صحيفة إسبانية: لا يمكن الهرب من بطش ابن سلمان في السعودية

12

طباعة

مشاركة

بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، في قنصلية بلاده بإسطنبول، واصل ولي العهد محمد بن سلمان ملاحقة المعارضين والنسويات وأفراد العائلة المالكة، داخل وخارج المملكة. 

وقالت صحيفة الكونفدنسيال الإسبانية: إنه في مارس/آذار 2020، ألقت قوات الأمن السعودية القبض على عمر الجبري (21 سنة) وشقيقته سارة (20 سنة).

وخلال نفس الفترة، ألقي القبض أيضا على عمهم، عبد الرحمن الجبري، الأستاذ في جامعة الرياض. ومنذ ذلك الوقت، لم يقابل المعتقلون أي قاض أو محام. علاوة على ذلك، لا يعرف أقاربهم أية أخبار عنهم، ويجهلون إلى الآن مكان احتجازهم. 

وتجدر الإشارة إلى أن عمر وسارة أبناء سعد الجبري، البالغ من العمر 61 سنة، والذي كان منذ ما لا يقل عن خمس سنوات أحد كبار المسؤولين في وزارة الداخلية السعودية، توكل له مسؤوليات مكافحة الإرهاب ويحظى بتقدير أجهزة الاستخبارات الغربية. 

وبينت الصحيفة أنه منذ تعيين محمد بن سلمان وليا للعهد، فر الجبري من السعودية، متجها في بادئ الأمر إلى ألمانيا ثم إلى الولايات المتحدة الأميركية. وبالتزامن مع توطد العلاقات بين ابن سلمان والرئيس الأميركي دونالد ترامب، شعر المسؤول السعودي السابق بعدم الأمان، مما اضطره إلى اللجوء إلى كندا. 

وأوردت أن الجبري لا يعيش بارتياح في منفاه، على غرار الكثير من السعوديين الذين فروا من بلادهم. وبشكل خاص، يبدو أن اختفاء أبنائه وأخيه هو في الواقع عملية اختطاف بنية إجباره على العودة إلى "بلاد ابن سلمان". 

ونقلت الكونفدنسيال عن تيم ريسر، مساعد السياسة الخارجية للسيناتور الأميركي باتريك ليه، وهو واحد من جملة السياسيين الذين لجأ إليهم الجبري لطلب مساعدتهم، أن "عائلة الجبري أصبحوا بمثابة رهائن من أجل إكراه المسؤول السعودي السابق وإجباره على العودة إلى المملكة".

وأضافت الصحيفة أن مايكل بيج، نائب مدير منطقة الشرق الأوسط في منظمة هيومن رايتس ووتش، يعتبر أن "السلطات السعودية أصبحت تعمد بشكل متزايد إلى ملاحقة عائلات مسؤولين سابقين لا يلاقون استحسان القادة الحاليين في البلاد".

وأشارت إلى أنه على الرغم من مرور سنتين تقريبا على مقتل الصحفي جمال خاشقجي، إلا أن معارضي ابن سلمان في الخارج ما زالوا يعانون من التهديدات والمضايقات. 

ونقلت الكونفدنسيال عن مصدر مقرب من العائلة المالكة السعودية أن "ابن سلمان هو من يمسك بزمام السلطة، لأن والده الثمانيني ربما يكون مصابا بمرض الزهايمر، حيث أنه نادرا ما يتدخل في صنع القرار في البلاد". 

لكن في ظل هذا الوضع والإصرار على ملاحقة المعارضين، اهتزت صورة ابن سلمان، الليبرالي والمنفتح، في الداخل؛ وبشكل أسوأ في الخارج. 

العاصفة مستمرة

ونوهت الصحيفة بأن غيوم العاصفة الاقتصادية التي تلوح في سماء المملكة العربية السعودية زادت في تآكل وتمزق شعبية ولي العهد، محمد بن سلمان.

وفي ظل الأزمة التي خلفها فيروس كوفيد 19، انخفضت أسعار النفط مما تسبب في تراجع إيرادات الدولة. ولتدارك الأزمة، لجأ ولي العهد السعودي إلى مضاعفة نسبة الضريبة المضافة ثلاث مرات، والتي مرت من 5 ٪ إلى 15 ٪.

