بعد تدريبهم بالإمارات.. لماذا عادت عناصر من الدعم السريع للسودان؟

أحمد يحيى | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

مؤخرا عادت مجموعات من قوات الدعم السريع السودانية من الإمارات، بعد أن ظلت 3 أعوام تحصل على تدريبات استخباراتية وعسكرية في أبوظبي، وكان منوط بها في الأساس المشاركة في غزو قطر.

هذه القوات كانت ضمن خطة التحالف بقيادة الرياض وأبوظبي لغزو قطر عام 2017، بحسب وثائق وتحقيقات دولية، ومع فشل الخطة بقيت تلك المجموعات تحت إمرة حكام الإمارات، والآن تعود إلى السودان مرة أخرى.

من أبوظبي إلى الخرطوم، أصبحت مسارات عمل وتحكم قوات الدعم السريع بقيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو "حميدتي"، في الحياة السياسية والاجتماعية السودانية بارزة.

الدور الذي تلعبه قوات الدعم السريع في السودان يتفاقم في ظل تقهقر قوة الجيش، وتصاعد الخلافات بين شركاء المسرح السياسي وأقطاب الحكومة الانتقالية، وفوق كل ذلك إرادة الإمارات التي تسعى إلى تمكين "حميدتي" وقواته من حكم البلاد، وإزاحة الأطراف الأخرى.

ما سر عودة تلك المجموعات المدربة في الوقت الحالي، وما هي المهام التي سوف يكلفون بها؟ وهل الخرطوم على موعد مع صدام جديد بين الجيش وقوات الدعم السريع؟ ولمن ولاء تلك القوات في الأساس للسودان، أم لحكام أبوظبي؟.

عودة مقلقة

في 18 سبتمبر/ أيلول 2020، أعلنت وكالة "مونتي كاروو" الإخبارية السودانية، أنها تحصلت على صور حصرية، لبعض أفراد قوات الدعم السريع السودانية، المزمع عودتهم إلى البلاد، من دولة الإمارات بعد أن مكثوا فيها قرابة 3 أعوام.

ووفق مصدر عسكري سوداني، كشف للوكالة أن "تلك القوة هم عساكر استخبارات أمضوا فترة تدريبية بمعسكر الحمراء غياثي بالإمارات".

وشدد أن وحدات الدعم السريع التي وجدت بالإمارات، "أكملت تدريباتها وكان وجودها هناك وفقا لبروتوكول تدريب عسكري جرى توقيعه بين وزارتي الدفاع السودانية والإماراتية لتنظيم وجودها وتلقيها دورات تدريبية خاصة في حرب المدن ومكافحة الجريمة العابرة والهجرة غير الشرعية".

وأوردت منصة "مونتي كاروو" السودانية أن قوات الدعم السريع الموجودة بالإمارات منذ مطلع العام 2017 كانت جزءا من مخطط خليجي لغزو دولة قطر عسكريا، وهو ما قدمته في تحقيق استقصائي نشرت تفاصيله بعنوان "أصابع سودانية في حصار قطر".

التحقيق تناول مساهمة أطراف نافذة في قيادة السودان في عهد النظام البائد كشريك خفي في عملية حصار الدوحة، وكيف تم وضع مواصفات معيارية وضعتها مجموعة "المطبخ" لخطة الغزو بأن يكون العدد الأكبر من قوات الاقتحام سودانية، وتحديدا من منتسبي قوات الدعم السريع.

لم يكن ذلك الكشف هو المؤشر الأوحد على دور أكبر قد تلعبه قوات الدعم السريع، بقيادة نائب رئيس المجلس العسكري، الفريق أول محمد حمدان دقلو (المدعوم إماراتيا)، داخل السودان في المرحلة المقبلة، حيث ظهرت مجموعة تقارير وتحقيقات تتحدث عن الإمداد المسلح من أبوظبي لتلك القوات بشكل هائل.

1000 سيارة 

وفي 5 أبريل/ نيسان 2020، تم نشر تحقيق استقصائي، لمجموعة من الباحثين والصحفيين، منهم "لوجان ميتشل" و"ريتشارد كينت" عبر مؤسسة "غلوبال وينتس" البريطانية غير الحكومية، عن مجموعة من الوثائق السرية تكشف الشبكات المالية خلف أقوى فصيل مسلح في السودان وهي قوات الدعم السريع.

وعن كيفية قيامها بشراء أكثر من 1000 سيارة، بما في ذلك من مئات الشاحنات البيك أب ماركة تويوتا، وهي السيارات التي تحولها قوات الدعم السريع باستمرار إلى سيارات حربية مدججة بالسلاح، كل ذلك عن طريق الإمارات، وتناول التحقيق رحلة سيارات الموت المسلحة من دبي إلى الخرطوم. 

حصل المحققون على الكشف المحاسبي الذي تضمن 69 عملية شراء للسيارات، بقيمة 111.1 مليون درهم (30.22 مليون دولار)، من 12 شركة في دولة الإمارات العربية. 

