الجارديان: كتاب بولتون عن ترامب غير صادم بتاتا.. وهذا السبب
قالت صحيفة الجارديان البريطانية: إنه كان من الواضح منذ فترة طويلة أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب "عديم الضمير، مستعد لاستمالة أي شخص تقريبا، مهما كان مرفوضا، وإبرام أي صفقة، مهما كانت غامضة، وقول أي كذبة، مهما كانت وقحة، للفوز بولاية ثانية في البيت الأبيض".
وأضافت الصحيفة في تقرير لها: "على الرغم من أنه أمر مخز، فإن الكشف عن مزاعم بأن دونالد ترامب طلب مساعدة سرية في محاولة إعادة انتخابه من شي جين بينغ، شبيهه المستبد في بكين، يجب ألا يفاجئ أحدا".
فله الكثير من السوابق في هذا المجال، من حجب المساعدات العسكرية لأوكرانيا، من أجل الضغط على غريمه "جو بايدن" المنافس الديمقراطي (في الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر/تشرين الثاني 2020)، إلى عزل وطرد كل من خالفه من كبار المسؤولين.
وعلى رأس ذلك كله، فضيحة "تقرير مولر" عن الجهود الروسية للتدخل في انتخابات 2016، وفق التقرير.
كتاب بولتون
وكشف مستشار الأمن القومي السابق جو بولتون عن إخفاقات الرئيس في السياسة الخارجية، ومع اقتراب يوم الانتخابات، ستزداد الأمور سوءا، تقول الجارديان.
وتنبأت الجارديان أنه "دون أن يشعر بالرهبة -أي ترامب- من رواية جون بولتون عن كيفية تلاعبه بالسياسة الخارجية وتخريبها من أجل أهدافه الخاصة، سوف يخطط ترامب المزيد من هذه المؤامرات مع اقتراب الانتخابات، والتي يخشى بشدة أن يخسرها".
وتابعت الصحيفة: "يقدم كتاب مستشاره السابق نمطا ثابتا من السلوك غير الأخلاقي، وغير القانوني، والذي يمكن القول بأنه خيانة على الصعيد الخارجي".
ويدلل التقرير على ذلك بالقول: "من الأمثلة المبكرة على نهج ترامب لخدمة مصالحه الذاتية في العلاقات الدولية هو محاولته المحرجة للتودد لديكتاتور كوريا الشمالية، كيم جونغ أون".
وأضاف: "متجاهلا الخبراء (بما في ذلك بولتون)، اعتقد ترامب أنه بشخصيته الساحرة وعقليته التجارية يمكنه أن يقنع كيم بالتخلي عن الأسلحة النووية".
وتابع: "مؤتمرا قمة وكثير من الهراء لاحقا، حصل كيم فيها على مكاسبه من الانبطاح الدبلوماسي لترامب، والتي تتضمن تحسين صورة النظام الكوري الشمالي، وتباطؤ نظام العقوبات الدولية".
وهذا الأمر شجعه على استئناف ترهيب كوريا الجنوبية. ففي منتصف يونيو/حزيران، فجّر كيم مكتب اتصال حدودي مشترك بين البلدين.
وحذر التقرير من أنه "لدى كيم، الذي تعاني بلاده من حاجة اقتصادية كبيرة، وترامب الغارق في مشاكله الداخلية، مصلحة مشتركة في إثارة أزمة شرق آسيوية، هذا الخريف".
وقال التقرير: "إن جهود ترامب لتصوير نفسه على أنه صانع سلام يستحق جائزة نوبل، وامتنان الناخبين الأميركيين، تنذر أيضا بمشكلة وشيكة في إسرائيل وفلسطين".
ومن قبيل ذلك: "اعتبر بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني المتشدد، خطة ترامب المتحيزة وغير السوية للسلام، ضوءا أخضر لضم مساحات كبيرة من الأراضي الفلسطينية بشكل غير قانوني".
يمكن أن يبدأ الاستيلاء على الأراضي في أقرب وقت ممكن في 1 يوليو/تموز، إذا كان من الممكن استرضاء النقاد المحليين، وتحييد عرب الخليج، وفق التقرير.
وتابع: "يأمل ترامب في كسب الناخبين المسيحيين الإنجيليين، واليهود الأميركيين ببيع الفلسطينيين"، ضمن خطته المزعومة للسلام التي أعلن عنها بداية 2020، والمعروفة إعلاميا بـ"صفقة القرن".
والنتيجة المرتقبة لذلك، هو تدمير حل منصف ومعقول قائم على دولتين، وانتفاضة جديدة تقوض أي أمل في استقرار المنطقة في وقت هي في أمس الحاجة له، وفقا للتقرير.
اللعب بالنار
على جبهة أخرى في الشرق الأوسط، يسارع ترامب إلى وأد الاتفاق النووي الإيراني الموقع عام 2015، وإعادة فرض حظر دولي على الأسلحة لطهران.
