"ألموندو": انتخابات مصر البرلمانية محسومة مسبقا لحزب موال للسيسي
نشرت صحيفة "ألموندو" الإسبانية تقريرا، سلطت فيه الضوء على الانتخابات النيابية المصرية التي انطلقت في 24 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، مشيرة إلى أنها ستعزز الهيمنة السياسية لرئيس النظام عبدالفتاح السيسي وأنصاره، على مجلس النواب الذي تحول إلى مؤسسة أخرى موالية للنظام.
وقالت الصحيفة الإسبانية: إنه في حي الجيزة المكتظ بالسكان، وعلى مقربة من أهراماتها المهيبة، تنتشر فوضى الملصقات الانتخابية دون هدنة. وفي هذه الملصقات ظهر بعض المرشحين بابتسامة خفيفة، فيما اختار البعض الآخر الوقوف بجدية وسط الأعلام المصرية. أما المارة، فيجتازون بحر الملصقات الانتخابية دون مبالاة.
قمع وقيود
وأشارت إلى أن "الانتخابات النيابية الحالية، تعد السابعة من نوعها منذ انقلاب 2013، في خضم مناخ من اللامبالاة والقمع اللامتناهي وقيود جديدة على المرشحين والفوز المعلن لحزب شعبوي مرتبط برئيس يهيمن بالفعل على المشهد السياسي".
وفي ظل انتشار فيروس كورونا، أكدت السلطات المصرية أن العملية الانتخابية تحترم الإجراءات الصحية، وكذلك إلزام استخدام قناع الوجه واحترام المسافة الاجتماعية على الرغم من حقيقة أن السكان يتجاهلون إلى حد كبير الإجراءات المفروضة منذ انتشار جائحة كوفيد -19.
وتجدر الإشارة إلى أن البلد، البالغ عدد سكانه 100 مليون نسمة، يسجل عددا رسميا من الإصابات اليومية لا يتجاوز 200 حالة وعشرات الوفيات.
وأضافت الصحيفة أن الحملة الانتخابية تواصلت إلى حدود ساعة متأخرة من الليل في 22 أكتوبر/ تشرين الأول 2020، بحي الجيزة وسط مراسم احتفالية واكتظاظ المقاهي والحشود في الشوارع. وخلال هذا اليوم، كان طارق يوسف، المرشح عن حزب "الوفد"، الحزب الأكثر شعبية في البلاد، والذي تأسس منذ أكثر من قرن؛ يستعجل الساعات لزيارة العائلات من البلدات المجاورة.
"مستقبل وطن"
ويتنافس "الوفد" مع حزب "مستقبل وطن"، وهو تشكيل للتيار الشعبوي والقومي المتطرف الذي أسسته المخابرات العسكرية عام 2014، وفقا لتحقيق أجرته صحيفة "مدى مصر" المستقلة.
ونقلت الصحيفة عن المرشح الوفدي، طارق يوسف، قوله: إن "حزب مستقبل وطن هم الأكثر دعاية والأكثر مالا. كما تحول إلى الحزب الوطني الديمقراطي الجديد"، في إشارة إلى التشكيل البائد لحسني مبارك الذي احتكر لعقود الساحة السياسية في انتخابات اتسمت بشراء الأصوات والمخالفات الجسيمة.
ووفقا لـ"ألموندو" فإنه في ظل وضع اقتصادي متردي -مع زيادة الفقر بنسبة خمسة بالمئة خلال السنة الماضية- فإن نزاهة الانتخابات في موضع تساؤل، خاصة في ظل التنديدات بتوزيع المواد الغذائية والامتيازات على الناخبين.
وفي هذا السياق، يتذكر يوسف قائلا: "ظهرت هذه الظاهرة عام 2010، لكننا كنا في عهد الحزب الوطني وكانت نتائج الانتخابات مزورة. وبعد أشهر قليلة اندلعت الثورة".
