صحيفة عبرية: هذه مصلحة مصر من الإشادة بالتطبيع الإماراتي
نشرت صحيفة "معاريف" العبرية تقريرا، أشارت فيه إلى إشادة مصر بتطبيع دولة الإمارات العربية مع إسرائيل، وقالت: إن هناك مصلحة مصرية مخفية وراء هذه الإشادة.
وأضافت "معاريف" أنه كان مثيرا عند مشاهدة قناة أبوظبي أثناء تغطية هبوط الطائرة الإسرائيلية بمطار الإمارات الدولي، حتى أن أبناء شيخ أبوظبي الجدد كانوا لا يخفون فرحتهم من العلاقات مع إسرائيل، وكانوا يتباهون بذلك فليس بكل يوم تأتي جولة عربية مهمة لتعلن عن السلام الحار مع إسرائيل.
منع التغلغل
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الأحداث يأتي من خلفها أحداث أخرى جانبية مثل التي رأيناها بالأسبوعين الأخيرين في القاهرة، إذ خرجت تصريحات مختلفة من قبل نظام الحكم في مصر تشيد بالتقارب بين تل أبيب وأبوظبي.
وتساءلت "معاريف" قائلة: ماذا كان يحدث حتى يومنا هذا؟ ألم يلاحظ المصريون التقارب بين العرب والإسرائيليين؟ وبين المصريين والإسرائيليين؟ فمقاطعة التطبيع الذي قام به نظام مبارك بسنواته الأولى كان ناجحا جدا، والذي أفرغ السلام من محتواه وحوله لتحالف عسكري دبلوماسي.
وأوضحت أنه "تم إدارته بعناية فائقة عبر قرار إستراتيجي لمنع التغلغل الثقافي الإسرائيلي للعالم العربي، ودول أخرى بالعالم العربي سارت على نهجها. لا يوجد مقاطعة عربية على التجارة والذي أعلنت عنه جامعة الدول العربية بعد حرب الأيام الستة وهذه المقاطعة المصرية على التقارب الثقافي مع إسرائيل وكل تطور للعلاقات معها لم تكن بالتدرج الدبلوماسي والأمني المصري".
ونوهت الصحيفة إلى أنه "بسبب هذه المقاطعة جرى ملاحقة صحفيين تجرؤوا على إقامة علاقات مع إسرائيليين، وحرمان الرياضيين من إجراء منافسات مع الإسرائيليين، وكان للأكاديميين نصيب من عدم السماح لهم لزيارة نظرائهم الإسرائيليين، ولم يتم عرض الأعمال الفنية الإسرائيلية بالقاهرة، ولم تترجم الكتب العبرية، ومن يخرج عن هذه المعايير كانت تعاقبهم السلطات المصرية على الفور".
ولفتت إلى أن "أحد الكتّاب المصريين كانت عضويته في النقابة التي ينتمي إليها في خطر، وشُنت حملة تعتيم عامة ضده وجميعهم اصطفوا كرجل واحد ضد هذا المسكين لإظهاره كعدو للأمة".
ورأت الصحيفة أنه "على الرغم من منع تغلغل إسرائيل الثقافي للعالم العربي، فقد كان لهذه السياسة أضرار وخيمة لجيلين من الإسرائيليين والمصريين وغلب عليهم شعور البعد المتبادل".
وتابعت: أنه "على مدى سنوات كان من الصعب على المصريين معرفة لماذا الإسرائيلي العادي لا يبذل قصارى جهده للوصول لسلام مع الفلسطينيين على الرغم من أن المصريين أنفسهم حثّوا منظمة التحرير الفلسطينية للتقارب والحل مع الإسرائيليين، ولكنهم تجاهلوا بأنه بفقدان الثقة حتى بالنصائح الجيدة من الصديق تثير الردع".
سحر التطبيع
من جهته، قال جاكي حوجي محلل الشؤون العربية في إذاعة الجيش الإسرائيلي "جالييه تساهل": إن كل هذا تم محوه تماما بالأسبوعين الأخيرين كالسحر وليس أقل من الصور التي ظهرت من أبوظبي فقد كان مثيرا متابعة الأصوات التي جاءت من القاهرة.
وبحسب حوجي فإن من وصفهم بـ"جمهور الكلاب الضالة" تحول لحفنة من أتباع السلام ومحبي إسرائيل، وبعد ذلك ظهرت شخصيات تابعة للنظام مدحت الإمارات على الخطوة الجريئة التي قامت بها الإمارات بالتطبيع مع إسرائيل وأشادوا بقدرة إسرائيل، وبشكل عام أبدوا إرادتهم بالتقارب مع إسرائيل.
وأوضحت الصحيفة أن وزير الخارجية المصري السابق عمرو موسى- والذي كان أمينا عاما لجامعة الدول العربية- قال: إن "العالم تغير".
وأضاف موسى خلال مقابلة مع الصحفي جاكي خوري على إذاعة "شمس" من إسرائيل، قائلا: "لا نستطيع توقع التغيرات فهناك دول تعتقد بأن لها الحق لبذل سياسات معينة والاتجاه نحو التطبيع مع إسرائيل مثل الإمارات فلا فائدة من لعنهم، علينا أن نكون واقعيين".
