من هي الإسرائيلية التي عينها فيسبوك لملاحقة الفلسطينيين؟

12

طباعة

مشاركة

وجدت الإسرائيلية إيمي بالمور لنفسها مكانا مرموقا في مجلس رقابة "فيسبوك"، الجهاز الذي يتكفل بتحديد المحتويات القابلة للظهور على الشبكة الاجتماعية الشهيرة من عدمه؛ دون إتاحة الفرصة للتظلم أو رفع شكوى ضد قرارات مثل هذه. 

وتتمثل المشكلة في أن بالمور تمتلك مسيرة مهنية تتميز بفرض الرقابة على الأصوات الفلسطينية خدمة لحكومة بنيامين نتنياهو في "تل أبيب". 

وقالت صحيفة بوبليكو الإسبانية: إن مارك زوكربيرغ الرئيس التنفيذي ومؤسس موقع "فيسبوك" أعلن في 6 مايو/أيار 2020، عن إنشاء "مجلس الرقابة" الذي يتكفل بمراقبة الرسائل التي لا تستجيب إلى الحد الأدنى من الشروط التي تخول لها الظهور على الموقع. وقد اتخذ زوكربيرغ هذه الخطوة لتلميع صورته وإسكات الانتقادات التي طالته. 

وتجدر الإشارة إلى أن زوكربيرغ وصف هذه الهيئة بـ"المحكمة العليا"، والتي تضم في بدايتها 20 عضوا من مختلف الجنسيات، ليصل عدد أعضائها في وقت لاحق إلى 40. وتملك هذه المحكمة الكلمة الأخيرة في اتخاذ القرارات، ولا يحق لأحد رفع شكوى ضدها.

مثيرة للجدل

ونقلت الصحيفة أن إيمي بالمور من بين الأسماء الأكثر إثارة للجدل إلى حد الآن في مجلس الرقابة في فيسبوك، كونها إسرائيلية قادت حربا ضد الفلسطينيين على الشبكات الاجتماعية على امتداد سنوات. 

وعمدت بالمور إلى التضييق على حرية التعبير لصالح "تل أبيب". ولهذا السبب، أثار تعيينها ضمن مجلس الرقابة في فيسبوك حالة من الفزع بين الفلسطينيين، وأعطى انطباعا بأن الجهاز الأعلى في فيسبوك لن يكون محايدا فيما يتعلق بقضيتهم. 

وأوردت الصحيفة أن بالمور محامية تبلغ من العمر 53 سنة، عملت خلال السنوات الخمس الماضية في وزارة القضاء الإسرائيلية تحت قيادة إيليت شاكيد، التي تعرف في الساحة الدولية بانتمائها إلى اليمين المتطرف. 

وتعد شاكيد قيادية في الحزب الديني اليميني المتطرف "البيت اليهودي"، أما عن ناخبيها، فهي تملك دعما أساسيا بين المستوطنين الأكثر راديكالية في الضفة الغربية المحتلة.

ونقلت بوبليكو عن وسائل إعلام محلية إسرائيلية أنه بين سنتي 2014 و2019، كانت إحدى مهام بالمور متمثلة في متابعة الفلسطينيين على الشبكات الاجتماعية، وخاصة فيسبوك، ومراقبتهم إلكترونيا.

ووفقا للصحفي الفرنسي، جان ستيرن، المتعاون مع الصحيفة الفرنسية "لا كرونيك"، شاركت بالمور خلال سنة 2016 في إنشاء "وحدة السايبر"، التي تتمثل مهمتها في محو والحد من المحتويات الفلسطينية على فيسبوك وتعليقها. 

وحدة السايبر

ونوهت الصحيفة بأن أعمال الرقابة بقيادة "وحدة السايبر" كانت موجهة بالأساس للتجسس على مليارات الحسابات الفلسطينية على شبكة فيسبوك. 

ووفقا لمركز "عدالة" لحماية حقوق الأقلية العربية في "إسرائيل"، فإن "هذه الوحدة مخصصة لمحو عشرات الآلاف من رسائل الفلسطينيين، وفرض قيود صارمة على حرية التعبير والرأي، وخاصة فيما يتعلق بفلسطين". 

