صفقات سلاح و"كوتشافي" العراب.. كيف قويت الجسور بين تل أبيب وأبوظبي؟

أحمد يحيى | 4 years ago

12

طباعة

مشاركة

علاقات متعاظمة، ورباط وثيق ومصالح مشتركة بين أبوظبي وتل أبيب، كشف عنها مؤخرا معلق الشؤون الاستخبارية في صحيفة "معاريف" العبرية، يوسي ميلمان.

ميلمان قال: إن "أبوظبي تبني علاقتها بإسرائيل كإمارة مستقلة لا بوصفها ممثلة لدولة الإمارات، وهذه العلاقة تقوم على عقد صفقات سلاح، حيث تبيع تل أبيب للإمارة عتادا استخباراتيا وتكنولوجيا". 

تقارير إعلامية أكدت وجود تبادل معلومات استخباراتية بين البلدين، بهدف محاربة الربيع العربي، والأنظمة الطامحة نحو النهضة والاستقلال في المنطقة، مؤكدة أن ماتي كوتشافي رجل الأعمال الإسرائيلي هو عراب تل أبيب في عقد صفقات السلاح مع أبوظبي.

ماتي كوتشافي

في 22 يوليو/ تموز 2020، نشرت مجلة "إنتليجنس أون لاين" الفرنسية المعنية بشؤون الاستخبارات، تقريرها التي أوردت فيه أن "رعاية العلاقات بين إسرائيل وأبوظبي، التي بدأت في عام 2007، تتم بشكل سري من قبل رجال الأعمال الإسرائيليين في الإمارات.

وفي هذا السياق، يعتبر ماتي كوتشافي، الذي يعمل من الولايات المتحدة وسويسرا، رائدا في هذا المجال منذ عام 2009، حيث زود الإمارات بتكنولوجيا أمنية لحماية حدودها، خاصة من خلال الشركة السويسرية (AGT)".

ليست هذه أول التقارير التي تحدثت عن الإسرائيلي كوتشافي، ففي 20 أغسطس/ آب 2019، تحدثت صحيفة "هآرتس" العبرية، عن إبرام الإمارات صفقة ضخمة مع إسرائيل، بحيث تزودها الأخيرة بقدرات استخباراتية متقدمة، تشمل طائرتي تجسس حديثتين.

وأشار التحقيق إلى أن هذا الصفقة بدأت تتبلور قبل عقد من الزمان، برعاية رجل أعمال إسرائيلي يدعى "ماتي كوتشافي".

هآرتس الإسرائيلية أكدت في ذلك التقرير أن الصفقة تضمنت طائرتي تجسس، تسلمتهما الإمارات، الأمر الذي سيجعل قدرات الجيش الإماراتي الاستخباراتية متقدمة للغاية".

وأضافت: "هذه الطائرات قادرة على التشويش على أجهزة الاتصال، وكشف خرائط الأنظمة الإلكترونية لإيران، بما في ذلك أنظمة الرادار والدفاع الجوي التي تحمي المنشآت النووية".

وذكرت الصحيفة العبرية أن الذي كشف هذه الصفقة بين تل أبيب وأبوظبي، هو ظهور اسم رجل الأعمال كوتشافي في وثيقة سرية سربت من مكتب محاماة بسويسرا، ووصلت إلى صحيفة ألمانية والاتحاد الدولي للمحققين الدوليين.

الضابط الإسرائيلي السابق، ورجل الأعمال ماتي كوتشافي

أخطبوط التطبيع

في يوليو/ تموز 2016، كشف موقع "ميدل إيست آي" البريطاني تقريرا للكاتب روري دوناغي، حول إعلان السلطات في أبوظبي إطلاق نظام مراقبة على مستوى الإمارة، يسمى "فالكون آي"، مشيرا إلى أن الشركة المنفذة للمشروع إسرائيلية.

التقرير ذكر أن السلطات في أبوظبي لم تكشف عن أن الشركة التي طورت ذلك النظام يملكها رجل أعمال إسرائيلي، كان يعمل في المخابرات الإسرائيلية وهو ماتي كوتشافي من مواليد حيفا ويبلغ من العمر 58 عاما.

وحسب "ميدل إيست آي" فإن الإسرائيلي كوتشافي يعيش في الولايات المتحدة حيث حقق ثروة كبيرة في سوق العقارات، قبل أن يعمل في مجال الأمن، بعد هجمات 11 سبتمبر/ أيلول 2001 في نيويورك، لافتا النظر إلى أن صحيفة "هآرتس" العبرية نشرت تقريرا يفيد بأن كوتشافي "أنشأ علاقات"مع المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وأن شركته "AGT" أصبحت في عام 2013 تعمل في 5 قارات.

وذكر الموقع أن كوتشافي حصل على أول عقد له مع حكومة أبوظبي عام 2008، بعد أن أنشأ "AGT" عام 2007، وتم الاتفاق مع شركته على عقد قيمته 816 مليون دولار، لحماية المرافق الحيوية في أبوظبي.