وفي السياق ذاته، أشاد البرلماني المصري المعروف عبد المنعم سعيد والتي تعكس مقالاته موقف النظام بحاكم الإمارات، وقال: إنه يستحق "جائزة نوبل للسلام"، وأن "الشيخ ابن زايد لم يخترق فقط البوابة المغلقة لحل الصراع العربي الإسرائيلي، ولكنه مهد الطريق لمواجهة التحديات التي تمنع عدم الاستقرار بالشرق الأوسط"، مشيرا إلى أن "العالم والمنطقة تغيروا جميعا والمبادرة الإماراتية نجحت باختراق تلك التغيرات".
أوامر عليا
وذكرت الصحيفة العبرية، أنه فوق هؤلاء جميعا جاء عضو البرلمان المصري الدكتور عماد جاد، وخلال وجود الوفد الإسرائيلي على أراضي أبوظبي اتصل جاد للرد على هذا الحدث المثير على قناة "سكاي نيوز" العربية وهي المحطة التابعة لعائلة النظام في أبوظبي، ومن أصحابها شقيق حاكم عاصمة الإمارات.
وأشاد عضو البرلمان المصري خلال اتصاله بالقناة بالإمارات، واصفا إياها بـ"الجريئة"، وثمن وبارك خطواتها. وأضاف: أن" الكثير من الدول خائفة من القيام بمثل هذه الخطوة، فلا يوجد حل للصراع مع إسرائيل، فنحن نستطيع أن نطور كل المنطقة لصالح الأجيال القادمة عبر التعاون مع إسرائيل وحل المشكلة الفلسطينية".
وتابع الدكتور جاد: "إسرائيل هي صاحبة قدرة فائقة، والإمارات من ناحيتها تعرض نموذجا للتطور المستقبلي وترفض أن تضع نفسها بخطابات جوفاء، فكما هو معروف قاموا بإطلاق قمر صناعي للمريخ، ولهم مدينة تعمل على الطاقة الشمسية وهم أيضا متقدمون من الناحية الطبية والتكنلوجية ولهم صناعات، فأنا أنصح بأن يكون تعاونهم مع إسرائيل نموذجا للشجاعة واتخاذ القرارات الضرورية لمصلحة الدولة".
من ناحيته، أشار المحلل الإسرائيلي إلى أنه "من الصعب تذكر متحدث مصري تابع للحكومة يشيد بقدرات إسرائيل على هذا النحو، وقال: إنه لا حل عسكري ضدها، بالطبع كل هذا ليس عرضيا، ولكنه يتم بتعليمات عليا، فكما قال هرتسل: نقتحم فالجميع يقتحمون، وإذا قال هرتسل نداعب، فالجميع يداعبون".
وعلى نحو مماثل، نقل موقع "المونيتور" الأميركي عن مصدر أمني بالقاهرة (لم يذكر اسمه)، قوله: إن "الإعلام المصري أعطى أوامره للجهات الأمنية لعدم نشر أي معلومة أو إعلان ينتقد الاتفاق بين إسرائيل والإمارات، فالقاهرة تعرف أن من يتخطى تلك الأوامر من الوسائل الإعلامية يهدد بالإغلاق".
ولفت حوجي إلى أن "مصر لا تزال تؤيد إقامة دولة فلسطينية على أراضي عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، لكن الاتفاق بين القدس وأبوظبي يصب في مصلحة المنطقة".
وأشار المحلل الإسرائيلي إلى أن "مصر كانت أول من طبّعت علاقاتها مع إسرائيل ولم يذكر بالطبع أنه بعد فترة وجيزة من التوقيع توجهت القاهرة لإفراغ الاتفاق من محتوياته".
كابوس القاهرة
وتابع المحلل بأنه "لا يمكن لمصر أن تعبر عن نفسها بشكل مختلف وبائس في الإمارات، لأن هذه صديقتها المقربة في المنطقة وربما في العالم كله، فهي شريكها الأمني وأكثر من ذلك، فهي داعم أساسي لاقتصادها".
وأوضح أنه في ظل تراجع الاقتصاد المصري، في أعقاب الإطاحة بالرئيس المصري الراحل حسني مبارك، ضخ محمد بن زيد مليارات الدولارات ومنع انهيار الاقتصاد المصري.
ولفت المحلل إلى أن "مصر لا تستطيع أن تتخلى عن مقاطعة إسرائيل، لأنها ستتجرأ في تغلغلها المتسارع في قلب العالم العربي، فإن انهيار المقاطعة كابوس للقاهرة، وبالتالي ليس من المنطقي بأن تساهم بمفردها في تسريع العملية، لكن وجدت القاهرة نفسها بين المطرقة والسندان".
وخلص إلى أن "مصر استيقظت ذات صباح ورأت أن دولة عربية قررت الدخول في سلام دافئ مع إسرائيل، فركت عينيها واكتشفت أن هذا كان أفضل تبني لها، وقررت ابتلاع الضفدع والانضمام إلى المحتفلين. فبعد أن يتبدد الدخان وبهدوء، فهي ستتقيؤه مرة أخرى، ومن المشكوك فيه أنها كانت تنوي للحظة التصرف مثل الإمارات لتقوية العلاقات الحميمة مع إسرائيل".