وقالت الجارديان: "يريد ترامب أن يكون قادرا على إخبار الناخبين بأنه قام بتحييد إيران". لكن، في الواقع، دفعت تكتيكاته طهران إلى إحياء الأنشطة ذات الصلة بالمجال النووي، وأعطت قبلة حياة للنظام السعودي القمعي، ودفعت المنطقة إلى حافة الحرب".
وتابع: "ويصر (ساكن البيت الأبيض) على أن دعم إيران للإرهاب يبرر المزيد من التصعيد. وفي ضوء ذلك لا يمكن استبعاد استفزاز عسكري أميركي متعمد في الأشهر المقبلة".
ويوضح التقرير أنه "بعد تدمير السياسة الغربية في سوريا من خلال سحب القوات الأميركية بشكل كامل، مسلما بانتصار إستراتيجي لروسيا بقيادة فلاديمير بوتين، يعتزم ترامب فعل نفس الشيء في أفغانستان، في محاولة يائسة لتحقيق إنجاز خارجي، حتى يتمكن من إخبار الناخبين بأنه أنهى أطول حرب أميركية".
وتابع: "كانت محاولة ترامب الكارثية لعقد قمة سرية مع طالبان في كامب ديفيد نقطة انحطاط أخرى في هذه الملحمة الشنيعة من الخيانة".
ويتساءل التقرير: "ماذا عن التضحيات التي قدمتها القوات الأميركية وقوات الناتو (حلف شمال الأطلسي) منذ عام 2001؟ ماذا عن المعاناة الفظيعة للشعب الأفغاني وعشرات الآلاف الذين ماتوا آملين من واشنطن بناء مجتمع أكثر أمانا وعدلا؟"
ويقول التقرير: "إن ترامب المراوغ، الذي يركض إلى المخبأ عند أول علامة على المتاعب، غافل وغير واعي، فهو يناضل من أجل الأصوات، وليس الديمقراطية. ويشير عداؤه، الواضح جيدا للعيان، للناتو، والاتحاد الأوروبي، إلى منطقة معركة خريفية أخرى محتملة".
اتساع الهوة
لا يبدو أن المرشح ترامب يتمتع بشيء أكثر من تشويه سمعة حلفاء واشنطن والأمم المتحدة. وقال التقرير: "ولم يؤد المؤتمر عبر الفيديو، الذي عقد منتصف يونيو/حزيران بين وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي ومايك بومبيو، كبير الدبلوماسيين الأميركيين وقائد الفتوات، إلا إلى إضفاء طابع درامي على الهوة عبر الأطلسي الآخذة في الاتساع".
ففيما يتعلق بإسرائيل وفلسطين، وإيران، والصين، والمحكمة الجنائية الدولية (التي يبدو أن ترامب وبومبيو عازمان على تدميرها)، ومنظمة الصحة العالمية والوباء، كانت الآراء تزداد تباعدا، وفقا للتقرير.
وتابع: "تزيد خطة ترامب الجديدة لسحب القوات الأميركية من ألمانيا، وموقفه البائس من بوتين، الشكوك في أن مصالح أوروبا سيتم تجاهلها بدون تردد".
ومع ذلك، فإن التوجه الرئيسي لمحاولة ترامب إعادة انتخابه حتى الآن، يتركز على الصين وجهوده الشاملة لإلقاء اللوم على بكين في التسبب في الوباء والتستر عليه، ثم التسبب في انهيار اقتصادي.
وأوضح: "يريد (ترامب) الهروب من اللوم لعدم كفاءته. يرغب في أن تقف أوروبا إلى جانبه. الأهم من ذلك كله، أنه يريد وضع منافسه الديموقراطي، جو بايدن، مع العدو الجديد: بكين".
يمكن أن يكون استخدام الصين ككبش فداء من أجل التغلب على بايدن أمرا سيئا حقا، وفقا للتقرير.
وأوضح: "إذا أراد ترامب خوض معركة، فهناك العديد من بؤر التوتر، مثل التجارة، وتايوان، وبحر الصين الجنوبي، وهونغ كونغ، وهواوي، وحقوق الإنسان، والهجمات السيبرانية، (مثل ما حدث ضد أستراليا مؤخرا)، والآن في جبال الهيمالايا".
وتقول الجارديان: "بالنسبة لترامب، قد يخدم صراعا قصيرا وحادا أغراضه بشكل جيد للغاية".
وأضاف: "إذا كنت غير قادر على تصور أن يجرأ ترامب على ذلك، فكر مرة أخرى؛ فهذا هو الرجل الذي نشر الجيش على الحدود المكسيكية قبل انتخابات منتصف المدة، عام 2018، لصد غزو المهاجرين العزل، هذا هو الرجل الذي أرسل قواته لسجن المتظاهرين المسالمين المسجونين".
ويتساءل التقرير: "هل يرى ترامب التناقض في الادعاء بأنه حاول تجنيد الصيني شي جين بين"، ثم عينه بعبع أميركا الجديد في اليوم التالي؟ هل يهتم بالعواقب المحتملة، أو بما يعتقده العالم، أو ما يقوله الدستور؟ لا، فكل ما يهمه هو الفوز".