وكشف التقرير أنه تم الاتفاق مع كوتشافي وشركتين محليتين، وهما "أدفانسد إنتغريتد سولوشنس" و"أدفانسد تكنكال سولوشنسز"، لتطوير نظام "فالكون آي"، بمبلغ 600 مليون دولار في فبراير/ شباط 2011.

وفي فبراير/ شباط 2017، نشرت وكالة "بلومبيرغ" الأميركية تقريرا مطولا حول التعاون الوثيق بين الموساد الإسرائيلي والإمارات، بطله ماتي كوتشافي.

وذكر التقرير عبارة لرئيس الموساد السابق شبتاي شافيت، إذ قال: "يجب أن يكون كل شيء تحت الرادار".

وكشف التقرير تمكن كوتشافي بهذه الطريقة من شق طريق لـ"إسرائيل" إلى داخل منطقة الخليج، مع إبرامه صفقة تجهيزات أمنية للإمارات بقيمة 6 مليارات دولار.

وورد في تقرير بلومبيرغ: "باع كوتشافي للإمارات ما كان في ذلك الوقت يعتبر النظام الأمني الأشمل والأكثر تكاملا في العالم".

وجاء في تقرير بلومبيرغ أنه "بين عامي 2007 و2015 عملت شركة مملوكة لكوتشافي اسمها (إيه جي تي إنترناشنال)، مقرها زيوريخ، على تركيب آلاف الكاميرات والمجسات وأجهزة قراءة لوحات أرقام السيارات على امتداد حدود الإمارات الدولية البالغة 620 ميلا، في مختلف أنحاء أبوظبي".

في 1 مايو/ آيار 2020 نشرت صحيفة الاستقلال دراسة تحت عنوان "الإمارات وشركات السلاح.. سياقات العلاقة وأسباب التوجه"، ، أكدت خلالها أن "وثاقة العلاقات الإماراتية بالشركات الأمنية في إسرائيل تدفع الشركات لبذل جهود لتأمين الموافقات اللازمة، وهي قضية بالغة الحساسية في إسرائيل التي مازالت حساسة تجاه توريد معدات عسكرية للدول العربية، وإن كانت الأخيرة تتجه للانخراط في علاقات دافئة مع تل أبيب".

طائرات الدرونز

عقود التسليح والمنظومات الأمنية وبرامج التجسس بين الإمارات وإسرائيل، لم تكن كافية لإرضاء طموح أبوظبي، ففي 12 يونيو/ حزيران 2020، كشف موقع "إمارات ليكس" المعارض، بحسب مصادره الخاصة، عن صفقة عسكرية سرية أبرمت بين الإمارات وإسرائيل بغرض دعم حليف أبو ظبي في ليبيا خليفة حفتر ومحاولة تعويض ما تكبده من هزائم متتالية في الفترة الأخيرة، على يد قوات حكومة الوفاق.

الموقع قال: "الصفقة العسكرية تضمنت شراء الإمارات طائرات (الدرونز) من دون طيار مزودة بقنابل وصواريخ لتعزيز مليشيات حفتر بها، ولم يعرف على الفور قيمة الصفقة لكنها تقدر بمئات ملايين الدولارات".

وبين "الإمارات ليكس" أن أبوظبي لجأت على عجل لإبرام الصفقة مع إسرائيل بعد مفاوضات مكثفة من أجل معالجة العجز والضعف لديها في هذا المضمار لاسيما في ظل التفوق الكاسح لتركيا ودعم أنقرة لحكومة الوفاق المعترف بها دوليا".

موقع "إنتيليجنس أون لاين" كشف في 22 يوليو/ تموز 2020، أن "آفي ليومي"، المدير السابق لشركة الطائرات المسيرة "أيرونيتكس ديفينس سيستمز Aeronautics Defense Systems (ADS)"، انتقل إلى أبوظبي حيث تقوم شركته، بمهمة مركزة في عقد اتصالات بشأن عقود التسليح بين تل أبيب وأبوظبي منذ عام 2017.

أجهزة تجسس

الشراكة الإستراتيجية بين تل أبيب وأبوظبي، كانت لها تداعيات سلبية على المنطقة العربية وحقوق الإنسان، ففي مايو/ آيار 2019، أعلنت منظمة العفو الدولية (أمنستي) معلومات عن تورط إسرائيل بصفقات بيع أسلحة وأجهزة تجسس لدول وأنظمة استبدادية في العالم تستخدم في ارتكاب جرائم قتل وفي الملاحقات والاضطهاد من بينها الإمارات.

وتضمن تقرير "أمنستي" أدلة عينية على تصدير الأسلحة الإسرائيلية في العقدين الأخيرين إلى 8 دول تنتهك حقوق الإنسان بشكل خطير ومنهجي، منها الإمارات التي تلاحق أوساط المعارضة فيها من خلال أجهزة تجسس ومنظومات تعقب "بيغاسوس"، الإسرائيلية.