ونوهت الصحيفة إلى أنه في ظل غياب مراقبين دوليين، إضافة إلى سجن المعارضة وهروب البعض الآخر إلى المنفى، وتكميم أفواه الإعلام، وفي ظل حالة الطوارئ السارية منذ عام 2017؛ أصبحت الانتخابات المصرية ساحة لرجال أعمال النظام، ووجهاء محليين في أعمار متقدمة، والمتقاعدين العسكريين الذين تدعمهم القيادة العسكرية.
وذكرت الصحيفة أن السيسي، القائد السابق للجيش ومخطط الانقلاب الذي أفسد التحول الديمقراطي في بلاد الفراعنة، صادق خلال شهر تموز/ يوليو 2020 على إصلاح قانوني يشترط الموافقة المسبقة من المجلس الأعلى للقوات المسلحة على المشاركة السياسية للعسكريين الناشطين أو المتقاعدين. ويربط النقاد هذه الخطوة بمحاولة السيسي إخماد أي تحد داخلي له كما حدث في السابق.
وفي حديث لصحيفة "ألموندو" مع روبرت سبرينغبورغ، الخبير في شؤون الجيش المصري، أشار إلى أنه "يمكن تسمية هذا التعديل بقانون اللواء سامي عنان. وفي الواقع، كشف ترشحه المجهض للرئاسة عن مصدر ضعف في رئاسة السيسي".
مواصلة الهيمنة
وواصل أن "التعديل الجديد يسمح لرئيس النظام الحالي بمنع أي تحد له والحفاظ على هيمنته على الممارسة السياسية للضباط. وتعكس اللحظة المختارة لهذا التنقيح تقدير السيسي ويقينه بأن الأزمة الاقتصادية ستستمر وستزداد شدة خلال الأشهر المقبلة، مما يقوض شعبيته ويوفر مساحة يمكن لأي منافس في الجيش الاستفادة منها".
ونقلت الصحيفة أن "أول من تأثر بالإصلاح القانوني هو الفريق طارق المهدي، الضابط البارز الذي كان عضوا في المجلس العسكري الذي تولى السلطة بعد الإطاحة بمبارك في عام 2011 وتقلد منصبي وزير الإعلام ومحافظ محافظة كبرى ومجاورة لليبيا".
وأكد المهدي، في تصريحات لـ"رويترز"، أنه قرر المشاركة في الحياة السياسية ردا على "الغطرسة" التي نظمت بها انتخابات مجلس الشيوخ في آب/أغسطس 2020، والتي لم تتجاوز نسبة المشاركة فيها 14 بالمئة والتي أعطت نتيجتها 75 بالمئة من المقاعد إلى حزب "مستقبل وطن" الذي أصبح مرة أخرى الحزب الذي يتمتع بأكبر عدد من المرشحين.
وأضاف المهدي: "لا يمكنني المشاركة في سباق المال أو سباق علب الطعام، ولكن يمكنني تقديم اقتراح لاختيار الأشخاص الأكثر قدرة".
وبهذه العبارات، انتقد المهدي النظام السياسي الذي خوّل للسيسي تحويل البرلمان إلى مجلس من الموالين له، يخلو من أي وظيفة حقيقة وذات وزن سياسي. كما عزز نظام السيسي حالة اللامبالاة لدى الشعب المصري، الذي يخشى اندثار الطبقة الوسطى وتراجع دعم المواد الأساسية، ويرهب من عملية الملاحقة والاضطهاد التي طالت أكثر من 60 ألف معارض.
وستعلن نتائج الانتخابات في منتصف كانون الأول/ ديسمبر 2020، إذ إنه وللمرة الألف وفي محاولة لزيادة نسبة المشاركة في هذه المناسبة الانتخابية، هددت السلطات بغرامة قدرها 500 جنيه مصري، للذين يتخلفون عن هذا الموعد.
لكن، تجدر الإشارة إلى أن هذه التحذيرات المماثلة التي صدرت في الماضي ظلت حبرا على ورق، كما أنها لم تنجح في دفع المصريين إلى صناديق الاقتراع أو تحفيزهم للقيام بذلك، بحسب الصحيفة الإسبانية.