لماذا ترفض أحزاب إسرائيلية اتفاق التطبيع مع الإمارات؟
تفاوتت ردود الفعل في إسرائيل بشأن اتفاقية تطبيع العلاقات مع الإمارات، وظهرت معها الكثير من الخلافات والتناقضات بين الأحزاب الإسرائيلية.
وكان من اللافت للانتباه أن أشد الانتقادات جاءت من معسكر اليمين الذي يتزعمه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي وقع الاتفاقية، أما أحزاب المعارضة فقد باركت الخطوة.
وفي 13 أغسطس/آب، أعلنت الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات في تصريحات متتالية عن توقيع اتفاق بين أبوظبي وتل أبيب لتطبيع العلاقات بشكل رسمي وعلني.
وحظيت الاتفاقية بتغطية واسعة من وسائل الإعلام العبرية، فقد نشر موقع يديعوت أحرونوت مقالا يتحدث عن دور ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد في محاربة الحركات الإسلامية وحلفاء إيران وعلاقاته الوطيدة مع إسرائيل.
جدل وخلافات
أما موقع واللا (مقرب من الأحزاب الدينية القومية)، فقد نشر مقالا ربط فيه بين التناقضات في الحلبة السياسية الإسرائيلية وقدرة نتنياهو على خطف الأضواء من خلال الاتفاقية مع أبوظبي وإبعاد التركيز على الاحتجاجات التي يشهدها الشارع ضده بسبب فشله في التعامل مع أزمة تفشي فيروس كورونا وتداعياتها الاقتصادية.
وأشار الموقع إلى أن الاتفاقية جسدت الخلافات بين مؤيدي نتنياهو ومعارضيه وفاقمت الجدل بين معسكري اليمين والوسط حول أهمية خطة ضم أجزاء من الضفة الغربية، وقد لخص ذلك بالملاحظات التالية:
الملاحظة الأولى: رغم الخلافات الجوهرية بين المعارضة التي تقودها أحزاب الوسط وبين حكومة نتنياهو اليمينية، فإنها عبرت عن تأييدها ومباركتها للاتفاقية مع الإمارات، لما تحمله من مؤشرات حول أهمية السلام وضرورة التخلي عن فكرة ضم أجزاء من الضفة الغربية (جرى تعليق الضم مؤقتا بناء على الاتفاق).
الملاحظة الثانية: خيبة الأمل في صفوف معسكر اليمين من عدم تطبيق خطة الضم ونقض نتنياهو للوعود التي أطلقها خلال المعركة الانتخابية الأخيرة وتحطم أحلامهم بفرض السيطرة على غور الأردن ومناطق في الضفة الغربية.
الملاحظة الثالثة: نجاح نتنياهو في خداع الرأي العام وتسليط الضوء على الاتفاقية وما تحمله من بشائر مستقبلية للمجتمع الإسرائيلي والإفلات من الانتقادات والاحتجاجات التي وجهت له بسبب فشله في التعامل مع أزمة كورونا وتداعياتها.
وفي المقابل ركزت وسائل الإعلام المقربة من الأحزاب اليمينية المتطرفة كموقع القناة السابعة، على سلبيات الاتفاقية والانتقادات التي وجهت لها، كما استعرضت بعض التصريحات التي تحاول تهدئة وطمأنة المستوطنين حول خطة الضم.
وقد كان أبرزها ما قاله دافيد فريدمان سفير الولايات المتحدة في إسرائيل "لقد تم اختيار الكلمات الواردة في البيان المشترك بدقة متناهية واستخدمنا مصطلح تأجيل تطبيق خطة الضم لأنها لا تزال مطروحة على الطاولة"، مضيفا: "أنا على قناعة تامة بأننا سنطبقها في يوم من الأيام".
تحول إستراتيجي
هذه التصريحات تشبه إلى حد كبير ما صرح به وزير الاستيطان تساحي هنغبي الذي عبر عن تأييده المطلق لخطوة نتنياهو ونجاحه في إقناع الإدارة الأميركية بتبني سياسية استيطانية تنسجم مع حكومة إسرائيل.
وأكد هنغبي بأن التوقيع على الاتفاقية مع الإمارات لا يعني التخلي عن خطة الضم، "لأن حكومة نتنياهو ستطبقها بشكل تدريجي باعتبار أن مدن الضفة وغور الأردن هي جزء من دولة إسرائيل"، وفق تعبيره.
هنغبي اعتبر الاتفاقية مع الإمارات تحول إستراتيجي حيث قال: "سعت الدول العربية على مدار السنوات الماضية إلى عزلنا وإضعافنا؛ لكن ما حدث هو تحول كبير وباتت تلك الدول تحاول التقرب من إسرائيل لأنها دولة عظمى لما تمتلكه من إمكانيات تكنولوجية واستخباراتية"، بحسب وصفه.
موقف مماثل تبناه مندوب إسرائيل في الولايات المتحدة داني دانون الذي عبر عن مباركته وتأييده للتطبيع مع الإمارات وقد وصفه بالإنجاز التاريخي، معترفا بدور البعثة الإماراتية في الأمم المتحدة من خلف الكواليس وتعاونها مع "تل أبيب".
كما تحدث عن الزيارة الرسمية التي أجراها للإمارات في إطار الجهود المشتركة بين الجانبين لمواجهة "الخطر الإيراني".
لكنه أعرب عن حزنه وأسفه من ضياع ما أسماها الفرصة التاريخية لتطبيق خطة الضم وفرض السيادة الإسرائيلية على مناطق في الضفة الغربية، وتمنى أن "تمتلك القيادة الجرأة الكافية لتطبيق هذه الخطة لاحقا".
في المقابل، نقل موقع القناة السابعة مواقف أشد تطرفا، حيث طالب حزب الاتحاد الوطني (يميني) بالبحث عن زعيم آخر لمعسكر اليمين بدلا من نتنياهو لأنه تخلى عن جمهوره وخدعه بالشعارات التي أطلقها خلال الانتخابات.
وأبدى الحزب استغرابه من المبالغة في الحديث عن إنجاز تاريخي لاسيما وأن الإمارات تقيم علاقات وطيدة مع إسرائيل منذ سنوات.
وأشار إلى أن "إقامة العلاقات مع دول الخليج هي مصلحة إسرائيلية عليا لكنها مفيدة أيضا للطرف الآخر لأنه يدرك جيدا أن الحصول على دعم أميركي ومظلة تحميه من الخطر الإيراني يتطلب تعزيز العلاقات مع إسرائيل".
وبناء عليه، يرى هذا الحزب أنه لا يجب الربط بين خطة الضم والاتفاقية مع الإمارات، معتبرا إياه غباء سياسيا وحماقة أمنية.
وانسجمت هذه التصريحات مع موقف عضو الكنيست السابق آريه إلداد الذي أعرب عن رفضه لتأجيل خطة الضم. وتساءل: "كيف يمكن لنتنياهو أن يبيع أرض إسرائيل ويتنازل عن خطة الضم من أجل اتفاقية السلام مع الإمارات وكأن الحرب لم تكن بيننا وبين العرب في يوم من الأيام؟".