ونقلت صحيفة العربي الجديد، عن مركز عدالة أنه خلال سنة 2017، السنة الثانية لعمل بالمور ضمن "وحدة السايبر"، قمعت الوحدة ما يعادل 500 ٪ من رسائل الفلسطينيين، مقارنة بسنة 2016. أما خلال سنة 2018، فقد محت الوحدة حوالي 14.285 رسالة من حسابات الفلسطينيين. 

ومن الملفت للانتباه أن "وحدة السايبر" لم تتخذ الإجراءات نفسها تجاه الرسائل المحرضة ضد الفلسطينيين والتي ينشرها إسرائيليون متطرفون، وخاصة المستوطنين.

وأشارت الصحيفة إلى أن مجموعات فلسطينية أدانت نشاطات بالمور المعادية لحرية التعبير والرقابة التي تفرضها على مدافعي حقوق الإنسان وخاصة الأصوات الفلسطينية والعربية والمسلمة. ويعتبر الفلسطينيون أن تعيين بالمور ضمن أعضاء المحكمة العليا في فيسبوك بمثابة الخبر السيئ لحقوق الإنسان وحرية التعبير. 

وأضافت الصحيفة أن زوكربيرغ خصص 130 مليون دولار لإنشاء مجلس الرقابة، مؤكدا أنه سيكون وحدة مستقلة تماما عن فيسبوك. ويمكن لهذا المجلس أيضا تقديم "نصائح" حول نوعية المحتويات التي يمكن السماح بنشرها. 

تساؤلات وشكوك

وأوضحت أن التعاون الوثيق بين بالمور وشاكيد قد أثار العديد من التساؤلات خاصة أن الأخيرة معروفة بمواقفها المناهضة لليبرالية. 

ويجدر التذكير بأنه خلال ولايتها في وزارة القضاء، انتقدت شاكيد بشدة المحكمة العليا في إسرائيل، معتبرة أن اتجاهاتها الليبرالية لا تتماشى مع الأفكار المحافظة والراديكالية بشكل متزايد للإسرائيليين. 

كما ترى أنه من غير المناسب أو الديمقراطي أن يحكم قضاة ليبراليون إسرائيل غير الليبرالية.

وتدين وسائل الإعلام الفلسطينية تعيين بالمور، معتبرة أن هذه الخطوة تؤكد أن فيسبوك قد اتخذ موقفا معاديا لفلسطين وبكل وضوح. كما ندد فلسطينيون منذ بداية شهر يونيو/حزيران 2020 بحظر عديد الحسابات التابعة لناشطين فلسطينيين على فيسبوك. 

وفي تعريفه لمجلس الرقابة، قال زوكربيرغ: إن "هذه الوحدة تضم مهنيين لهم وجهات نظر مختلفة للثقافة والسياسة والدين". 

وعرف بالمور بأنها "أنشأت وحدة التنسيق الحكومية (الإسرائيلية) ضد العنصرية، وحققت تقدما في الوصول إلى العدالة من خلال الخدمات والمنصات الرقمية، وعززت التنوع في القطاع العام"؛ وهو تصريح اعتبره الفلسطينيون أنه يسعى إلى تلميع ماضي "جندي الرقابة".

وبينت الصحيفة أن بالمور تدرس في الوقت الراهن في مركز هرتسليا متعدد التخصصات، وهو معقل أكاديمي لليمين الإسرائيلي يدافع عن سياسات حكومة بنيامين نتنياهو.

ويجدر التذكير بأن بعض أهداف "وحدة السايبر" التي أنشأتها بالمور خلال سنة 2016، يتمثل في "قمع والحد من الوصول إلى بعض المحتويات والصفحات والمستخدمين وتعطيلها".

وأوضحت الصحيفة الإسبانية أن وحدة السايبر استعانت بجملة من الخوارزميات التي صممت لهذا الغرض، ومن أجل الكشف عن ما تسميها محتويات "متطرفة".

وتطلب وحدة السايبر "محو المنشورات مباشرة دون نشر المداخلات للعموم ويعني ذلك، أن عملها يكون عبر عملية غير شفافة. وعلى وجه الخصوص، تتعارض مناهج الوحدة مع ما يروج له من أساسيات المحكمة العليا للفيسبوك، التي أكدت على شرط الشفافية"، وفق الصحيفة.