كما عمد ابن سلمان إلى إلغاء المساعدات الاجتماعية، وسيتعين عليه اتخاذ المزيد من الإجراءات التقشفية. فضلا عن ذلك، أصبح برنامجه الواعد، رؤية 2030، في خطر. 

وأشارت الصحيفة أن سعد الجبري يوجد على رأس قائمة أهداف النظام السعودي، وذلك لأنه كان لمدة 15 سنة اليد اليمنى لمحمد بن نايف، الذي كان إلى غاية سنة 2017، وزير الداخلية وولي العهد السعودي.

وتجدر الإشارة إلى أن وزير الداخلية السعودي السابق جرد من كل ألقابه، وألقي عليه القبض خلال شهر مارس/آذار 2020 برفقة شقيقه نواف وعمه أحمد بن عبد العزيز، البالغ من العمر 77 سنة. 

وأوردت الصحيفة أن سبب إصرار محمد بن سلمان على عودة سعد الجبري إلى المملكة ما زال غير واضح بالكامل. وتشير بعض التفسيرات إلى أن المسؤول السابق يمكن أن يملك معلومات حول وزير الداخلية السابق، من شأنها أن تثبت تحصيله ثروات بشكل غير قانوني أو غيرها من "الجرائم" الأخرى.  

وذكرت الصحيفة أن موجة الاعتقالات والسجن التعسفي بقيادة ولي العهد، يمكن أن تكون ناتجة عن رغبة ابن سلمان في تحييد جميع الأطراف القادرة، بطريقة أو بأخرى، على عرقلة طريقه نحو العرش بالتزامن مع وفاة والده أو عجزه عن الحكم. وفي الرياض، هناك تكهنات بأن ابن سلمان سيتسلم سدة الحكم في الخريف القادم.

وعلقت الصحيفة أن ما يصعب فهمه هو الزج ببعض أفراد العائلة المالكة السعودية وراء القضبان على الرغم من أنهم لا يشكلون أدنى تهديد لولي العهد وطموحاته.

ومن بين أكثر الحالات إثارة للدهشة هي حالة الأميرة بسمة، 56 سنة، التي تقبع منذ 17 شهرا، مع ابنتها سهاد الشريف، في زنزانة في سجن الحاير بالقرب من الرياض، دون توجيه اتهام لهما. وعلى الرغم من أنها دافعت ذات مرة عن تحويل المملكة إلى ملكية دستورية، ظلت الأميرة صامتة وعانت أيضا من مشاكل صحية.

وأضافت الصحيفة أن أفرادا من العائلة المالكة يقبعون في زنازين برفقة سجناء عاديين وآخرين من المدافعين على حقوق الإنسان؛ ما زال الكثير منهم في انتظار الحكم عليهم منذ سنوات.

ومن بين السجناء الذين أتيح لهم الدفاع عن أنفسهم عبر أحد أفراد عائلاتهم، تبرز لجين الهذلول. وقد قادت أختها لينا مشوارا طويلا لإيصال صوتها بحثا عن إطلاق سراحها، سواء عبر الشبكات الاجتماعية أو التواصل مع منظمات حقوقية أو سياسيين غربيين.

وبفضل نشاط لينا، أرسل آدم شيف، رئيس لجنة المخابرات في مجلس النواب الأميركي، رسالة إلى سفيرة السعودية في واشنطن، ريما بنت بندر، أكد فيها أن "لجين الهذلول تعرضت للتعذيب الجسدي والمعنوي في السجن وهددت أيضا بالاغتصاب والقتل".

وفي الختام، قالت الصحيفة: إن الصحفي الأميركي بن ​​هوبارد أورد في كتابه، "صعود محمد بن سلمان إلى السلطة"، أن "المملكة تحولت إلى أمة يسيطر عليها الخوف".

وكشف بن هوبارد، من بين الحقائق الأخرى، أن "ولي العهد السعودي قد أخضع والدته إلى الإقامة الجبرية لمدة ثلاث سنوات، دون معرفة السبب".