وشددت "غلوبال ويتنس" أن المتحدث باسم الجيش السوداني العميد عامر محمد الحسن، نفى أي علم له بامتلاك الدعم السريع 1000 سيارة عبر أبوظبي، ولحساب بنكي في دولة الإمارات، أو شبكة مشتريات منفصلة، مؤكدا أن مشتريات الدعم السريع كافة تتم عبر القنوات الرسمية للجيش السوداني.

بينما لم تتجاوب قوات الدعم السريع للحصول على تعليقها، بشأن التحقيق الفاضح، وتورطها في الحصول على إمدادات مسلحة عبر جهة أجنبية، دون علم وزارة الدفاع السودانية.

وجاءت تلك المكاشفات في وقت تصاعدت فيه حدة الخلافات بين الجيش السوداني من جهة، وقوات الدعم السريعة المدعومة إماراتيا من جهة أخرى.

ملفات شائكة 

الدعم الخارجي من الإمارات وقوة التسليح الهائلة للدعم السريع، جعلتهم المهدد الأول للجيش، والحياة السياسية برمتها في السودان، وهو ما ظهر في 16 سبتمبر/ أيلول 2020، عندما أعلن النائب العام السوداني تاج السر علي الحبر، "إلقاء القبض على 41 شخصا بحوزتهم كميات كبيرة من المتفجرات كافية لنسف العاصمة الخرطوم وتهديد دول الجوار".

وأشار "الحبر إلى أن المواد المضبوطة هي نفسها التي تم استخدامها في تفجير مرفأ بيروت".

ولم تفوت الدعم السريع الفرصة، حيث حملت "سلاحي المهندسين والأسلحة في الجيش السوداني، مسؤولية تسرب الكميات الكبيرة من المتفجرات التي تم ضبطها في العاصمة السودانية"، وكان "لافتا اتهام متحدث قوات الدعم السريع لجهات في الجيش السوداني بتسريب المتفجرات".

الناطق الرسمي، باسم قوات الدعم السريع، العميد ركن جمال جمعة، قال: إن "سلاح الأسلحة التابع للجيش السوداني هو الجهة الوحيدة المسؤولة عن استيراد المواد المتفجرة للبلاد".

كانت حالة التوتر والتململ غير المعلن بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، المستمرة منذ سنوات، قد تصاعدت بعد عزل الرئيس عمر البشير وتحولت لمواجهة عبرت عنها الأزمات المتعددة أو التلاسن الخشن والمشادات التي لم تعد خافية على عامة الناس، وتجري في كواليس العلاقة بين الطرفين.

محل شكوك

الصحفي السوداني محمد نصر، قال لـ"الاستقلال": "ولاء قوات الدعم السريع للدولة السودانية في الأساس محل شك، حيث إنهم مجموعة قبلية تنتمي إلى (الجنجويد) تم تضمينها ضمن القوات المسلحة خلال عهد البشير، وسط تململ قيادات الجيش من البداية، ولا شك أن هذه القوات تدين بالولاء لقبيلتها وقائدها، ولمن يدفع أكثر أيضا".

وأضاف: "لا بد لكل مواطن سوداني أن يسأل نفسه، لماذا تدفع الإمارات كل هذه الأموال للدعم السريع؟ ولماذا يدعمون حميدتي على وجه الخصوص؟ وما هو الغرض وراء كمية السلاح الواردة إليهم من الإمارات؟ في وقت تنتشر فيه وحداتهم داخل الخرطوم ومختلف القطر السوداني، وتهدد المدنيين والدولة كلها في حال انفلت الأمر أو ذهب في موضع على غير رغبتهم". 

وأردف نصر: "كل تلك الأسئلة تعطينا تصورا أن انفلات الأمر أو الوصول إلى نقطة الصفر بين مكونات الدولة، وتلك القوة، سيكون وبالا على السودان، وبداية حرب أهلية غير محسوبة العواقب، على غرار اليمن وليبيا، والتي أفسدتهما الإمارات أيضا بمخططات شيطانية، تريد إعادة تدويرها في السودان". 

وتابع: "السودان الذي يعاني من أزمة هائلة بسبب الفيضانات الأخيرة، وأزمة اقتصادية مستمرة ومستفحلة، وأزمة سياسية في ظل حكومة هشة، لن يتحمل شعبه الوصول إلى مرحلة أبعد من إشعال حرب أهلية أو معارك قبلية".

وختم الصحفي حديثه بالقول: "يجب أن ترتفع درجة الوعي الشعبي لمنع ذلك، وأن يتم التعجيل بإجراء انتخابات، تولد حكومة قوية مدعومة شعبيا، تكون محل اتفاق جميع أطياف المجتمع السوداني، لتعبر تلك المحنة القاسية، وتمنع الأيادي الخارجية من العبث ببلادنا".