنوات. 

وفي هذه الحالة تحول غضب السكان تجاه العلاقات الاقتصادية الوثيقة مع الصين إلى سخط، وللمرة الأولى شكك الشعب القرغيزي بجدية في نظام سياسي دائم منذ تفكك الاتحاد السوفيتي وما تبعه من مصالحة في المنطقة.

أكد الموقع أن تزايد اللامساواة والمخاوف بشأن المستقبل، أصبحت عنصرا أساسيا في اندلاع سلسلة جديدة ومتزايدة من الاحتجاجات المنتشرة في جميع أنحاء العالم. 

على الرغم من أن هذه الانتفاضات لا ترتبط في حد ذاتها ارتباطا وثيقا، فإنها تشترك في عنصر مثير للاهتمام للغاية: التوقيت، كما أنها لا تعد جزئية ذات أهمية ثانوية، نظرا للحدث التاريخي الذي يشهده العالم منذ بداية انتشار فيروس كورونا.

في هذا السيناريو، خلص الموقع إلى القول بأن العالم يواجه موسما جديدا من الانتفاضات، تمتلك جميعها الإرادة والقدرة على التشكيك في الأسس التي تقوم عليها الطريقة التي يتم بها صنع السياسة في كل بلد على حدة.

وبإمكانها أن تفتح صدعا يصعُب قراءته ويحمل نتائج غامضة يمكن أن تغير الوضع الداخلي والتوازنات الدولية في السنوات المقبلة.