للمرة الثانية خلال 4 أشهر.. الإعلام الفرنسي يتسبب في أزمة مع الجزائر
تحدثت صحيفة لوبوان الفرنسية عن حظر السلطات الجزائرية قناة "إم 6" بعد بث تقرير بعنوان "تحقيق خاص"، أثار غضب ناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي.
وأعلنت السلطات في 21 سبتمبر/أيلول، عدم السماح لقناة M6 الفرنسية بالعمل في الجزائر، غداة بث تقرير في شكل تحقيق حصري بعنوان "الجزائر بلد كل الثورات".
حسب لوبوان، تنتقد وزارة الاتصال الجزائرية هذا التقرير "الذي أنتجه الفريق بتصريح تصوير مزيف"، لأنه يحمل "نظرة منحازة على الحراك الشعبي (الذي أسقط نظام بوتفليقة في ربيع 2019)". ووعدت الوزارة بملاحقة منفذي التقرير بتهمة "التزوير في الكتابة الأصلية أو العامة".
تقول السلطات الجزائرية: "في النهاية، من المفترض أن يكشف المحتوى عن إفلاس النظام الجزائري فهو عبارة عن خلاصة لثلاث شهادات مملة مستوحاة من الكليشيهات الأكثر اختزالية".
وأوضحت في سياق متصل أن "المعنيين الرئيسيين اتصلوا بالمجلس الأعلى للقطاع السمعي البصري الفرنسي (CSA) واستغلوا خدمات السفارة الفرنسية في الجزائر، من أجل تقديم شكوى للتلاعب، دون أي مهنية، أو أخلاق أو مبادئ".
غضب الجزائريّات
تشير لوبوان لما كتبته إحدى المساهمات في التقرير الذي قدمه "برنارد دي لا فيلارديير"، وهي اليوتيوبر والمؤثرة "نور" على إنستغرام بقولها: "عندما اتصلت بي، كان الحديث عن سؤال "تحرير المرأة الجزائرية" حاضرا.
وأضافت: "لم أكن أتخيل أنه سيتم استخدامي أنا وزوجي لإعطاء صورة سيئة عن الرجال والنساء الجزائريات وعن بلدنا".
تقول الصحيفة الفرنسية: إن جمعية الإرشاد والإصلاح الخيرية، المقربة من حزب MSP (الإخوان المسلمين الحاليين)، قد أبدت من جهتها استياءها من الممر الذي تصور فيه الكاميرا إحدى روضات الأطفال التابعة لها في شرق الجزائر.
وبحسب التعليق الصوتي، كان الطلاب الذين تم تصويرهم ووجوههم مكشوفة، في طريقهم لتلقي "تعليم إسلامي".
وردت الجمعية المحافظة على ذلك مهددة بمقاضاة القناة الفرنسية بقولها: "الرسالة التعليمية التي نلقنها تأتي من نفس البرامج الحكومية الجزائرية القائمة على حب الوطن الأم".
تذكر لوبوان في نفس السياق أن الانتقادات الموجهة لهذا التقرير لا تقتصر فقط على توبيخ رسمي أو تراجع الشهود الذين تم تصويرهم.
فعلى مواقع التواصل الاجتماعي، كما تشير الصحيفة، انتفضت الجزائريات على ما ورد في التقرير: "ففي نظر القانون، هن (الجزائريات) قاصرات مدى الحياة، يُمنعن من السفر أو العمل دون موافقة ولي أمرهم أو والدهم أو أخيهم أو زوجهم".
غردت ياسمين على تويتر كردة فعل على تقرير قناة إم 6 بقولها: "عمري 30 سنة، أنا لست متزوجة ولن يجبرني أحد على ذلك. أنا رائدة أعمال، أعيش في الجزائر العاصمة، لكني أسافر في جميع أنحاء البلاد (على سبيل المثال، أكتب من وهران!) وأرى أصدقائي، رجالا وفتيات، في كل مكان، يا له من هراء".
أفكار جاهزة
يسخر مستخدمو الإنترنت الآخرون، حسب الصحيفة، من عدم الدقة وما يعتبرونه "أفكارا جاهزة"، مثل حقيقة تأهيل مكان إقامة سيئ التأثيث على أنه "شقة مريحة من ثلاث غرف بالنسبة للجزائر".
أو الإيحاء بأن الرئيس التنفيذي لشركة سوناتراش، أكبر شركة نفط في إفريقيا، يقع مقرها في مكاتب صغيرة في مدينة صحراوية.
وينتقد البعض الآخر محتوى إم 6، مثل عمر الذي كتب: "القاعدة في القنوات التجارية هي أن الإعلان يكسب أكثر من البرامج، مضيفا أنه في اليوم الذي تشاهد فيه قناة خاصة تفكك أو تعقد أو تهتم بالأخلاق أو تخاطب ذكاء المشاهدين، أعلمني بذلك".
تذكر الصحيفة أن الغضب الرسمي والجدل على مواقع التواصل الاجتماعي يذكران بأزمة الدبلوماسية المصغرة بين الجزائر وباريس عندما استدعت الأولى سفيرها لدى فرنسا "للتشاور" في 27 مايو/أيار بعد بث قناة "فرانس 5" فيلما وثائقيا عن الشباب والحراك.وقد تحدثت الجزائر حينذاك عن "اعتداءات على الشعب الجزائري ومؤسساته".
وتشير لوبوان إلى أن خاتمة الفيلم الوثائقي على إم 6، والذي تم تصويره خلال مظاهرة للجزائريين في ساحة الجمهورية في باريس، ووصف فيه السلطة الجزائرية بأنها "استبدادية وفاسدة"، ليس هو ما سيهدئ الغضب في الجزائر العاصمة.
ويقول منتج جزائري وصفته الصحيفة بالمؤهل: إن "الإثارة تتماشى بشكل سيئ مع التحليل السياسي لبلد ما: لقد دفع دي لا فيلارديير الثمن في تونس عندما اتُهم (في عام 2014) بتقديم تقرير مُرضي عن الرئيس الانتقالي في ذلك الوقت منصف المرزوقي".
وأضاف: "بعد ذلك، لا يجب أن نطلب الكثير من هذا النوع من المحتوى الذي لا يسعى إلا لإثارة الضجة".
وأردف: "يجب علينا أن نبحث عن الخطأ فينا. إذا أبقينا أبواب البلاد مُغلقة أمام وسائل الإعلام الأجنبية، فإننا نفتح الطريق أمام المغامرين أصحاب الرؤية أو الصورة الواحدة التي تشبه إلى حد قريب الكاميرا الخفية".